العدد 173 -

السنة الخامسة عشرة جمادى الآخرة 1422هـ – أيلول 2001م

الخصـخصـةُ إفرازٌ نَتِنٌ من إفرازات النظام الرأسمالي العَفِن

          لقد كان العالم الإسلامي ولا زال محط أنظار القوى الاستعمارية العالمية، وذلك لوجود الإسلام كعقيدة ونظام للحياة، ولما يتمتع به من موقع استراتيجي مهم، ولما يحويه من ثروات كثيرة ومتعددة (النفط والغاز والمعادن والثروة السمكية…الخ).

          إن محاولات السيطرة على بلاد المسلمين قد نجحت، والنفاذ إلى ثرواتها الكثيرة والمتعددة قد أفلحت، من عدة قوى ومن عدة جهات، فالأميركيون والأوروبيون ويلحق بهم الروس لهم مطامع كثيرة وكبيرة، ولقد تصارعوا صراعاً تأجج في الحرب الباردة، إنهم استخدموا أساليب كثيرة للولوج إلى هذا البلاد الطيبة، هذه الأساليب تباينت واختلفت باختلاف ما يريد كل واحد منهم أن يحققه.

=============================================

          إن الاستعمار العسكري لم يعد مجدياً في هذا العصر ـ حسب وجهة نظر المستعمر ـ، بينما كان السمة البارزة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، حيث هدمت دولة الخلافة العثمانية، ومزقت بلاد المسلمين إلى مزق صغيرة ودويلات هزيلة، وكان لابد ان يقوم الاستعمار بحكمها والسيطرة عليها، لقد استخدم المستعمر قوة الجندي وتطور آلته العسكرية لحكم تلك الدويلات القائمة آنذاك في العالم الإسلامي.

          وضع المستعمر الأنظمة والدساتير والرايات والأعلام والأناشيد الوطنية، وصنع العملاء، وصاغ منهاج التعليم حتى لا تخرج أية عقلية إلا حسب وجهة نظره، وحتى يضمن الأجيال القادمة المبنية على هذه العقلية.

          خرجت أميركا إلى العالم بعد الحربين العالميتين، وظهرت كقوة تريد ان تسيطر على كل شيء، لقد قامت بإحياء الثورات الوطنية ضد المستعمرين القدامى، حتى تتمكن من السيطرة على البلدان وثرواتها، وبالفعل تم طرد بريطانيا وفرنسا من الكثير من المستعمرات والحلول محلها، ولكن هذا الحلول لم يكن عسكرياً ولم تستخدم أميركا القوة العسكرية (إلا في الخليج عام 1990م، لأن المصلحة الحيوية في الخليج اقتضت اتخاذ إجراء الحياة أو الموت تجاهها)، بل كان ولا يزال استعماراً سياسياً وفكرياً واقتصادياً.

          إن الغالب يفرض سياسته على المغلوب، وبالتالي فأميركا فرضت سياستها على العالم، لقد استخدمت أساليب ووسائل كثيرة للسيطرة، أهمها:

  • إحلال النظام الرأسمالي في العالم محل أي نظام آخر، وذلك عن طريق صياغة الدساتير والقوانين والثقافة والمثقفين والإعلام.

  • إلزام الدول بالديمقراطية وحقوق الإنسان واتخاذهما ركيزتين من ركائز الحملة الأميركية على العالم الإسلامي، تعطيهما المعنى الذي تريد وتستغلهما بالكيفية التي تريد.

  • صياغة منهاج التعليم، بحيث تحذف جميع الآيات والأحاديث والأفكار والأحكام التي تتحدث عن اليهود والنصارى والجهاد والقتال والجزية والخراج والفيء… وكذلك تاريخ الفتوحات الإسلامية والحروب الصليبية، وتكريس الحدود التجزئة بين المسلمين، وتمويل ذلك ودعمه بحجة تطبيق الدستور والقانون.

  • استخدام المنظمات الدولية (كهيئة الأمم وصندوق النقد الدولي ومجلس الأمن ومحكمة العدل… والمنظمات المنبثقة عن هيئة الأمم (اليونيسيف واليونسكو…الخ)، استخدامها لتحقيق مصالحها وأهدافها.

  • الاتصال بالفعاليات والقوى المؤثرة في المجتمع عن طريق سفاراتها ومراكز الدراسات والأبحاث والمعاهد الفكرية، والفعاليات هي الوسط السياسي والمثقفون ووسائل الاعلام والاحزاب والجمعيات والمنظمات المحلية… وغيرها وذلك لحمل فكرها ونظامها وتبنيه وتطبيقه.

