العدد 124 -

السنة الحادية عشرة – جمادى الأولى 1418 – أيلول 1997م

المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية

المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية

عكس اتفاق أوسلو السري تصميم اليهود والفلسطينيين على السير على طريق المفاوضات حتى إنهاء القضية الفلسطينية. كان الفلسطينيون الطرف الخاسر لأنهم منحوا اليهود اعترافاً بإسرائيل دولة مقابل وعود وأوهام. لذلك وجدوا أنفسهم مضطرين لتقديم تنازل تلو تنازل حفاظاً على ما يسمى بالعملية السلمية التي أصبح الحفاظ عليها بحد ذاته غاية.

وقد أدى شروع اليهود في شهر آذار الماضي ببناء مستعمرة على جبل أبو غنيم في القدس إلى تجميد المفاوضات. لكن تقارير دولية ومصرية نقلت أن هذا التجميد لن يطول لأن الفلسطينيين سيعمدون إلى إثارة زوبعة مؤقتة ثم يعودون إلى المفاوضات. وليس هذا الموقف بالمستهجن لأن الفلسطينيين اعتبروا أن مصير القدس قد حسم لصالح اليهود، واكتفوا هم، كما جاء في وثيقة بيلين – أبو مازن، بأبوديس قدساً لهم. وبدا موقف الفلسطينيين واضحاً عندما زار الملك حسين إسرائيل معزّياً بالقتيلات اليهوديات. فقد علم من نتانياهو أنه مستعد للتساهل في متبقيات اتفاق أوسلو وهي المطار والميناء والممر الآمن وإطلاق السجناء، من غير تجميد للاستيطان، فاتصل الملك حسين برئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات وطرح عليه الأمر. وفي اليوم التالي أرسل الملك حسين الأمير حسن إلى غزة لإطلاع عرفات على التفاصيل مما يوحي بأن عرفات أعطى ضوءاً أخضر. ومما يؤكد ذلك أن مستشار عرفات قال في وقت لاحق إن الفلسطينيين مستعدون للعودة للمفاوضات من غير تجميد للاستيطان.

ولما كانت أمريكا تعمل على تعطيل حل القضية الفلسطينية قبل حل قضية الجولان عمدت إلى عرقلة المفاوضات. من أجل هذا وقف روس إلى جانب اليهود ليشجعهم على التصلب، بينما حملت مصر راية الدفاع عن قضية القدس وعن الفلسطينيين. وهكذا جرى تصعيد الأزمة لدرجة أن الرئيس المصري وصف روس بالكذاب، بينما قال عنه عرفات إنه يهودي منحاز لليهود وطلب تغييره. ثم اختتمت المسرحية بعودة روس إلى أمريكا. أخذت الإدارة الأمريكية ترقب المسرح من بعيد متذرعة بأن على طرفي النزاع التوصل لاتفاقات بأنفسهم، وأوعزت لمصر لتأخذ دور الوسيط.

وأمام هذه العرقلة عمد الفلسطينيون واليهود إلى إجراء لقاءات ثنائية سرية، ولما كشف أمرها جعلوها علنية. كان لقاء عرفات – ليفي في 22/7 في بروكسل قمة هذه اللقاءات إذ جرى الإعلان من هناك أنه قد أزيلت آخر العقبات التي تحول دون استئناف المفاوضات. وبناء على ذلك أعلن نبيل شعث في 29/7 أن جميع اللجان ستستأنف في اليوم التالي أو الذي يليه أعمالها. وأمام هذه المتغيرات المفاجئة والاختراق غير المتوقع أعلنت الإدارة الأمريكية أنها سترسل روس للإشراف على المفاوضات. لكن المفاجأة كانت أن انفجارين في سوق في القدس حلاّ محل المفاوضات لتتجمد المفاوضات من جديد. لكن هذا التجميد سيكون مؤقتاً لأن طرفي المفاوضات عاقدان العزمَ على استمرارها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *