العدد 260 -

العدد 260- السنة الثالثة والعشرون، رمضان 1429هـ، الموافق أيلول 2008م

الناطقة الرسمية لحزب التحرير في بنغلاديش: سياسة تطوير المرأة لعبة مخطط لها من الغرب، والعلمانيون هم الشوكة المزروعة في قلب الأمة لتنفيذها

الناطقة الرسمية لحزب التحرير في بنغلاديش:

سياسة تطوير المرأة لعبة مخطط لها من الغرب،

والعلمانيون هم الشوكة المزروعة في قلب الأمة لتنفيذها

 

نشرت إحدى الصحف المحلية في بنغلادش (Daily inqilab) في 3/5/2008م مقالاً للناطقة الرسمية لحزب التحرير في بنغلادش «فهميدة فرحان خانوم» بعنوان: «سياسة تطوير المرأة وسم العلمانية الزعاف» تناولت فيه مخطط الاعتداء على الإسلام من خلال طرح مشروع «سياسة تطوير المرأة» من قبل السياسيين والمفكرين العلمانيين، مبينة فيه أنها لعبة مخطط لها من الغرب، وتأتي هذه المقالة بقوتها وجرأتها لتكشف مدى قوة حضور حزب التحرير في بنغلادش. وقد رأت الوعي أن تعيد نشرها لإتمام الفائدة:

عَلَّقَتْ الحكومة الانتقالية مشروع قرار “سياسة النساء” المتنازع عليه. وكان ذلك بعد القيام بالاحتجاجات المستمرة من قبل مختلف الأحزاب السياسية الإسلامية والعلماء وغالبية الناس المتدينين في هذا البلد، فقد كانت ردود أفعال الناس ضد هذا المشروع جيدة. أما العلمانيون المثقفون والذين هم معزولون عن الناس، والمضبوعون بالعلمانية،بالإضافة إلى بعض منظمات المساواة بين الجنسين الرجعية والممولة من الغرب، فقد أعربوا عن اشمئزازهم حيال هذه الاحتجاجات.ولما أخفقوا في تنفيذ مؤامرتهم المخجلة أصبحوا أكثر عنفاً مما كانوا عليه، وبدؤوا بنشر خطاباتهم الطائشة في مختلف المؤتمرات، والكتابة في بعض وسائل الإعلام المتحيزة.

إننا مدركون بأن هؤلاء الناس حريصون على تشريع القوانين المناقضة للقرآن والسنة، ومستعدون لعمل ما بوسعهم لشجب وتشويه الإسلام وعلمائه، حيث وصفوهم بالتخلف واضطهاد النساء. إن هؤلاء القوم أذكياء في اتهام وتصوير جميع الجماعات الإسلامية ومن غير تمييز بينها على أنها إرهابية. إنهم معروفون بأنهم علمانيون متحررون، ويدَّعون أنهم حماة لحقوق المرأة. وإذا استطعنا إدراك حقيقة أمرهم ونواياهم الخبيثة المخفية وراء أعمالهم، فسنكون قادرين على إحباط كل مؤامراتهم. وإلا فان الأمة ستدفع الثمن باهظاً بالانجرار وراء خداعهم وأوهامهم.

قبل أن ندخل في نقاش سياسة تطور المرأة، علينا أن نفهم حقيقة السياسة العلمانية، وعلينا أن نتحدث عن الإرهاب أو الأصولية؛ لأن العلمانيين استخدموا هذه المصطلحات كسلاح فعال للهجوم على الإسلام. حيث قامت بعض وسائل الإعلام المعادي للإسلام باستخدام طاقاتهم القصوى لإيذاء العاملين في الحركات الإسلامية عن طريق التقارير الملفقة والكاذبة. وقد ظهر ذلك بكل وضوح بعد الاشتباك العنيف الذي جرى بين ناشطين مسلمين وبين الشرطة خارج مسجد بيت المكرم في 11 /4/2008. فبعد هذه الحادثة، كتب أبو سعيد خان في جريدة «اتفاق» اليومية في 21 /4/2008 مقالاً بعنوان”الدين ملكي، لكن الدولة ملك للجميع” وكتب فيها “عندما يكون الدين مبنياً على السياسة فإنه يكون منبراً لجميع الجماعات الإرهابية… يجب أن لا يكون هناك شك بأن الفوضى والبلبلة كانت بسبب مختلف الجماعات الأصولية في منطقة بيت المكرم. وهناك الكثير من الألغاز التي يمكن حلها عن طريق اعتقال ما يسمى (الجهاديين)، وعن طريق أشرطة الفيديو.” إنه لمن المؤكد أن ما قام به النشطاء ضد الشرطة كان مؤسفاً. لكن سؤالي هو: إذا كان الاشتباك مع الشرطة دليل واضح على الإرهاب، فماذا عن ردة الفعل والمذبحة التي قام بها الناشطون العلمانيون في جامعة دكا في 20 و21 و22/8/2007م؟! ألا يجب أن تسمى إرهاباً بحسب تعريفه هو؟ وفي أكتوبر 2006 قاد ناشطون من جماعة “اتحاد عوامي” تحالفاً قتل فيه عدد من الناس في وضح النهار بطريقة بربرية مستخدمين العصي والهراوات. حيث دمروا وأحرقوا وأتلفوا أموال أمتنا من خلال الاضطرابات المستمرة، وعن طريق الحصار والعنف. فماذا يمكن أن نسمي هذه الأعمال؟! هل فقط بمجرد ارتداء الملابس الإسلامية، وإطلاق اللحية والانضمام إلى أحزاب إسلامية هي فقط العلامات والمؤشرات على الإرهاب والأصولية؟!

لقد كشف الاقتتال الوحشي يوم الأحد الماضي بين مجموعتين من اتحاد شاترا (طلاب) سياسة “العلمانية”، حيث كانوا مسلحين بالعصي والهراوات والخناجر. وبحضور الشرطة قاموا بالاعتداء جسدياً وبالضرب المبرح على أحد قياديي الطلبة من حزب منافس اسمه “سيما إسلام”. وقاموا بتقطيع ناشط آخر بخنجر بطريقة وحشية، وقاموا أيضاً بإيذاء اثنين من الصحافيين أثناء قيامهم بعملهم. فقد قاموا بهذه الأعمال في وضح النهار، ولم تصف وسيلة إعلام واحدة هذه الأعمال بالإرهابية. حتى الكُتاب المعروفون والمشهورون والذين يتشدقون بالمساواة مثل أبي سعيد لم ينبسوا ببنت شفة. ولم نقرأ في مقال لأحدهم يقول فيه إن السياسة العلمانية تنتج إرهاباً. حتى بعد الاعتداء على “سيما إسلام” من قبل ناشطين من الذكور، فلم نسمع أن أحداً من المنادين بالمساواة ومن منظمات حقوق المرأة تقدم لحمايتها وأخذ موقفاً ضد السياسة العلمانية.

الحقيقة هي أنه منذ ما يسمى “بالتحرير” أي  منذ 37 عاماً، شهدنا الأنانية والاحتيال والخديعة في الميدان السياسي المسيطر عليه بالأفكار السياسية العلمانية. وأن معظم السياسيين الرئيسيين والأحزاب السياسية هي التي أنجبت الإرهابيين من مثل “أفي، نيرو، جاينال هزاري، حازي سليم، أرشاد سكتار، وآخرون.” لقد حُكمت البلاد بالنظام العلماني ومن قبل سياسيين علمانيين لأكثر من ثلاثة عقود، وفرخت العلمانية الإرهاب كأداة لإيصالها إلى السلطة. لكن المشكلة هي عدم وجود من يكشف عن قبح وجه السياسة العلمانية، وعدم وجود من يطالب بإنهاء دور هؤلاء السياسيين. بل على العكس من ذلك، فإننا نرى أن الجهود تبذل لبقاء هؤلاء السياسيين القذرين في إطار مختلف تحت شعار “الإصلاح”.

الآن دعونا نتحدث عن سياسة تطوير المرأة. إن النظرة السطحية تظهر كما لو أن هناك بعض المتعصبين من الرجعيين الرافضين لهذه السياسة، وفي المقابل من يسمون التقدميين، والداعين إلى المساواة بين الجنسين ممن أخذوا على عاتقهم حماية أعراض الملايين من النساء في البلد. وإن الجدل القائم هو بين من يكون مع أو ضد هذه السياسة. وبهذا الصدد لا أريد أن أناقش فيما إذا كانت هذه السياسة جيدة أو سيئة، لكني سأناقش القضية من زاوية أخرى.

في مؤتمر عقد في  14/4/2008،صرحت “حزيرة سلطانة” -إحدى القياديات اليساريات- قائلة ” لن نسمح بتطبيق قوانين عمرها 1400 عام، وإن سياسة النساء لن تنتهي عن طريق المتعصبين”. وفي نفس المناسبة قال سيد عبود مقصود -الجبهة الديمقراطية اليسارية- “إن الملالي يحاولون إعادة الأمة إلى العصور المظلمة، واستطاعوا أن يغطوا 10% من النساء بالبرقع”. إن كلام هؤلاء العلمانيين يعني بأنهم يعتبرون أن الإسلام دين رجعي وقمعي. وأنهم لا يريدون أن يطبقوا القوانين الشرعية لأنهم يعتبرونها قوانين رجعية. ولا يريدون لهذا البلد أن يكون متعصباً مثل حكم طالبان في أفغانستان أو إيران. بل يريدون لهذا البلد أن يكون متطوراً ومزدهراً مثل أميركا أو بريطانيا في ظل تعاليم العقيدة العلمانية.

إن الجميع يريد أن يرى الأمة متقدمة ومزدهرة، لكن يجب أن نسأل أولاً: ما هو التقدم؟ وما هو الازدهار؟ وما هو مقياس التقدم والازدهار؟هل هو بوجود ناطحات سحاب ضخمة، ومراكز للتسوق حديثة، ومدن مضيئة مثل لاس فيغاس المليئة بالكازينوهات؟ أم هي تكنولوجيا الإنترنت، والأقمار الاصطناعية، والسفن الفضائية والأسلحة النووية؟ أم هي كثرة النساء اللواتي يلبسن الملابس الضيقة في الشوارع، والأجسام شبه العارية، والفساتين القصيرة أو البكيني؟ إذا كان هذا مقياس التقدم عند العلمانيين فإنهم بالتأكيد قد وصلوا إلى حالة من الإفلاس الفكري.

إن العقيدة العلمانية الفوضوية لم تنتج سوى الشذوذ الجنسي والعنف العائلي والاعتداء على الأطفال والنساء بطرق وحشية، ولم تنتج إلا الإفراط في تعاطي المخدرات، والجرائم الوحشية بين المراهقين… الخ. فالعلمانية آفة ما يسمى الغرب الحديث. فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة يوجد أكثر من 15 مليون مراهق مدمنين على المخدرات، وينتشر في المجتمعات الغربية العنف والجرائم والشذوذ الجنسي. إن الغرب الحديث المتحرر، الذي تلبس فيه النساء الفساتين القصيرة واللاتي يغتصبن بشكل وحشي ويقتلن في البيوت والشوارع والمكاتب وحتى في المدارس، قد فشل ملوكهم وحكامهم في توفير الحماية لهن، حتى بعد سن قوانين جديدة وصارمة على مدار الساعة. علاوة على ذلك فان هناك رغبة وأنانية بلا حدود اشتهرت بها حتى أماكنهم المقدسة وأصبح وعاظهم وكهنتهم منحرفين أخلاقياً. إن البلاد المتطورة مثل أميركا وبريطانيا وصلت إلى رأس القمة في حقل العلم والتكنولوجيا، ولكنهم يتجهون إلى الدمار والانحطاط الأخلاقي والتجرد من القيم الدينية والهدي الرباني. فلم تقصفهم بلدان أصولية بأطنان من القنابل القاتلة، ولكن سر هذا الدمار الذي يواجهونه هو بسبب تأثير “العلمانية” والتي تعني إنكار الدين في جميع نواحي الحياة، وفي المجتمع والدولة. إن تأثير هذا السم القاتل بدا واضحاً في عائلاتهم ومجتمعاتهم وبلدانهم من الأفراد إلى العموم.

إنه لمن السخرية قيام بعض المثقفين المضبوعين بالغرب بالمناداة بفصل الدين عن السياسة، في الوقت الذي يتجه فيه العديد من الناس في الغرب نحو الدين محاولين الخروج من دمار العلمانية عن طريق الالتزام والعودة إلى قوانين وأحكام الدين القديمة. لكن بعض المثقفين العلمانيين في دولنا وصلوا إلى حالة الإفلاس الفكري، إذ يدعون إلى عدم تدخل الدين بالسياسة لإزالة الدين من المجتمع ومن الدولة.

إن الدعاية ضد الإسلام، والترويج لسياسة النساء لا تعني إلا لعبة مخطط لها من قبل الغرب. فبعد هدم الخلافة في سنة 1924م، لم يتوقف الغرب عن عدوانه السياسي، والاقتصادي، والثقافي لتحويل البلاد الإسلامية إلى مستعمرات تابعة له. وتعتبر العلمانية إحدى الأشواك التي زرعوها في قلب العالم الإسلامي لتنفيذ هذا العدوان، للوصول إلى ما يريد من مشاريع، عن طريق الحكام ومن يسمون بالمثقفين المأجورين من الغرب والذين باعوا دينهم وعقيدتهم.

إن هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ القرار الصائب -بعد معرفة النتائج الخطيرة للمجتمع الغربي العلماني- فإما أن نبقى صامتين ومخدوعين من قبل ما يسمى بـ(المثقفين)، أو أن نشارك في الصراع الحضاري لاستئصال العلمانية من أرضنا وتحرير الأمة بالكامل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *