العدد 172 -

السنة الخامسة عشرة جمادى الأولى 1422هـ – آب2001 م

منطـقـة مبعـوثـين

          ما يطلقون عليه «الشرق الأوسط» يعد منطقة حطمت الرقم القياسي في عدد المبعوثين الذين يفدون إليها من بلدان الغرب المستعمِر، ولم تشهد أية منطقة أخرى من العالم هذا الحشد الضخم من المبعوثين، ولا يكاد ينقضي أسبوع أو شهر دون هبوط مبعوث أو أكثر إلى هذه المنطقة المنكوبة بالمبعوثين، وإذا أردنا أن نقارن هذه المنطقة بالمناطق التي يعلنون عنها بأنها مناطق منكوبة من جراء الزلازل والفضانات فإن هذه المنطقة ينبغي أن تعلن منطقة منكوبة بالمبعوثين.

          ففي الأسبوع الأول من شهر تموز مثلاً، التقى في لبنان في يوم واحد ثلاثة مبعوثين دوليين، أي «عجقة مبعوثين»، وغالباً ما يطوف هؤلاء على الدول المجاورة لفلسطين، بادئين جولتهم بتل أبيب، أو منتهين بها. وإذا دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن القرار السياسي لهذه المنطقة ليس متروكاً لأهلها، وإنما للدول المستعمِِرة وعلى رأسها أميركا، فيأتي المبعوث ومعه لائحة من التعليمات تدوم صلاحيتها لمدة زمنية معينة، وقد يأتي للتجسس وجمع المعلومات التي تساعد في اتخاذ القرارات في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض، حيث المصالح الحيوية التي تحكم كل خطوة من خطوات المبعوثين.

          الكثير من أبناء هذه المنطقة المنكوبة بحكامها وبالمبعوثين متعددي الجنسيات يتذكرون هنري كيسنجر ورحلاته المكوكية، وسياسة الخطوة خطوة في بداية السبعينيات من القرن العشرين، ويتذكرون أيضاً روجرز، وسيسكو، وبريجنسكي، ومورفي…الخ  ولو كانت الجدران تنطق لتحدثت عن الشعارات التي كتبت عليها قبل وخلال كل زيارة لكل مبعوث من مثل الشعار «عد إلى بلادك يا سيسكو» «لا لمشروع روجرز الخياني» «لقحوا أولادكم ضد الحل السلمي» «لا للحل السلمي الخياني».

          لقد تغيرت منطقة المبعوثين المنكوبة بهم وبالحكام منذ ذلك الوقت حتى الآن، حيث سقط الكثير من الشعارات، وسقطت لاءات الخرطوم التي صدرت عن مؤتمر القمة العربي عقب هزيمة عام 1967م فلم نسمع «لا صلح، لا مفاوضات، لا اعتراق بإسرائيل» كما يقولون.

          مسكينة هذه الأمة المبتلاة بالكثير من الابتلاءات وعلى رأسها الابتلاء بقادتها.  اللهم ارحم هذه الأمة وأزل عنها ما هي فيه يا أرحم الراحمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *