العدد 180 -

السنة السادسة عشرة محرم 1423هـ – آذار ونيسان 2002م

الاستعمال المفرط للعنف

          الدول الأوروبية لا تُدين العنف الذي يمارسه اليهود ضد أهل فلسطين، بل يدينون «الاستعمال المفرط للعنف»، وكأنهم يقولون لليهود: مارسوا العنف لكن لا تفرطوا في هذه الممارسة. أي اقتلوا عدداً أقل من الناس، واهدموا عدداً أقل من البيوت، واعتقلوا وعذبوا لكن باعتدال.

          أي أنهم يريدون تقنين القتل، وتقنين الهدم، والحصار ومنع سيارات الإسعاف من الوصول للجرحى. وقد لوحظ صمت محلي وعالمي عن القتل بأعداد قليلة، ولا يتحرك العتب واللوم الناعم لليهود إلا بعد أن يتجاوز أعداد الشهداء حدّاً معيناً قد يهيج الشارع في عواصم المنطقة. ولسان حالهم يقول: «نرضى بخمسة قتلى في النهار، أما أكثر من ذلك فهو فوق المعقول»!!

          ليس هذا الموقف محصوراً في الأوروبيين فحسب، وإنما هو عينه موقف حكام المنطقة وحكام العالم الإسلامي، فهم يسكتون على الأعداد القليلة للشهداء والجرحى، أما حينما يرتفع العدد فإنهم يجهرون بالحوقلة «لا حول ولا قوة إلا بالله»، أو يلجأون للولايات المتحدة يستجدونها كما قال وكرر وزير خارجية قطر.

          هذه هي مواقف الدول (الديمقراطية جداً) التي ترعى حقوق الإنسان، وتتشدق بحمايتها لإنسانية الإنسان ليل نهار وتمثل على المسلمين دور الصديق الغيور على مصالحهم. ولا ننسى موقف الأوروبيين من انفصال تيمور الشرقية والتي خلال ستة شهور تم فصلها عن إندونيسيا ونزلت القوات المتعددة الجنسيات لحماية أهلها وانعقد مجلس الأمن واتخذ قراراً بإشراف أميركا بينما القرارات تصدر في شأن فلسطين منذ عام 1948م وحتى الآن، ولم ينفذ منها شيئاً.

          ولا ننسى مواقف الدول الأوروبية في جرائم الصرب في البوسنة وألبانيا والتي حصلت ضد المسلمين في قلب أوروبا التي تدعي التحضّر، وفي ختام القرن العشرين الذي يفتخرون بأنه قرن الإشعاع الذي بدد ظلمات التخلف والهمجية، فإذا به يكشف عن عوراتهم القذرة، فينحسر قناع الزيف الذي خدعوا به ضعاف العقول .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *