ردود فعل حكام المسلمين وتوابعهم
2008/03/26م
المقالات
1,707 زيارة
ردود فعل حكام المسلمين وتوابعهم
الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي تعرض صورته بطريقة تهكمية، وتقدمه على أنه شخص يمثل قوى الشر، نشرت مع سبق الإصرار والتصميم على الإهانة، وكان موقف حكام الغرب حماية المسيئين تحت حجة حرية الصحافة في التعبير، واستهجان أي رد فعل غاضب من المسلمين وتصويره على أنه عنف غير مبرر، واستغلاله لزيادة تصوير أن الإسلام دين عنف، وأن المسلمين يبررون لأنفسهم استعمال العنف ضد خصومهم في الرأي، وأن هذا طبيعي عندهم لأن تعاليم دينهم تأمرهم بذلك… أما حكام المسلمين فكأن ما يحدث يحدث وهم نيام، وبالتالي كأن القلم مرفوع عنهم. وما يصدر عنهم من مواقف باردة فإنما تقوي موقع الخصم وتضعف المسلمين، وإذا صدرت فلتسجيل موقف يحرص فيه كل الحرص على أن لا يبدو فيه عنيفاً كأن يقول حاكم الأردن إن الإساءة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «جريمة لا تبررها حجة حرية التعبير» ثم تطوى الصفحة وينسى الكلام وكأنه ما قيل، فلا إجراءات ولا قطع علاقات ولا طرد سفراء، بينما لو تكلمت الصحافة الدانماركية عن أي حاكم لحدث الويل والثبور وعظائم الأمور. أما كارازاي انظروا إليه كم هو بعيد عن دينه فاقد لكل إحساس وغيرة عليه عندما يقول: إن نشر هذه الصورة «غلطة» إنه يظهر أنه أكثر الناطقين (تحضراً)، أما الآخرون البكم فلو علم الله فيهم خيراً لأنطقهم.
ومن قبيل المواقف الرسمية العربية ما صرح به عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية رداً على الحملة الأولى للإساءة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد قال: «ليس هذا العصر مناسباً لصراع بين الشرق والغرب، فلنضع أيدينا نحن المسلمين الحريصين على علاقة إيجابية في أيدي إخواننا في أوروبا وأميركا الذين يشاركوننا مثل هذا الرأي، وهم كثر، حتى نطفئ هذه الشرارة الشريرة».
والجدير ذكره أن الإساءة إلى الإسلام، وإلى الرسول الأكرم تمس الأمة جميعها، ويبدو أن الحكام ليسوا من الأمة، فلو كانوا من الأمة لتصرفوا ووقفوا في وجه هذه الحملة، ولم يتركوا للمسلمين هم أن يتصرفوا لوحدهم في مقابل ما حصل، من مثل الدعوة إلى مقاطعة البضائع وإحراق العلم الدانماركي، أو طرح شعارات «إلا أنت يا رسول الله» أو «لتتوحد أصواتنا»… وليت الحكام تركوا المسلمين يتصرفون، بل خاف هؤلاء الحكام من أن تتشكل لدى المسلمين حالة جماعية جارفة ترفض الإساءة، فتقوم بأعمال تسيء إلى العلاقات الرسمية، ولأن مجرد قيام مثل هذه الحالة الجماعية تجعل الحكام يخافون على عروشهم منها.
نعم خوفاً من أن تقوم حالة شعبية تحرج مواقف الحكومات عمد حكام الأمر الواقع إلى إنشاء جمعيات أو لجان من مثل «اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء» للتنفيس عن الاحتقان الشعبي وتفويت الفرصة على أي تصرف شعبي غير مسؤول، ولقيادة ردة الفعل بشكل آمن، فضلاً عن مواقف العلماء الرسميين الموظفين الذين يقبضون على الفتاوى بالذهب والدينار. وهاكم بعض المواقف من أمثال هؤلاء:
– رد محمد سيد طنطاوي على الحملة على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) رداً مائعاً بارداً خالياً من أي أساس إيماني، فقال للسفير الدانماركي الذي جاء ليقدم اعتذار رئيس وزراء بلاده على الإساءة، مع الإصرار على عدم منع الصحيفة أو معاقبتها تحت حجة “حرية التعبير” قال طنطاوي: «إن الإساءة إلى الأموات بصفة عامة تتنافى مع المبادئ الإنسانية الكريمة، سواء أكانت هذه الإساءة إلى الأموات من الأنبياء أو الصالحين أو السياسيين أو غيرهم ممن فارق الحياة…» وأردف: «إنه يرفض الإساءة إلى الرسول لأنه فارق الحياة، وإن الأمم العاقلة الرشيدة تحترم الذين انتهت آجالهم وماتوا» وأضاف: «ذلك ما تقتضيه العقول الإنسانية السليمة، وفي الوقت نفسه نحن نقدس الحرية، ولكن ينبغي أن تكون في حدود ما أباحته القوانين والشرائع» هذا هو رد شيخ الأزهر الذي يتخفى وراءه شيخه مبارك.
– أما اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء، فقد تحفَّظ مشرفها العام حاتم العوني عن الدعوة إلى مقاطعة المنتجات الدانماركية كرد فعل على ما قامت به 17 صحيفة دانماركية بإعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بحجة أن المقاطعة لم تنجح مع (إسرائيل) وقال: «يجب علينا أن نعرف أنفسنا جيداً حتى نستطيع تجاوز عدونا» وأضاف: «نحن شعب مستهلك غير منتج، ومن الاستحالة بمكان الاستمرار في المقاطعة» ورفض «إصدار بيان تستنكر فيه اللجنة الإساءة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)» معتبراً أن البيانات التي صدرت في هذا المجال كثيرة، وليس لها أثر ملموس» وأضاف: «إن اللجنة تسعى إلى وقف هذه الإساءات المتكررة من خلال سعيها إلى استصدار قانون دولي يجرم الإساءة إلى المسلمين ومقدساتهم» ودعا: «الدول العربية ممثلة بوزراء خارجيتها إلى التكاتف والإسهام في هذا القرار» لافتاً إلى أن مثل هذه القرارات يحتاج إلى سنوات طويلة، ومحامين كثر، وتبعات مالية باهظة حتى تتمكن اللجنة من تجريم مثل هذه الأفعال «على غرار ما فعله اليهود لاستصدار قانون يدين معاداة السامية». وأرجع سبب إعادة نشر الرسوم إلى أمرين:
1- إعلان الحكومة أخيراً إلقاءها القبض على ثلاثة أشخاص بحجة التخطيط لقتل أحد رسامي الصور المسيئة، وهذا دعا الصحف إلى التعاطف مع بعضها ونشره في اليوم التالي للقضية.
2- الخوف من المد الإسلامي، خصوصاً بعد نشر الرسوم في المرة الأولى، والتي ارتفع بسببها معتنقي الإسلام من الدانماركيين الأصليين إلى 10 أشخاص شهرياً في المراكز الإسلامية، فيما كان العدد لا يتجاوز الشخص الواحد في الشهر الواحد، قبل نشر الرسوم.
وهكذا عرضنا موقف هذه اللجنة التي مركزها الرياض. عرضناه بهذا الشكل لكشف حقيقتها وسياستها وسياسة من أوجدها ومولها وجعلها رسمية وناطقة باسم المسلمين، فهو كلام يعبر عن حقيقة مواقف الحكام، وهو كلام غاية في الخذلان للرسول وعدم نصرته… إنه يريد نصرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على الطريقة اليهودية، ومن خلال الأنظمة والقوانين الدولية الكافرة، ويريد أن يعمل من خلال الأنظمة الحاكمة الفاجرة… إن أمثال مفتي مصر وأمثال هذه اللجنة فيها إساءة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر مما فيها رد الإساءة. ولا نقول إلا أن أمثال هؤلاء هم شركاء مع من أوجدهم من الحكام، ويأخذون حكمهم في الفجور والسوء والنفاق. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
2008-03-26