العدد 255 -

العدد 255- السنة الثانية والعشرون، ربيع الثاني 1429هـ، الموافق نيسان 2008م

عودة أميركا إلى العمل المخابراتي لتغيير الأنظمة

عودة أميركا إلى العمل المخابراتي لتغيير الأنظمة

 

بعد أحداث 11/9 استعان رؤساء أجهزة الاستخبارات بمقاولين خصوصيين حتى بات عددهم يفوق ثلاثة أضعاف الموظفين الحكوميين فيها. وأقر مجلس الشيوخ الأميركي بنداً خاصاً في الموازنة مخصصاً للأموال المقررة لجهاز المخابرات الأميركي لأعماله ومقاولاته الخارجية. وقد رفضت الإدارة الأميركية طلب الكونغرس تقديم معلومات دقيقة عن طبيعة المساعدات المادية التي تقدمها الإدارة عبر مخابراتها للمعارضة في دول ما من العالم لأن ذلك سيؤدي دون أدنى شك إلى كشف وفضح قوى المعارضة الموالية لأميركا، حيث إن هذه الجهات تقوم بأعمال ممنهجة، وحسب الرؤية الأميركية ليصار في النهاية إلى تغيير الأنظمة السياسية غير المرغوب فيها.

وعلى ضوء مراجعات ودراسات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية داخل أجهزة الاستخبارات الأميركية، والتي خلصت إلى أن التدخل العسكري المباشر لتغيير الأنظمة السياسية في دول غير موالية لواشنطن مكلف جداً من الناحية المادية والمعنوية والعسكرية والبشرية، وله تأثير سلبي على صورة الولايات المتحدة في العالم كله، ويؤدي إلى خلق ماكينات تفريخ طبيعية للإرهاب والإرهابيين، وذلك كما حدث في أفغانستان والعراق (بحسب رأيهم)، على ضوء كل ذلك وضعوا بديلاً عن ذلك وهو العمل المخابراتي الأمني الصامت عبر المنظمات غير الحكومية وقادة الرأي والفكر؛ لتهيئة الأجواء والظروف الخاصة لخلق رأي عام ما في مجتمعات محددة ليصار إلى التغيير السياسي الأبيض دون إطلاق رصاصة واحدة من الطرف الأميركي، ودون خسائر بشرية وعسكرية أميركية باهظمة الثمن.

وبما أن قسماً كبيراً جداً من عمل المخابرات المركزية الأميركية يتركز في الحدائق الخلفية للاتحاد السوفياتي السابق فهي تريد حضوراً سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً يحاصر ويقزم الدور الروسي والصيني المتعاظمين. ولا تريد صعوداً للحركات الإسلامية الراديكالية وفي مقدمتها حزب التحرير الإسلامي.

هناك سيناريو منتظر في المنطقة، يستعمل الإسلاميين المعتدلين بحسب المقاييس الأميركية في هذه اللعبة الاستخباراتية القذرة التي تقوم على شراء الذمم… الأمور واضحة وضوح الشمس، فهل يقبل بعض الإسلاميين أن يسقطوا ويغطوا شمس الحق بغربال الاستخبارات الأميركية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *