العدد 265 -

العدد 265- السنة الثالثة والعشرون، صفر 1430هـ، الموافق شباط 2009م

غزة لا تنصر بالدعاء… فقط

غزة لا تنصر بالدعاء… فقط

 

إن مما كثر سماعه على شاشات الفضائيات إبان الحرب على غزة  من كثير من (العلماء) هو التشديد على وجوب نصرة أهل غزة الذين تشويهم قنابل الوحش (الإسرائيلي) بالدعاء! بالطبع تخصص لهذا الموضوع البرامج وتستضاف الشخصيات وتفرد الساعات والكل يسهب ويطنب في فضل الدعاء وأهمية الدعاء…, إن المسلمين اليوم يواجهون حربا أخطر ما فيها هو أن الإسلام يضرب فيها بالإسلام، وتواجه أحكامه بأحكام مثلها، فتختلط الرؤية عند الكثير. طبعا الدعاء هو العبادة كما ورد في الحديث؟ ولكن أليس للدعاء أحكام؟ أليس لاستجابته سنن لا تتخلف؟ ألم يخبرنا ربنا جل وعلا أنه لا يقبل دعاء دون عمل وحسن أخذ بالأسباب؟! بلى أخبرنا, فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً؟! إن المولى عز وجل قد سن سنناً لا تتخلف وجعل من أجَلِّ سننه أن حسن التوكل عليه -لا التواكل- موجب للإجابة، ومن حسن التوكل عليه الأخذ بالأسباب التي جعلها في كل شيء. يقول علماؤنا يجب الأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم التوكل على الله وكأنها ليست بشيء. ففي غزوة بدر جهز الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الرجال وأمن لهم السلاح واستشار أصحابه  ثم رسم الخطة وبنى العريش .. وبعد ذلك كله رفع يديه بالدعاء «اللهم نصرك الذي وعدتني» هكذا يكون الدعاء وهكذا يستجاب, عندما يكون مع الجهد والعمل، وهكذا يريدنا الله أن نتعامل معه؛ لذلك فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يوضح لنا معالم الطريق إلى الله سبحانه وتعالى، ويقطع دابر المتواكلين الذين يحبون أن غير ذات الشوكة تكون لهم، فيخبرنا أنه تعالى لن يستجيب دعاء القاعدين إذ يقول رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) «لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتحاضّنَّ على الخير، أو ليَسْحَتَكَّمُ الله جميعاً بعذاب، أو ليؤمَّرَنَّ عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لكم» (رواه أحمد). إن الدعاء لا يمنع (صواريخ) إسرائيل دون مواجهة وجهاد. إلى متى ستبقى دعوة علمائنا تتناول كل شيء إلا النصرة الحقيقية لأهلنا؟ غزة تنصر بدعاء مع دعوة ربانية للتغيير, تغيير العقول المضلَلة والأفهام المثبَطة، تغيير من يمنع كل أذى عن أعدائنا وكل نصرة عن إخواننا, فمن أنتم أيها المضللون عندما تقولون (لا يسعنا إلا الدعاء)؟! من أنتم كي تحجروا ما وسعه الله؟ بلى والله يسعنا ما وسع السابقون الأولون الذين أخذوا على يد الظالمين حتى كسروها ورفعوا راية العزة والنصر, ما أشد فرح (إسرائيل) ومن وراءها من حكام المسلمين بدعواكم التي لا تري الأعادي أي بأس! دعوى تتلاعب بالأحكام وتبدل السنن تضع الدعاء مكان الدعوة، وتضع المقاطعة مكان الجهاد… إن غزة تنصر عندما نكسر قيودنا ونقيم شريعة ربنا ونرفع لواءنا الذي يتشكل تحته جيش المسلمين الذي يعيد كل فلسطين بأمر خليفة المسلمين بإذن الله. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن به على يد الظالم ولتأطرنه عن الحق أطراً، أو ليضرب الله بقلوب بعضكم على بعض وليلعنكم كما لعنهم» أخرجه الترمذي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *