العدد 244 -

العدد 244- السنة الواحدة والعشرون، جمادى الاولى 1428هـ، حزيران 2007م

مع القرآن الكريم: الآثار الأخروية للحكم بما أنزل الله (2)

مع القرآن الكريم:

الآثار الأخروية للحكم بما أنزل الله (2)

 

3- علو المنـزلة ومعية التكريم:

سمى الله التحاكم إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (طاعة) وجعل عاقبتها معية كريمة سامية مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في الجنة فقال سبحانه بعد قوله: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ ) [النساء 65]… ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا @ ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ) [النساء 69-70].

والمعنى: أن كل من يطيع الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتحاكم إليهما على الوجه المبيّن في الآيات من قوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء 59] إلى قوله: ( وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) [النساء 68] فله أحسن العاقبة في صحبة عالية ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ) [النساء 69] فسياق الآيات كلها في التحاكم إلى الله والرسول قولاً وعملاً، وحُق لمن أقام هذا التحاكم على ما يريد الله، أن يرقى صعداً في سلم المقتدى بهم في الحياة الدنيا ويسمو عالياً في صحبتهم في الحياة الآخرة، فالنبيون والصديقون والشهداء والصالحون هم صفوة الله في عباده، لأنهم خير من أطاع الله ووحَّده وأقام شريعته وعبده، فمن حذا حذوهم حُشر معهم، ونال صحبتهم، وما أعظم صحبتهم، وما أحسن رفقتهم ( وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) [النساء 69] وطريق هذه الصحبة مفتوح لكل من حمل زاداً من الطاعة والامتثال لله والرسول.

ورد في سبب نزول تلك الآية، عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: «يا رسول الله، إنك لأحب إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإني إذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة خشيت ألا أراك، فلم يرد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى نزل جبريل بهذه الآية: ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) [النساء 69]…» «إنها اللمسة التي تستجيش مشاعر كل قلب فيه ذرة من خير، وفيه بذرة من صلاح، وفيه أثارة من التطلع إلى مقام كريم في صحبة كريمة، في جوار الله الكريم. وهذه الصحبة لهذا الصراط العلوي، إنما هي من فضل الله، فما يبلغ إنسان بعمله وحده وطاعته وحدها أن ينالها، إنما هو الفضل الواسع الغامر الفائض العميم» ( ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ) [النساء 70].

[يتبع]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *