العدد 63 -

السنة السادسة، محرم 1413هـ، تموز 1992م

نيكسون مصدر الخطر الآن الوحدة العربية والأصولية الإسلامية والماركسية

ريتشارد نيكسون الرئيس الأميركي الأسبق يعتبر من أكبر الساسة المفكرين الذين يرسمون الإستراتيجية والخطط للدولة الأميركية، وقد نشرت له دار الهلال (القاهرة) مؤخراً كتاباً عنوانه الفرصة السانحة يردّ فيه على الأكاديميين الأميركيين الذين يتوقعون انهيار الدولة الأميركية ويقول: “بأنه يجب على أميركا أن تقود العالم في السنين القادمة”. وبعد أن يعترف بفشل الاقتصاد الأميركي يقول: “بأن ظهور الدول العظمى وانهيارها ليس سببه الاقتصاد فقط ولكنه يرجع إلى الشخصية القيادية والبراعة السياسة والحضارة والمثل الراقية والعزيمة”.

ويرى نيكسون أن الخطر على العالم الآن يكمن في ثلاث أمور: “الوحدة العربية”، و”الأصولية الإسلامية” و”الماركسية”.

في الحقيقة أن نيكسون لا يرى في الماركسية أي خطر حقيقي على زعامة أميركا، فالماركسية قد فشلت وانهارت وتخلى عنها أهلها. ولكن نيكسون يرمي من وراء ذكر الماركسية كخطر إلى تخويف دول أوروبا من روسيا ومن عودتها إلى الماركسية.

بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وزوال حلف وارسو طالبت الدول الأوروبية بإلغاء حلف الأطلسي، وصارت بعض الدول تعمل على إنشاء قوات أوروبية لحماية أوروبا (مثل فرنسا وألمانيا). ولكن أميركا تصر على بقاء حلف الأطلسي لحماية أوروبا، وهي تصوّر لهم أن روسيا ما زالت دولة نووية عظمى وهي تشكل خطراً على دول أوروبا حتى ولو كانت بدون ماركسية فكيف إذا حصل فيها انقلاب جديد وأعادها إلى الماركسية؟ ومن هذه الزاوية فإن نيكسون يحاول إيهام دول أوروبا الغربية بأن الماركسية خطر ماثل، لإبقائهم تحت الحماية الأميركية.

اليابان لا تشكل خطراً عسكرياً على زعامة أميركا، وكذلك ألمانيا وبقية دول السوق الأوروبية المشتركة سواء توحدت أو لم تتوحد. هذه الدول تشكل منافساً اقتصادياً لأميركا وليس منافساً عسكرياً، وأميركا تسعى جهدها لتحجيم هذه الدول اقتصادياً بطرق كثيرة منها الإمساك بمفتاح النفط في البلاد العربية والإسلامية، ومنها إبقاء حلف الأطلسي، ومنها خلط الأوراق في العالم من جديد بتمزيق التركيبة الدولية التي حصلت بعد الحرب العالمية الثانية وصياغتها صياغة جديدة (تفكيك الاتحاد السوفياتي يتبعه بعد فترة تفكيك روسيا نفسها، وتفكيك الاتحاد اليوغسلافي والتشيكوسلوفاكي وتفكيك أفغانستان والعراق والصومال والحبشة وعلى الطريق مصر والسودان والجزائر و…).

أماحين يتحدث نيكسون عن خطر “الوحدة العربية” فهو يشعر بخطر حقيقي، وحين يتحدث عن خطر “الأصولية الإسلامية” فهو يشعر أيضاً بخطر حقيقي. والخطران هما في نظر نيكسون خطر واحد لأن “الوحدة العربية” لا تكون إلا على أساس الإسلام. فهو يرى أن العرب إذا توحدوا على أساس الإسلام فسيشكلون خطراً حقيقياً على زعامة أميركا، فكيف إذا انضم بقية المسلمين إلى دولة الخلافة الإسلامية المنطلقة من البلاد العربية؟ £

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *