العدد 199 -

السنة السابعة عشرة – شعبان 1424هـ – تشرين الأول 2003م

كلمة أخيرة الحرب الإعلامية على أشُدّها

كلمة أخيرة

الحرب الإعلامية على أشُدّها

فضائيات ناطقة بالعربية تدخل حالة حرب إعلامية مع أميركا، فتبادل أميركا بردّ الصاع صاعين، فتعتقل مراسلين ومصوّرين، وتكلّف دولاً تابعةً لها، بالملاحقة لبعض المراسلين بتهمة الانتماء للقاعدة، وتمتد ساحة الصراع من الفلّوجة إلى إسبانيا، ومن جبال تورا بورا إلى شاشات التلفزة العربية، الكل يشحذ سكّينه، ويتقدم. ومن الأسلحة المستعملة في المعركة الإعلامية، سلاح الأشرطة المعدّة سلفاً بالصورة والصوت أحياناً، او بالصوت فقط أحياناً أخرى.

ومن اللافت، إن تسجيل الشريط يكون في زمنٍ يبعد كثيراً عن زمان بثّه، مما يؤكد أن تلك الوسيلة الإعلامية هي التي تختار الزمان، فقد يتجمع لديها عدة أشرطة، ويمرّ عليها زمن وهي في حوزتها، لكنها تختار الوقت المناسب لبثها لأنها جزءٌ من المعركة الإعلامية الطاحنة التي تخوضها الأطراف. في هذه المنازلة التي أصبح فيها الشريط المتلفز سلاحاً فتاكاً، وإذا ما تمّ بثّه يُردّ على ذلك باعتقال أحد المراسلين، أو العكس، قد يعتقل أحدهم، فيردُّ بكشف أشرطة تثير الآخرين وتظهر عجزهم.

كما أن نبش حادث 11 أيلول، وأسبابه، ومسبّباته، وتداعياته أصبحت من ضمن أسلحة المعركة المحتدمة، وسوف تبقى إلى أمدٍ غير معروف، ولو أن أحدهم عَطَس في مكان ما من الكرة الأرضية، لقيل إنه مصاب بغبار انهيار البرجين في نيويورك، لقد أصبحت المعركة بين أميركا وخصومها تحمل طابعاً هزلياً، يختلط فيه الكذب مع الفجور، مع النفاق، مع البلطجة، مع قلّة الحياء، مع السخرية بعقول الناس، وغاب عن المشهد الصدق، والحقيقة، والاحترام، والنزاهة، والعقلانية، فكأنك في سوق عكاظ سياسية وإعلامية، أو في بازار سياسي رخيص كثُرت فيه الأقنعة والمقنَّعين، ومعظمهم من حكامنا وأدواتهم وصنعائهم، ممن قبلوا أن يكونوا مطية لهذه اللعبة القذرة، التي تشمئز منها نفوس المؤمنين الطاهرين. صحيح أن أميركا عدو، وأن أعمالها قذرة في جميع أنحاء العالم، لكن هناك بعض وسائل الإعلام لا تقلّ قذارةً عن الإعلام الأميركي، لكنها تستعمل كلمة الحق التي يُراد بها الباطل، فتتاجر بالكلمة والصورة على حساب القضايا المصيرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *