العدد 136 -

السنة الثانية عشرة – جمادى الأولى 1419هـ – أيلول 1998م

كلمة أخيرة الإعلام عولَمَ الفضيحة والجريمة

كلمة أخيرة

الإعلام عولَمَ الفضيحة والجريمة

من يتمعن جيداً في الإعلام هذه الأيام يَرَ بوضوح أن الإعلام نجح في عولمة الفضائح والجرائم والدماء، وأشياء أخرى كثيرة مخزية، فأصبح كل بيت في هذه المعمورة يردد أسماء أبطال الفضائح الذين لا داعي لذكر أسمائهم لأنها أصبحت تجرح أصحاب الإحساس المرهف من كثرة قذارتها. أما وسائل الإعلام التي تعيش عصر العولمة فقد جعلت شغلها الشاغل مطاردة الفضائح والسعي لاكتشاف وكشف المزيد منها لعلها بذلك تحقق سبقاً صحفياً، أو ترفع أرقام المبيعات لدى القراء الذين يريدون إشباع نهمهم من تسقط أخبار الساقطين.

هل هذا هو إعلام العولمة؟ وهل تعولم كل شيء من الاقتصاد إلى السياسة إلى الإعلام إلى حياة الناس الشخصية؟ أي إعلام مجنون هذا؟ يكاد المرء يصدق المقولة التي تدعي بأن اليهود يقفون وراء الإعلام والأفلام والرياضة والفساد، كما ورد في بروتوكولات حكماء صهيون، هذا إذا صحت نسبة هذه البروتوكولات إليهم.

ومن ناحية أخرى يتساءل المرء عن هذا الإعلام الذي يرقص على الدماء والفضائح ويتجاهل آلاف المظلومين في سجون الظالمين، يتجاهل الكثير من القضايا السياسية الهامة التي يعتقل في سبيلها العشرات والمئات يومياً في أنحاء العالم كله، ويتجاهل الفقراء الذين يموتون جوعاً أو من سوء التغذية أو انعدام الرعاية الصحية، وإذا تذكّر بعض هؤلاء فإنه يذكرهم من باب رفع العتب. أما كيف يتصرف هذا الإعلام تجاه قضايا أخرى فإننا نراه يلهث وراء قضايا الدماء والدمار وخطف الطائرات والسيارات المتفجرة فتتصدر نشرات الأخبار وصفحات الصحف الأولى، ما يؤكد أن هذا الإعلام الموجّه مطلوب منه أن يبرز هذه المسائل، وأن يعتّم على المسائل الأخرى.

وللمزيد من التوضيح يمكن القول بأنه لو قام أحد الأحزاب السياسية المخلصة بنشاط سياسي لا يعجب نظاماً من الأنظمة وخاض معه صراعاً سياسياً يومياً واعتقل العديد من أعضائه ووضعوا في سجون النظام لعدة سنوات ثم يعاد اعتقالهم بعد انتهاء مدة محكوميتهم أو توقيفهم فإن الإعلام لا يهتم لهذه المسألة كما يهتم لخطف طائرة، أو لحادث سير، أو لانفجار قنبلة، أو لنشوب حريق في مبنى تجاري، أو لانتحار الحيتان على شواطئ أميركا الشمالية.

أليس عجيباً أمر هذا الإعلام الذي ينتمي لدول تدعي الحضـارة والمحافظة على حقوق الإنسان، وتهيمن على الخبر والصورة وتصدرها إلينا فنعرضها للناس بأمانة كما وردت، من باب احترام ما يأتي من (الأسياد) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *