مع القرآن الكريم: في ظل الخلافة الراشدة الموعودة
2007/10/25م
المقالات
1,861 زيارة
مع القرآن الكريم:
في ظل الخلافة الراشدة الموعودة
التمكين، والأمن، والاستقامة
في ذكرى هدم الخلافة السادسة والثمانين، لا نريد أن نقف في هذه المحطة، نندب حظّنا ونتأسّى على هذه الفاجعة العظيمة أو نتأوه عليها، ونتمنى عودة ماضيها المشرق فقط، ولكن نريد أن نذكُر أموراً تبعث الأمل في النفوس، وتحيي الهمم الميّتة، وتدفع الهمم الضعيفةَ قُدماً للأمام، وذلك بذكر حقائق عن موعود الله عز وجل -عن الخلافة الراشدة الموعودة- بعد قيامها وتحقّقها في أرض الواقع.
فالخلافة الراشدة الموعودة أصبحت بإذنه تعالى ومنّه وكرمه حقيقةً واقعةً، وأصبحت كل مقوّمات قيامها موجودةً والحمد لله في أرض الواقع، ولم يبق إلاّ إذنُ المولى عزّ وجل بقيامها في بقعةٍ من الأرض هو أعلم بها.
=================================================================
يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز، وهو أصدق القائلين: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور 55].
هذه الآية الكريمة من سورة النور، فيها من النور الساطع الوضّاء، ومن المعاني المعبرة الدافقة، ومن الركائز والأسس الإيمانية، ومن الدروس والعبر والعظات، الشيء الكثير الكثير.
فقد اشتملت هذه الآية المباركة النورانية المنيرة النيرة على بشرى النصر والاستخلاف بوعد الله سبحانه وتعالى في ذلك، وعلى شروط هذا الوعد الإلهي المنظور في الفئة المؤمنة المستحقّة لهذا الشرف العالي السامي وهذه المكرمة الرفيعة، وعلى صفات الخلافة المرتقبة المنظورة، وعلى شروط استمرارية هذه الخلافة وبقائها في الأرض، واشتملت كذلك في خاتمة الآية على العقوبة المترتبة على ضياع هذه الخلافة في الدنيا والآخرة (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، أي من كفر بهذا الفرض العظيم (بهذه النعمة) -سواء أكان ذلك بإضاعته، أم بالتقصير في إعادته لأرض الواقع مرة أخرى- استحقّ غضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة -بسبب عصيانه وفسقه- كما أخبر الله ورسوله في كثيرٍ من الشواهد…
والحقيقة، إن هذه الآية النورانية بحر زاخر بالمعاني، ومحيط واسع من البلاغة المعبرة الدقيقة. وسنقف في موضوعنا هذا عند الشق الثاني من معاني هذه الآية العظيمة، وهو:
صفات هذه الخلافة المرتقبة الموعودة ليكون ذلك نوراً وطمأنينة وقوةً دافعةً لنا في هذا الطريق العظيم (طريق حمل الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية).
فهذا الشطر من الآية الكريمة (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) يتحدث عن صفات هذه الخلافة المرتقبة في أرض الواقع -أي في حياة الناس، وفي الدولة والمجتمع- وهي ثلاث صفات عظيمة، كل صفة منها فيها معانٍ وإرشادات دعوية عظيمة، وسنقف في هذه المقالة -بإذنه تعالى- عندها بشيء من التفصيل المختصر.
أولاً: التمكين، وقد ذكر الحقّ تعالى هذه الصفة في قوله (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ) ومن المعاني المعبرة العظيمة في هذا القول الرباني السامي:
1- نسبة التمكين إلى الله تبارك وتعالى لا إلى أحد سواه.
فالاستخلاف الذي وفّاه الحق تبارك وتعالى بوعده: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ) قد ربطه الحق تعالى بإرادته وقدرته ومنّتِه (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا) [غافر 51]، (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) [القصص 5]، (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [آل عمران 126]، أي قد جعل الحق تعالى سبب النصر منه وحده.
وكذلك التمكين في هذا الاستخلاف قد ربطه الله تبارك وتعالى بقدرته وعظمته، وفي هذا دروس وعبر كثيرة لحامل الدعوة، منها أن النصر بالاستخلاف هو من الله تعالى لا من أحد سواه، وأن استمرارية هذا الاستخلاف وصموده وبقاءه في وجه العتاة المجرمين الظالمين من ملّة الكفر، هو من الله كذلك لا من أحد سواه، وهذا مدعاة لتقوية الصلة مع الله دائماً، ورفع الأبصار بالتوجه إليه دائماً بعد كلّ واجبٍ أو مندوب في طريق العمل لاستئناف الخلافة الراشدة على منهاج النبوّة، والاستناد دائماً إلى قوته تعالى في وجه كل الصعوبات مهما كانت كبيرة، ومهما كانت قوة الدول وراءها من حيث القوة النووية أو الذرية أو غيرها من أسباب قوة الأرض!! وفي هذا أريد أن أقف قليلاً عند بعض المتخوّفين من حملة الدعوة على مستقبل هذه الخلافة، وعند بعض المتشكّكين من قدرة هذه الدولة على الوقوف على أقدامها في وجه أميركا وروسيا والصين ودول أوروبا وغيرها من الدول الحريصة على إطفاء نور الله من الأرض، وإزالة أي قوةٍ تهدد مبادئهم الساقطة الهابطة السقيمة!!
فأقول لهؤلاء وهؤلاء: أن الراعي والحامي لهذا الاستخلاف هو الله تعالى، وأن الضامن لاستمرارية التمكين والصمود في وجه الكفار هو الله تعالى كذلك… فمن من البشر يقف في طريق العظمة الإلهية؟! ومن يستطيع أن ينتصر على إرادة الله تبارك وتعالى؟! ومن من أصحاب القوة والسلطان يستطيع أن يطاول ويوازي قوة الله وعظمتَه وسلطانه؟! من يستطيع أن يهدم صرحاً رعاه الله بعنايته وعطفه لعباده المؤمنين الصادقين المخلصين؟!
2- المعنى المعبّرُ الثاني في هذه الآية الكريمة، في هذه الكلمة الجامعة المانعة (التمكين) هو حقيقة التمكين في الأرض.
فمعنى التمكين كما ورد في لغة العرب الفصحاء: القوة والاستقرار والقدرة. ورد في لسان العرب: تقول العرب: إن بني فلان لذو مكنة من السلطان، أي تمكّن، قال ابن سيده: وقد مكن مكانة فهو مكين والجمع مكناء. قال الجوهري: تمكن من الشيء واستمكن، أي ظفر، وفلان لا يمكنه النهوض: أي لا يقدر.
والحقيقة، إن هذا التمكين الموعود من الله تبارك وتعالى في ظلّ الخلافة الراشدة له معان عميقة معبرة وأولها:
إن التمكين في الدين يشمل الإسلام كدين (مبدأ) ويشمل قوة الدولة المادية؛ لأن الإسلام كما نعلم دين ومنه الدولة. وفي هذا دلالة عظيمة على سعة العلوم وكثرتها في ظلّ هذه الدولة، سواء منها ما تعلق بعلوم الدين الشرعية أم بالعلوم الأخرى المدنيّة.
وفيه إشارة كذلك لعودة الازدهار العلمي الذي حظيت به أمة الإسلام في العصور الزاخرة الزاهرة المزهرة!!
وفيه إشارة كذلك لعودة الدولة الإسلامية -كما كانت- أول دولة من حيث التقدم العلمي والاختراعات والاكتشافات ودور البحث العلمي.
وفي التمكين إشارة أيضاً إلى عظمة قوة الدولة العسكرية؛ لأن المكْنة، وهي القوة والمنعة، لا تكون إلا بأدوات القوّة والمنعة من الاستعداد العسكري. فالدولة التي ستقف أمام جبروت الكفار وآلته العسكرية الضخمة، ستكون حتماً صاحبة مكْنةٍ أكبر من تلك التي في يد عدوها، سواء في الناحية المادية أو الناحية المعنويّة عند الأمة.
وفي التمكين أيضاً إشارة إلى القوة الاقتصادية والرفاه وبحبوحة العيش في رحاب هذه المكنة العظيمة. فالقوة المادية والمعنوية، والتقدم العلمي والصناعي، يحتاج إلى سندٍ عريضٍ من القوة الاقتصادية، وفي هذا إشارة إلى الاقتصاد العظيم الذي ستحظى به هذه الدولة في ظلّ الخلافة الراشدة الموعودة.
3- المعنى الثالث في موضوع التمكين هو: الارتباط الوثيق في الآية الكريمة ما بين التمكين وما بين الالتزام والتقوى بالدين الذي أراده الله، أي الإسلام المستقيم (دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ)، فالتمكين ليس لأي دين يريده الناس أو يرضونه لأنفسهم منهجاً في الحياة، من ديمقراطية أو وطنية أو ارتباطٍ بالطين والتراب ومتع الحياة الدنيا.
وهناك إشارة بلاغية في نسبة الدين إلى الناس، ونسبة الرضا عن هذا الدين إلى الله تعالى. وهي أن الدين هو تطبيق في الحياة وعبادة والتزام وطاعة، وهو للناس من حيث (الاتباع والالتزام) أي أن الناس يدينون لله بهذا المنهج الرباني، ولذلك نسبه هنا للبشر، ونسب الرضا له سبحانه، وفي ذلك إشارة أن هذا الدين هو ليس أي دين إنما هو وصف محدد، وهو دين الله الذي أنزله على رسوله عليه الصلاة والسلام دون تحريف ولا تخريف ولا اعوجاج ولا إرضاءٍ للبشر!!
فالتمكين في هذه الآية مستمرٌ وباقٍ ما بقي الالتزام بدين الله الذي ارتضاه لعباده؛ عبادةً وتطبيقاً في الحياة وحملاً للشعوب والأمم الأخرى.
ثانياً: الأمن، وقد ذكره الحق تعالى في قوله (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا).
والحقيقة، إن هذه الفقرة من هذه الآية العظيمة فيها معانٍ كثيرة سنقف على ما يلزمنا كحملة دعوة منها. من هذه المعاني:
1- في الآية إشارة إلى الحياة السابقة لقيام الدولة في ظل أحكام الكفر والضلال والاعوجاج، وإلى صفات هذه الحياة النشاز، ومن ذلك غياب الأمن من حياة الناس وانتشار الخوف والقلق على كل شيء: القلق على أسباب الحياة الماديّة، والقلق على النفس من الاعتداء والظلم، والخوف والقلق على الولد والزوجة والمال وعلى كل شيء، والقلق على الرعاية والحماية في حالة الضعف والعجز.
2- الارتباط الحتمي ما بين الحياة الإسلامية والأمن.
فلا يمكن أن يتحقق الأمن إلا في ظل الإسلام، مهما بلغت الدول من أسباب القوة والسطوة والسلطان وبحبوحة العيش.
والسبب أن مقومات الأمن ليست مادية أبداً، إنما هي مقومات روحيّة تتعلق بالمبدأ نفسه وعدالته واستقامته.
فالقوة المادية، بما فيها العسكرية والاقتصادية، إذا لم يكن لها مِقْود صحيح مستقيم فإنها تجمح بأهلها إلى الهاوية، تماماً كما يجمح المركب بأصحابه إذا فقد المقود الصحيح.
وأكبر دليل على ذلك هو حياة الناس في أميركا، فما هي حياة الناس هناك؟! ولماذا لم يتحقق الأمن رغم ما أوتيت أميركا من قوة مادية، عسكرية واقتصادية؟! بل لماذا لم يتحقق ذلك في أكثر دول العالم رفاهية وبحبوحة في العيش مثل السويد وفنلندا، حيث إن أكبر نسبة انتحار في الأرض هي في هذه الدول الغنيّة؟!
أما كيف يكون هذا الأمن في ظل الإسلام، في ظل التمكين بالاستخلاف:
فإن أول أمر للأمن هو المنة الإلهية في ذلك. فالله تعالى يجعل في قلوب المؤمنين من رعايا الدولة الإسلامية الرضا بهذه الدولة التي تقوم على أساس العقيدة الإسلامية، ويجعل في قلوبهم كذلك المودة والتراحم والتعاطف والتقارب فيما بينهم، وهذا من أهم مقومات الأمن، فلا أمن ولا أمان في ظل التنافر والخصومة والبغضاء والتسابق على الرغيف (آكله أنا أو تأكله أنت)، وفي ظل التنافس والتناحر على الشركات العملاقة والبنوك الربوية المسمومة الموبوءة.
والأمر الثاني لهذا الأمن هو سيادة شريعة عادلة مستقيمة في الأرض، بعكس النظم الهابطة النابعة من عقول البشر ونفسياتهم الضعيفة!!
والأمر الثالث هو طمأنينة الإنسان على نفسه وأهله وماله -كما ذكرنا- فلا أمن ولا أمان إذا فقد الإنسان الطمأنينة على هذه الأمور، سواء أكان ذلك في أمور الضرر أم الهلاك أم مقومات العيش وأمور الرعاية الحياتية.
والأمر الرابع في الأمن هو طمأنينة الإنسان على مصيره بعد الموت، فهذا أيضاً له علاقة بتحقق الأمن الدنيوي؛ لأنه يولّدُ في نفس الإنسان الطمأنينة والاستقرار والراحة النفسية والشعور بالأمن والأمان.
ثالثاً: استمرارية الدولة وبقاؤها في ظل الاستقامة. وقد ذكر الحق تعالى هذا المعنى في قوله: (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا).
وهذه إشارة عظيمة يضعها الحق تعالى أمام أعيننا لتكون لنا ميزاناً في النظر والتبصر في أحوال الدولة، وسرّ بقائها واستمراريتها.
فكما أن الحق تعالى وضع شروطاً لإقامة الدولة في بداية الآية، وهو العمل الصالح الموصل لهذه الدولة بالطريقة الشرعية، والإيمان الراسخ الذي ينبثق منه هذا العمل الصالح، كذلك وضع ميزاناً لاستمرارية هذه الدولة في المستقبل، وهذا الميزان هو العبادة الحقّة بهذا الدين المستقيم كما أراده الله تعالى.
وهنا نريد أن نقف قليلاً عند كلمة عبادة في قوله (يَعْبُدُونَنِي) ومعنى إشراك في كلمة (يُشْرِكُونَ).
فمعنى العبادة كما وردت في لسان العرب لابن منظور هي مطلق الطاعة والانقياد والخضوع والتذلل قال: (وأصل العبوديةِ الخضوع والتذلّلْ، والعبادة الطاعة، وقوله تعالى: (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) [المائدة 60]، قال الزجاج: قوله: وعبد الطاغوت، أي أطاعه؛ يعني الشيطان فيما سوّل له وأغراه، وقوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [الفاتحة 5] أي نطيع الطاعة التي نخضع معها، ومعنى العبادة في اللغة: الطاعة مع الخضوع، ومنه طريق مُعبّد إذا كان مذلّلاً بكثرة الوطء.
فالعبادة ليست كما يفهمها كثير من الناس على أنها الالتزام بالنواحي التعبدية في جانب العبادات البدنية كالصلاة والصيام والحج… فقط. إنما العبادة التزام كامل عقيدةً وأحكاماً في كل مجالات الحياة.
فيشترط أولاً أن تستقيم العقيدة في العقول والقلوب استقامةً تنفي عنها كلّ الخرافات والخزعبلات والبدع وغير ذلك من عقائد أخرى ليست من جنسها ولا تتّصل بخالق الكون سبحانه وتعالى.
ويشترط كذلك أن تستقيم الدولة (الخلافة) في كل شؤون الحياة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك من أمور العبادة. أي يشترط لبقاء التمكين والأمن واستمرارية الخلافة، يشترط الاستقامة على دين الله عز وجل بالعبادة الحقّة الصادقة المستقيمة كما أراد الله في كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام…
ومن هذه الاستقامة ما ذكره الحق تعالى (لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)، أي لا يأخذون شيئاً من غيري في أمور العقيدة أو الأحكام، سواء أكان ذلك من عقول الناس وابتكاراتهم، أم مما هو موجود من ألوان الفساد والانحراف والضلال في عقائد موجودة على سطح الأرض..
وفي ختام هذا الموضوع أستبشر بقرب قيام الخلافة الراشدة، بإذنه تعالى، وبقوة هذه الدولة وتمكّنها في الأرض، وباستقامتها على الحق والنور الإلهيّ، وبقرب زوال هذه الأنظمة العفنة الساقطة، سواء ما كان منها في بلاد المسلمين أم في بلاد الكفار.
وأُذكّرهم كذلك مع هذا الاستبشار أن عامل الزمن في تأخير قيام هذه الدولة هو لصالح الدعوة، ولصالح قيام هذه الدولة وتمكينها في الأرض، وفي ذلك منّةٌ من الله تعالى، فنحن نستعجل ذلك لأننا نحب العاجل من الخير، والله تعالى يحب لنا فوق ذلك مولد دولة قوية في الأرض تقف أمام العالم أجمع كالعملاق الذي تتقزّمُ أمامه كل قوى الشر والاعوجاج والضلال.
وهذا ما كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأصحابه، رغم استعجالهم لهذا الأمر، ورغم إلحاحهم بذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأخيراً أقول بقول المولى عز وجل (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة 33] وبقوله عليه الصلاة والسلام: «سيبلغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار…».
نسأله تعالى أن يكون ذلك قريباً (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا) [الإسراء 51].
أبو المعتصم – بيت المقدس
2007-10-25