  • ربط كل شئ في المجتمع بمراكز الأبحاث والمعاهد الفكرية التي أنشأتها وجعلتها تتدخل في كل جزئية في أي مجال من مجالات الحياة، فهذه المراكز تقوم بجمع التقارير والدراسات والابحاث واستقصاء المعلومات عن كل شيء، ويأتون إلينا باسم المرأة وصحتها وباسم التنمية البشرية والتعليم وتنظيم النسل والاقتصاد والعملة والنقد والتضخم والإصلاحات الاقتصادية والمالية ورفع الاسعار وزيادة الضرائب…الخ.

  • السيطرة التامة على كل الثروات وذلك باسم الامتيازات والإمكانيات والخبرة والاستثمار والخصخصة والشريك الاستراتيجي.

  • زرع العملاء والجواسيس في كل المجالات، فهم يصنعون العملاء إما سياسياً أو ثقافياً أو فنياً وتكنولوجياً…الخ.

  • الهيمنة العسكرية، من خلال تجارة الاسلحة، وتدريب القوى العسكرية والمناورات العسكرية والاتفاقيات الامنية ومكافحة الإرهاب…الخ.

          لقد فرض علينا الغرب أنظمته وأفكاره ووجهة نظره في كل شيء، فظهرت أفكار الخصخصة والعولمة والتجارة الحرة والسلام والتعايش السلمي والحوار بين الاديان والحضارات، والشركات المساهمة والتأمين…الخ.

          وأخذ المسلمون يحاكونه ويقلدونه في كل شيء، فكل مؤامرة تقرر عندهم تصير عندنا قانوناً نافذاً.

          لقد أراد المستعمر أن يضع يده على ثرواتنا فجاءنا بأفكار تؤهله لذلك، فوضع فكرة الامتيازات وسيطر على النفط والغاز والمعادن، وجاءت فكرة الخصخصة ليسيطر على كل شئ باسمها تارة، وتارة باسم الشريك الاستراتيجي.

          لقد اتبعنا الغرب شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخل جحر ضب لدخلناه، وللأسف الشديد فإن المضبوعين بثقافة الغرب ومفاهيمه، ينادون بما يريد بحسن نية أو بسوء نية، ولكن النتيجة واحدة، ونجد أن الكثير من الساسة عملاء له سواء وهم يدرون أو لا يدرون.

          إن فكرة الخصخصة قد عمت بلاد المسلمين، ولقد قابلها الكثير بالقبول وعدم الرفض، وهناك من وضع لها شروطاً وآخرون استغربوا كيف ترفض الفكرة لذاتها، إنما لما تسببه من مشكلات، وكل أخذ يدعو لها من وجهة نظر الغرب.

          وأنا لا أسير وراءهم في البحث، بل سأسير حسب وجهة نظر الإسلام الحنيف، سأنطلق من كتاب الله وسنة رسوله، وليس من فلسفة كينـز ولا من أقوال جان جاك روسو ولا من خزعبلات ريكاردو، ولا من نظريات (مليتون فريدمان) ولا من استشارة (فردريك هايك)، ولا من سياسة أميركا ونظرية بريطانيا ولا أهداف البنك الدولي العفن وصندوق النقد النتن وسأبدأ البحث بتعريف الخصخصة وواقعها ثم حكم الإسلام في الملكيات ثم كيف أن الخصخصة مخالفة لأحكام الإسلام وهدم للاقتصاد وتمكين للكفار وأخيراً لابد من وضع الحل الجذري لهذه المشكلة ولجميع مشاكل المسلمين.

          الخصخصة أو التخاصية كما يسميها بعضهم، أو تحرير رأس المال هي «تحويل المصانع والمؤسسات والمنشآت والمرافق الاقتصادية من ملكية الدولة أو الملكية العامة إلى الملكية الخاصة».

          وفي فلسفة كينـز عن الخصخصة: «إن الخصخصة مفهوم اقتصادي حديث ظهر من داخل المدرسة النيوكلاسيكية والتي تدعو إلى تصفية ملكية الدولة للشركات العامة التي أعاقت نهوض الدولة بمهامها الأساسية».

          وهي فكرة رأسمالية تنص على أن دور الدولة الاقتصادي ينبغي أن يقتصر على الرقابة وضبط النظام، وأنه كلما تحرر القطاع الخاص في العمل والاستثمار والاستخدام كلما زاد النمو الاقتصادي والازدهار، وتعرف هذه الفكرة «بالليبرالية الجديدة» أو النقدية، وقد ظهرت في عقد الثمانينيات، وهي من وضع المستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي (ريغان) (مليتون فريدمان) والمستشار الاقتصادي لرئيسة الوزراء البريطانية تاتشر «فردريك هايك».

          والجدير ذكره أن أول من تحدث بها وقام بتطبيقها في أول الأمر هي مارجريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا في بداية الثمانينيات حيث شمل البيع شركات مهمة في كافة قطاعات النشاط الاقتصادي: البترول، النقل، الاتصالات،…الخ، ثم تبعها بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وايطاليا وإسبانيا وكندا… وأنشأت رئيسة وزراء بريطانيا وزارة للخصخصة، ولكن الوزير المختص بالخصخصة قدم استقالته في ذلك الحين نظراً لعدم جدوى سياسة الخصخصة، بعد أن كان أول المطالبين والمدافعين عن سياسة الخصخصة وضرورة تطبيقها.

          وصلت فكرة الخصخصة والسياسة المتبعة تجاهها إلى أروقة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتبنى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ما يسمى «إعادة الهيكلة الاقتصادية» أو الخصخصة، وصارت هذه الفكرة من أفكار البنك الدولي وصندوق النقد، وأصبحت سياسة اقتصادية تُطالَب بها الدول النامية «المدينة» وتُطَالِب بها الدول الدائنة لضمان حقوقها.

          وأضحت إحدى السياسات التي ينادي بها البنك الدولي، وهي ضرورة الإصلاح الهيكلي لاقتصاد الدول. وتقول إحدى الدراسات حول الخصخصة: «إن مفهوم الخصخصة واسع، ولا ينبغي أن يبقى مفهوماً ضيقاً ولكنها تتسع لتشمل مفاهيم أخرى من أجل تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأهمها:

          1 ـ  التأجير طويل الأجل لبعض الأصول أو الأنشطة غير المستغلة (بفتح الغين) اقتصادياً.

          2 ـ  توسيع قاعدة ملكية الشركات التابعة عن طريق شراء صغار المستثمرين والعاملين أسهم هذه الشركات من خلال بورصة الأوراق المالية.

          3 ـ  تطوير الإدارة من خلال الأخذ بآليات السوق، وإطلاق المنافسة، وفتح أسواق جديدة محلياً وخارجياً والاهتمام بجودة المنتجات وتطورها.

          4 ـ  إدخال المستثمر الخارجي الأجنبي لما لديه من إمكانيات وخبرات واسعة، بحيث يكون شريكاً استراتيجياً.

          أما المبررات التي أوردها المنادون بالخصخصة فهي (إدارة المنشأة بشكل جيد، وضبط ساعات العمل والاهتمام بصيانة المنشأة، والاستخدام الأمثل للمواد، واجتذاب الخبرات الجيدة، والقضاء على التسيب المالي والإداري، وتشغيل العديد من العاطلين عن العمل، ودخول الخبرات الأجنبية لما له من فوائد على الخبرات المحلية…الخ).

          ومن فوائد الخصخصة كما يقولون «التنمية المستدامة، القضاء على الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، فتح باب المنافسة ومشاركة الجماهير في التنمية، وبدلاً من وضع الأموال في البنوك وأذون الخزانة، توضع في مشاريع تخدم الوطن والمواطن…الخ».

          ولقد تم بحث الخصخصة في اليمن، وأقر بها الجميع أحزاباً ومؤسسات ومنظمات، ووضع بعضهم شروطاً لها وهي:

  1. تقييم المشاريع والمنشآت اقتصادياً ومالياً وضمن لجان يشارك فيها الجميع.

  2. فتح فرص الاشتراك للعمال، بحيث تكون على أساس (أسهم) وتترك الباقي للشركات المحلية والعربية والأجنبية.

  3. إدخال الشريك الاستراتيجي لما لديه من إمكانيات وخبرات.

  4. إعادة النظر في الإدارة لتصبح إدارة فاعلة ومتطورة.

  5. إصدار قانون خاص بالخصخصة، بحيث يكون متكاملاً مترابطاً ويعطي كل ذي حق حقه.

  6. ربط قانون الخصخصة بالقضاء، بحيث يكون للقضاء كلمته عند التقاضي والاختلاف.

          لقد عمت موجة الخصخصة الكثير من بلاد المسلمين وليس فقط اليمن، كما يوضح التقرير التالي المقدم من جريدة الجزيرة من القاهرة:

          (قطعت الدول العربية شوطاً طويلاً في مجال الخصخصة مما يعكس تنامي هذه السياسة ضمن إطار سياسات وبرامج الإصلاح الاقتصادي وإعادة الهيكلة، ورصدت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار تطورات الخصخصة في البلدان العربية.

          حيث بدأت بالمملكة العربية السعودية: التي شكلت لجنة وزارية لمتابعة ملف الخصخصة تأسيساً على تطبيق صيغ مشاركة متعددة حيث أعلنت اللجنة عقب تشكيلها عن نيتها خصخصة شركة الاتصالات السعودية التي يبلغ رأس مالها 2,7 مليار ريال، كما سمحت للقطاع الخاص بتقديم خدمات بطاقات سابقة الدفع للهاتف والانترنت، وطلبت اللجنة من القطاع الخاص دخول مناقصات لتشغيل وإدارة القوارب القاطرة والصغيرة في 5 موانئ بقيمة 175 مليون دولار لمدة عشر سنوات، كما تم تنفيذ أول مشروع في قطاع إنتاج البتروكيماويات بقيمة 500 مليون دولار في المنطقة الشرقية، كما ستتولى شركة خاصة البناء والتشغيل والتمويل لإقامة محطة لتحلية المياه باسلوب BOT بتكلفة 80 مليون دولار، ومحطة توليد كهرباء بطاقة 10 ميجاوات، ومن جهة أخرى تم تأسيس الشركة السعودية للكهرباء تمهيداً لخصخصة هذا القطاع، كما أن الجهود مستمرة لخصخصة قطاع توزيع البريد، وكذلك تم إدخال القطاع الخاص في مجال مد خطوط السكك الحديدية، حيث قام مجموعة من رجال الأعمال السعوديين مع شركات أجنبية بتقديم دراسات جدوى للمشاركة في إنشاء مشروع سكة الحديد الذي تقدر تكاليفه بحوالي مليار ريال سعودي، وفي مجال الخطوط الجوية السعودية وقعت الحكومة السعودية عقوداً مع تجمع لعدد من البنوك وبيوت الخبرة العالمية والمستشارين الماليين والقانونيين لاعداد برنامج تخصيص الخطوط الجوية السعودية، كما وافق مجلس الوزراء السعودي على إنشاء إدارات متخصصة في الأمانات والمديريات والبلديات تتولى إدارة الاستثمارات البلدية وتطويرها، وتكليف القطاع الخاص السعودي بتحصيل الرسوم البلدية من الأفراد والشركات السعودية.

          وفي دولة قطر: اتفقت الحكومة القطرية مع مؤسسة مالية عالمية لإدارة عمليات الخصخصة فيها وطرحت للبيع العام ما نسبته 45% من حصة الحكومة في المؤسسة العامة القطرية للاتصالات بقيمة 742 مليون دولار، وتنظر الحكومة في إقامة أول محطة خاصة لتوليد الكهرباء في المنطقة الصناعية، بطاقة 150 ميجاوات ترتفع إلى 1100 ميجاوات عام 2007م حيث تبلغ حصة الشريك الأجنبي فيها 60% مقابل 40% للحكومة، ويكون البناء والتشغيل والتمويل بأسلوب BOT كما سيتم إنشاء المؤسسة القطرية العامة للكهرباء والمياه بهدف تنظيم الخصخصة في هذا القطاع.

          وفي البحرين: وافقت الحكومة على خصخصة قطاع المواصلات العامة وعلى الإسراع في تنفيذ خطط خصخصة قطاعات الكهرباء والمياه في المناطق الصناعية خاصة محطة توليد الكهرباء في المنطقة الصناعية الجديدة في منطقة الحد والمتوقع أن تبلغ طاقتها 930 ميجاوات عام 2005م، كما تتجه النية إلى خصخصة صناعة اللحوم واستيراد الماشية بتحويل عملياتها إلى شركة مشتركة بين الحكومة وبين ثلاث شركات خاصة للتوزيع برأسمال 5.3 ملايين دولار مع طرح أسهم الشركة الجديدة للجمهور.

          وبالرغم من أن الحكومة الكويتية: لم تصدر بعد التشريع المتضمن للخصخصة إلا ان قيمة برنامج الخصخصة بلغت 3.4 مليارات دولار، كما تعتزم الحكومة خصخصة شركة الصناعات البتروكيماوية وشركة الناقلات الكويتية ومحطات توزيع الوقود التابعة لشركة البترول الوطنية، كما تعتزم الحكومة خصخصة وزارة المواصلات والخطوط الجوية ومشاريع أخرى ترتبط بتوزيع المياه والكهرباء والمجاري الصحية من خطوط وكابلات بطول 140 كم بعد إجراء دراسات الجدوى اللازمة لذلك، واعتمد مجلس الوزراء الكويتي خيار مشاركة القطاع الخاص في تمويل إنشاء محطتين لتوليد الطاقة الكهربائية وانتاج المياه العذبة بتكلفة اجمالية قيمتها 780 مليون دينار كويتي (2.6 مليار دولار).

          وفي الإمارات العربية المتحدة: تم تشكيل هيئة لادارة قطاع الكهرباء والمياه تضم شركة خاصة بهدف اقامة مشاريع المياه والكهرباء الخاصة في المستقبل ومن هذه المشاريع مشروع طويلة 21 الذي تبلغ طاقته 710 ميجاوات مع قدرة تحلية للمياه بنسبة 40% للشريك الاجنبي و60% للحكومة وسيتم خصخصته بعد ثلاث سنوات، كما تملكت شركة الاتصالات الإماراتية 100 ألف سهم في شركة الاتصالات السودانية السوداتل وهو أول عقد بأسلوب BOT وتنوي شراء 40% من شركة اتصالات الأردن وحصة في شركة اتصالات زنجبار في خطوة لضمان أسواق لمشروعها الضخم الثريا للأقمار الصناعية الذي سينطلق عام 2001م بتكلفة مليار دولار ويصل الشرق الأوسط بشبه القارة الهندية وآسيا الوسطى، كما أنشئت أول مصفاة خاصة في دبي عبر عقد تأجير لمدة 25 عاماً.

          وفي سلطنة عمان: يعتبر برنامج الخصخصة أساساً في الخطة الاقتصادية حتى عام 2020م وتهدف الحكومة إلى تقليص دورها في مجال الإنتاج السلعي والخدمي والى اسناد تمويل وتنفيذ وإدارة هذه الخدمات إلى القطاع الخاص من أجل تنويع مصادر الدخل وتحفيز القطاع الخاص، ومن جانبها اتخذت السلطنة الخطوات اللازمة لخصخصة الكهرباء والمياه والاتصالات والصرف الصحي والمطارات، وقد أطلق أول مشروع لانشاء شبكة مجاري صحية بحوالي 520 مليون دولار يديره تجمع خاص وفق عقد لمدة 32 سنة تحت اشراف بلدية مسقط التي ستؤول إليها الملكية وإدارة الشبكة بعد انتهاء هذه المدة حيث سيتم طرح 49% من رأس مال هذا المشروع تديرها شركة بلجيكية بتكلفة 120 مليون دولار للمساهمة العامة في سوق مسقط للأوراق المالية، وتعد سلطنة عمان أول دولة خليجية تقيم محطة خاصة لتوليد الكهرباء بنظام الـ BOT، كما ستطرح الحكومة 30% من حصتها في مؤسسة الاتصالات العامة، كما أن هناك خططاً لخصخصة مطار السيب وبناء مطارين جديدين في سوق مسقط للأوراق المالية كما ستطرح شركة غاز عمان عقد إدارة لبناء خطين للغاز وإدارة كافة الخطوط القائمة لمدة 27 عاماً) انتهى.

          وفي اليمن: أعلنت الحكومة الجديدة عن برنامجها، ومما تضمنه في المحور الثالث حول الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستثمار:

          l  تحسين مناخ وبيئة الاستثمار لجذب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، والعمل على تطوير مجالات الاستثمار من خلال التشجيع على إقامة مشروعات الاستثمار في البنية الأساسية كالكهرباء والاتصالات والمياه والطرق.

          l  التواصل مع الدول المانحة لإعادة فتح خطوط التمويل والإقراض الخارجي لمشروعات القطاع الخاص وفقاً لقواعد قانونية محددة.

          l  وفي مجال النفط والغاز والمعادن يتم التقييم المستمر لاتفاقيات المشاركة في الإنتاج بما يكفل تحقيق الجاذبية للاستثمار في قطاع النفط والمعادن وتوسيع عمليات الاستكشاف والاستخراج للثروة النفطية.

          l  تكثيف جهود استكشاف واستخراج المعادن ومنح امتيازات مناسبة للاستثمار في هذا القطاع.

          وبرنامج الحكومة الجديدة هو برنامج البنك الدولي حيث تضمن فرض ضرائب جديدة على المبيعات وإعادة النظر في ضرائب الدخل ورفع الدعم على المشتقات النفطية خصوصاً الديزل والخدمات، إضافة إلى توسيع نطاق الخصخصة، وحيث إنه لم يورد لفظة الخصخصة في البرنامج إلا أنه كرر لفظة القطاع الخاص وأراد به (الشريك المحلي والعربي والأجنبي).

          وقد أجرى رئيس الوزراء عبد القادر باجمال مباحثات مع مسئولي البنك الدولي لبحث البدائل حول قرض الخصخصة المقدم من البنك وطبيعة هذا القرض وجوانب صياغته وطريقة تصميمه، فيما طلبت الحكومة من مجلس النواب تجميد قرض الخصخصة المعروض على المجلس من البنك الدولي، والذي تقدمت به الحكومة يوم الاثنين 30/04/2001م (هذا ما ذكرته جريدة 26 سبتمبر في عددها 955 بتاريخ 03/05/2001م) وتتابع الصحيفة القول (حيث وأسفر حوار الأخ رئيس الوزراء مع مسئولي البنك بهذا الشأن إلى تأييد التزام اليمن بإعادة الهيكلة وإنشاء آلية تمويل ذاتية وطنية لكل قطاع ومؤسسة على حدة حتى يتحقق لبرنامج إعادة الهيكلة القدر الكافي من المرونة، وأكدت المصادر أن موضوع الخصخصة له اعتبارات عديدة ومعقدة).

          وقد توقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل التضخم إلى 9% وتوقع ان يحقق الاقتصاد اليمني نمواً بطيئاً معدل 2.5% هذا العام ودعا إلى زيادة فرض الضرائب ومكافحة الفساد وزيادة كفاءة الخدمة المدنية وإصلاح النظام الضريبي.

          وقد قام البنك الدولي بعمل إصلاحات واسعة في اليمن حسب وجهة نظره، وكان مما قدمه فكرة الخصخصة، وبناءً عليه تم إنشاء مكتب للخصخصة تابعٍ للعديد من الوزارات.

          أعلن المكتب الفني للخصخصة في 08/09/99م أنه ينوي خصخصة العديد من المؤسسات والوحدات الاقتصادية الصغيرة كمقدمة للمؤسسات والوحدات الكبيرة، وأعلن عن (مصانع تعليب الأسماك والغزل والنسيج والألبان والطماطم وإنتاج الثلج، ومحطات تأجير الآليات الزراعية في كل من الضالع ولحج وشبوة وأبين وصنعاء… ومصنع كندا دراي ومصانع إنتاج الثلج)، وأعلن أيضاً عن طلب تأهيل شركات ومراكز استشارية محلية متخصصة في ذلك، وذكر في الإعلان المنشور في جريدة الثورة العدد (12719) بتاريخ 08/09/99م ما يلي (مع العلم بأنه سيتم اختيار الشركات والمكاتب والمراكز على أساس الإجراءات الواردة في دليل البنك الدولي لاختيار الاستشاريين والصادر عن البنك الدولي في شهر يناير 1997م والمراجع في شهر سبتمبر 97م والمقر في شهر يناير 99م).

          وكان هذا الإعلان كمقدمة لخصخصة المنشآت والوحدات الكبيرة (مصفاة النفط بعدن، ومصفاة مأرب ومصانع الإسمنت، والكهرباء، والطيران والاتصالات، والحدائق العامة والممرات المائية، والإعلام والأمن…الخ)، ووصل الأمر إلى عمل شركات أمن خاصة.

          والحكومة اليمنية تنفذ بدقة توصيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتريد أن تصدر قانوناً للخصخصة قدم إلى مجلس النواب، وحشدت لذلك المفكرين والمثقفين لإقناع الناس بالخصخصة، وروجت لذلك في كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وقامت مراكز الدراسات والأبحاث بعمل البحوث والدراسات والندوات حول الخصخصة ما لها وما عليها .

[يتبع]

المهندس ناصر عبده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *