العدد 196 -

السنة السابعة عشرة – جمادى الأولى 1424هـ – تموز 2003م

كلمة الوعي: منتدى العقبة الاقتصادي مؤتمر أميركي لاستعمار المنطقة اقتصادياً

افتتح في الأردن، في منطقة الشونة، على البحر الميت، مؤتمر قمة «المنتدى الاقتصادي العالمي» في 21 و22 و23 حزيران، وتمثّل المؤتمر بحضور 1100 شخصية عربية ودولية من 65 دولة، وحضرته كبرى الشركات الدولية في عالم النفط والاقتصاد والتجارة والقطاعات المالية.

  لقد تمّ اختيار الأردن مكاناً لانعقاده لموقعه الذي يشكل صلة وصل بين الدول العربية وإسرائيل، ولطبيعة نظامه المؤهل لأن يلعب دوراً بارزاً في إدخال إسرائيل في شراكة اقتصادية مع دول المنطقة، وإلى إدماجها في المجتمع الشرق أوسطي.

  ويعقد هذا المؤتمر بعد شهرين تقريباً من انتهاء الحرب على العراق. وقد بدا واضحاً أن هذا المؤتمر أميركي في كل تفاصيله وأهدافه. ويدخل تحت عنوان صياغة المنطقة أميركياً كما صرّح بذلك كولن باول سابقاً. وقد كشف باول عن وجود خطط لصياغة المنطقة من جديد خلال عقد من الزمن. ووضح ذلك زوليك المندوب التجاري الأميركي عندما قال: «إن خريطة طريق منطقة الشرق الأوسط للتجارة الحرة تمهّد لربط منطقة الشرق الأوسط تجارياً واقتصادياً بالولايات المتحدة». وقدّم زوليك هذا رؤية متكاملة لما تريد واشنطن القيام به لدمج الشرق الأوسط في رابطة تجارية مباشرة مع السوق الأميركية. كذلك ربط بين إقامة السلام بين الفلسطينيين واليهود وبين تقديم المساعدات.. من أجل مساعدة البلدان على إقامة مجتمعات مستقرة مزدهرة.

  وقد مثّل العراق حاكمه الأميركي بريمر. وشارك في المؤتمر وزير خارجية الكيان اليهودي شالوم، وزعيم حزب العمل الموقت بيريز ترافقهما مجموعة كبيرة من رجال الأعمال والمسؤولين اليهود وجلسوا جنباً إلى جنب مع مشاركين عرب.

  إن أميركا تسعى إلى جني ما اكتسبته في حربها على العراق. ليس في العراق فحسب، بل في المنطقة ككل، عن طريق وضع المنطقة كلها تحت الإشراف الأميركي المباشر. وقد وضّح ذلك باول حين أطلق مبادرته للشراكة مع دول الشرق الأوسط التي طرحها في كانون اول من العام الماضي. وذكر أنها تقوم على ثلاثة أعمدة: اقتصادي وسياسي وتعليمي. حيث أن هذه المبادرة تسعى إلى صياغة أنظمة سياسية تسير مع سياساتها وصياغة مناهج تعليم تساهم في نشر المفاهيم والقيم الغربية وتعمل على ترويج عادات الحرية لمدى شعوب المنطقة، والانفتاح بدل الانغلاق الذي يقف وراء التطرف الديني والإرهاب الذي بات يهدد العالم بأسره بالإضافة إلى ربط المنطقة اقتصادياً بالولايات المتحدة:

  إن ما تفعله أميركا استعمار بكل معنى الكلمة. استعمار اقتصادي وسياسي وثقافي وإعلامي وعسكري تنفذه عملياً بجيشها الذي يسرح ويمرح في المنطقة، ويهدد دولها، دولةً تلو دولة.

  أما الحكام المفروضين على المسلمين، فإنهم بدل أن يقفوا في وجهها، يسارعون في إرضاء الولايات المتحدة، والسير معها في ما تدعو إليه. والسعيد منهم من دعته أميركا إلى هذا اللقاء، إنهم يسيرون مع أميركا، بالرغم من أنها تهددهم، سير الذليل الذي لا يعرف أين يضع قدمه حتى تأتيه الأوامر الأميركية.

  إنه، لو أجري استفتاء حر في أي بلد من بلاد المسلمين عن «أكره من تكره في حياتك» لاختار كل مسلم حاكمه، ومع هذا يقف حاكم الأردن ليتكلم نيابةً عن المسلمين، وعن اليهود كذلك فيقول: «إن الغالبية الساحقة من طرفي النـزاع تريد السلام، تريد العمل، تريد إرسال أطفالها إلى المدارس، تريد التخطيط للمستقبل، تلك هي الأصوات التي تستدعي الإصغاء إليها».

  إن هؤلاء الحكام يقفون في الطرف الآخر. فهم مع أميركا في الصلح مع اليهود، ومع أميركا في حربها الإسلام والمسلمين.(مشرف يمدحه بوش لأنه سلّم واشنطن 500 عنصر من القاعدة) وفي حربها على أفغانستان والعراق قدموا لها أكثر مما تريد. وعندما زار المنطقة مؤخراً انزعج أمير الكويت لأنه لم يدخل في حسابه زيارة الكويت، ولم تطب نفسه إلا عندما زارها ذلك البوش. ويستبعد ولي عهد البحرين أن تستغني الولايات المتحدة عن البحرين كقاعدة لقواتها البحرية وهو استبعاد يحمل رغبةً وتمنيّاً.

  إن هؤلاء الحكام المفروضين على المسلمين هم الذين مكّنوا ويمكّنون أميركا من المسلمين، وإنه ينتظرهم يومان أسودان: يوم من الأمة، نسأل اللَّه أن يكون قريباً، ويوم تشخص فيه الأبصار، حيث يحاسبهم على كل جرائمهم الملك القهّـار.

  إننا مطمئنون إلى ان خرائط الطرق التي تخطط لها أميركا لن تجد طريقها إلى النجاح فإذا لم يكن بسبب المسلمين المغلوبين على أمرهم من حكامهم في هذه الفترة فبسبب اليهود. فإسرائيل بقيادة شارون، أكثر حكام اليهود دموية وإرهاباً، تريد سلاماً لا تقدم أية تنازلات، تريد اقتتالاً فلسطينياً، تريد كياناً للفلسطنيين ليس لهم فيه سيادة ولا قوة، ممزّع الأوصال، لذلك هي لا تتجاوب مع خارطة الطريق وهي تعلم أن أميركا الآن لن تفرض عليها شيئاً بسبب قرب الانتخابات الأميركية وبالرغم من قول بوش إنه يريد دولة يهودية نابضة بالحياة ويريد دولة فلسطينية قادرة على الحياة، مع ما في هذين المعنيين من اختلاف؛ فإن اليهود لا يرضون… إنهم يريدون كل شيء، ولن يتنازلوا عن شيء.

  إن ساعة الحقيقة لن تدير عقاربها أميركا ولا إسرائيل، بل المسلمون وحدهم أن شاء اللَّه، بل إن الطامّةالكبرى ستقع عليهم. فعلى اليهود تقع سنة اللَّه تعالى التي لن ينفع معها سلام ولا عهود ولا صلح قال تعالى: (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب) [الأعراف/7] وإننا مطمئنون إلى جميل وعد اللَّه بالنصر والاستخلاف والتمكين وبقتال اليهود قتال جيش إسـلامي تـعـدّه دولةٌ إسـلامية تكـون خلافة على منهاج النبوة، إن شاء اللَّه، والقضاء عليهم كما أخبر بذلك الصادق المصدوق (صلى الله عليه وسلم) وعلى اللَّه قصد السبيل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *