العدد 248 -

العدد 248- السنة الثانية والعشرون، رمضان 1428هـ، الموفق تشرين الأول 2007م

إلى بوش وساركوزي: الخلافة الراشدة الثانية ستعم العالم بإذن الله

إلى بوش وساركوزي:
الخلافة الراشدة الثانية ستعم العالم بإذن الله

المسلمون اليوم في العام 1428هـ، على بعد 86 عاماً من هدم الخلافة، يعيشون في ظل سنّة «المنازعة» الربانية المأخوذة من قوله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران 26]. إذ يحاول الغرب فيها، وعلى رأسه أميركا، أن يقاوم وينازع تلك الصحوة الإسلامية الجامعة التي تعم العالم الإسلامي من إسبانيا حتى إندونيسيا، والتي تريد العيش عيشاً إسلامياً في ظل وحدة سياسية تستظل براية الخلافة… إنه يقاوم وينازع من أجل وقف تلك الصحوة وحرفها، وعدم إفلات الأمور منه، وإعادة القبض من جديد على مقدرات المسلمين.

لقد جاءت أميركا بقواتها العسكرية إلى المنطقة لتضرب بنفسها هذه الصحوة، ولتعيد صياغة المنطقة من جديد ضمن ما صرحت به بأنه «مشروع الشرق الأوسط الكبير» متبعةً بذلك أسلوب «الفوضى البناءة». ولقد ظنت أميركا أن خطتها هذه ستكون سهلة ميسورة تبدأ في أفغانستان ثم في العراق وتنتهي لتشمل المنطقة في سنوات قليلة، ولكنها تفاجأت بأنها قد جعلت المارد الإسلامي يصحو أكثر وأن عملية المنازعة تشتد وتتحول فيها أميركا من الهجوم إلى الدفاع، وأصبحت المنطقة أمام مشروعين لا مشروع واحد: «مشروع الشرق الأوسط الكبير»، و«مشروع الخلافة الراشدة» الذي أقر به بوش وذكر في أكثر من خطاب له أنه مشروع يمتد من «إندونيسيا إلى إسبانيا» والذي أقر به ساركوزي في أول خطاب له في 27/8 وذكر أنه يمتد من «إندونيسيا إلى نيجيريا» وعن كونها خلافة راشدة فقد ذكر زلماي خليل زاد مندوب الولايات المتحدة في الأمم المتحدة في حديث له إلى صحيفة «ذي بريسه» النسماوية في 27/8 أن «البعض يريد العودة إلى القرنين السادس والسابع الميلاديين إلى وقت النبي محمد». وعن فترة المنازعة التي سماها «مرحلة انتقالية» قال إنها «صعبة للغاية… والأمر قد يتطلب عقوداً» وعن نتيجة هذا الصراع فقد حسمه لمصلحة أميركا والغرب حين قال: «إن العالم الإسلامي سينضم في نهاية المطاف إلى التيار السائد» أما نحن في مقابله فإننا نحسم النتيجة لمصلحة الإسلام والمسلمين مصداقاً لقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «… ثم تكون خلافة على منهاج النبوة…» ونقول لبوش وساركوزي إن الخلافة الراشدة الثانية ستقوم قريباً بإذن الله وستعم العالم، وإن من يعِش يرَ.

إن الغرب يعتبر الصراع الحالي مع الإسلام «صراع أفكار» وخطته لمواجهة الإسلام التغييري هذا الذي يريد أن يعود بالأمة إلى مثل عصر الخلفاء الراشدين تقوم على «تشجيع قوى الاعتدال والحداثة ومساعدتها في كل بلد مسلم من أجل الوصول إلى إسلام معتدل ومتسامح يقبل بالتنوع ويعتبره» كما جاء في خطاب ساركوزي في 27/8، و«ببناء ودعم شبكات الإسلاميين المعتدلين واعتبارهم حائط الدفاع الأول في مواجهة انتشار التطرف والتشدد» كما جاء في أحدث دراسة لمؤسسة “راند” الأميركية، والتي اعتُبرت خارطة طريق يمكن للولايات المتحدة السير عليها من أجل مواجهة التيارات الأصولية. إذاً هم يريدون أن يستخدموا المسلمين الذين يسمونهم معتدلين من أجل منع إقامة الخلافة الإسلامية، والمعتدلون في نظرهم هم الذين يقبلون بالديمقراطية وينخرطون في الانتخابات النيابية، ويقبلون المشاركة في الأنظمة التي تحكم بدستور وضعي لا إلهي، فالقبول بالديمقراطية عندهم يعني رفض فكرة الدولة الإسلامية، وأحد أهم الفروق التي تميز الإسلاميين المعتدلين عن الراديكاليين عندهم هو الموقف من تطبيق الشريعة إذ «التفسيرات التقليدية للشريعة لا تتناسب مع مبادئ الديمقراطية» كما يقولون.

ولكن هل يعقل أن يقبل أحد من المسلمين الذين يعتبرون أنفسهم من الدعاة لدين الله، ومن العلماء، ومن الحركات الإسلامية، أن يكون مع أميركا ومع الغرب في هذا المسعى، ويعمل على منع عودة الخلافة الراشدة، ويقف في صف من يشوه صورة الإسلام ويكيد للمسلمين، في صف من هاجموا الرسول وأهانوا القرآن وساموا المسلمين مختلف أنواع التعذيب والنكاية في الدين، وهدموا المساجد ودنسوها، وأعلنوها حرباً صليبية؟!…

للأسف، نعم. هناك من يقبل ويعرض نفسه لسخط الله في الدنيا والآخرة، فالغرب يمسك بمركز القرار في بلاد المسلمين بواسطة حكام عملاء له وخونة لأمتهم، وهؤلاء يتصرفون تصرف العبد مع سيده، ويسيرون معه في مخططاته دون تردد خاصة إذا كان ما يطلبه منهم يشاركونه الهم فيه، وهؤلاء الحكام عن طريقهم يتم تسخير ضعاف النفوس ممن يسمون بعلماء المسلمين الذين يضفي عليهم ألقاب المفتي العام أو المفتي الأكبر… فهؤلاء والذين هم أدنى منهم من العلماء الرسميين ممن قبلوا أن يخضعوا لشروطه وينفذوا أوامره مقابل هذه الألقاب الفارغة والمناصب التافهة… فهؤلاء إن أمرهم بتطوير الخطاب الديني طوروه ولو جاء ليحقق للغرب أهدافه ويصادم تعاليم الإسلام، وإن أمرهم بالإفتاء بجواز الصلح مع يهود أجازوه وإن كان هؤلاء أكثر أعداء الله نيلاً من المسلمين ودينهم، وإن طلب إليهم أن يفتوا بجواز الاستعانة بالكافر أفتوا ولو كان في هذه الاستعانة احتلال لبلاد المسلمين ونهب لثرواتهم وكيد لدينهم، وإن طلب منهم فتح باب الصراع المذهبي أو الطائفي فتحوه، وإن طلب إقفاله أقفلوه… بالخلاصة فإن أمثال هؤلاء العلماء الرسميين الموظفين يقولون ما يقوله لهم الحاكم كما يقول الببغاء، ثم يغلفون ما يطلبه منهم الحاكم بقشرة شرعية ليبدو ظاهرها شرعياً ولبها ليس إلا ما طلبه الغرب بالأصل، وهكذا أصبح مع هؤلاء الربا جائزاً، والحكم بغير ما أنزل الله جائزاً، وزواج المسلمة من غير المسلم جائزاً… وكذلك نجد أن كثيراً من الحركات الإسلامية التي غلبها الواقع، وبنت أصولها الفكرية على قواعد عقلية غربية متأثرة بالحضارة الغربية تجعلهم ينظرون إلى حل مشاكلهم على نفس طريقة الغرب، فشرعوا يقولون بقوله في الديمقراطية والحريات واعتبار المصلحة المادية التي يحددها العقل مصلحة شرعية… وهؤلاء هم الذين ذكرتهم الدراسة التي قدمتها مؤسسة “راند” الأميركية… وهناك دعاة اشتهروا عن طريق الفضائيات، وكان القصد من إشهارهم وفتح باب الفضائيات أمامهم التأثير على المسلمين وأخذ قيادتهم وإبعاد تأثير الحركات التغييرية والعلماء المخلصين في الأمة عنهم… وهؤلاء تركز دروسهم ومحاضراتهم على كل ما يهم المسلم من الأحكام الشرعية الفردية من صلاة وصيام وصدقة ونسك ودعاء واستغفار وتوبة… وتضرب صفحاً عن كل الأحكام الشرعية المتعلقة بالأمة وبجماعة المسلمين، وكأنها لا تعنيهم، وكل هذا يعرض في إطار وكأن هناك فصلاً للدين عن الحياة: المسلمون لهم أحكامهم الفردية فقط يستحقون الفوز بالجنة والنجاة من النار إن هم أقاموها في حياتهم. أما سائر الأحكام المتعلقة بالأمة الإسلامية وبجماعة المسلمين وبإقامة الدين وتحقيق أهدافه الكبرى فكأنها نسخت على أيدي علماء الشاشات والفضائيات هؤلاء…

وهناك خطباء المساجد الموظفون المربوطون بدوائر الأوقاف الرسمية الذين تُكتب لهم الخطب ويُراقب إلقاؤها… وهناك وهناك…

هؤلاء وأمثالهم يقفون في وجه الدعوة إلى إقامة الخلافة الراشدة، ويقفون في صف من يحارب دين الله ويقصي شرعه عن الحكم… لذلك يجد الغرب الكثير ممن يستفيد منهم في صراعه المحتدم مع الإسلام، وبما أنه قد يوجد من بين هؤلاء من لم ينتبه أنه يقف في الصف الآخر المعادي؛ لذلك نتوجه إليهم بالنصيحة التي تنجيهم إن أخذوا بها وترديهم إن تركوها؛ لأنه لا عذر لجاهل أو متجاهل فنقول: إن الصراع بين الحق والباطل، بين الكفر والإيمان باق على الدهر، وإن الله سبحانه لم يشأن أن يتوقف هذا الصراع منذ آدم عليه السلام حتى تقوم الساعة، وأنه سبحانه ندب له الخلفاء ليقودوه بعد أن ختمت الرسالات بمسك ختامها بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، ففوا ببيعة الأول فالأول، فإن الله سائلهم عما استرعاهم». فإذا كنتم أيها العلماء ورثة الأنبياء بحق، فما هكذا يقام بحق هذا الإرث. فمن يفتِ لأميركا وللغرب وللحكام ما يريدون فإنهم يتجرأون على دين الله جرأة ما بعدها جرأة، ومن يبلغ بعض الكتاب ويكتم بعضه فأولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا، ومن يشترِ بآيات الله ثمناً قليلاً فأولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار… فعليكم بالتوبة مما تفعلون وإلا فإن إثم ما تفعلونه وإثم من يسمع لكم وتصرفونه عن فهم الإسلام كاملاً سيحيق بكم من غير أن ينقص من آثامهم شيئاً.

هل يعقل أن يقول الغرب أن العلاقة بينه وبين المسلمين هي علاقة صراع وبعضهم يقول صدام، ويصرحون بذلك ويعدون الدراسات ويضعون الخطط لمواجهة المسلمين وأنتم تقنعون المسلمين بعكسه…إنكم بدعوتكم هذه تسلمون المسلمين لأعدائهم… إنكم يجب أن تعلموا المسلمين أن هناك فسطاطين كما يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): إما فسطاط الحق وإما فسطاط الكفر ولا ثالث لهما. إننا لا نتكلم في أمور نظرية فكرية بحتة. ألا تنظرون إلى الواقع؟! ماذا تفعل أميركا ومعها بعض دول أوروبا وروسيا والهند في العراق، وأفغانستان، والسودان، والصومال، والشيشان، وكشمير…؟! إن حجة الله عليكم قائمة وغضبه عليكم حال عليكم إذا لم تبادروا إلى التخلي عما أنتم فيه من الوقوف في الجانب الآخر.

ثم ألا تعلمون بحق الله عليكم فيدعوة الحكام الذين تأتمرون بأمرهم بالباطل، في دعوتهم إلى الحق حق الله عليهم في أن يحكموا بالإسلام، وأن يكون للمسلمين خليفة واحد يجمع المسلمين على طاعة الله يحكمهم بالكتاب والسنة… ألا تعلمون أنهم حكام عملاء خونة، وضعوا حكم الله جانباً وراحوا يحكمون بما أراد أسيادهم من حكام الغرب أن يحكموا به وأن يكونوا في صفهم، وأن يضلوا المسلمين ويوقعوا بهم كل ألوان الفقر والذل والإضلال…

أما المسلمون الذين تبقى فيهم خيرية الإيمان بالله فإن عليهم أن يعطوا قيادهم لمن يعرض عليهم الإسلام كاملاً، لمن يقدمه لهم مشروع حل وخلاص لهم في الدنيا والآخرة، عليهم أن لا يقبلوا أن يقودهم أعداءهم بالواسطة، ثم ألا يرى المسلمون أن أمثال هؤلاء العلماء لا تؤدي تعاليمهم إلى تغيير الواقع تغييراً جذرياً. بل تكرس الواقع السيئ الذي لن يحفظ عليهم دينهم ودنياهم، ولن يغير لهم الأوضاع بشكل يجعل حياتهم كلها قائمة على طاعة الله، ولن يوجد الدولة الإسلامية التي يعيش فيها المسلمون عيشاً إسلامياً وتقام فيها كل أحكام الإسلام… تماماً كما كان الأمر زمن النبوة، زمن الخلفاء الراشدين.

أيّها المسلمون
إننا ندعوكم إلى أفضل العمل، وما لم تستجيبوا له فلن تتغير أوضاعكم، بل ستزداد سوءاً كما هو حاصل اليوم، وهل تتصورون تغييراً جذرياً مع بقاء هؤلاء الحكام على رقابكم، ومع تبعية بعض هؤلاء العلماء لهم، أو سكوت بعضهم عن هذه الأوضاع وعن الإشارة إليها.

أيّها المسلمون
إن ما يزعج بوش وساركوزي وبوتين وبلير… هو إسلام الحكم والخلافة لا إسلام الصلاة والصيام والصدقة والنسك؛ لذلك ندعوكم إلى احتضان العمل التغييري الذي إن قام وجد الإسلام كله ولدى جميع المسلمين، وقام حكم الإسلام كله، قام حكم إقامة الصلاة بما فيه حكم تارك الصلاة، وحكم إقامة الصوم بما فيه حكم تاركه، وحكم إقامة الزكاة بما فيه حكم تاركها، وهكذا سائر الأحكام إلى غيرها من الأحكام التي تطبق كأحكام تشريعية لا كأحكام مواعظ وإرشادات، كأحكام يلتزم بها جميع المسلمين لا كأحكام يلتزم فيها بعضهم ببعضها وكما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لبني شيبان: «إنه لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه» قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) [البقرة 208] أي في الإسلام كله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *