العدد 182 -

السنة السادسة عشرة – ربيع الأول 1423هـ – أيار وحزيران 2002م

كلمة الوعـي: أميركا هي العدو… فاحذروها

قامت دولة يهود بمذابحها الأخيرة بصورة حيوانية خالية من أية مشاعر إنسانية وهذا دأبها… قامت بذلك على مرأى من الجميع فلم يمنعها إعلام مفتوح، ولم تعبأ بقانون دولي، ولا برأي عام عالمي، ولم تقم وزناً لمواقف دول العالم منها ولا للمظاهرات التي عمت العالم تدين جرائمها، ولم تشغلها المظاهرات التي قامت في بلاد المسلمين ولا موقف الأنظمة العربية الخائنة الخانعة المحرجة أمام شعوبها… بل راحت تقتل بصورة وحشية وتفرغ أحقادها بما لا يتصور… فعلى من تعتمد دولة يهود فيما قامت به؟ ومن الذي يغطي لها جرائمها بهذا الشكل السافر؟ ثم لماذا يقف القانون الدولي الذي يقولون إنه يعالج جرائم الحرب، لماذا يقف صامتاً أمام جرائم شارون وكل يهود؟ ما الذي يعطي دولة يهود كل الحصانة تجاه ذلك؟

         إنها أميركا.

         وقفت أميركا مع شارون، فأسقط في يدي العالم كله دولاً وشعوباً؛ وصمت القانون الدولي، وسكت مجلس الأمن، وظهر عجز الجميع عن فعل شيء لوقف دولة يهود عن مجازرها، وتحول الإعلام المفتوح إلى زوبعة في فنجان… وقفت أميركا إلى جانب دولة يهود وباركت الجزار شارون الذي وصفه بوش بكل صلف وتحد لكل مشاعر المسلمين بأنه رجل السلام ودانت أميركا الضحية ووصفتها بالإرهاب.

         إن ما فعله شارون كان بأوامر أميركية وبتخطيط أميركي. فأميركا هي العدو الأول والمجرم الأول في كل ما يحدث، وما شارون إلا يدها التي تنفذ وتقتل وترتكب أبشع المجازر. إن أميركا هي الملامة الأولى وهي المدانة الأولى… فما بال حكام المسلمين يهرعون إلى أميركا، يستجيرون بها، ويطلبون منها أن تكون رسولها إلى يهود؟

         إن أميركا أكثر إجراماً بحق المسلمين من يهود، وأكثر عداءً لهم. فكيف يرجونها هؤلاء الحكام ويتوسلون إليها؟

         إن التشابه شديد بين إجرام أميركا وإجرام دولة يهود، في نشأتهما وفي أعمالهما السياسية.

         –  إن الذين هاجروا إلى أميركا وأسسوا دولة أميركا شعب دخيل حضروا من خارجها ولم يتورعوا عن إبادة عشرات الملايين من سكان الأرض الأصليين ومن الزنوج لكي يحلوا محلهم تماماً كما فعل اليهود ذلك الشعب الدخيل المشتت في أصقاع الأرض بسبب إفساده، حضروا إلى فلسطين وأسسوا دولتهم على جثث أهلها وارتكبوا أبشع المجازر بحقهم وقاموا بتشريدهم.

         –  ألم تقم أميركا في العقد الماضي بقتل المسلمين في العراق بمئات الآلاف واستعمال الأسلحة الممنوعة دولياً؟ ألم يضربوا حصاراً اقتصادياً ويفرضوا عقوبات اقتصادية على العراق، ما زال الأطفال بالآلاف يموتون شهرياً من جراء هذه العقوبات؟ ألم تقم أميركا العام الماضي بقتل عشرات الآلاف من المسلمين في أفغانستان بصورة لا تختلف عما تفعله (إسرائيل) اليوم؟

         ألم يقل بوش إن الحرب صليبية على المسلمين؟ ألم يصم المسلمين بأنهم إرهابيون؟ فما الذي فعلته دولة يهود ولم تفعله أميركا بحق المسلمين؟

         نعم إن ما فعلته يهود في فلسطين هذه الأيام كان بتخطيط من أميركا والمجازر التي ترتكبها بسلاح أميركي، والتغطية السياسية هي تغطية أميركية، وأميركا هي الدولة الاستعمارية الأولى في المنطقة، ولها مصالحها الحيوية فيها، والمسلمون هم الأعداء الأول لها، وقد صرح زعماؤها بذلك… فلماذا يتصرف حكام العرب والمسلمين هكذا؟ ألأنهم يجهلون ذلك؟ أم لأنهم يعتبرون أنفسهم غير مسلمين؟ وبالتالي فإن قضايا المسلمين ليست قضاياهم؟ أم أنهم خونة، جبناء، ضعفاء، هانوا على أنفسهم فهانوا على أعدائهم، فصاروا يستخدمونهم في خططهم وأصبحوا عيوناً لأعداء الأمة خصوماً لها.

         إن الرجوع إلى أميركا لتحل المشكلة التي أوجدتها هي خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين وإن العودة إلى الأمم المتحدة ليكون الحل عن طريقها هو تمكين لأميركا ولليهود في المنطقة. وإن أميركا بعد أن أعلنت حربها على الإسلام، تطلب من حكام أفغانستان وباكستان مساهمتهم في ضرب المسلمين ومن حكام الفلبين مساهمتهم في ضرب المسلمين، ومن اليهود مساهمتهم في ضرب المسلمين، وستطلب من حكام العرب مجتمعين الوقوف معها ولجم شعوبهم حين تضرب العراق… إنها خطة دولية تقودها أميركا ولكل دوره فيها. ويخطئ من يظن ان حكام العرب والمسلمين غير متواطئين مع أميركا في حربها هذه على الإسلام. يخطئ من يظن أن حكام العرب والمسلمين أو عرفات وسلطته لم يكونوا على علم بما سيحدث للمسلمين في فلسطين. الكل كان يرقب أن يفرغ يهود من قتل من يطلبون، واعتقال من يريدون، حتى إن الذي كان يرفض أن يكون طريداً أو سجيناً أو أسيراً، وافق أن يطرد غيره من أهل فلسطين إلى أصقاع الدنيا إيطاليا وغير إيطاليا، وأن يُسجن غيره داخل سجون في قبضة أميركا وبريطانيا الذين أنشأوا دولة يهود وأمدوها بكل أسباب الحياة.

         هكذا تكشفت الأمور، فالحكام والسلطة وأزلامهم يستغلون دماء الشهداء الزكية مدخلاً للمفاوضات الذليلة والمؤتمرات الخاسرة، ويستغلون التضحيات العظيمة لتكون طريقاً لطرد الذين قاوموا يهود خارج ديارهم، ويستغلون صبر المحاصَرين وثباتهم ليجعلوهم سجناء تحت رحمة أميركا وبريطانيا ومن بعد يهود. أما هم الحكام والسلطة وأزلامهم فقد بقوا طلقاء حياتهم مضمونة وسلامتهم مكفولة يصرخون ويُصرِّحون ويهرعون إلى أميركا لعلها تعيد لهم من يهود حقاً ساهمت في إعطائه ليهود، وخططت هي للمجازر التي جرت وتجري في فلسطين ومع ذلك يرتمون في أحضان أميركا لا بل يرفعون شارات النصر لا يستحيون من الله ولا من عباد الله.

         أيها المسلمون:

     هذه هي أميركا، وهذه هي (إسرائيل) وهؤلاء هم حكامكم إنهم في خط واحد في طريق واحدة، فكونوا مع الله، وعلى طريق رسوله صلى الله عليه وسلم في نصرة هذا الدين. واعلموا أن لا أميركا ولا بريطانيا تعيد لكم حقاً ولن يقفوا معكم ضد يهود لا بل لن يقفوا على الحياد بينكم وبين يهود فالكفر ملة واحدة. أنظروا إلى قوله تعالى كم هو معبّر عن واقعنا الذي نعيش فيه. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين @ فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) [المائدة] فها هم اليهود، ومعهم أميركا التي أعلنتها حرباً صليبية على المسلمين، بعضهم أولياء بعض، وها هم الحكام العرب والسلطة يهرعون إلى أميركا لتوجد لهم حلاً. إن هؤلاء في قلوبهم مرض وهم منهم وليسوا منا. ولن يجنوا من موالاتهم لأميركا إلا الخزي في الدنيا والمصير المظلم في الآخرة.

         أيها الضباط المسلمون:

         لا تنسوْا أن لله عليكم حقاً يفوق كل حق، وإنكم من هذه الأمة التي تهزها الأحداث وتجرح كبرياءها فلتكن قوتكم للإسلام وقوة الإسلام بكم. وليكن نصركم للإسلام ونصر الإسلام بكم، وإلا فوالله إنكم لأشرّ من حكامكم وغضب الله عليكم سيكون كبيراً.

         أيها الضباط المسلمون:

         تعلمتم الانقياد فليكن انقيادكم لله سبحانه، وتعلمتم أن تدخلوا المعارك بخطط فخططوا لنصرة الإسلام، ونصرة العاملين للإسلام. فيكتمل وعيهم مع قوتكم في دولة إسلامية تكونون أنتم فيها كأمثال سعد بن معاذ ويكونون هم كأبي بكر الصديق أو عمر بن الخطاب، ثم تكونون فيها كخالد بن الوليد والقعقاع وصلاح الدين… ويكونون هم خلفاء راشدين في خلافة راشدة على منهاج النبوة. قال تعالى: (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) [يوسف] .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *