العدد 242 -

العدد 242، السنة الواحدة والعشرون، ربيع الأول 1428هـ، الموافق نيسان 2007م

الثقة بوعد الله

الثقة بوعد الله

 

جاء الإسلام بأفكاره ليكوِّنَ لدى المسلمين مفاهيم تضبط سلوكهم في هذه الحياة الدنيا، ليأخذوا كل فكر قانوناً يضبطوا به سلوكهم وتصرفاتهم فتظهر فيه الناحية العملية، ولم يجئ ليكون معلومات فقط؛ لأنه بهذا الشكل يفقد الناحية العملية ويصير معارف كمعارف التاريخ والجغرافيا؛ فيفقد بذلك حرارة الحياة الموجودة فيه، ولا يُصبح إسلاماً بحتاً وإنما معارف يندفع للإحاطة بها، وينقب عنها المسلم ويهتم بها كمعلومات وكلذة علمية دون أن يخطر بباله أن يتخذها ضوابط لسلوكه في الحياة، يقول أبو الدرداء (رضي الله عنه): «أخوف ما أخاف إذا وقفت بين يدي الله أن يقول قد علمت فماذا عملت؟ »، ويقول عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): «لا يغررك قارئ القرآن، ولكن انظر هل يعمل به».

لقد حرص الإسلام على تكوين الشخصية الإسلامية بالعقيدة الإسلامية، فبها تتكون عقليته التي تفكر على أساس الإسلام، أي تجعل الإسلام وحده المقياس العام للأفكار عن الحياة. وبها تتكون نفسيته التي تجعل ميولها كلها على أساس الإسلام، أي تجعل الإسلام وحده المقياس العام للإشباعات جميعها.

 إن الكفر وأعوانه في مشارق الأرض ومغاربها بجميع مذاهبهم ونحلهم يمكرون بالإسلام وأهله ليل نهار، سراً وعلانية، وهم لا يهدأ لهم بال ولا تنام لهم عين، حتى يطفئوا نور الله سبحانه وتعالى، وهم يعملون جاهدين للحيلولة دون إقامة دولة الخلافة؛ لأن بها سيكون زوال ملكهم وسلطانهم، وهدم عروشهم وممالكهم، وزوال أفكارهم البالية ومعتقداتهم الفاسدة الباطلة.

هذه حال الكفر وأهله، فكيف يمكن مواجهة هذا الكيد العظيم والبلاء المبين؟

إن النهضة التي نريدها ونبتغيها، واستئناف الحياة الإسلامية التي نرجوها ونسعى لها، تلزم منا كفاحاً مريراً بسلاح العقيدة، وتلزم منا التصدي للكفر وأعوانه من الحكام الرويبضات، والمضبوعين بثقافته وحضارته، ولا بد لها أيضاً من نفسيات فذة راقية ونفوس عزيزة زاكية، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتقوية الصلة بالله، واستمداد العون منه، والتوكل عليه حق توكله، وجعل نوال رضوان الله المثل الأعلى في هذه الحياة، وكان لا بد من إحياء النفوس بتقوى الله وطاعته، وبالخوف من عذابه والطمع في جنته، وما أحوج المسلمين اليوم إلى طاعة الله والاستقامة على دينه، فإنهم إن فعلوا ذلك هانت الدنيا في أعينهم، وصغر شأن الكفار من أمامهم، واستسهلوا الصعب، واحتملوا العذاب والصد عن سبيل الله، واستهانوا بوعيد الكفار لوعد الله، ورأوا النصر آتياً لا ريب فيه، وتمثل أمام أعينهم، وملأ عليهم نفوسهم وعقولهم قوله سبحانه وتعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد 7] وقوله: ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ) [آل عمران 160] ولا سبيل لذلك إلا بالثقة بوعد الله عز وجل.

إن الثقة بوعد الله سبحانه وتعالى من الأسس التي يجب على المسلمين أن يؤمنوا بها إيماناً راسخاً لا يشوبه ريب، ولا يخالطه شك. قال تعالى: ( فَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ) [البقرة 26] أما عدم الثقة بوعد الله عزل وجل، أو مجرد الشك في ذلك، إنما هو من صفات الكفار والمنافقين والذين في قلوبهم مرض، قال سبحانه وتعالى: ( وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا ) [البقرة 26].

وهنا يأتي دور حامل الدعوة المدرك لحقيقة الإسلام، الواعي على أفكاره ومفاهيمه، الواثق بوعد الله سبحانه وتعالى، وبحتمية نصر الله للإسلام ولحملة دعوة الإسلام. يأتي دورهم بإحياء العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين، وإزالة الأتربة عنها، وإعادة ثقتهم بالله وبوعد الله سبحانه وتعالى… والآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة التي تعالج هذه الناحية كثيرة جداً، والذي يتابع آيات القرءان الكريم يجدها قد أكدت على أنَّ وعد الله آتٍ لا ريب فيه، وأن النصر حليف المؤمنين إن هم استمسكوا بالعروة الوثقى، ونصروا الله، وقاموا على حدوده. قال تعالى: ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) [الروم 47] وأكدت كذلك على أن مع العسر يسراً، وأن الله غالب على أمره، وأن الله مظهر الإسلام على الدين كله ولو كره الكافرون. يقول سبحانه وتعالى: ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ) [الروم 60] ويقول: ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) [البقرة 214] والمؤمنون واثقون بوعد الله سبحانه وتعالى، وهذه الثقة تملأ عليهم نفوسهم وقلوبهم وعقولهم. فمهما ابتلوا، ومهما اختبروا، ومهما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فهم واثقون مطمئنون لوعد الله…

أما الكفار والمنافقون والذين في قلوبهم مرض وضعيفو الإيمان فإن حقيقتهم تتجلى عند أول عثرة، ولعل أبرز ما يوضّح ذلك ما بيّنه القرآن في سورة الأحزاب لذلك الموقفين المختلفين المتباينين. الموقف الأول أظهرته هذه الآية الكريمة: ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) [الأحزاب 22]. وموقف المنافقين الذي أظهرته وفضحته هذه الآية الكريمة ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ) [الأحزاب 12] المؤمنون يصدقون الله ورسوله، ويزيدهم ذلك الموقف إيماناً على إيمانهم، والمنافقون يكذبون الله ورسوله، لذا فقد تحدد موقف المؤمنين وهو موقف متميز بالثقة المطلقة بوعد الله، وهو موقف لا يتزعزع ولا يضطرب وإلا كان هناك شك في الإيمان…

ويؤكد الله سبحانه وتعالى نصره لدينه ولعباده المؤمنين رغم كل محاولات الكفار وأعوانهم للنيل من المسلمين وإطفاء نور الإسلام فيقول: ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) [التوبة 32-33] ويقول جل من قائل: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [النور 55].

وقد وعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنصر والفرج مرات كثيرة، وفي مناسبات عديدة، فهذا بلال يُسحب على رمضاء مكة الملتهبة، وتوضع على صدره الصخرة الكبيرة، وهذا ياسر وزوجته سمية وابنهما عمار تُشوى جلودهم بالسياط وبشتى أنواع العذاب، وهذا عثمان بن عفان يلفه عمه في حصير ويدخن عليه، ومصعب تحبسه أمه مقيَّداً في بيتهما، والمسلمون يفتنون في دينهم، ويُضيَّق عليهم في حياتهم وأرزاقهم، وخباب كانت أم أنمار مولاته تسخن الحديد وتضعه على رأسه فيغلي منه يافوخه، فيأتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شاكياً: يا رسول الله ألا تدعو لنا ألا تستنصر لنا. فيغضب رسول الله عليه الصلاة والسلام ويجيبه إجابة الواثق بوعد ربه: «والله ليتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم قوم تستعجلون». وسئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أي المدينتين تفتح أولاً أقسطنطينية أم رومية؟ فقال: مدينة هرقل تفتح أولاً» يعني القسطنطينية (مسند الإمام أحمد وسنن الدارمي). وقد فتحت بعد حوالى ثمانية قرون ونصف، وكان نعم الأمير أميرها، ونعم الجيش جيشها، كما أخبر عليه الصلاة والسلام. وسوف تفتح روما بإذن الله مصداقاً لوعده عليه الصلاة والسلام وهي معقل الصليبية في العالم ليظهر الإسلام على جميع الأديان، وليبلغ ملك الإسلام كل مكان في الدنيا، وهذا وعد آخر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها» (صحيح مسلم)، وقال عليه الصلاة والسلام: «بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض، فمن عَمِلَ منهم عَمَلَ الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب» (مسند أحمد) وقال: «تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم تغزون فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله» (صحيح مسلم)… هذه وعود من الله سبحانه وتعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فماذا كان مصيرها؟

لقد تحقق وعد الله ووعد رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقامت دولة الإسلام، وهزمت قريش، وظهر الإسلام، وأمحى الشرك من أرض الجزيرة العربية، وتقوض بنيان يهود، وغاب ملك فارس والروم عن الوجود، وفتحت القسطنطينية، وخفقت راية العقاب فوق أكثر بقاع الأرض، وكانت الدولة الإسلامية هي الدولة الأولى في العالم مدة ثلاثة عشر قرناً، وظلت كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.

وفي قصص الأنبياء في القرآن الكريم، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، آيات مفصلات بتحقيق وعد الله لهم وتمكينهم في الأرض، وحقائق ثابتة راسخة بثقتهم بإنجاز وعده لهم، ونصره إياهم رغم الاستهزاء والسخرية والتكذيب والأوضاع الصعبة التي كانوا عليها والتي سردها القرآن الكريم ليثبت بها نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبالتالي ليثبت بها حملة الدعوة على القيام بأعباء الدعوة، وبتحقق وعد الله لهم. قال تعالى: ( وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) [هود 120].

فهذه قصة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام دليل على حدوث وعد الله، وعلى ثقة موسى عليه السلام بوعد الله. قال تعالى في سورة الشعراء مخاطباً موسى وهارون: ( فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) [الشعراء 16-17]، وتكرر هذا الأمر في آية أخرى من نفس السورة: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ) [الشعراء 52] فأيقن موسى أن خروج بني إسرائيل من مصر ونجاتهم من فرعون كائن لا محالة لا يشك في وقوعه وحصوله، ولهذا لما وصل أصحاب موسى إلى شاطئ البحر ورأوا جيش فرعون يتعقبهم شكوا في الوعد الإلهي ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) [الشعراء 61] لكن نبي الله موسى لم يشكَّ، ولم يجعل الحالة الصعبة التي كانوا عليها تؤثر في إيمانه بوقوع وعد الله، وإنما أجابهم إجابة الواثق بوعد ربه له وبالنجاة والخ من فرعون ( قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) [الشعراء 62] إنهم على شاطئ البحر لا يملكون السفن لاجتيازه، وجيش فرعون الذي لا قبل لهم به على مرأى من أعينهم، لكن ظل الإيمان إيماناً واليقين يقيناً رغم أن موسى عليه السلام لم يقف آنذاك على كيفية حصول النجاة، ولا رأى أمامه أية وسيلة للنجاة، ومع ذلك بقي على يقينه بالنجاة فقال: ( كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) وهنا ينجز الله وعده لنبيه بالنصر والنجاة من حيث لم يكن يعلم ولا يحتسب ( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ) [الشعراء 63-66].

وهذا نوح عليه السلام وهو في وسط الصحراء يعمل بأمر ربه ويصنع الفلك وهو على يقين بالنجاة ( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ) [هود 37] فيراه قومه وهو على حاله هذه يصنع السفينة في وسط الصحراء! فيسخرون منه ويستهزئون به ( وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ) [هود 38] ولكن هيهات هيهات أن يفتوا من عضده وهو الواثق بوعد الله له، المتيقن من الغلبة والنجاة ( قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ) [هود 38-39] ولا يمضي وقت بعيد حتى ينجز الله وعده لنبيه والذين آمنوا معه، فينجيهم في السفينة ويغرق الكافرين ( وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ) [الصافات76-77].

إن الإيمان بوعد الله بالنصر، والإيمان بالاستخلاف في الأرض، والإيمان بتحقق الأمن والأمان، والإيمان بالغلبة على الكفار وأعوانهم، وعلى المعاندين، والمتكبرين، والظلاميين، والعلمانيين… حقيقة يجب أن تكون راسخة عند حامل الدعوة، وبديهية حتى ولو لم يحس بها أو يشاهد مقدماتها، إذ يكفي حامل الدعوة أن يقف على وعد الله سبحانه بالنصر ليعتبر هذا النصر حقيقة لا بد من وقوعها.

إن الله سبحانه وتعالى الذي أنجز وعوده لرسله عليهم الصلاة والسلام سوف ينجز لنا وعده بالنصر والتمكين في الأرض والسيادة على جميع الأمم، والعزة للإسلام… ووعود رسوله عليه الصلاة والسلام التي حققها الله للمؤمنين كما سبق وبيّنا ولو بعد حين، يجب أن نكون على ثقة بتحقق الوعود التي مازالت في علم الغيب؛ فالنصر آت، والعزة آتية، والدولة الإسلامية التي سيعز الله سبحانه وتعالى بها الإسلام وأهله ويذل الكفر وأهله بإذن الله لابد قائمة من جديد، كما أخبر الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه بذلك حيث قال عن هذا الزمان فيما رواه أحمد: «… ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت».

وسينتصر المسلمون على يهود ثانية ويظهرون عليهم قال تعالى: ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ) [الإسراء 7] ووعد الرسول الكريم بذلك فقال: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود». (صحيح مسلم). وستفتح روما كما فتحت القسطنطينية قبلها.

وحملة الدعوة يجب أن يكونوا على يقين بذلك كله؛ لأن هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، قال تعالى: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ) [غافر 51].

أبو دجانة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *