مقاييس الجمال عند المرأة: بين الغرب والإسلام (2)
2003/11/10م
المقالات
6,548 زيارة
مقاييس الجمال عند المرأة: بين الغرب والإسلام (2)
لقد حدّد المجتمع الغربي المقاييس التي تمثّل المرأة الجميلة، وهي أن تكون طويلة، رشيقة، جميلة، شقراء، مبهجة للحواس، خالية من العيوب… وصارت المرأة تقيّم بناءً على هذه المقاييس عوضاً عن تفكيرها وذكائها، وهذا ما صنع عند المرأة عقلية عدم الأمان، والهوس بمظهرها. فهل على المرأة أن تخدع بهذا؟ أم أن تفكر ملياً بالهوية الصحيحة، والصورة التي يجب أن تتبناها للحياة؟
لسوء الحظ أثّرت مقاييس الجمال، بحسب مفهوم الغرب، على الكثير من النساء، في العالم الإسلامي. والأمر ليس مفاجئاً؛ لأن الثقافة الغربية قد غزت عقول المسلمين، ولقد كان لإعلامهم الموجّه تأثيره البالغ في نقل صورة المرأة النموذجية بنظرهم، فالمجلات التي تتحدث عن طرق الحياة الغربية، وتعرض صورة المرأة النموذجية من مثل (فوغ) و(كوزموبوليتان) و(ماري كلير)… تنتشر في مدن، باكستان، وبنغلادش، وتركيا، ولبنان، ومصر،… وسائر مدن العالم العربي والإسلامي. ودور التجميل، التي تهتم بإبراز صورة المرأة الغربية المرغوبة، تتزايد بصورةٍ واضحة. ففي شهر تشرين الأول عام 2002 قدمت الـBBC تقريراً عن قصةٍ في أفغانستان تسمى (حرية أحمر الشفاه الأفغاني)، وناقشت القصة مشروعاً ممولاً من الولايات المتحدة، لتزويد المرأة في أفغانستان بمدرسة جمال ذات طابع غربي، وتبنى في كابول، داخل مجمع وزارة أفغانستان لشؤون المرأة، على أن يكتمل إنشاؤها في أيار 2003، هدفها تدريب بعض نساء أفغانستان على قص الشعر، وتجارة الجمال، مع تزويدها بمساحيق التجميل، من أرقى شركات أدوات التجميل مثل (ريفلون) و(ماك). فمن بين كل المشاكل التي تواجهها النساء في أفغانستان، من مثل المجاعة، وقلّة الوصول إلى المياه النظيفة، وتفشّي الأمراض، قرر الغرب أن الأولوية للمرأة الأفغانية، ويبدو واضحاً أن الهدف هو غرس الرغبة، في تقليد مظهر المرأة في الغرب، داخل عقول النساء.
ولسوء الحظ، مرةً أخرى، تبنّى عددٌ كبير من النساء المسلمات، صورة المرأة الغربية المبنية على الهوية الغربية، والنظرة الغربية للحياة، التي تقوم على فصل الدين عن الحياة، وصار معيار الجمال عندهن أن تكون الواحدة منهن: طويلة، شقراء، رشيقة، شابة، نحيفة، جميلة… وعند البحث عن فتاةٍ للزواج، ربما يبحث الولد أو والديه، عن فتاةٍ تلائم هذه المواصفات عوضاً عن البحث عن قوة دينها، عملاً بفكرة «الأكثر شقراء الأكثر جمالاً»، وصارت الفتيات يستخدمن أشياء متنوعة، لتفتيح لون جلودهن حتى التبييض، غير مباليات بالعواقب (أحد أنواع منتجات التبييض يسمى جولن، ارتبط اسمه بالسرطان). والممثلة الهندية (أشواريا راي) المشهورة تعجب بها الكثير من الفتيات الآسيويات بسبب بشرتها الفاتحة، وعينيها الزرقاوين بالإضافة إلى أن جراحة التجميل، والأنوروكسيا (مرض فقد الشهية) أصبحا أكثر انتشاراً، بين النساء المسلمات اللاتي يعشن في الغرب، وفي العالم الإسلامي. ومؤخراً ناقش البرنامج الوثائقي (الإيمان والأزياء)، على الـBBC بالتحديد، موضوع كيفية استطاعة المرأة أن تكون مسلمة، وتكون في الوقت نفسه جزءاً من دائرة الأزياء، وكان الهدف الأساسي من هذا البرنامج هو التركيز على المرأة المسلمة التي تعيش في الغرب، لتتبنّى فكرته عن الجمال، وكذلك العمل على تصدير صورة الجمال إليها، بهدف إدماجها في المجتمع على الطريقة الغربية، مما يسبب خسارتها لهويتها الإسلامية، ونسيانها لمسؤولياتها والتزاماتها كامرأةٍ مسلمة.
الإسلام وفكرة الجمال
على عكس الهوية الغربية التي جعلت العقل ورغبات الإنسان أساساً يحدّد كيف يعيش الإنسان في هذه الحياة، فإن الهوية الإسلامية مبنيةٌ على الإيمان باللَّه الخالق المدبر. فهو سبحانه وحده الذي خلق، ووحده الذي يعلم ما خلق، ووحده الذي يعلم ما يصلح لهذا الخلق من نظام وتدبير، ومعرفة وتنظيم…
وعلى عكس طريقة الحياة، التي تقوم على الحريات العامة بحسب المفهوم الغربي، والتي منها الحرية الشخصية، التي تقضي بحرية كل من الرجل والمرأة، في تحديد طريقة لباسهما، وشكل صورتهما، ونظرتهما لبعضهما، والعلاقات التي تنشأ بينهما، فإن المسلم، رجلاً كان أو امرأة، يعيش حياته على أساسٍ من طاعة ربه، ويعتقد أنه محاسب يوم القيامة على أعماله، على اعتبار أن ما يقوم به يجب أن يكون متقيداً بأوامر اللَّه ونواهيه. لذلك لم يترك الإسلام للمسلم، ذكراً كان أو أنثى، أن تكون حاجاته وغرائزه هي التي تقرر له نظامه، بل ما جاء في القرآن والسنة. قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)[الأحزاب/36].
وقد حدّد الإسلام للمرأة المسلمة الصورة التي يجب أن تتبناها في ظروف عديدة، ولمن تظهر جمالها الكامل.
– إن الصورة التي فرضت على المرأة المسلمة، في حضور غير المحارم (الذين يمكن أن تتزوج منهم)، هي أن كل جسدها عورة ما عدا وجهها وكفيها. ويحرم أن تكون ملابسها خفيفة بحيث تصف لون بشرتها، أو أن تكون ضيقة بحيث يمكن رؤية تفاصيل جسدها، فقد روى أبو داود عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلا المفصل». وقال تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النور/31]. بالإضافة إلى ذلك، لا يجوز للمرأة المسلمة، في حضور غير المحارم أن تتبرّج، أي أن تتزيّن بزينة تلفت النظر، قال تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)[الأحزاب/33].
– إن الإسلام قد فرض على المرأة المسلمة اللباس الشرعي في حياتها العامة، عندما تخرج من منزلها، وهذا اللباس مؤلّف من الخمار (غطاء للرأس بأكمله، والرقبة، وفتحة الثوب على الصدر) والجلباب (فستان من قطعةٍ واحدة يغطي ملابسها المنزلية، ويتدلى للأسفل حتى الأرض). وإذا غادرت المنزل بدون هاتين القطعتين من الملابس فسوف تكون مذنبة لأنها خالفت أمر خالقها. وعندما سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن التي ليس لديها جلباب، قال: «لتلبسها أختها من جلبابها».
ثم إن المسلمة بعد ذلك عليها أن تهتم بجمالها الخاص بحيث يكون لافتاً للنظر أمام زوجها فقط، وأن تظهر بما يجعلها جميلة، وأنيقة، ونظيفة، ومبهجة للنفس، في نظر زوجها، ومن غير أن تكون مهووسة بمعايير الجمال الغربية التي جعلت المظهر مقدماً على الجوهر، والتي جعلت المرأة كسلعة وليست كإنسانة، واستغلت أنوثتها استغلالاً غريزياً ممجوجاً. وهي باهتمامها بنفسها، ضمن تعاليم الإسلام، من غير مجاراة لطريقة الحياة الغربية، تضمن لنفسها رضى خالقها، ورضى زوجها، وحماية أسرتها من التفكك، والضياع، كما هي الحال في الغرب.
كيف تقيّم المرأة المسلمة نفسها
إن على المرأة المسلمة أن لا تقيّم نفسها، ذلك التقييم السطحي الذي تعتمده المرأة الغربية، بل عليها أن تفهم أن الاشتغال بمثل هذه الصورة غرضه إبعادها عن الاشتغال بالتفكير بتساؤلات الحياة المصيرية، من مثل الغرض الحقيقي للحياة، وكيف ينظم المسلم علاقاته في الإطار الصحيح. والمرأة المسلمة تفهم أن الأساس الذي تحكم به على نفسها ليس وجهها، بل تفكيرها وأخلاقها، ولا شكلها، بل كونها عبدةً مطيعة لخالقها. هذا هو النجاح في حياتها، ومفتاح السعادة الأبدية في الجنة. قال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الأحزاب/35]. فهي بذلك تقيّم نفسها على أساس تقواها وعملها الصالح. من هنا كان ميدان الصراع الذي تدخل فيه المرأة المسلمة، في حياتها، ليس البحث عن الجمال، أو محاولة تقليد المرأة الغربية، بل بناء شخصيتها على الإسلام، والعيش بحسب طريقة الحياة الإسلامية، في حياتها العائلية، وفي مجتمعها. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة».
أما الرجل المسلم، فإنه لا يحق له رؤية المرأة في أي وضعٍ يتمناه، بل إن الإسلام حدّد مواصفات المرأة التي يبحث عنها للزواج بها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تنكح المراة لأربع: لمالها وحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» فالمسلم الذي يسعى إلى مرضاة ربه يختار الزوجة الصالحة التي يكون فهمها للدين واضحاً، ويأتي في مقدمة الصفات التي تتحلّى بها المرأة، نظراً لما يترتب على هذا الاختيار، من حسن تربية الأولاد وتنشئتهم على أساس الإسلام.
وإذا كان المسلمون قد تأثروا بطريقة الغرب، في تقييم جمال المرأة، ففي ظل تطبيق الشريعة الإسلامية، سوف تنمو مفاهيم الإسلام وتنتشر: فعند توظيف المرأة سوف لا توظف بناءً على شكلها أو جمالها، وسوف لا تستخدم في أي عملٍ يستغل أنوثتها، بل سيكون توظيفها واستخدامها بناءً على كفايتها، مع المحافظة على مفاهيم الإسلام التي تحرم الاختلاط، والخلوة، وكشف العورة، وسوف تكون العلاقات التي تنشأ بين الرجل والمرأة في الحياة العامة، ضيقة، وبحدود الحاجة. وهذا ما يضمن للمرأة المسلمة أن تقيم بناءً على جودة عملها بدلاً من جمالها أو استخدام (سحرها الأنثوي)، ويمكنها أداء عملها كطبيبة أو مدرّسة أو مهندسة، أو عالمة،… دون خوفٍ من مضايقتها أو التحرّش بها، من قبل زملائها الرجال، كما يحدث في الغرب مما ذكرناه سابقاً. إن المرأة المسلمة عندما تقيّم بحسب شخصيتها، وذكائها، ومهارتها، فإن هذا يجعلها فاعلة في الحياة، إنسانة لها كرامتها وليست سلعةً تمتهن في سوق المتعة الرخيصة.
المرأة المسلمة هي المرأة المفكرة
إن المرأة المسلمة هي التي تفهم بوضوح ان غايتها في الحياة هي نوال رضى اللَّه تعالى. والمرأة المسلمة هي التي لا تنخدع بمقاييس الغرب للجمال، هي التي لا تضيع وقتها، وجهدها، ومالها، في محاولتها مجاراة التوقعات غير الواقعية لما تعرفه المجتمعات الغربية لِـ (المرأة الجميلة)، هي التي لا تجعل ممثلات الأفلام وعارضات الأزياء، والمغنيات، والفنانات،… قدوات لها، بل هي التي تبحث عن رضى الخالق، وتطلب الجنة في أعمالها، هي التي تتحلّى بالشخصية الإسلامية الراقية، هي التي تتّصف بالذكاء، والكرم والتواضع، والوفاء، والشجاعة، والتضحية، هي الزوجة المخلصة، والأم المضحية. لقد عرف المجتمع الإسلامي من قبل نساء كثيرات كنّ مفكرات، ومعلمات، ومقاتلات، وشاعرات، وسياسيات عظيمات، وحاملات للدعوة…
نساء مثل خديجة رضي اللَّه عنها، أول زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم، التي ساندت زوجها في الدعوة إلى الإسلام، وإلى تأسيس أول دولة إسلامية، وتحمّلت معه كل الصعوبات والمحن وواجهتها بشجاعةٍ وصبر، وقد أقامت في الشعب المقفر مع الرسول صلى الله عليه وسلم تشاطره الأذى وشظف العيش. وقد حزن الرسول صلى الله عليه وسلم لموتها حزناً شديداّ وكان يكثر الثناء عليها، وعندما قالت عائشة: قد أبدلك اللَّه عز وجلّ خيراً منها، زجرها وقال: «ما أبدلني اللَّه عز وجلّ خيراً منها، فقد آمنت بي، إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس» أخرجه أحمد. وقال عليه وعلى آله الصلاة والسلام: «حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون» رواه الترمذي. ويجمع هؤلاء النسوة أنهن آمنّ باللَّه، وحملن الدعوة، وتحمّلن الأذى في سبيل اللَّه.
نساء مثل فاطمة، ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي ظهر كرمها كالمنارة. فعندما حاول سلمان الفارسي رضي اللَّه عنه أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجد طعاماً لمسلمٍ كان جائعاً، لم يأكل منذ فترة، وكان قد طرق عدة منازل، وقصد عدداً من المسلمين ، فلم يجد أحداً حتى طرق باب فاطمة، فأخبرته بأنه ليس لديها شيءٌ لتأكله منذ ثلاثة أيام، ومع ذلك فقد أعطت سلمان قطعة قماش تملكها، وطلبت منه أن يبيعها إلى اليهودي شمعون، وأن يشتري بثمنها بعض الحبوب للمسلم الجائع. مما جعل اليهودي يسلم، وعندما أحضر سلمان الحبوب لها، طحنتها، وخبزتها أرغفة أرسلتها لليهودي ورفضت أن تأخذ لنفسها ولعائلتها منها شيئاً لأنها تصدقت بقطعة القماش كلها لوجه اللَّه تعالى.
نساء مثل عائشة، زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم التي كانت تملك عقلاً سديداً، وذاكرةً مذهلة، ناقلةً أكثر من ألفي حديث، وكان لها فهمٌ عميق لتفسير الحديث والفقه والشريعة.
نساء مثل الخنساء التي كانت شاعرةً ممتازة، استعملت شعرها في حثّ أبنائها على الجهاد، وكانت عندما يستشهدون تحمد اللَّه الذي شرّفها بشهادتهم، وتسأله أن يجمعها بهم في الجنة.
نساء مثل أم عمارة التي كانت مقاتلةً ماهرة، فقد قاتلت في أحد، وحمت الرسول صلى الله عليه وسلم بجسدها، وكان أينما أدار وجهه وجدها تقاتل لحمايته حتى دعا لها الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعلها وأهلها رفقاءه في الجنة.
نساء مثل سمية (أم عمار) زوجة ياسر التي كانت أول شهيدة في الإسلام، حيث ثبتت على العقيدة، وصبرت على تحمل الأذى، حتى فارقت الحياة على يد أبي جهل، والتي وعدها الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة حيث قال: «صبراً آل ياسر إن موعدكم الجنة».
نساء مثل أسماء بنت أبي بكر، تتحمل المشقات في مساعدة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وهما في الغار، في طريقهما إلى المدينة، والتي تحملت الأذى من أبي جهل الذي لطمها على وجهها لتدله على مكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتثبت وتصبر.
نساء مثل فاطمة بنت الخطاب التي ناقشت أخاها عمر بن الخطاب، فيضربها بسبب إسلامها، ثم تعجبه صلابتها وثباتها على دينها، فيسرع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم معلناً إسلامه.
النساء المسلمات مفكرات، لا يقلدن النساء الغربيات على عماها، ويسرن بحسب تعاليم دينهن ولو كانت ضد أنماط المجتمع السائدة. يكتسبن ثقتهن بأنفسهن من إيمانهن، ولا يربطن ثقتهن بمظهرهن، ولا ينشغلن بشكلهن على حساب شخصيتهن، ويفكرن بدورٍ لهن في إقامة الدين، واستئناف الحياة الإسلامية، كما كانت نساء المسلمين من قبل. وهذا معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «النساء شقائق الرجال» إنهن مثلهم في التكاليف، وتحمل المسؤولية إلا ما خصهن اللَّه به أو خص الرجال به .
[انتهى]
2003-11-10