العدد 201 -

السنة الثامنة عشرة شوال 1424هـ – كانون الأول 2003م

نصيحةٌ صادقةٌ [رسالة من جندي أميرِكيّ في العراق إلى ولده]

نصيحةٌ صادقةٌ

[رسالة من جندي أميرِكيّ في العراق إلى ولده]

ولدي، سلامٌ مِنْ أبٍ يتمزَّقُ
قدْ لا يَكُونُ لنا كلامٌ لاحِقٌ
فاقرأْ خِطابي واعتبِرْهُ وصيّتي
إِقرَأْ لِتَنْجُوَ مِنْ جُنونٍ حلَّ بي

في مِثلِ سِنِّكَ ضَلَّلُوني كي أرى
وَظَنَنْتُ… كيفَ ظننتُ؟ يا لسَذاجتي
كُنَّا نرى أنّا بلابِلُ غرَّدتْ
أَنَّا نعيشُ وغَيْرُنا في قَبْرِهِ
كم أَقْنَعُوني في المدارِسِ غَفْلَةً
لَمْ أَنْتَبِهْ أنَّ الزُّنوجَ استُبعِدوا
غَسَلُوا دِماغي، بَلْ أراهم لَوَّثُوا،
ونسِيتُ كم بَطَشَ الجدُودُ ليَغْصِبُوا
أَفْلامُ «هُوْلِيوُوْدَ» مُنْذُ ألِفْتُها
أنا ذا أرى موتَ الإله المُدَّعى

ها قد غدا اُسْطُولُنا أُضْحُوكةً
أَرْتالُ دبّاباتنا يَلْهُو بِها
أشلاءُ أَجْنَادِ المَرِنْزِ تَمَرَّغَتْ
شاهدتُهُمْ فَهَربْتُ دُونَ هَوادةٍ
لو كُنْتَ في كابولَ أو بغدادَ، هل
من أينَ يَنْهَمِرُ الرَّصاصُ مُهَشِّماً
أَوَ لَيْسَ قادَةُ جُنْدِنا مَنْ ردَّدُوا:
أين الوُرود؟! أَيَقْصِدون وُرُودَنا

الصَّخْرُ يَرْقُبُنا، وأَكْوامُ الثَّرى
«بَعْقُوبَةُ» امْتَشَقَتْ سيوفاً مُرَّةً
كُلُّ القَنَابِلِ حَوْلَ خَصْري لم تَزِدْ
أرْضُ «الرَّمادِي» أَحْدَثَتْ في ثَوْبِنا
فَتَكَشَّفَتْ عَوْرَاتُنا، فإذا بنا
زرعَتْ لنا «الفَلُّوجةُ» الأشْبَاحَ في
نَمْضي إلى رَجُلٍ نُرَجّي سَجْنَهُ،
فاقَتْ ضحايانا التَّقاريرَ الّتي

ولدي، أكادُ أُجَنُّ! ماذا فاعلٌ
أنا لا أُريدُ الموتَ أُشْبِعُ، غافِلاً،
أَقْنَعْتُهُمْ أَنّي جُنِنْتُ فَأَحْكَمُوا
لا تَعْجَبِ، آبني: تِلكَ دَوْلةُ باطلٍ
ها قد كَتَب
ْتُ إليكَ نَجْوى أَضْلُعي
فاحْرِصْ إذا طلبُوك جُندِيّاً إلى
أَتُساقُ شاةً نَحْوَ أَشْنَعِ ميتةٍ
ولدي، سلامٌ من أبٍ يتمزَّقُ

 

 

 

 

@ @ @

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

@ @ @

 

 

 

 

 

 

 

 

@ @ @

 

 

 

 

 

 

 

 

@ @ @

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وَلِمُلْتَقى أَحْبابِهِ يَتَحَرَّقُ
إنْ ظَلَّ يَحْكُمُنا الرئيسُ الأَخْرَقُ
لا تَبكِ. إنْ تَفْعَلْ فجُرْحي أَعْمَقُ
اِقرأ وثِقْ أنّي بقولي أَصْدُقُ

تاريخَ أمْرِيكا ندىً يَتَرَقْرَقُ
أنا نقولُ وغيرُنا لا يَنْطِقُ
والنَّاسُ بومٌ في الخرائِبِ تَنْعَقُ
وننامُ أَمْناً والبرِيَّةُ تَأرَقُ
أنَّ العدالةَ مِنْ رُبانا تُشْرِقُ
من قاعةِ التَّدْريسِ حِينَ تَفَوَّقُوا
بالقَوْلِ: نَحْتَرِمُ الشُّعوبَ ونُعْتِقُ
أرضَ الهُنودِ الحُمْرِ ساعةَ أُحْرِقوا
جعلتْ مشرَّدَنا إلهاً يَخْلُقُ
مُنْذُ انْغَمَسْنا في رِمالٍ تُغرِق

غرِقَ الكُهُولُ بها الشُّهورَ وأَغْرَقوا
صِبْيانُ حّيٍّ أَقْبَلُوا وتَدَفّقُوا
تَحْتَ النِّعالِ، وكُنْتُ حَيّاً أُرْزَقُ
لا.. لا تَلُمْني، فالحقيقةُ تَصْعَقُ
سَيَظلُّ قَلْبُكَ ثابتاً لا تَفْرَقُ؟؟
أجسادَ إخواني بِعَزْمٍ يُقْلِقُ؟
«تُسْتَقْبَلُون بِكُلِّ وَرْدٍ يَعْبَقُ»؟
مُسْتَنْقَعَ الأَحْتاف، نَفْنى، نَزْهَقُ؟

وَتَشِي بنا الأَشْجارُ لو نَتَسَلَّقُ
جَعَلَتْ بنادِقَنا حمِيراً تَنْهَقُ
فِيَّ الشَّجاعةَ، بَلْ كأنّي مُوْثَقُ
مِنْ وَاسِعِ الفَجَواتِ ما لا يُرْتَقُ
دُونَ الرّجالِ، وضَاعَ مِنّا المَنْطِقُ
طُرُقاتِها، وبِكُلِّ بابٍ يُطْرَقُ
وإذا بِنا السُّجناء، وَهْوَ المُطْلَقُ
في البِنْتَغُونِ، وتَخْتِ بوشَ، تُلَفَّقُ

أنا ههُنا؟ وفمي، لخوفي، مُطْبَقُ
جَشَعَ الرئيسِ ومَنْ له قد صَفَّقُوا
بابي، وخَلْفَ البابِ رُكْنٌ ضَيِّقُ
لا تَسْتَجيبُ لعاقلٍ يتوثَّقُ
والحِبْرُ أَحْمَرُ، لا –
كَدَأْبي – أَزْرَقُ
بَغْدادَ أَنْ تَأْبى، وإن هُمْ أَغْدَقُوا
وإذا سَلِمْتَ، لكَ الجنونُ المُطْبِقُ؟
ولِمُلْتَقى أَحْبابِهِ يَتَحَرَّقُ
q

أيمن القادري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *