العدد 172 -

السنة الخامسة عشرة جمادى الأولى 1422هـ – آب2001 م

هـي النـكـبـة الكـبـرى

هِيَ الـخَـيْبَةُ الكُبْرَى كَسَانَا سَوَادُها
وَقَرَّحَتِ الأَجْفَانَ بَلْ كُلَّ مُقْلَةٍ
شَرَارَتُهَا قُرْبَ الـحَمِيمَةِ أُوقِدَتْ
رَصَاصَةُ غَدْرٍ مَزَّقَتْ شَمْلَ أُمَّةٍ
فَصَارَتْ شَتَاتاً بَعْدَ جَمْعٍ وَأُلْفَةٍ
وَأَدْمَتْ قُـلُوبَ المُؤْمِنِينَ بِسَــيْـفِـهـا

هِيَ الفِتْنَةُ العُظْمَى سَرَتْ فِي عُرُوقِنَا
هِيَ الظُّلْمُ وَالتَّنْكِيلُ وَالذُّلُّ وَالأَذَى
هِيَ (الإِيدْزُ) وَ(الهِرْبِيزُ) وَالسِّلُّ فِي الـحَشَا
هِيَ النَّكْبَةُ الكُبْرَى أَطَاحَتْ بِدَوْلَةٍ
فَبِلْفُورُ مَعْ صُمْوِيلَ حَاكَا خُيُوطَهَا
بِلَيْلٍ بَهِيمٍ وَقَّعُوا صَكَّ غَدْرِهِمْ
وَبِيعَتْ دِيَارُ الـمُسْـلِمِينَ جَمِيعُهَا
وَكُـمِّـــمَـتِ الأَفْــوَاهُ مِـنَّـا كَـأَنَّــنَــا

هِيَ الـمِحْـنَةُ النَّكْرَاءُ أَوْدَتْ بِأُمَّةٍ
فَـأَلْـغَــتْ ــ بِتَـدْبِـير خَـبِـيـثٍ ـ خِلاَفةً
خِــلاَفَةَ رُشْدٍ قَدْ مَلاَ الكَوْنَ عَدْلُهَا
هِيَ النَّبْتَةُ الـخَضْـرَاءُ فِي الأَرْضِ جَذْرُهَا
أَذَلَّتْ رِقَابَ الكُفْرِ لِلْحَقِّ وَاعْتَلَتْ
أَنَارَتْ قُلُوباً بَعْدَ جَهْلٍ وَغَفْلَةٍ
وَظَلَّتْ تَقُودُ العَامِلِينَ بِهَدْيِهَا
إِلى أَنْ تَدَاعَى الكُفْرُ مِنْ كُلِّ مِلَّةٍ
وَأَيْقَظَ فِيهَا نَعْرَةً قَبَلِيَّةً
وَمَكَّنَ مِنْهَا كُلَّ نَذْلٍ وَحَاقِدٍ
وَسِيقَتْ جُمُوعُ الـمُسْـلِمِينَ بِخِسَّةٍ
وَبِتْنَا حَيَارَى تَحْتَ أَنْقَاضِ فِتْنَةٍ
لَقَدْ أَكَلَتْ مِنْ أَرْضِنَا كُلَّ أَخْضَرٍ
فَصِرْنَا إِلى فَقْرٍ وَجَهْلٍ وَذِلَّةٍ
وَبِتْنَا كَأَغْنَامٍ قَلاَهَا رُعَاتُهَا
وَسِرْنَا بِذَيْلِ القَافِلاَتِ جَمِيعِهَا
حَصَدْنَا ثِمَارَ الذُّلِّ مِنْهَا خَبِيثَةً
سَلِ القُدْسَ سَلْهَا شَعْبَهَا وَتُرَابَهَا
مَتَى فَقَّسَتْ فِيهَا بُوَيْضَةُ عَنْكَبٍ
سَلِ القُدْسَ بَلْ وَاسْأَلْ فِلَسْطِينَ كُلَّهَا
وَسَلْ أُمَّةَ القُرْآنِ مُنْذُ نُزُولِهِ
أَلَيْسَ بِعِيدِ الثَّوْرَةِ النَّتْنَةِ التي
فَأَعْشَتْ عُيُوناً مُبْصِرَاتٍ سَلِيمَةً
وَعَبَّأَتِ الأَحْقَادَ فِي كُلِّ نَسْمَةٍ
وَمَزَّقَتِ الشَّمْلَ الـمُـوَحَّدَ وَامَّحَى
وَقَدْ بَذَرَتْ فِي الكَوْنِ بِذْرَتَهَا التي
وَدَقَّتْ أَسَافِينَ التَّبَاغُضِ بَيْنَنَا
لَقَدْ غَرَسَتْ إِسْفِينَهَا وَتَمَكَّنَتْ
سَلِ القُدْسَ هَلْ هَانَتْ وَدَانَتْ لِكَافِرٍ
وَهَلْ رَتَعَتْ صِهْيَوْنُ فَوْقَ تُرَابِهَا
وَهَلْ يُؤْسَرُ الأَقْصَاءُ لَوْلاَ رَصَاصَةٌ
رَصَاصَةُ غَدْرٍ لَمْ تُصِبْ غَيْرَ مَقْتَلٍ
أَصَابَتْ مِنَ الإِسْلاَمِ قَلْبَ خِــلاَفَةٍ
وَقَدْ ضَعُفَتْ مِنْ بَعْدِ بَأْسٍ وَقُوَّةٍ
وَبِيعَتْ بِسُوقِ الرَّقِّ بَيْعَةَ مُفْلِسٍ
فَيَا أَيُّهَا الأَفَّاكُ أَمْسِكْ وَلاَ تَقُلْ
فَيَا لَيْتَهَا شَلَّتْ يَمِينُ مُثِيرِهَا

وَعَمَّ مُهُودَ العُرْبِ جَمْعاً قَتَادُها
وَعَاثَ بِأَنْيَاطِ القُلُوبِ فَسَادُها
لِتَمْتَدَّ فِي الآفَاقِ بِئْسَ امْتِدَادُها
عَلَى هَدْيِ خَيْرِ الـخَـلْقِ كَانَ اتِّحَادُها
وَأَمْسَى يَبَاباً سَهْلُهَا وَوِهَادُها
وَعَـشْــعَشَ فِـيـها دُودُها وَقُـرَادُها

هِيَ النَّارُ أَفْنَتْنَا وَنَحْنُ رَمَادُها
هِيَ الفِتْنَةُ العَمْيَاءُ وَالإِفْكُ زَادُها
هِيَ الشَّوْكُ وَالزَّقُّومُ (سُوءٌ) سَمَادُها
تَدِينُ لِرَبِّ العَرْشِ هذا عَتَادُها
وَ(وَزْمَنُ) وَ(الأَشْرَارُ) جَمْعاً فُؤَادُها
فَضَاعَتْ قُوَانَا غَوْرُهَا وَنِجَادُها
وَسُلِّمَ لِلأَنْذَالِ مِنْهَا قِيَادُها
أُسَـارَى حُـرُوبٍ فِي السُّجونِ رُقَـادُهـا

إِلى فِتْنَةٍ يُطْغِي الـحَـلِيمَ اشْتِدَادُها
وَأُبْعِدَ عَنْهَا سَيْفُهَا وَجِهَادُها
هِيَ الرَّيُّ لِلأَكْبَادِ وَهْيَ ابْتِرَادُها
وَفِي جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ يَزْهُو امْتِدَادُها
ذُرَى الـمَجـدِ يَسْمُو شَـامِخَاتٍ عِمَادُها
وَأَذْكَتْ عُقُولاً غَابَ عَنْهَا رَشَادُها
قُرُوناً طِوَالاً لاَ يُضَاهَى وِدَادُها
وَصَوَّبَ سَهْمَ الغَدْرِ حَيْثُ اتِّحَادُها
وَمَزَّقَهَا حَتَّى تَكَابَتْ جِيَادُها
فَصَارَتْ إِلى ذُلٍّ وَطَالَ سُهَادُها
إِلى سُوقِ رِقٍّ عِنْدَ (غُولْدَا) مَزَادُها
تَنَاهَشُنَا جَوْعَى النِّيَابِ حِدَادُها
فَلَمْ يَبْقَ حَتَّى تُرْبُها وَرَمَادُها
وَأَسْلَمَنَا لِلْمُسْغِبَاتِ جَرَادُها
بِلَيْلٍ وَبَيْنَ الضَّارِيَاتِ مِهَادُها
تَبُولُ عَلَيْنَا كُلَّ حِينٍ جِيَادُها
حَمِيماً وَغَسَّاقاً فَبِئْسَ حَصَادُها
مَتَى أَصْبَحَتْ نَهْباً وَتَمَّ اضْطِهَادُها
مَتَى طَابَ لِلْحِرْبَاءِ فِيهَا وِسَادُها
مَتَى لاَنَ لِلشُّذَّاذِ فِيهَا قِيَادُها
مَتَى غَابَ عَنْهَا هَدْيُهَا وَرَشَادُها
بِعَيْنِ بَنِي الإِسْلاَمِ ذُرَّ رَمَادُها ؟
وَرَانَ عَلَى كُلِّ القُلُوبِ فَسَادُها
وَبَاتَ بِأَيْدِي العَابِثِينَ زِنَادُها
مِـنَ الأُمَّـةِ السَّمْحَاءِ ـ جَهْلاً ـ وِدَادُها
بِآسِنَةِ الأَوْحَالِ يَحْلُو اشْتِدَادُها
بِقَوْمِيَّةٍ رَعْنَاءَ إِبْلِيسُ زَادُها
مِنَ النَّفْسِ حَتَّى غَابَ عَنْهَا رَشَادُها
هَلِ انْتُهِكَتْ أَغْوَارُهَا وَنِجَادُها ؟
وَهَلْ هَرَبَتْ فِي الـحَـرْبِ يَوْماً جِيَادُها
مُوَجَّهَةٌ بِئْسَتْ وَبِئْسَ زِنَادُها
مِنَ الأُمَّةِ الوُسْطَى فَزَالَ اتِّحَادُها
فَشُلَّتْ وَيَوْمَ الرَّوْعِ لاَنَ جِلاَدُها
وَأَصْبَحَ نِكْثاً صَفُّهَا وَاتِّحَادُها
وَأَصْبَحَ فِي أَيْدِي اليَهُودِ قِيَادُها
بِهَا الشِّعْرَ مَدْحاً قَدْ كَفَانَا اضْطِهَادُها
وَيَا لَيْتَهُ قَدْ ضَاعَ عَنْهُ زِنَادُها

                                                                    الـشـاعـر: جـابـر الجـعـفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *