العدد 73 -

العدد 73- السنة السابعة، ذو القعدة 1413هـ، الموافق أيار 1993م

غارودي: باستعادة نموذج الأندلس يكون للمسلمين دور في العالم

أكّد المفكر الإسلامي الفرنسي روجيه غارودي أن النظام العالمي الجديد يخدم مصالح الدول الغنية على حساب الدول الفقيرة.. وأن الديمقراطية الغربية لا تمثل سوى قناع تخفي وراءه العديد من الوجوه القبيحة بدليل أن الأثرياء في فرنسا هم فقط الذين لهم حق الترشيح في الانتخابات وأن معظم سكان فرنسا محرومون من المشاركة في إدارة شؤون البلاد.

وقال غارودي في اللقاءات الفكرية التي عقدها في القاهرة مع أعضاء هيئة التدريس في جامعة القاهرة، وفي نقابة المهندسين، وفي لقائه مع المفكرين في فندق الماريوت، أن الغربيين أحلوا الكمبيوتر محل العقل البشري وجعلوه يتحكم في تحديد الغايات النهائية للبشر.

وطالب بضرورة استحضار نموذج الإسلام في الأندلس حتى يكون للمسلمين دور في عالمنا المعاصر.

وفي لقائه مع أعضاء هيئة التدريس في جامعة القاهرة، حدد المفكر الإسلامي روجيه غارودي ثلاثة مداخل يمن من خلالها التعرف على مدى تدهور الغرب وما يمكن أن يضيفه الإسلام إلى الحضارة العالمية وإلى وضع المسلمين في العالم:

  • المدخل الأول: الوعي بحقيقة تدهور الغرب ومصادره.

  • المدخل الثاني: معرفة عوامل ازدهار الإسلام في مراحله الأولى، ودور الإسلام على المسرح في وقتنا الحالي.

  • المدخل الثالث: دراسة الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى نهضة الإسلام باعتباره يمثل روح الكفاح ضد مفهوم السوق الذي يقود العالم إلى الانتحار.

وأضاف غارودي أن الغرب يعتبر الآن سيد العالم بلا منازع وأن الدول الغربية أصبحت خاضعة للهيمنة الأميركية على العالم.

وأوضح أن الإمبراطورية الأميركية والغربية تعيش مرحلة التدهور على المستوى الاقتصادي والسياسي والأخلاقي.

وإن هذا التدهور يعتبر نتيجة حتمية لنهاية الثقافة الغربية التي انفصلت عن مبادئها الأساسية.

وقال أن نهضة الثقافة الغربية تزامنت مع مولد الرأسمالية والاستعمار، وأنها تجددت في مسلمات ثلاث، هي:

  • أن نصبح سادة للطبيعة ومتحكمين فيها ومسيطرين عليها بالعلم.

  • سيطرة المنافسة على السوق، بمعنى أن يصبح الإنسان ذئباً ضد أخيه الإنسان.

  • إن الإنسان يمكن أن يحل محل الله في إدارة العالم.

وهذه المسلمات الثلاث نادى بها كل من الفلاسفة ديكارت وهوبز ومارلو.. وهي تمثل الأساس في الثقافة الغربية..

وأوضح غارودي أنه بعد قيام الثورة الصناعية ظهرت نظرة متفائلة في العالم، واعتبرت الثورة الصناعية نموذجاً للتقدم على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية.

وفي قراءته للوضع الحالي في العالم، قال غارودي أن مذهب التفاؤل انهار في كافة المستويات. فعلى المستوى الاقتصادي وفي العشرينات من هذا القرن أمكن لـ 20 في المائة من سكان العالم السيطرة على 80 في المائة من المصادر الطبيعية فيه. وأن العالم المعاصر كما يقول «برسيال الفرنسي» ينقسم إلى دول في غاية التقدم وتملك كل شيء ودول أخرى تتضور جوعاً.

فسنوياً يموت 35 مليون إنسان من العالم الثالث جوعاً.. والأمر في العالم لا يتوقف عند هذا الحد، فتقارير الأمم المتحدة تؤكد أن الفارق بين الأغنياء والفقراء إلى ازدياد يوماً بعد يوم.. وأن النظام العالمي الجديد يمثل كذبة على المستوى الاقتصادي، فهو ليس سوى أداة جديدة لتدعيم الفرق بين الدول الغنية والفقيرة وسيطرة دولة كبرى على مقدرات العالم.

وعلى المستوى السياسي، فإن الديمقراطية الغربية لا تمثل سوى قناع يختفي وراءه العديد من الوجوه القبيحة، فمثلاً حقوق الإنسان في فرنسا، التي صاغتها الثورة الفرنسية، أكدت على أن الناس جميعاً متساوون في الحقوق. لكن الواقع الفرنسي عكس ذلك، فثلاثة أرباع المواطنين في فرنسا، وهم الفقراء، ليس لهم الحق في ترشيح أنفسهم. وأن الأغنياء فقط هم الذين لديهم القدرة على إدارة شؤون البلاد. فالديمقراطية الغربية هي ديمقراطية الأغنياء والمُلاّك الذين ينفقون من أموالهم على الفقراء.

أما بالنسبة للثقافة الغربية، فإنها محكومة برأي يقول أنه «بالعلم والتكنولوجيا يمكن تحقيق السعادة للإنسان» وأنه «تم إحلال الكمبيوتر محل العقل البشري»، بل أنهم جعلوه يتحكم في تحديد الغايات النهائية للبشر وذلك تحت اسم الحداثة.

وقال غارودي أنه في ظل كل هذا وُجدت ديانة عصرية جديدة ونمت بسبب سيطرة روح السوق وهي تعتمد على ثلاثة أركان، هي:

إرادة التكاثر وإرادة القوة وإرادة المتعة.. وأن هدف هذه الديانة يكمن في الاستهلاك والإنتاج بأنواعه السيئ والجيد والمدمر مثل السلاح والمخدرات.

جريدة السفير

21/04/93

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *