العدد 266 -

العدد 266- السنة الثالثة والعشرون، ربيع الأول 1430هـ، الموافق آذار 2009م

المصالحة مع الأنظمة جريمة لإفساد الأمة ولأسلمة الفساد

المصالحة مع الأنظمة

جريمة لإفساد الأمة ولأسلمة الفساد

 

مع زيادة عودة الأمة الإسلامية إلى دينها، ومع التراجع المتسارع للوطنية والقومية والديمقراطية الكافرة، والذي تزامن معه انكشاف الحكام وانهزام أميركا في العراق، شهد العالم الإسلامي صعوداً للحركات الإسلامية، وأصبح التأثير الأكبر في الشارع الإسلامي هو للإسلام السياسي الذي تدعو إليه الحركات الإسلامية المخلصة.

هذا التغيير السريع في العالم الإسلامي أظهر إرباكاً في استراتيجيات دول الغرب الكافرة والأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين التابعة لها، وتبايناً فيما بينها في كيفية التعامل مع من يسمون بالإسلاميين لديها إذ أدركوا أن البركان بدأ يقذف بحممه على الجميع، فسمحوا للحركات الإسلامية بهامش صغير للمشاركة في الحكم. بعد أن أدركوا أن قمع الحركات الإسلامية لا يزيدها إلا قوة وامتداداً، وأن كل المكاسب المتحصلة من قمع هذه الحركات تتحول إلى خسارة استراتيجية على المدى البعيد لصالح الحركات.

لقد تعاملت الحكومات في هذا الوقت مع الحركات الإسلامية بطريقتين: أولاهما تقوم على تليين وتعديل مواقفها عبر إفساح المجال لها في مجلسي النواب والوزراء. وثانيتهما تقوم على إقصائها عن الحكم ومتعلقاته. إلا أنه لوحظ في السنتين الماضيتين أن الانفتاح الطفيف الذي سمح للإسلاميين المعتدلين بالوصول إلى البرلمان في عدد من الدول العربية انحسر لصالح استراتيجية جديدة لم تكن معهودة من قبل، وهي تقريب الحركات الإسلامية الموصوفة بالاعتدال وعدم الرؤية الواضحة والبرامج السياسية المفتوحة.

ويمكن القول إن بعضاً من الحركات الإسلامية السياسية والأنظمة الحاكمة قد توصلا إلى ضرورة التعايش، كل من وجهته. فالحركات الإسلامية بدأت منذ الثمانينات من القرن العشرين تتشرب الفكر الديمقراطي ووسائل النضال السلمي، وبدأت بالتفكير بتغيير الشعارات التي كانت ترفعها، فقد تخلت بعض هذه الحركات الجهادية إلى حدما عن فكرة مواجهة النظام.

فالأنظمة الحاكمة والغرب من ورائها بدأت تدرك أن الانفتاح على الحركات الإسلامية مفيد لها في معركتها ضد الحركات الإسلامية التغييرية المخلصة، أي إنها تريد استخدام الحركات المسماة معتدلة لضرب الحركات المخلصة. وقد بدأ بعضها بالتلميح إلى التنازل والتخلي عن بعض الشعارات مثل شعار الإسلام هو الحل.

وعلى هذا فإن الطرفين، سلطات حاكمة ومعارضة إسلامية أي “حركات معتدلة”، مطلوب منهما السعي إلى إنجاح هذا المسار عبر ضمان الإطار الحامل للمشروع. فعلى الحركات الإسلامية المعتدلة أو المعدلة إشراك مجموعة من علماء الأمة، لإصدار إعلان تاريخي للمصالحة مع الأنظمة، ورفض نظرية التغيير الشامل، وتبني منهجية المشاركة المحدودة. أما الأنظمة القائمة فعليها السعي إلى توطيد مناخ ديمقراطي سليم، شفاف، ومتعدد، عبر سنّ مجموعة من القوانين، التي تضفي على هذا المسعى مزيداً من المصداقية والدوافع الملزمة، مما يعطيها طابعاً رسمياً ودائمياً، وقانونياً. في ظل لعبة ديمقراطية هادفة ومحايدة كما يقولون، ويمكن لممثلي المشروع الإسلامي دخول الانتخابات التشريعية والبلدية، ولا يدخل التيار الإسلامي الإصلاحي الانتخابات الرئاسية، لكنه يمكن أن يساعد أو يدعم أطرافاً مترشحة أخرى. كما يلتزم بالاحترام الكامل لقانون اللعبة الديمقراطية ومؤسساتها وما تفرزه الانتخابات الشفافة من تغييرات.

إن المصالحة المطلوبة والمتفق عليها هي مصالحة سطحية لا تمسّ بحق الرئاسة مدى الحياة، ولا تمس الدستور الكافر، والسلطة غير المحدودة لأجهزة المخابرات، وهذا يدل على عدم تغيير أو مجرد المسّ بالنظام الذي يحكم بالطاغوت، أي بغير ما أنزل الله تعالى، ومؤسساته، وإن الدستور السياسي الذي تطرحه الأنظمة للحركة الإسلامية الإصلاحية هو التخلي عن الحكم من أجل المصالحة، وبذلك تصبح الحركة ضمن النظام تنفذه وتدافع عنه، وتسعى في المقابل إلى أن تكون حركة مؤثرة وموجودة في المجتمع في إطار حزبي ووجود سياسي ضيّق، لا استعراض فيه للعضلات، ولا تنابز فيه بألقاب التخوين والتكفير، يكون أساسه الوجود القانوني والمشاركة في البرلمان مع سقف محدد وملزم لكل الأطراف حسب الدستور الكافر.

وتعمل الأنظمة وبعض الحركات الإسلامية على ترويض الناس للقبول بفكرة التعايش مع الأنظمة بخطة جهنمية معدة من علماء مأجورين طرحوا أفكار: الوسطية المؤولة والحلول الوسط، والمشاركة، وقاعدة المصالح، وفقه الواقع، وفقه الموازنات، وفقه الأولويات، والحوار، والتجديد، واحترام الرأي الآخر، وعدم بحث الفقه السياسي المتعلق بالحكام عملياً، وأن واقعنا يختلف عن واقع الدولة الإسلامية السابقة، والوحدة الوطنية… واستخدمت لذلك أساليب وسياسات عدة منها سياسة التمييع والاحتواء والتشكيك لترويض الناس والحركات معتمدين على العقل وتأويل النصوص الشرعية ما أدى إلى تراجع الخطاب الإسلامي وهبوطه عند هذه الحركات ليصبح خطاباً قومياً إسلامياً مصلحياً وطنياً رأسمالياً لا لون له وهذا ما يراد له من زيادة فرقة الأمة وتمزقها.

إن مصالحة الحركات الإسلامية مع الأنظمة التي تحكم بالطاغوت تؤدي إلى المناداة بأفكار الكفر وأنظمته مثل الديمقراطية الكافرة، وفيه إبقاء لحال المسلمين الممزق والتزام بتقسيم سايكس بيكو المشؤوم.

إن هذه المصالحة مع النظام تؤدي إلى المشاركة مع الأنظمة بالحكم وتحسين أدائها بأنظمة الكفر لا تغييرها، وهذه المشاركة للوصول إلى رأي مشترك وحلول وسط مع هذه الأنظمة هو تنازل عن بعض الثوابت من أجل المصالحة.

إن هذه المصالحة مثل الزواج، لا تكون إلا برضى الطرفين، أي نظام متسلط جاهز برغبته في محاورة خصومه السياسيين، والطرف الآخر هو الحركة المعتدلة، وتتم بينهما عملية مقايضة حيث يبقى النظام القديم كما هو مقابل بعض التنازلات الشكلية للمعارضة، أو حتى تنفيس بعض الاحتقان بإطلاق سراح بعض المساجين السياسيين أو الدخول في البرلمان، وهذا يعد خيانة للإسلام وللأمة حيث سيبادل النـزر اليسير من الفعل والقدر الكبير من الوعود بتواصل الداء الذي ينخر في جسم الأمة، وهذا أمر غير طبيعي حيث تتناقض الدولة ومشروعاتها مع أهداف ومشروعات الأمة، وتصبح الدولة تمارس كل جبروتها في سبيل إقصاء الأمة بنخبها وعلمائها واهتماماتها عن مسرح الحياة السياسية والثقافية للعالم الإسلامي، وإبقاء المتصالحين معها لتقاسم جزء يسير من الكعكة المسمومة.

وهنا يستمر الاستبداد السياسي الذي تمارسه الدولة بالتوسع والانتشار على قاعدة تهميش الأمة وإقصائها، وهذا يؤدي إلى القهر والبطش والاستبداد في الإدارة والحكم، ولكن بصفة شرعية مما يؤدي إلى إضعاف الأمة، وبهذا يتسنى للدولة القيام بكل شيء على مختلف الصعد دون حسيب أو رقيب وفق المصالح المشتركة الضيقة.

أما الأسباب التي تدفع الحركة للمصالحة فهي عدم الوضوح في الأفكار التي تحملها الحركة بتفصيلاتها، وعدم الالتزام بالأفكار التي تحملها، وعدم وجود العزم والجدية والجرأة في العمل، ووجود الطمع الدنيوي والمصالح الشخصية والأهواء.

وبالنظر إلى واقع الأمة والحكام اليوم نلاحظ أن الحكام في العالم الإسلامي وصلوا إلى الحكم بطريق غير شرعي حيث تم إيصالهم بواسطة الدبابات أو بالانتخابات المزورة، ونلاحظ أن الأمة منفصلة انفصالاً تاماً عن الدولة، أي عن حكامها، وأن العلاقة بين جمهرة الناس والحكام علاقة فئتين متباينتين لا علاقة بين رعية ودولة، وفضلاً عن ذلك فهي علاقة كره وتضاد وتناقض، وليس فيها أي تقارب ولا ما يشعر بإمكانية التقارب. هذا من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف الدولة وإضعاف كيان الأمة؛ لأن الرعية بدون وجود راعٍ لها تكون واهية البنيان، والدولة بدون رعية تقف صفاً واحداً خلفها تكون واهية الوجود ويمكن إزالتها أو فرض الشروط عليها، وتكون عرضة للاستعانة بأعدائها. والتقرب من هذه الأنظمة هو اشتراك معها في الجرم، وهو سفاح مصلحي. فلماذا المصالحة وليس التغيير الجذري؟

إن الانفصال بين الأمة والدولة كان طبيعياً واجباً عندما كانت الدول الكافرة تحكم البلاد مباشرة يوم كان الاحتلال العسكري والانتداب هو المطبق على البلاد، وبعد أن أزيل سلطان الكافر المستعمر وأصبح حكام البلاد الذين يباشرون تنفيذ الحكم بالوكالة عن الدول الغربية الكافرة من أبناء هذه الأمة بقي هذا الانفصال ولا يزال.

بقي هذا الانفصال ولا يزال، وظل الحكام فئة والأمة فئة أخرى، وظلت هذه الفئات تحكمها علاقة تضاد متبادلة، فالأمة تنظر إلى الحكام أنهم أعداؤها كما كانت تنظر إلى الإنجليز والأميركيين، والحكام ينظرون إلى الأمة بأنها تتآمر عليهم وتود أن تفتك بهم، وأنها عدوة لهم، فهم يكيدون لها وهي تكيد لهم، فبدأ التطلع للخروج من هذا الواقع الأليم الذي بان فساده وظهر عواره، وبدأت الأنظمة بالالتفاف على الأمة بشتى الأساليب، فنشأت فكرة المصالحة مع الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي، وتلقفت ذلك الأحزاب والجماعات المختلفة العاملة في الساحة والأحزاب العلمانية، ورضيت بالفكرة من أجل مصلحة ذاتية لأنظمة الحكم، والغريب أن الحركات الإسلامية هي التي تطالب بالمصالحة مع هذه الأنظمة.

إن الأنظمة تدرك التأثير الديني المتجذر في عقلية الأمة الإسلامية التي تحكمها، وبالتالي لابد من اتباع سياسة التمويه والخداع في تقريب الشعوب منها، واستعمال كل الوسائل القذرة للبقاء في الحكم، ومنها دعم الحركات الإسلامية ذات الطابع التربوي والدعوي لتحقيق أهداف عدة منها:

1- إيهام الناس وإقناعهم بأن الإسلام الصحيح هو ما تنتهجه هذه الحركات التي يقتصر دورها على الدعوة والإرشاد، وأن الإسلام لا دخل له في السياسة.

2- إبقاء النظام الحاكم مع بعض التحسينات السطحية، أي أسلمة الفساد.

3- إبقاء الضعف والتفكك والتأخر في الأمة.

4- دفاع حركات المصالحة عن الأنظمة.

5- إجهاض العمل الإسلامي الصحيح والإضرار به.

6- تحويل الحركة الإسلامية إلى أحزاب أقرب إلى العلمانية.

7- سعي الأنظمة لإيجاد مسلمين بمواصفات جديدة “سوبر مسلم” أو مسلم نموذجي ليوافق طبيعة المرحلة.

إن هذه المصالحة تؤدي بالأمة إلى ما يلي:

1- تؤدي إلى الحكم بغير ما أنزل الله وتقاسم أنظمة الكفر والحكم بها.

2- تؤدي إلى إطالة عمر نظام الحكم الفاسد والكافر مع بعض التزيينات والتحسينات.

3- تؤدي إلى تكريس التمزق بين المسلمين وإبقاء العمالة للأجنبي.

4- تؤدي إلى منع الوحدة بين المسلمين.

5- تؤدي إلى تأخير إعادة الخلافة الإسلامية.

6- تؤدي إلى إلحاق الضرر بالحركات المخلصة التي تسعى للتغيير وتصفيتهم.

7- تؤدي في الحركات التي سوف تتصالح مع الأنظمة للتعامل مع الأجنبي والاستعمار الكافر.

إن هذه المصالحة لن يكون لها جدوى ملموسة كبيرة ودائمة وإنما بعض حلول زائفة؛ لأنه زواج مصلحي قائم على المصالح وسرعان ما ينتهي ولكن بعد أضرار كبيرة ستلحق بالمسلمين. إن هذا التزيين للأنظمة الفاسدة. بمصالحتها يخدم الدول الكافرة، ويطيل السيطرة على بلاد المسلمين، ويخالف شرع الله، قال تعالى: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) [هود 113]، وقال تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاَ، وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً) [الإسراء 73-74]، فلا يجوز الركون إلى الظالمين ومساندة أنظمة الحكم والمشاركة معها، فإن لم يُستطع التغيير الكلي الانقلابي فيجب الصبر أو إخلاء الساحة للمخلصين، فمن لا يستطيع الزواج لا يحق له أن يزني.

والأصل أن تخضع العلاقات بين الحاكم والرعية لنظام يطبق على الناس، وينقادون له بقوة السلطان الذي مصدره الأمة نفسها، حيث إن الأمة هي السند الطبيعي للحاكم، أو بقوة الجندي وصرامة القانون، وبعبارة أخرى فإن عمل السلطة هي رعاية مصالح الناس، وسياستهم بالإسلام بكوننا مسلمين، وقد اشتمل الدين الإسلامي على أنظمة تحكم وتنظم العلاقات بين الحكام وبين عامة الناس، لا وفق أنظمة وضعية كما هي الحال في العالم الإسلامي.

إن المصالحة مع الأنظمة مخالفة لشرع الله، ولها آثار خطيرة، وفيها تنازل ولو مؤقت عن معظم الأحكام الشرعية، وهي بداية لفقدان المسلم لشخصيته الإسلامية وشقائه، وتثبيت للأنظمة الوضعية. وهي أيضاً بداية لفقدان المصداقية عند الناس، وهي إساءة للعمل الإسلامي ككل، وهي سير في طريق المتساقطين، فالذي يبدأ بالانحناء ينتهي إلى الانبطاح كما قال سيد قطب رحمه الله؛ لذلك كان لابد للأمة حتى تكون كياناً واحداً هي والحكام أن تقوم بواجب المحاسبة، وأن تقول كلمة الحق في وجوههم، وأن تعمل بقوة وبجد للتغيير على الحكام أو تغييرهم.

فالعلاقة بين الحكام والمحكومين في الإسلام علاقة ترابط وتعاون تام بينهما لتطبيق الإسلام وأحكامه وللحفاظ على أحكام الإسلام ودولته انطلاقاً من الفهم الصحيح للأحكام الشرعية المبينة في الكتاب والسنة.

إنها علاقة نصح وإرشاد ومحاسبة وتقويم للحفاظ على الدين والأمة لا علاقة مصالحة؛ ففي ذلك الخير لهم ولمن يتولون أمرهم، وقد سار الأمر على هذه الحال في زمن الصحابة ومن بعدهم بكل حرص وتعاون، بل وكانت النصيحة تطلب من قبل الحاكم لتنفيذ عمله، فلا قدسية للحاكم المسلم، فهذا أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) يقول في أول خطاب له بعد بيعته على الخلافة «أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني… إلى أن قال أطيعوني ما أطعت الله والرسول، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم» فهذا طلب من الخليفة الأول أبو بكر الصديق بمحاسبته والوقوف له وعدم طاعته في حالة مخالفة أمر الله ورسوله، ولم يطلب المصالحة معه ولا الوصول إلى حل وسط مع الرعية لفهمه للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، هذا ما فهمه الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم في الحفاظ على العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ومارسوه عندما كانوا حكاماً ورعية.

والأصل محاسبة الحكام وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فقد جاءت النصوص صريحة بالأمر بمحاسبة الحكام، وقد ذم الإسلام اتباعهم وموافقتهم على مخالفة أمر الله قال تعالى: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) [البقرة 166]، وقال تعالى: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) [الأحزاب 67].

إن كفاح ظلم الحكام الذي نراه اليوم، ومحاسبة هؤلاء الحكام على أعمالهم كلها وعلى خياناتهم وعلى تآمرهم على الأمة وتنازلهم عن أرض الإسلام لأعداء الأمة، فرض فرضه الله علينا. وهو الذي يجعل الأمة والحكام فئة واحدة وكتلة واحدة قوية، وهو الذي يضمن التغيير على الحكام ويضمن تغييرهم، وهو طريق النهضة، فالنهضة لا يمكن أن تأتي إلا عن طريق الحكم حين يقام على عقيدة الإسلام، وإيجاد الحكام على هذا الأساس، ولا سبيل إلى ذلك إلا بكفاح الحكام الظلمة ومحاسبتهم لتغييرهم وليس المصالحة معهم.

وعلى هذا فإن فكرة المصالحة مع الأنظمة فكرة خبيثة لإصلاح النظام المريض وهي فكرة مخالفة لشرع الله لا يجوز الدعوة لها أو القيام بها، فلم يتصالح الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع كفار قريش في مكة مع عرضهم عليه لمختلف المغريات، ولذلك فهي فكرة خطيرة على الأمة الإسلامية ولا دليل لها، وتم طرحها بعد أن انكشف الحكام أمام شعوبهم، ويجب رفضها كما فعل (صلى الله عليه وآله وسلم).

وعلى هذا فيجب العمل على قلع هذه الأنظمة وتغييرها اعتماداً على الكتاب والسنة ولنرفع شعار نعم لنظام الحكم في الإسلام، نعم للأمر بالمعروف وللنهي عن المنكر، ولا للمصالحة مع الأنظمة، ونعم لإقامة دولة واحدة يرضى عنها ساكن الأرض والسماء، ألا وهي دولة الخلافة الراشدة الثانية، الموعودة، القريبة بإذن الله.

قال تعالى: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران 120].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *