( بلاك ووتر): جيش بوش الصليبي في حربه الصليبية على المسلمين
2007/11/25م
المقالات
2,231 زيارة
( بلاك ووتر): جيش بوش الصليبي في حربه الصليبية على المسلمين
واجهت أ/يركا في فيتنام مشكلة سقوط عدد كبير من جنودها قتلى، ما جعل الشعب الأميركي يومها يرفض الحرب بقوة ويضغط باتجاه انسحاب الجيش الأميركي، فانسحب مهزوما مذلولا… وعندما دخلت إلى العراق، عملت على تلافي تكرار هذه المشكلة، إذ قامت بالاستعانة بشركات أمنية تضم عشرات الآلاف من الجنود المتقاعدين المرتزقة، وتم تدريب هؤلاء الجنود على القيام بأعمال حمائية للمسؤولين وللمنشآت، والقيام بأعمال سرية خاصة وتنفيذ تفجيرات طائفية والقيام باغتيلات وغيرها من الأعمال القزرة التي أصابت الشعب العراقي المسكين ولم توفر الأطفال ولا الشوخ ولا النساء، حتى إن أعمال التعذيب وغيرها من الأعمال القذرة التي حدثت في سجن أبو غريب والتي طمستها الإدراة الأميركية كان لهذه الشركات نصيب وافر منها. والجدير ذكره أن هذه الشركات لا تخضع للمحاسبة في العراق وذلك بحسب العقد الذي تم التعاقد معهم عليه مع الإدارة الأمريكية في العراق. ولعل شركة ” بلاك ووتر” وهي أكبر هذه الشركات، وتضم جيشا في العراق يضم عشرات الآلاف من المرتزقة المدربين على أحدث الأسلحة( ذكر أ، مجموع أعداد ما تضمه هذه الشركات هو 120 ألفا) وقد كان هؤلاء يرتكبون المجازر ويفتحون النار على العراقيين ويوقعون القتلى بالعشرات في كل مرة وذلك لأدنى سبب وأحيانا بلا سبب، وأحيانا لتوهمهم أن هناك سببا. ولا من حسيب ولا من ذكر أو أدنى إشارة لذلك حتى حدثت حادثة إطلاق النار من قبل حراس شركة ” بلاك ووتر” على المدنيين أثناء مواكبتهم لوفد من وزارة الخارجية الأميركية في 16/9 في حي المنصور ببغداد في ساحة النور أسفر عن مقتل 28 شخصا بحسب شهود العيان وليس 10 أو 11 أو 18 كما تناقلت وسائل الإعلام، هذا عدا الجرحى الذي يفوق عدد القتلى دائما. وقد كان مقدرا لهذا الحادث أن يتم السكوت عليه والطمس على عدد القتلى فيه وعدم تناوله إعلاميا كما هو جار عادة لولا وجود الخلاف في النظرة إلى الحرب الأ/يركية في العراق بين الديمقراطيين والجمهوريين، وإدخال هذا الخلاف في بازار الانتخابات الرئاسية، وهذا ما دفع الديمقراطيين ومعهم وسائل الإعلام الأميركية الموالية لهم أو المناهضة للحرب إلى التركيز على هذا الموضوع، ومنه تم فتح كتاب طلب المساءلة والمحاسبة على تجاوزات الشركات الأمنية والتركيز على شركة ” بلاك ووتر ” منها. ذلك أن بوش الذي ما زال يعاند أو ينفذ ببطء وبثقل توصيات بيكر- هاملتون، فإ، القيود التي ستوضع على الجيش الأميركي في العراق من حيث المهمات والأعداد سيحاول أن يتملص منها بالاعتماد أكثر وأكثر على هذا الجيش السري الذي يعمل خارج القانون، ولاتسجل أرقام قتلاه التي بلغت أكثر من 800 قتيل وجرحاه التي بلغت أكثر من 8000 جريح( طبعا هذه الأرقام متداولة إعلاميا وغالبا، بل ودائما، ما يكون العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير) المهم الذي جعل هذا الحدث بإطلاق النار والذي لم يكن فريدا يأخذ بعدا إعلاميا ويأخذ ضجة كبرى لم يكن موقف المسؤولين العراقيين، فهؤلاء مرتزقة في الحكم كما أن جيش الشركات الأمنية ومنها شركة ” بلاك ووتر” مرتزقة في الجيش. ثم إن حماية كبار المسؤولين العراقيين هي من هؤلاء المرتزقة. لذلك كانت ردة فعل المالكي بعد الضجة هي طلب إلغاء التعاقد مع هذه الشركة، ثم تراجع ليصبح إيقاف التعاقد، ثم تراجع الموقف ليصرح متحدث حكومي هو تحسين الشيخلي بأن ” بلاك ووتر” وغيرها من الشركات الأمنية الخاصة تقوم بعمل مهم في حراسة الديبلوماسيين الأجانب، مضيفا أن هذا سيؤدي إلى اختلال أمني كبير. أما السفارة الأميركية فقد أعلنت بأن الموكب تعرض لإطلاق نار من أسلحة خفيفة خاطئة ما اضطر أفراد هذه المواكبة إلى الرد، ولكن الشهادات التي أدلى بها بعض الشهود وتضمنت شريط فيديو التقط بعد دقائق من وقوع الحادث يبين الضحايا المدنيين والجرحى( وليس فيهم أي مسلح) والسيارات المدنية المحترقة وقال أحد رجال الشرطة العراقية الذي كان حاضرا: ” لقد أطلق عناصر بلاك ووتر النار على السيارات من دون أي سبب، ولم تكن هناك رصاصة واحدة أطلقت باتجهاهم”. ويتهم تقرير للكونغرس الأميركي نشر عشية الاستماع لمسؤولي الشركة الأمنية ” بلاك ووتر” عناصرها ” بإطلاق النار بلا ضوابط”.
إذا فشركة ” بلاك ووتر” وغيرها من الشركات الأمنية الخاصة تقوم بجرائم خطيرة، ولا قانون في العراق يحاسبها، بل إن القانون هناك يمنع ملاحقتها… وبوش يحاول جاهدا الاعتماد عليها وخاصة بعد محاصرته من قبل الديمقراطيين ومحاولة تكبيله وفرض انسحاب الجيش الأ/يركي، والإبقاء على أعداد محدودة( 20 ألفا) فقط للحماية والتدريب والمراقبة والتجسس والإمداد والتدخل… بعد عملية تهيئة الجيش العراقي وتسليمه للأمن في العراق، وهي عملية تبدو صعبة وشائكة. والكونغرس بأغلبيته الديمقراطية الذي يحاصر بوش امتد حصاره إلى كشف هذا الجيش السري الذي يعتبر توجه مؤسسيه السياسي هو نفس توجه المحافظين الجدد، ويحاول الكونغرس التضييق عليه من باب التضييق على بوش وسياسته في العراق حتى لا يتفلت منها.
فمن هو مؤسس( بلاك ووتر)؟ ولماذا أسسها؟ وما هي مهماتها؟ وما هي حجم تعاقداتها؟ فقد كتبت الصحف الأميركية عنها الكثير، وأنزل إلى السوق أكثر من كتاب يتحدث عنها.
مؤسس( بلاك ووتر) ومسؤولها من المحافظين الجدد
يتشارك مؤسس الشركة الملياردير إيريك برينس مع بوش في اعتناق معتقدات اليمين المسيحي في الولايات المتحدة الأميريكية، حيث جاء من عائلة جمهورية نافذة في ولاية ميتشجان، وهي العائلة التي ساعدت تبرعاتها اليمين المسيحي والجمهوريين الجدد عام 1994م في أميركا على النهوض، وتصفه بعض وسائل الإعلام الغربية بأنه ” مسيحي أصولي”.كما أن والده إيدجار برينس دعم الجمهوري جيري بوير في إنشاء مركز أبحاث العائلة وهو مركز معني بمواجهة الإجهاض والزواج المثلي. وقد نجحت الشركة في توظيف شخصيات احتلت مكانة نافذة في دائرة صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة الأميركية ليشكلوا مجلس إدارتها وعلى رأسهم جيري بوير المذكور الذي يصفه سكيل صاحب كتاب: ” بلاك ووتر: جيش بوش الخفي ” بأنه ” سياسي محافظ معروف بعلاقاته مع كثير من الجماعات المسيحية الإنجيلية، كما يعرف بتأييده غير المحدود لإسرائيل وإيمانه بضرورة استخدام القوة العسكرية لحماية مصالح الولايات المتحدة”، وهناك أيضا الجنرال المتقاعد جوزيف شميتز الذي عمل مفتشا عاما في وزارة الدفاع الأميركية في حقبة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريجان ثم انتقل للعمل كمستشار في مجموعة شركات برينس المالكة لشركة ” بلاك ووتر”. ويشير سكيل إلى أن شميتز كان من أهم المقربين من الرئيس الأميركي جورج بوش الأب قبل أن يكون من بين أهم المقربين من الرئيس الأ/يركي الحالي جورج بوش الابن ومن إدارته، كما أ،ه كان مسؤولا عن رسم خريطة الشركات الأمنية الخاصة ومن بينها شركة بلاك ووتر في بدايات فترة الحرب الأميركية على الإرهاب. وهناك أيضا الجنرال كوفر بلاك الرئيس السابق لإدارة مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات الأميركية والذي اشتهر بمقولته ” هناك قبل 11 سبتمبر وبع 11 سبتمبر، وسنخلع القفازات”، حيث يصفه سكيل في كتابه بأنه ” قاد الفريق المسؤول عن مطاردة ابن لادن في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر”. إذن كل الأوراق تختلط ويبقى الرابط الأكثر قوة وتأثيرا ونفوذا بينها هو الإيمان المشترك بمعتقادات المسيحية الأصولية.
تعتبر شركة ” بلاك ووتر” واحدة من أبرز الشركات العسكرية الخاصة في الولايات المتحدة وقد تأسست وفق القوانين الأ/يركية التي تسمح بمصانع وشركات عسكرية خاصة، ويهذا يظهر أن إنشاء هذه الجيوش الخاصة هو من ابتكارات المحافظين الجدد، وقد أنشئت مع صعود المحافظين الجدد واليمين المسيحي المتطرف وقبل وصول بوش بسنوات، ما يشير إلى النوايا الخفية الخبيثة للمحافظين الجدد قبل وصولهم إلى الحكم. وفي إشارة قوية إلى ذلك فقد كشف الصحفي الأميركي جيرمي سكايل في كتابه: ” بلاك ووتر: جيش بوش الخفي” أن رامسفيلد أعلن في خطاب له في 10/11/2001م أي قبل وقوع هجمات 11 سبتمبر بيوم واحد أن ” العدو أصبح قريبا من الوطن، وهو ما يتطلب إحداث نقلة شاملة في أسلوب إدارة البنتاغون، واستحداث نموذج جديد يقوم على القطاع الخاص… ليست لدي أي رغبة في مهاجمة البنتاغون، ولكنني أريد أن أحرره، إننا في حاجة إلى انقاذ البنتاغون من نفسه”. وفي صباح اليوم التالي كانت الولايات المتحدة الأميركية على موعد مع هجمات الحادي عشر من سبتمبر لتأتي الفرصة لدونالد رامسفيلد لكي ينفذ ما ورد في خطابه من الاعتماد على شركات أمنية خاصة، ومن بين هذه الشركات شركة ” بلاك ووتر” والتي خصص جيرمي سكيل كتابه للحديث عنها.
مهمات(بلاك ووتر) في العراق
كان سكايل قد كتب في الآونة الأخيرة في صحيفة ” لوس أنجلوس تايمز” تحت عنوان ” مرتزقتنا في العراق”، أن المرتزقة يشكلون اليوم ثاني أكبر قوة في العراق، مضيفا ” هناك نحو مائة ألف في العراق، منهم 48 ألفا يعملون كجنود خاصين، تبعا لتقرير صادر عن مكتب المحاسبة الأميركي”.
وقبل مقاله هذا، كان ” جيرمي سكايل” قد أصدر كتابا حمل عنوان: ” مرتزقة بلاك ووتر… جيش بوش الخفي”، كشف فيه بعض الجوانب الخفية عن عملهم في العراق حيث تصل أجرة الشخص إلى 1500 دولار يوميا. ويروي في كتابه أن بداية انطلاق شركة أو جيش ” بلاك ووتر”، الذي وصفه بأنه أقوى جيش للمرتزقة في العالم، كان بعد أن تبنى البناغون سياسة جيش القطاع الخاص التي وفرت له أكثر من مائة ألف من المرتزقة يقاتلون في العراق لصالح الجيش الأميركي.
في ديسمبر/ كانون الأول 2006م كتب مارك همنغواي في مجلة ” ويكلي ستاندر” واصفا موظفي هذه الشركة بأنهم ” محاربون بالأجرة”.
ويشار هنا إلى أن الفيلم الوثائقي المعروض في 2006م(Iraq for sale: The war profiteers) اتهم الشركة بالمسؤولية عما جرى في أبو غريب جزئيا.
وقد بدأ التعاقد مع هذه الشركة في العراق في عام 2003 بقيمة 21 مليون دولار أميركي بالتكليف المباشر لتوفير الحماية للحاكم الأميركي المدني بول بريمر. وتبع هذا العقد توقيع عدد لا حصر له من التعاقدات بين الشركة والإدراة الأميركية، حتى إن التعاقدات التي وقعتها الشركة مع الخارجية الأميركية بلغت قيمتها 750 مليون دولار منذ شهر يوينيو 2004م وحتى اليوم، وقد أبيح لهذه الشركات استخدام معدات تدريب من الجيش النظامي، إذ إنها تستخدم أدوات قتالية متوسطة، وفي بعض الأحيان ثقيلة، بل إن جزءا منها تستخدم الهليكوبتر والمدرعات لتنفيذ أعمال قتالية وهجومية”.
لقد أميط اللثام عن نشاط ” بلاك ووتر” في العراق لأول مرة عندما أعلن في 31/3/2004م عن قتل المقاومين لأربعة من جنود هذه الشركة، وقام العراقيون هناك بجر جثثهم في الشوارع وحرقها وتعليق اثنين منها على ضفاف نهر الفرات، ومن هنا بدأ يحدث تحول في الحرب على العراق حيث قامت بعد عدة أيام القوات الأميركية بمحاصرة الفلوجة وقتل عشرات الآلاف وتهجير 200 ألف من أبناء الفلوجة ما أشعل مقاومة عراقية شرسة مستمرة حتى اليوم.
وفي إبريل/ نيسان 2005م قتل خمسة منهم بإسقاط مروحيتهم. وفي بداية 2007م قتل خمسة منهم أيضا بتحطم مروحيتهم. ورغم أن شركة ” بلاك ووتر” تقول إن دورها في العراق هو تقديم خدمات أمنية فقط، يقول سكايل إنه قتل 770 من المتعاقدين وجرح 7767 وذلك حتى ديسمبر/ كانون الأول 2006م ولكن هذه الأعداد تضم أولئك الذين تقدمت عائلاتهم من أجل الحصول على التأمين اللازم اعتمادًا على “قانون التأمين العسكري” للحكومة، ويشير المراقبون المستقلون إلى أن أعداد القتلى والجرحى منهم هم أكثر من ذلك بكثير.
وكتبت صحيفة “واشنطن بوست” في عام 2004م أن فرقًا عسكرية(مغاوير) من النخبة استأجرتهم حكومة الولايات المتحدة لحماية الموظفين والجنود وضباط الاستخبارات في العراق. وقالت إن وصفهم بالمتعاقدين العسكريين مع الحكومة ليس دقيقًا، والوصف الصحيح هو “جنود مرتزقة”.
وبالعودة إلى المقال المنشور حديثًا في صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” ينقل الصحافي جيرمي سكايل عن شهادة الجنرال الأميركي في العراق ديفيد بتريوس قوله أمام لجنة في مجلس النواب(الكونغرس) إن وجود عشرات الآلاف من الجنود التابعين لشركات خاصة مهم جدًا لتنفيذ المهمة الأمنية في العراق، واعترف أن حراسته لم تكن من الجيش وإنما من قبل الشركات الأمنية.
وتقوم شركة “بلاك ووتر” بتوفير الحماية للدبلوماسيين الأميركيين والمرافق التابعة لهم في العراق. وقد بدأ ذلك في عام 2003م بالتكليف المباشر لتوفير الحماية للحاكم الأميركي بول بريمر ثم قامت الشركة فيما بعد بحماية السفراء الأميركيين التاليين وهما جون نيغروبونتي وزلماي خليل زاد إضافة إلى الدبلوماسيين الآخرين والمكاتب التابعة لهم، كما أن قواتها حمت أكثر من 90 عضوا في الكونجرس بالعراق بمن فيهم زعيمة الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، بل أكثر من كل ذلك فهي تحمي بوش وكل المسؤولين الأميركيين عندما يأتون إلى العراق.
وتم توفير غطاء سياسي للبيت الأبيض من خلال السماح له بمضاعفة القوات في العراق عن طريق القطاع الخاص والتعتيم على الحجم الحقيقي للخسائر البشرية في العراق، ولا توجد أي إحصائية رسمية أو إعلامية لعدد القتلى من المرتزقة، إذ لا يوجد نظام يحاسبهم أو يخضعهم، ولا قانون عسكري أو مدني يمكن تطبيقه فيما يتعلق بنشاطهم. وقال سكايل إن ” القوات الأميركية في العراق أصدرت القرار رقم 17 عام 2007م والذي يمنح حصانة لهؤلاء المتعاقدين من الخضوع للادعاء في العراق”. ونقل عن أحد المتعاقدين أنه إذا تسربت أنباء عن احتمال الادعاء على أي شخص منهم في العراق يتم تهريبه إلى خارج البلاد فورا” ويذكر أ، هناك مهمات قذرة للغاية تنيطها القيادة العسكرية الأميركية في العراق بهذا الجيش بسبب هذه الحصانة التي يتمتعون بها وتمنع ملاحقتهم على خلاف ما لا يتمتع به الجيش النظامي.
وأضاف ” رغم عددهم الكبير بالعراق وما يقترفون من انتهاكات تم توجيه تهمة إلى اثنين فقط، أحدهم طعن زميله، وآخر كانت بحوزته صور إباحية لطفل في سجنه في أبو غريب”.
وأضاف ” رغم أن الكثير من الجنود الأميركيين أدينوا أمام المحاكم إلا أنه لم تتم إدانة أي من المتعاقدين العسكريين”.
أخيرا، يشار إلى أن خوسيه برادو، رئيس مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة لشؤون المرتزقة، كشف في التقرير الذي أعده في فبراير الماضي بأن المرتزقة الذين يعملون في العراق يشكلون اليوم القوة العسكرية الثانية بعد الجنود الأميركيين وأن عددهم أكبر من عناصر القوات البريطانية.
ويضيف خوسيه في تقريره أن ” هناك 160 شركة على الأقل تعمل في العراق، وهي تستخدم على الأرجح 35 ألفا إلى أربعين ألف مرتزق غالبيتهم عناصر شرطة سابقون وعسكريون يتم تجنيدهم من الفلبين والإكوادور وجنوب أفريقيا”.
بعد أسبوع من انتهاء مهام دونالد رامسفيلد في البنتاغون صارت القوات الأميركية في أضعف حالة لها فيما تخوضه من ” حرب على الإرهاب” ما جعل كولن باول وزير الخارجية السابق يعلن ” أن الجيش الفعال يكاد أن ينهار”، وبدلا من أن تعيد الإدارة الأميركية التفكير في سياستها، قامت بالتمادي في زيادة عدد القوات في العراق، كما أن بوش قد روج لزيادة القوات ودعمها باستئجار المدنيين ذوي القدرات الجيدة ليتولوا أداء المهام المطلوبة… وبينما أدى خطاب بوش إلى إثارة مناظرات شديدة في الكونغرس وعند عامة الناس، فإن اعتماد الإدارة الأميركية على المقاولين الخاصين يزداد وبشكل غير معلن. وذلك لدرجة أن اقترحت شركة ” بلاك ووتر” فكرة اللواء المقاول الخاص والذي يعمل مع الجيش.
مهمات( بلاك ووتر) خارج العراق
في حديثه للموقع المتخصص بالشؤون الأمنية(The spy whi billed me)يقول غاري جاكسون رئيس شركة ” بلاك ووتر”: مهمتنا الأولى هي دعم الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولا يمكن أن نقدم خدمة لأي جهة خارجية إذا كانت تعارض هذا المبدأ.
وقال أيضا ” لدينا عقود مع حكومات أجنبية ونقدم لها خدمات أمنية ولكن بعلم وموافقة الولايات المتحدة… كما أننا ندعم دولا إسلامية حليفة لأميركا”.
وفي مارس/آذار 2006م قال نائب رئيس الشركة، كوفر بلاك، في خطاب له في مؤتمر في العاصمة الأردنية عمان، إن ال ” بلاك ووتر” مستعدة لإعادة السلام في أي منطقة صراع في العالم. كما صرح كريس تايلور أحد مدراء هذه الشركة أنه يمكن إرسال قوات من الشركة لاستعادة الأمن والسلام إلى دارفور بغطاء من الناتو والأمم المتحدة.
وفي هذا المجال يشير سكايل إلى أن شركة ” بلاك ووتر” تسعى بقوة لكي تحصل على عقود في إقليم دارفور بالسودان لتعمل كقوة سلام، ويضيف أنه في مسعى من الرئيس جورج بوش لتمهيد الطريق أمام الشركة للبدء في مهمة تدريبية هناك قام برفع العقوبات عن الجزء المسيحي من جنوب السودان، كما أشار ممثل إقليم جنوب السودان في واشنطن إلى أنه يتوقع أن تبدأ شركة ” بلاك ووتر” أعمال تدريب قوات الأمن في جنوب السودان في وقت قريب جدا، وقال إن هذه الشركة تدرب قوى أمنية أفغانية في منطقة بترولية قريبة من الحدود مع إيران.
وقال كوفر بالك أن ” لديهم قوات منتشرة في 9 دول وعشرين طائرة وجهاز خاص للاستخبارات، كما أنهم يقومون بتصنيع مناطيد المراقبة وتحديد الأهداف، ومكان الشركة في أميركا يقع في أكبر مساحة واسعة مخصصة لشركة عسكرية خاصة ي العالم” تبلغ مساحتها 5000 هكتار.
” بلاك ووتر” فوق القانون
بينما استمرت الأمور على ما هي عليه فيما يتعلق ببرنامج التعاقد المبهم وغير الواضح للشركة مع البنتاغون، فإن البنتاغون كشف عن أن أصل التعاقد كان مع شركة ” كي بي آر”، وفي هذا مخالفة للتشريعات العسكرية من حيث استخدام المقاولين لقوات خاصة في النواحي الأمنية بدلا من القوات العسكرية الأميركية.
إن هذه الشركة وأمثالها من الشركات الأمنية التي ابتدعتها ذهنية المحافظين الجدد في الإدارة الأميركية وخارجها لا تنطبق عليها القوانين ولااتفاقيات الدولية مثل اتفاقيات جنيف ومبدأ الفضيلة، وهي تقاوم أي محاولة ترمي إلى تقييد حركتها حتى لا تفقد مبرر وجودها، ومع بداية شهر أيار كانت شركة ” بلاك ووتر” تقود جماعة الضغط من شركات الصناعات العسكرية الخاصة في محاولة منها لمنع الجهود المبذولة في الكونغرس أو البنتاغون لوضع قواتها تحت سيطرة المحكمة العسكرية والقانون العسكري.
ومقابل ذلك فقد وجدت عدة مشاريع قوانون بدأت تأخذ طريقها للكونغرس وتهدف إلى وضع آلية للمراقبة والإشراف والشفافية على القوات الخاصة التي بدأت تلعب دورا أساسيا في الحروب التي وقعت بعد أحداث 11/9. لاحظوا هنا كيف أن الكونغرس يسعى إلى مراقبة هذه الشركات وليس إلى إلغائها، وفي هذا المجال اتهم سكايل الديمقراطيين بأنهم لم يقدموا أي شيء في هذه القضية رغم إصرارهم على القلق حيال ما يثار حول هذه الشركات الخاصة في العراق. إن القلق المثار من الديمقراطيين حول هذه الشركات هو قلق انتخابي فحسب.
وأخيرا في هذه المسألة فقط وليس آخرا إن الإجرام الأميركي يتصاعد كما ونوعا حتى يشهد بشكل صارخ أ الرأسمالية هي أبشع وجه لأشرس حيوان، وأن الديمقراطية هي أنتن قانون مر على البشرية جمعاء منذ أول نشأتها. وإذا كانوا يقولون بأن أميركا امتلكت قوة غير مسبوقة في التاريخ فإننا نقول إنها وصلت إلى حالة غير مسبوقة في الإجرام ووصلت في رحلة الحضارة إلى أقصى الحضيض، وهي ما زالت تحفز لتسقط أكثر ونسأل الله أن يجعل قبرها في ما تحفره إنه سميع مجيب.
أحمد المحمود
2007-11-25