العدد 306-307-308 -

العدد 306-307-308 ، السنة السابعة والعشرون، رجب وشعبان ورمضان 1433هـ

نداء حار إلى أهل النصرة من الجيوش

نداء حار إلى أهل النصرة من الجيوش

 

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)

(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100))

يا أنصار عزة هذا الدين العزيز: تهتف بكم الأفئدة، وتستنهض همَمَكم بواعثُ الحق، وتستثير نخوتَكم ما صار حالنا إليه، ويستنفخ عزائمكم روّادُ هذه الأمة، وينادي عليكم إخلاص وإقدام، ويدعوكم إلى دار الإسلام وعد صادق… فهلاّ أسرعتم فسبقتم؟ وهلاّ اكتتبتم مصيراً مع المقربين الأبرار؟ ألا أجبتم وقلتم لبيك داعي الله؟ ألا هتفتم تبارون النسور: سعديك حبيب الله؟ ألا قلتم: لدين الله الفدا، ولعزة الإسلام المهج والأرواح؟ ألا صدحت قلوبكم: ها نحن قادمون فأبشروا، ها نحن نطوي الفَلا فكبرِّوا، ها نحن نعلو صهوات نجائب الخلاص والإخلاص فأبشروا؟.

يا أهل النجدات: يا من ادخرَتْكم هذه الأمة ليومها وغدها: مروا هممكم فلتثب، ارفعوا قاماتكم فلتنتصب، غادروا سرادقات الانتظار إلى ميادين الانتصار، دوِّنوا مقاماتكم في عليين يا إخوة الأنصار، يا إخوة السعدين، يا إخوة نضلة وابن التيهان. يا أقران هؤلاء الرجال الرجال، رددوها كما رددهما من قبلكم: الدم الدم والهدم الهدم، ألا شنَّفتم آذان أحبابكم؟ ألا أرضيتم الله في عليائه كمثل إخوة لكم من الأنصار: سر بنا يا رسول الله، اقطع حبال من شئت، وصل حبال من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت؟. أفلحت وجوهكم يا وجوه هذه الأمة، أفلحت وجوهكم أيها الأبطال. ليكن أحدكم أمة في رجل ورجلاً في أمة. أجيبوا كما أجاب السعد: لكأنك تريدنا يا رسول الله. قولوا لكأنكم تريدوننا يا روّاد الحق، أجل نريدكم. أجيبوا أمتكم، أغيثوا عزتكم. أخلصوا واعزموا وقولوا: يا رسول الله، أعطيناك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامضِ يا رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك وما تخلف منا رجل واحد.. وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لصُبُرٌ في الحرب، صُدُقٌ عند اللقاء… فأعقب الله لأوليائه ظفراً ونصراً، وجعل من بعد عسر يسراً… فهلّا كان هذا على أيديكم يا أهل القوة والبأس، أيها النشامى الأعزة… إيه أيها الأبطال، اتخذوا لكم قدم صدق عند ربكم، قدموا لأنفسكم علائمَ رضوانٍ وشاراتِ فوزٍ وفلاح.

يا أنصار الحق: كونوا كأولئك الأنصار الذين نصروا الله ونصروا رسول الله، وقدموا الشهداء مواكب ومواكب… حتى قال قائلهم يباهي الأقران: ما نعلم حياً من أحياء العرب أكثر شهيداً أعز يوم القيامة من الأنصار… إنهم الملبُّون دائماً لاستغاثة المستغيثين… إنهم الواهبون فُيوض العطاء يحتسبون الأجر عند الله: من يرد عنا أذى كفار الأرض وله الجنة؟ من ينصر دين الله ليكون رفيق الحبيب في الجنة؟.

يا عدة هذا الزمان، يا وعد الرجولة والبطولة، احفظوا وصية سعد بن الربيع وهو يجود بمهجتيه… خائفاً على دين الله، وخائفاً على رسول الله، فلن تنسى ذاكرة هذه الأمة هذا المشهد العظيم، وذلك العطاء الغامر، زيد بن ثابت يقرئه السلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسأله كما أمره الحبيب وهو بإخلاصه عليم، كيف تجدك؟. لحظات سجلها الكرام الكاتبون… لحظاتُ عزٍّ شهدها ملك الموت الكريم… لحظات مجد يستحقها الرجال الرجال… وأنتم منهم إن شاء الله تعالى: أقرئ مني حبيبي السلام، وقل له: أجد ريح الجنة، وجزاك الله خير ما جزى نبياً عن أمته. وقل لقومي الأنصار: لا عذر لكم إن خلص إلى رسول الله شيء وفيكم شفر عين يطرف. فيا أحفاد سعد بن الربيع الأنصاري، هذا البطل الكبير، إنه لم يذكر في لحظات وداع الدنيا زوجة ولا أولاداً… إنما كانت وصيته الوحيدة التضحية من أجل نصرة دين الله ورسوله… بوركتم يا رهط الأنصار… وبورك من نصر دين الله عبر الأزمان والأعصار. فبعد جراحات أحد، وإكراماً لأهل النصرة الأنصار، صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين جالساً تحت لواء الأنصار… فلتهنكم المكارم توافي جمعكم، فالجود بالنفس خلق الأكارم.

يا أحباب هذه الأمة وعدتها يوم التناد… هذا طلحة الأنصاري ينشد أنشودة الميامين، أهل النخوة إذا عزَّ النصير: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا تشرف فيصيبك سهم من سهام القوم… نحري دون نحرك… سلمت يا طلحة الخير، وسلم نحرك وقلبك، وتبوأت من الجنة روضات النعيم، وجزاك الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام خيراً… سيفدي إخوة لك في ظهر الغيب دين الله كما فديته، سيعزمون عزمتك، سيَفْرُون في أعداء الله فريهم… وسيثبُتُ الرجال عندما تستحثُّهم تضحيات القانتات العابدات… تلك المرأة الدينارية الأنصارية وقد أصيب ابنها وزوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد والتحقوا بركب الأحياء الذين عند ربهم يرزقون… ولكن رسول الله، ودين الله، وعزة الإسلام، أحب إليها مما طلعت عليه الشمس… لقد ذهلت عن كل مصابها في أعزائها وما استحوذ عليها إلا حبها وخوفها على رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا فعل رسول الله؟؟ قالوا: خيراً، وهو بحمد الله كما تحبين. فقالت: أرونيه أنظر إليه، لا أبالي إن سلمت من عطب، ولفناء الدنيا أخف عليّ من أن يصاب بوخز إبرة… لله درها من امرأة مؤمنة صابرة يغبطها على قوتها الأبرار… وتثير بحميّتها لدين الله الأنصار، فرحم الله أهل الشوكة ما نصروا دين الله.

فيا من كمُنت بواعثُ النجدة في صدورهم: ابعثوها اليوم صادقةً تقتحم… ولاهبةً تضطرم، فهذا أوانها، واليوم، لعمر الحق، زمانها… انتدب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل المهمات عبد الله بن أنيس، أن ابن نبيح الهذلي يجمع لقتال المسلمين بعُرَنة، فأتني برأسه. قال: يا رسول الله، أنا لا أعرفه، قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: إذا رأيته أذكرك الشيطان، إذا رأيته وجدت له قشعريرة، وكل أعداء الله من شياطين الإنس تقشعر أبدانهم حقداً دفيناً على دين الله… ويزين رسول الله جيد عبد الله بعصا يتخصر بها… كآية وعلامة تدل على السبق والفضل وسرعة الانتداب، فهل تتخصرون مع عبد الله بن أنيس تلبية وسباقاً؟.

يا جند الله الميامين… إنها عزة الإسلام… إنها أنشودة الظفر يرددها على مسامع الزمان ذو العصابة الحمراء الأنصاريّ المجاهد سماك بن خرشة (أبو دُجانة)

أنا الذي عاهدني خليلي

ونحن بالسفح عند النخيل

ألا أقوم الدهر في الكيول

أضرب بسيف الله والرسول

لن أقوم الدهر في الكيول… لن أدع أحداً يسبقني… لن أكون إلا الأول دائماً… من أجل هذه العزة التي لا تسبق… من أجل أن تكون أمة الإسلام هي الأسبق، هي القائدة، هي الأقوى، هي الأعلى… من أجل أن تبسط دولة الخلافة أجنحة الرحمة على الأرض ومن عليها… من أجل أن تكون العزة لله ولرسوله وللمؤمنين… فيا أنصار الله أجيبوا داعي الله لكم في هذه الأيام؛ لتحققوا وعد نبيكم في هذا الزمان: «ثم تكون خلافه على منهاج النبوة».

لو ما رأيت محمداً وقبيله

بالفتح يوم تكسر الأصنام

لرأيت دين الله أصبح بيننا

والشرك يغشى وجهه الإظلام

فامتشقوا، أيها الأنصار، صوارم العزم من عزائمكم، وانتصلوا سهام الاختراق من  هممكم، أقيموها نوراً يتلألأ بنصرتكم لحَمَلة اللواء من أهل الحق… أقيموها بعهد مع الله وميثاق: لننصرن دين الله، ولنعطين الراية لمن يقود الأمة إلى ربوات التمكين والاستخلاف (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41))

فكونوا حواريي هذا الدين… كونوا أنصار الله… فطوبى لمن استجاب، وطوبى لمن سارع.

وأرض المسلمين بها جيوش

كثير عدُّها للحاسبينا

مسلحةٌ إذا شاءت لراحت

تشُبُّ النار تقتلع الحصونا

إذا قمتم ترومون انتصاراً

وأرخصتم الغالي والثمينا

فلن يقف لأهل الكف بأس

إذا صرنا جبالاً صامدينا

ويومها سيسفر وجه الإيمان… ويقتم ويغبر ويظلم وجه الكفر والطغيان، وستدور دائرة السوء على كفار الأرض وعبدة الصلبان… فسحقاً لهم أجمعين…

يا عدة الإسلام في زمن الخذلان والاستسلام، أيرضيكم أن تستنجد بكم الأمة فلا تنجدونها… أفلا يعجل بقراركم قلوب دامية، وأفئدة مكلومة، وأعين دامعة، وشهقات مظلوم، وأنّات كسير، واستغاثة مستغيث، وزفرات محزون… ألا يستحثّ إرادتَكم نخوةٌ وغضبٌ لله ولدينه كما كان الأنصار… أيذل المسلمون وفيهم أشاوس وأسود مثلكم؟ أيُضام الحِمى والعقبان فوق الذرى تحوم؟ أيغيض الأمل وأنتم الرجال؟ ألا تكونون الأسرع انتداباً؟ هذه أمة الإسلام يحاط بها، هذه الدماء الطاهرة تسفح في كل مكان، هذه أرض الشام تئن أنيناً، وهذه أرض الكنانة تحنّ لأيام العزّ حنيناً، وهذا العراق وقد دمرت، وأفغانستان وقد استبيحت، وهذه فلسطين جرح نازف لا يرقأ… وها هم أعداء الله يجوسون خلال الديار… فعصفت العوادي، وتقلبت الأنواء ، وجفّ الحلق، وتساقطت الخوافي والقوادم، وذلت الأخادع، ولان الجماح ودان الطماح… فمن ذا يعيد لأمتنا الحياة، ومن  ذا يحيل جناننا ربعاً خصيباً، وثمراً قريباً، وورقاً نضراً، وزهراً ينفح، وورقاً فوق الأفنان يصدح… انها دولة الخلافة الراشدة، فهلاّ أعنتم المخلصين على انبعاث أيامها؟.

أحبابنا الغوالي: طلب النصرة والاستنصار لا يكون الا ممن سمت بهم هممهم وتعاظمت إرادتهم وجمحت بهم عزتهم وطفحت بالمجد إرداتهم… لا يكون الاستنصار إلا بالغوالي المخلصين الأتقياء، أهل المودة والصفاء… لايكون إلا في لحظات الإحاطة وفقدان النصير… لا يكون إلا بمن هو حاضر لكل ما هو آت.

فالله الله أيها الغوالي… دونكم المعالي فابتدروها… ألا يسبقنكم إلى نصرة دين الله سابق… الوحا الوحا أيها المتوثبون للانطلاق، فما عاد للمنتظرين من نصيب… السبق السبق أيها الأمجاد… فأولئك ركب الأبرار فوافوهم… أولئك ثلة العزة فغذوا السير معهم… أولئك روّاد الأمة في هذا الزمان، وهم إلى نصرة دين الله بكم ومعكم لبالأشواق… فلنعم الداعي، ولنعم المجيب، ولنعم دار الإسلام تشرق شمسها على الكون من جديد، والعاقبة للمتقين، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ) فكونوا أنصار الله وحواريي هذه الأمة، وعلى الله قصد السبيل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *