العدد 59 -

السنة الخامسة – العدد 59 – رمضان 1412هـ الموافق آذار 1992م

ثروة الجزائر وقائع وأرقام

من مقال سارة – الحياة

الجزائر هي ثاني أكبر دولة عربية بعد السودان تبلغ مساحتها أكثر من 2.381 مليون كلم2 ويصل عدد سكانها إلى نحو 28 مليون نسمة، ما يجعلها تحتل المرتبة الثانية بعد مصر في هذا المجال، وفيها ثروات طبيعية ضخمة ومهمة تشمل البترول والغاز الطبيعي، والحديد الخام، والفوسفات، واليورانيوم، وهي دولة مهمة عربياً في إنتاج الطاقة الكهربائية، وتبلغ نسبة الأراضي الصالحة للزراعة فيها 17 في المئة، وهي من أعلى النسب في الأقطار العربية، وتضم الجزائر شبكة مهمة من المواصلات الحديدية والبرية والبحرية والجوية، إلى جانب شبكة من الاتصالات السلكية واللاسلكية، وتتوزع قوة العمل الجزائرية على القطاعات الاقتصادية بصورة أقرب إلى التناغم مما يشير إلى تنوع قطاعي (إنتاجي – مرفقي) فيه 22 في المئة من قوة العمل تشتغل في الزراعة، و32 في المئة في الصناعة والبناء والتجارة، و33 في المئة في قطاع الدولة والخدمات.

وعلى رغم أن الجيش في الجزائر هو الأكبر في بلدان المغرب العربي ويصل عدده إلى 170 ألف شخص، فإن نسبة المخصصات العسكرية لا تزيد على 1.8 في المئة من الناتج المحلي.

وتعكس هذه الأرقام صورة وردية للبلاد، بما تمثله من إمكانات ضخمة تكفل حياة رغيدة وسعيدة للعشب الجزائري، ولكن الواقع وأرقامه تقول أشياء جد مختلفة بل إن الصورة الحقيقية هي النقيض تماماً.

ففي الجزائر اليوم أرقام ومعطيات تشير إلى أن البلاد تعيش كارثة اقتصادية – اجتماعية مدمرة إذ تتراجع العملة الوطنية بصورة مستمرة منذ سنوات، وخلال عام ونصف العام، فقد الدينار ثلثي قيمته، وتراجع النمو الاقتصادي بنسبة 3.5 في المئة مقارنة بالعام 1990. وفيما أعلنت الجهات الرسمية عن وجود 1.2 مليون شخص من العاطلين عن العمل يشكلون 20 في المئة من قوة العمل قدرت أوساط حيادية عدد العاطلين عن العمل بما تتراوح بين 1.5 إلى مليوني شخص (من 25 إلى 33 في المئة)، فيما تتزايد حاجة البلاد على 200 ألف فرصة عمل كل عام، ولا تستطيع استيعابها.

إن الأسباب الجوهرية الكامنة وراء هذه الأرقام والوقائع، تكمن في السياسة الاقتصادية – الاجتماعية التي طبقتها سلطة البيروقراطية الحاكمة في الجزائر عبر ثلاثة عقود متتالية أشاعت خلالها قيماً ومفاهيم مجتمعات الاستهلاك والتبذير وتهميش الحياة، بإشاعة احتقار قيم العمل والإنتاج وأساءت استخدم المال العام والمنشآت العامة، وحولتها إلى مزارع لتنمية الثروات الشخصية للكبار المتنفذين داخل حلقات السلطة وكان من نتيجة ذلك، أن تحول “رجال الثورة” إلى جامعي ثروات، وأخذ الحكم يتجه نحو نمط “أميركي – لاتيني” يكرس أقلية مسرفة في غناها مقابل أكثرية يزداد فقرها ويتسع مداها بخراب الفئات الوسطى مترافقاً ذلك تكريس مظاهر الفساد والجرائم، وتفاقم المشاكل العامة في كل المجالات والمستويات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *