العدد 306-307-308 -

العدد 306-307-308 ، السنة السابعة والعشرون، رجب وشعبان ورمضان 1433هـ

مفهوم الرعاية في الإسلام. موقف الإسلام من المواطنة والجنسية والأقليات الجنسية الغربية والرعوية الإسلامية

مفهوم الرعاية في الإسلام. موقف الإسلام من المواطنة والجنسية والأقليات

الجنسية الغربية والرعوية الإسلامية

 

 

نشأة مفهوم الجنسية الغربية

الجنسية مفهوم سياسي معاصر مرتبط بالوطنية حيث تعبر الجنسية عن الانتماء لوطن محدد. ارتبط بحث الجنسية بقيام الدول المستقلة في أوروبا، وتعددت التعريفات لمفهوم الجنسية، فمنهم من قال إنها رابطة سياسة وروحية بين الفرد والدولة، وإنها رابطة سياسية وقانونية تنشئها بقرار منها فتجعل الفرد تابعاً لها. وعرفها آخرون بأنها رابطة سياسية وقانونية وروحية بين الفرد والدولة ينتج عنها حقوق والتزامات متبادلة، فتبادل المنفعة بين الدولة والأفراد هي أساس الجنسية مع عدم إغفال وجود شعور قومي وروحي يربط بين الدولة والأفراد. فالدولة تمنح جنسيتها استجابة لتوافر هذا الشعور لديهم ووفق النظرة الإنجلوسكسونية الجنسية التي هي أداء خدمات متبادلة.

 قلنا إن مفهوم المواطنة مرتبط بمفهوم الجنسية لأن الجنسية تفرق بين المواطن والأجنبي، فالفرد إذا كان طرفاً في الجنسية يعرف بالمواطن، ويسمى مجموع الأفراد المكونين لشعب الدولة بالمواطنين. أما غير المنتفعين بالجنسية فهم أجانب، وعليه تحدد الجنسية صفة العضوية في كل مجتمع، وتعيِّن الحقوق التي يتمتع بها الوطني والأعباء التي يلتزم بها تجاه الدولة على اعتبار أن النظام شرع أصلاً في الدولة لخدمة المواطنين دون الأجانب الذين لا يشاركون الوطني في جميع هذه الحقوق والأعباء رغم خضوع الجميع مواطنين وأجانب لقانون الدولة التي يقيمون فيها.

أما عن الطبيعة القانونية لمفهوم الجنسية في الفكر الغربي، فإن البعض يرى أن للجنسية صفة تعاقدية تتولد بإرادة الدولة والأفراد وفق ما يعرف بالعقد الاجتماعي،  إلا أن الواقع يناقض الفكرة التعاقدية للجنسية خاصة في ما يتعلق بالجنسية المفروضة من منطلق الدم أو الإقليم أو الزواج بمواطن، فالجنسية ليست رابطة تعاقدية ناشئة عن توافق إرادتين في الوقت الذي تمارس الدولة تنظيم وسحب الجنسية وفق مصالحها العليا وظروفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولا يملك الفرد الاعتراض على ذلك، فالجنسية وفق المفهوم الغربي مرتبطة بسيادة الدولة، فهي ليست علاقة تعاقدية لأن الدولة تعطيها والأفراد يتلقونها.

يتضح مما سبق أن مفهوم الجنسية ليس وليد مبدأ عقلي أو فكر إنساني عالمي، وإنما يعد وليد تطور خاص بالبلاد الأوروبية في عصورها الوسطى حيث نشأ استجابة للروح الانفصالية التي سادت النظام الإقطاعي الأوروبي والتي أفرزت في مرحلة لاحقة الدول الأوروبية القومية، ثم تركز مفهوم الجنسية منذ القرن الثامن عشر الميلادي مع بروز عصر الرأسمالية حيث أدت الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها أوروبا إلى وضع مفهوم الجنسية في إطار التشريع والقوانين مطلع القرن التاسع عشر الماضي لتضفي على الجنسية طابعاً سياسياً ودستورياً تجعلها منحة من الدولة لمن تشاء من الأفراد وتسلبها عمن تشاء، وقد أدى ارتباط مفهوم الجنسية إلى قيام الاستعمار والصراعات الدولية التي كان أبرزها الحربين العالميتين الأولى والثانية، وقد ترتب على تبني نظام الجنسية القومي ما يلي:

  1. ترسيخ العداء بين السكان من خلال وضع القيود على الأجانب ولو كانوا أبناء دين واحد أو ملة واحدة.

  2. تأصيل فكرة الأثرة والاستعلاء.

  3. سيطرة الحكام وتسلطهم على الناس.

  4. دفع الجنسية نحو التفتيت والتجزئة، وبعث روح الانفصالية بين الناس من خلال ما يسمى (حق تقرير المصير ).

مفهوم الأقليات

ومن المفاهيم الخطرة التي نشأت عن فكرة الجنسية والمواطنة مفهوم الأقليات، وهو من المفاهيم الخبيثة التي استعملها الكافر المستعمر في تسويق مفهوم حق تقرير المصير، وقد نشط الكافر المستعمر في السنوات الأخيرة في هجمته الشرسة على العالم الإسلامي لتقسيم المقسم وتفتيت المفتت بإثارة وإذكاء فتنة حق تقرير المصير للأقليات. ولا بد هنا من الوقوف على مخاطر هذا المفهوم على وحدة الأمة السياسية خاصة بعدما أدرك الكافر المستعمر قرب وصول المسلمين إلى تحقيق الإطار السياسي المتمثل بدولة الخلافة، فقد نشرت الأمم المتحدة دراسة تتبعت فيها مراحل تطور مفهوم الأقليات، وعرفت الدراسة الأقلية بأنها مجموعة من الأفراد يعيشون في قطر ما وينتمون إلى أصل أو دين أو لغة أو عادات خاصة وتوحدهم هوية قائمة على واحدة أو أكثر من هذه الخصائص، وأضيف إلى ذلك التأكيد على ضرورة إضافة عنصر إلى تعريف الأقلية وهو رغبة الجماعة في المحافظة على الاعتبار الذاتي في تقاليدها وخصائصها، وإن الحاجة إلى حماية الأقليات تنشأ أساساً من ضعف وضعها حتى في الدول الديمقراطية. وفي عام 1994م صدر عن المبادرة الأوروبية المركزية قانون حماية حقوق الأقليات، وجاء في المادة الأولى منه: “إن اصطلاح الأقلية القومية يعني جماعة تقل عدداً عن بقية سكان الدولة، ويكون أعضاؤها من مواطنيها ولهم خصائص أثنية أو دينية أو لغوية مختلفة عن تلك المتعلقة ببقية السكان، كما أن لديهم الرغبة في المحافظة على تقاليدهم الثقافية والدينية.”

ولا بد هنا من الوقوف على مخاطر فكرة الجنسية والمواطنة والأقليات على وحدة الأمة السياسية، فقد نشطت الدول الغربية في إثارة هذه الفكرة في السنوات الأخيرة عندما أدرك الكافر المستعمر قرب وصول المسلمين إلى تحقيق الإطار السياسي المتمثل بدولة الخلافة، وقد كانت الدول الاستعمارية قد نجحت من قبل في استخدام ورقة الأقليات والدفاع عن حقوقها ونصرتها عندما عملت على تمزيق الدولة العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر، حيث أمدتها ودعمتها بكافة أنواع الدعم، وأوجدت القلاقل في بلاد البلقان وأثارت شعوبها وطوائفها التي كانت آمنة مستقرة، فاستطاعت أن تسلخ هذه البلاد عن الدولة العثمانية قبل أن تسقط، وكذلك اثارت في لبنان فتنة طائفية دموية لتكون ذريعة لتدخلها فيه عام 1861م. وفي معاهدة لوزان التي وقعت في 24 تموز 1924م قامت الدول الاستعمارية بغية هزيمة الدولة العثمانية بتمزيق أراضيها على أسس قومية أو وطنية أو طائفية أو مذهبية لتضمن سيطرتها عليها وتضمن بقاءها ضعيفة حتى لا تقوم لهذه الأمة قائمة.

ومن العبر التاريخية في هذا المقام يجدر الذكر أن السطان العثماني سليمان القانوني كان قد عقد معاهدة في عام 1535م مع فرانسوا الأول ملك فرنسا لإعطاء صلاحيات للقناصل الفرنسيين لمحاكمة الفرنسيين المقيمين في الدولة العثمانية باعتبارهم أقلية، ومن بعد ذلك طالبت بريطانيا والنمسا وغيرهما من الدول بنفس الصلاحيات لقناصلها، وقد حصلت عليها وهو ما عرف بذلك الوقت بقانون الامتيازات، هذا مع العلم أن الدولة العثمانية كانت في أوج عظمتها، وهذه بحد ذاتها مخالفة شرعية لسوء فهم السلطان ولخطأ حساباته ولعدم وجود من ينبِّهه من علماء ومفكرين سياسيين، وقد تبعه السلاطين الذين جاؤوا من بعده على نفس السياسة الخاطئة فكانت وبالاً على الدولة الإسلامية فيما بعد، إذ فتحت الطريق لتدخل الدول الاستعمارية في رعايا الدولة الإسلامية الذين يحملون تابعيتها وخاصة النصارى، وبدأت تحضهم على التذمر والتمرد والعصيان، ولا يغيب عنا ما يجري الآن في السودان وما جرى في العراق ومن قبل في باكستان وإندونيسيا وما يجري في الجزائر، ومصر مرشحة للتقسيم بناء على هذا المفهوم الخبيث وهو حق تقرير المصير للأقليات.

موقف الإسلام من المواطنة والجنسية والأقليات

 بداية لا مواطنة ولا جنسية ولا أقليات في الإسلام، فقد نظم الإسلام العلاقة التي تربط الأفراد المكونين للدولة على أساس رابطة الرعوية الإسلامية التي تقوم على اعتبار المقيمين في الدولة إقامة دائمة هم رعايا الدولة، وقد تجاوزت رابطة الرعوية رابطة الأخوة الدينية التي تصلح فقط لوصف علاقة المسلمين الروحية بعضهم ببعض، تجاوزتها إلى الرابطة السياسية بين رعايا الدولة من المسلمين وغيرهم.

 والإطار السياسي للدولة الإسلامية هو (دار الإسلام). والشريعة الإسلامية بوصفها وحي من الله تعالى لا يختص بها قوم عن قوم أو جنس عن جنس قررت مفهوماً متميزاً للرعوية يناقض مفهوم الجنسية القومي، حيث يقوم مفهوم الرعوية الإسلامي على الارتباط بدار الإسلام الذي يجعل غاية الدولة إقامة أحكام شرع الله على الناس، وإسقاط كل اعتبارات التمايز بينهم،  وعليه فان كل من رضي بأحكام الشرع وانقاد له ممن يعيش عيشاً دائمياً في دار الإسلام، سواء أكان مولوداً فيها أم مهاجراً إليها، مسلما كان أم غير مسلم يحق له الحصول على رعوية الدولة وحمل هويتها،  وبهذا نلاحظ التناقض بين الإسلام وبين الفكر الغربي المبني على تمييز جماعة عن أخرى فضلاً عن مفهوم المواطنة الذي يميز المواطن عن غيره من الأجانب.

فالإسلام يحرم بناء الرعوية على أساس الفكر القومي أو الوطني فضلاً عن مخالفة الإسلام لنظرية الجنسية الغربية لتمييزها بين الجنسية الأصلية والجنسية المكتسبة حيث تجعل الأنظمة الوضعية لصاحب الجنسية الأصلية حقوقاً أكثر مما تقر للمتجنس، أما الإسلام فلا يفرق بين حصول الرعوية بحق الدم أو حق الإقليم، ولا يفرق بين الحاصل عليها بالولادة أو بالهجرة، بل إن الإسلام قد جعل حق الرعوية هو الفرد نفسه وبصفته الإنسانية المجردة إن أراد الإقامة الدائمية في دار الإسلام، وبالتالي فإن الرعوية هي حق للمرء وليست منحة من الدولة وليست من أعمال السيادة، فهي راجعة للفرد، والدولة لا تمنح الرعوية ولا تسقطها بل تنظمها باتجاه تسهيل إجراءات الحصول عليها.

 ومن هنا يظهر البعد الشاسع بين التكييف العنصري الضيق للجنسية ومفهوم المواطنة في النظام الغربي وبين ما أقرته أحكام الإسلام من تكريم للإنسان بوصفه إنساناً يختار العقيدة التي يرغب في اعتناقها، والنظام الذي يقبل العيش تحت حكمه وسلطانه بغض النظر عن جنسه ومولده ونسبه. ويتأكد هذا التصور الإسلامي للرعوية من استقراء عدد من المفاهيم والقناعات الإسلامية على اعتبار أنها أحكام شرعية مستنبطة من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه، ومن هذه المفاهيم المؤكدة لخصوصية مفهوم الرعوية في الفكر الإسلامي:

  1. إن الدولة الإسلامية (دار الإسلام) دولة دعوة تستهدف تطبيق شرع الله في الداخل وحمل الإسلام إلى العالم؛ لذلك هي تقوم على عدم جواز بناء نظام إجرائي يحول دون الحصول على الرعوية من منطلق قومي أو وطني أو مصلحي أو غيره.

  2. إن الأحكام الشرعية أوجبت على المسلمين العيش في دار الإسلام، وعليه فإن حمل الفرد لتابعية الدولة الإسلامية ورعويتها ليس حقاً له فحسب بل هو واجب عليه.

  3. أوجب الإسلام على المسلمين الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام والإقامة الدائمة فيها، فحمل تابعية الدولة على المهاجر فرض في حقه ويجب على الدولة إعانته في إظهار أحكام دينه.

  4. من منطلق أن الرعوية حق للإنسان، لم يفرق الإسلام في منح الرعوية بين المسلمين وغيرهم؛ لأن الله سبحانه أوجب تطبيق شرعه على الناس جميعاً، ولما كانت إقامة غير المسلم في دار الإسلام أعظم وسيلة يتوصل بها إلى إبلاغه البلاغ المبين لمعاينته حكم الإسلام وتمتعه بعدالته، فإن حصوله على الرعوية إذا أقام إقامة دائمية بين المسلمين، ورضي بإجراء أحكام الإسلام عليه بقبوله عهد الذمة، فالذميون والمسلمون هم رعايا الدولة الإسلامية ويحملون رعويتها التي تقتضي التزامهم بعقد الذمة بالخضوع لسلطان الدولة.

أكد الإسلام على أن من يفد إلى دار الإسلام من غير المسلمين بقصد الاطلاع على طراز العيش الإسلامي، فإنه يجب على الدولة منحه حق الأمان المؤقت، قال تعالى: (وان احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون) وفي هذا تمهيد لحصوله على الرعوية للإقامة الدائمية، والرضا بإجراء أحكام الإسلام عليه، فالدولة الإسلامية دولة دعوة، قال تعالى: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا).

 5- إن رعوية الدولة الإسلامية مرتبطة بالإقامة الدائمية في دار الإسلام فقط، وإن مجرد الأخوة الإسلامية بين المسلمين لا يترتب عليها حقوق سياسية إن أقام المسلمون خارج دولة الإسلام بصفة دائمية، فحق الرعوية مرهون بالإقامة الدائمية؛ لأن الله تعال أسقط الولاية عمن لم يهاجر إلى دار الإسلام (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا).

علاقة الرعوية بالدين

 

يتبين من تعريف دار الإسلام أنه لا علاقة بين رعوية الدولة الإسلامية وبين دين أو معتقدات الأفراد المقيمين فيها إقامة دائمية، ولا يقال إن جنسية المسلمين في ظل دولة الإسلام هي جنسية إسلامية؛ لأن ربط الجنسية بالعقيدة الإسلامية لا يجعل من ارتضى من غير المسلمين بإجراء أحكام الإسلام عليه من رعايا الدولة الإسلامية. فالرابطة الرعوية هي ولاية للدولة الإسلامية على جميع رعاياها بإلزامهم تطبيق الإسلام مسلمين وغير مسلمين، وإن حق الرعوية للدولة لرعاياها يثبت بالبيعة وبالهجرة وطاعة الله ورسوله، والدليل على ذلك فإن معاهدة الرسول (ص) ليهود المدينة عقب هجرته إليها منحت المقيمين فيها من اليهود وغيرهم رعوية الدولة، وشرطت عليهم واجبات الرعوية من الانقياد لحكم الإسلام، قال ابن اسحق: كتب رسول الله (ص) إلى المهاجرين والأنصار: «بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي (ص) بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم امة واحدة من دون الناس وانه من تبعنا من اليهود فان له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم وان اليهود ينفقون ما داموا محاربين،  وان يهود بني عوف امة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فانه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وان بطانة يهود كأنفسهم وانه لا يخرج منهم احد إلا بإذن محمد (ص) وان على اليهود نفقتهم وان بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وان بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم وانه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فان مرده إلى الله عز وجل والى محمد رسول الله (ص).»

 فهذا دليل واضح على إثبات رعوية الدولة وحمل التابعية لمن أقام في دار الإسلام من غير المسلمين حيث:

  1. جعل لليهود المقيمين في المدينة والذين يتبعون المؤمنين حق النصرة والأسوة

  2. إن على اليهود نفقة للدولة عند حصول الحرب

  3. الحكم عند الاختلاف مرجعه إلى الرسول (ص)

وعليه فشرط منح التابعية هو العيش الدائمي في الدولة الإسلامية وإقامة أحكام الإسلام،  ومن هنا نجد أن النظرة السياسية الإسلامية لمفهوم الرعوية جاءت بأحكام دقيقة لمعالجة مشكلة رعوية الدولة، وجعلت معيار الحصول عليها معياراً شرعياً لا معياراً عرقياً ولا قومياً ولا وطنياً ولا مصلحياً.

وفي هذه الأيام التي تعالت أصوات المسلمين في ميادين العالم العربي والإسلامي بالمطالبة بالتحرر والانعتاق من هذه الأنظمة العميلة الظالمة الكافرة المستبدة يبتغون فضلا من الله ورضواناً وينصرون الله بالعمل لوحدة الأمة الإسلامية في إطار المشروع النهضوي المتمثل بالخلافة الإسلامية، يتصدر المهزومون والمضبوعون بثقافة الغرب من أشباه العلماء والمفكرون ومنظرو بعض الحركات الإسلامية التي وصلت من خلال الانتخابات التي اختارها فيها الناس لأنها رفعت الإسلام شعاراً لها، يتصدرون الحديث عن استحالة وحدة الأمة الإسلامية واستحالة إقامة الخلافة بسبب وجود الأقليات التي يدعون أنهم سيفقدون بهذا حق المواطنة التي يتساوى على حد زعمهم بموجبها مواطنو الدولة، علماً أن قروناً من الزمن قد جمعت المسلمين وغيرهم في كنف دولة الخلافة ولم يشهد التاريخ أن أحداً منهم قد شكا أو تذمر من العيش في ظل رحمة وعدل دولة الخلافة.

لقد كشف الله سبحانه وتعالى بعض هؤلاء بعد وصولهم، حيث بدؤوا بتصريحات لا تمت إلى الإسلام الذي رفعوه شعاراً لهم بصلة، بل إنها تعرت أمام الأمة وهي تقدم أوراق الاعتماد وحسن السلوك للدول الغربية التي يتعامل معها هؤلاء على أنها ما زالت هي الوصية على مستقبل هذه الأمة حتى بعد تخلصها ولو جزئياً من الطواغيت.

 وعليه فلا بد من بذل الجهود في إيجاد الوعي العام عند المسلمين على هذه المفاهيم الغربية الخطيرة على مستقبل الإسلام السياسي المتمثل بدولة الخلافة القادمة قريباً إن شاء الله تعالى، وتفنيد ودحض كل المزاعم والأعذار التي تصدر من أشباه العلماء والعملاء الذين أخذوا على عاتقهم تسويق وترويج هذه المفاهيم الخبيثة لتضليل الأمة وحرفها عن العمل لتحقيق وعد الله وبشرى رسوله، قال تعالى: (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

المهندس: جمال عبد المنعم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *