العدد 201 -

السنة الثامنة عشرة شوال 1424هـ – كانون الأول 2003م

الحرب الإعلامية على أشُدّها

الحرب الإعلامية على أشُدّها

          الحكواتي هو شخصٌ كان في الماضي يمارس دور رواية قصص الزير سالم، وما شابهها، لمجموعةٍ من الناس في مكان معين، حيث لم يكن وقتها وجود للتلفاز والمذياع والصحف والأنترنت، وكان هذا الحكواتي يتقاضى أجرة من الحضور، قد تكون في شكل سلع عينية، وليس نقداً من الذهب والفضة والعملة الورقية.

          تذكرنا بعض البرامج التلفزيونية بهذا الحكواتي، لكن الفرق بينهما أن حكواتي اليوم يروي قصصاً حقيقيةً، بطريقة مثيرة، ولكن ليس لمجرد الإثارة، بل من أجل التأثير، الذي يستغل مشاعر المشاهدين، ويوجّهها في الاتجاه الذي يخدم سياسة العرّاب الكبير، الذي يموّل هذه البرامج، بل هذه القنوات، لمصلحة عرّابه الأكبر.

          الأمة تُذبح من الوريد إلى الوريد، والحكواتي يستمر بدوره، والحكواتي هنا هو الدور والعقلية وليس المقصود به الشخص.

          إن كل المحطات التلفزيونية مُسَيَّسة، وتابعة لجهة ما، أو دولة ما، محلية كانت هذه الدولة أو دولية، ويُخطئ من يظن أن هذه المحطات أُنشئت تلبيةً لحاجات الناس ومطالبهم الذاتية، فهذه الأبواق الإعلامية تخدم سياسات معينة من خلال برامج يحسبها الظمآن ماءً، وما هي سوى مصيدة للجهلاء المضلَّلين، فهذه المحطات التي يُنفق عليها ملايين الدولارات، ليست نافذة صالحة لإيصال فكرة صالحة، ولن تكون كذلك؛ لأن القائمين عليها يشوّهون الفكرة قبل أن تصل إلى أذهان وعقول المستمعين، بل هم يحرّفون الكَلِمَ عن مواضِعِهِ، ويبغونها عِوَجاً، وهذا المتّصل بالتلفاز ليدلي بدلوه يحرق أعصابه ويحرق أمواله لكي يوصل رسالة يريدونها أن تصل مهزوزة، أو مُشوّهة.

          المطلوب من المشاهدين أن يتعاملوا مع برامج الحكواتية، بوصفها برامج، الغرض من ورائها نشر أفكار سياسية غير بريئة، أوعقائد منحرفة، أو مفاهيم مغلوطة. والمطلوب من المشاهدين كذلك أن يأخذوا خير هذه البرامج، ويحذروا من شرّها، فإن هؤلاء الحكواتيين لا يقلّون خطراً عن غيرهم من الحكّام والسياسيين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *