العدد 116 -

السنة العاشرة – رمضان 1417هـ – شباط 1997م

الأزهر وشرعية الأنظمة

اجتمع الصادق المهدي رئيس الحكومة السودانية السابق والذي خرج من السودان خلسة إلى أريتيريا ومنها سافر إلى مصر، اجتمع بشيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي في 06/01/97 وطلب منه إصدار فتوى بمدى شرعية النظام السوداني الحالي. ونُقِل عن شيخ الأزهر أنه سيدرس النقاط التي طرحها المهدي، وأن علماء الأزهر لا يكتمون علماً أمر اللـه بإظهاره.

وقد اتصلت بعض الجهات بشيخ الأزهر تنصحه أن لا يزج بنفسه وبالأزهر في الخصومات السياسية. وقال شيخ الأزهر بأنه لا يصدر فتوى لأنه لم يتلقّ أسئلة مكتوبة من المهدي. فقام المهدي بإرسال أسئلة خطية إلى شيخ الأزهر. وقد نقلت الصحف نص الأسئلة كما يلي:

أولاً: ما هي شرعية الاستيلاء على السلطة بانقلاب عسكري خصوصاً إذا رفع الانقلاب شعار الإسلام؟

ثانياً: ما هي شرعية قيام دولة بوليسية على المسلمين، واحتكار السلطة من جانب حزب واحد باسم الدين؟

ثالثاً: ما هو الحكم في البيعة البعدية التي تأتي بعد الاستيلاء على السلطة؟

رابعاً: ما هو حكم الشرع في جباية الزكاة مرتين في العام، وإنفاقها في أغراض الأمن والمؤتمرات التي ترتبط بالنظام الحاكم وعدم إنفاقها في الاتجاه الذي حدده الشرع؟

خامساً: ما هي شرعية إعلان النظام الحاكم في دولة إسلامية الجهاد على مواطنيه من مسلمين ومسيحيين؟ وهل يجوز شرعاً إعلان المسلم الجهاد على المسلم؟

سادساً: هل يجوز شرعاً قتل المسلم في ماله في ضوء إعدام ثلاثة مواطنين سودانيين بتهمة التعامل المخالف للقانون في تجارة العملة؟

سابعاً: هل يجوز شرعاً الاحتفال بالميت باعتباره شهيداً وإقامة حفلة عرس له بعد وفاته (ما يسمى في السودان بعرس الشهيد الذي يقتل في الحرب في الجنوب) والزعم بتزويجه حورية من الجنة؟

فهل يقوم شيخ الأزهر بالإجابة عن هذه الأسئلة؟ وهل تكون إجابته مأخوذة من الشرع الإسلامي؟ لقد سبق أن نشرت هذه المجلة «الوعي» في العدد (115) مقالاً بعنوان «إعرفوا عمّن تأخذون دينكم».

وشيخ الأزهر الحالي طنطاوي أصدر فتاوى حين كان مفتياً لمصر وبعد أن صار شيخاً للأزهر، ومن هذه الفتاوى ما يتصادم مع أحكام الشرع الإسلامي القطعية. لقد أفتى بالتعامل بالربا، وأفتى بالصلح مع إسرائيل مع بقائها غاصبة للقدس وفلسطين، وأفتى بعدم وجوب وجود خليفة للمسلمين. وفي الأصل ما كان للنظام المصري أن يوصله إلى مركز الإفتاء ثم إلى مركز مشيخة الأزهر لو لم يكن سائراً في ركاب هذا النظام، ملبياً لما يطلبه منه من فتاوى، شأنه شأن سائر علماء السلاطين. ونحن بانتظار إجابة شيخ الأزهر لا لنعرف مدى شرعية النظام السوداني بل لنعرف مدى التزام شيخ الأزهر بشرع الإسلام.

ونريد أن نقول لقراء «الوعي» ومن خلالهم لجميع المسلمين بأنّ الأنظمة القائمة في البلاد العربية والإسلامية هي أنظمة غير شرعية سواء كانت في السودان أو مصر أو السعودية أو سائر بلاد المسلمين.

أي نظام يكون شرعياً إذا تحققت فيه الشروط التالية:

1 ـ أن يطبق الشريعة الإسلامية في جميع المسائل. لأن تعطيل أحكام الشريعة أو بعضها مع القدرة على تطبيقها، وتشريع أنظمة من خارج الشرع الإسلامي هو كفر لقوله تعالى: ]ومن لم يحكم بما أنزل اللـه فأولئك هم الكافرون[ وهذا إظهار للكفر البواح الذي طلب الشرع مقابلته بثورة مسلحة.

2 ـ أن يأخذ رأس النظام البيعة من الشعب أو أهل الحل والعقد في الشعب.

3 ـ أن يكون رأس النظام مع شعبه هم أصحاب القرار في سياستهم الداخلية والخارجية وبموجب الشريعة الإسلامية. أما إذا كان رأس النظام مجرد أداة بيد دولٍ كافرة فإنه يفقد شرعيته ولو حقق الشرطين السابقين.

ونحن نحض علماء الأمة الإسلامية، العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، والذين قال اللـه فيهم: ]إنما يخشى اللـهَ من عباده العلماءُ[ والذين ليسوا عملاء للحكام الظالمين الفاسقين الكافرين الأجراء عند دول الكفر، نحض العلماء العلماء أن يبادروا للإجابة الموثقة والمدعمة بالأدلة الشرعية عن الأسئلة التي طرحها الصادق المهدي والأسئلة التي تطرح بشأن جميع الأنظمة الأخرى، ليقودوا الأمة للخروج من الظلمات إلى النور، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الذل إلى العز، ومن غضب اللـه إلى رحمته ورضوانه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *