العدد 201 -

السنة الثامنة عشرة شوال 1424هـ – كانون الأول 2003م

مفهوم مضلل: ينبغي فصل الدين عن السياسة

مفهوم مضلل: ينبغي فصل الدين عن السياسة

هذا المفهوم مفهوم كفر، بل هو الفكر الأساسي للرأسمالية، أي هو العقيدة التي بني عليها المبدأ الرأسمالي. ونشأة هذا المفهوم معروفة مشهورة ولا حاجة للخوض فيها. والمسلمون الذين يعرفون دينهم لا يخفى عليهم أن فصل الدين عن السياسة، أي عن الدولة، معناه تعطيل الدين ووضعه على الرف، واستبدال الديموقراطية به، وهي حكم الشعب للشعب وبالشعب، أي أن الأمة هي مصدر السلطات الثلاث، بالإضافة إلى إعطاء الحريات وإطلاقها للناس،،، كما هو معروف في دول الرأسمالية. وقد فصل الشيخ عبد القديم زلوم رحمه الله في كتابه الديموقراطية نظام كفر في هذه المسألة، وسبقه الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله في بيان فساد هذه العقيدة، أي فصل الدين عن الحياة، في كتابه نظام الإسلام وفي مواضيع أخرى، فمن أراد التفصيل فليرجع إلى هذين الكتابين.

  والذي أود الإشارة إليه هنا، هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا بهذه الفتنة التي يرتد فيها الناس ويكفرون، وذلك بنفاقهم نفاق عقيدة لا نفاق عمل، أي نفاق تكذيب، كما رواه الترمذي عن الحسن البصري. فبعد أن أخرج حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، الذي يرويه البخاري أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصـلة من النفـاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر” قال الترمذي: هذا حديث حسن صحـيـح وإنما معنى هذا عند أهل العلم نفاق العمل وإنما كان نفاق التكذيب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روي عن الحسن البصري شيء من هذا حيث قال: النفاق نفاقان نفاق العمل ونفاق التكذيب. انتهى كلام الترمذي.

  والذي نحن فيه منذ أن لطمتنا فتنة الدهيماء هو نفاق تكذيب، وهو ما أخبر به الصادق المصدوق، فالذي ينادي بفصل الدين عن السياسة، أو عن الدولة، أو عن الحياة، معتقداً ما ينادي به فهو منافق نفاق تكذيب لا إيمان فيه. أخرج أحمد وأبو داود والحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قعوداً فذكر الفتن فأكثر ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس، فقال قائل يا رسول الله وما فتنة الأحلاس؟ قال هي فتنة هرب وحرب. ثم فتنة السراء دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يزعم أنه مني وليس مني إنما وليي المتقون. ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع. ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته فإذا قيل انقضت تمادت يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه. إذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من اليوم غد” فقوله صلى الله عليه وسلم “وفسطاط نفاق لا إيمان فيه” دليل على أن النفاق المذكور هو نفاق تكذيب أي نفاق عقيدة لا نفاق عمل. فمن اعتقد عقيدة الاشتراكية أو الشيوعية أو الرأسمالية كان من فسطاط النفاق الذي لا إيمان فيه. ويؤيد هذا حديث أبي هريرة عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا” وهذا الحديث يدل صراحة بمنطوقه على أن بعض المؤمنين يكفرون في هذه الفتن التي أظلتنا.

  ومن الجدير بالذكر أن الفسطاطين لا ذكر للكفر فيهما، فالكفر له فسطاطه لكنه غير مذكور في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فالكلام عن فسطاط الإيمان وفسطاط النفاق، أسأل الله أن يوسع فسطاط الإيمان ويثبت أركانه، ويعلي عموده، وأن يوهن فسطاط النفاق ويهدمه على رؤوس أهله بعد أن ينجي من شاء إلى فسطاط الإيمان .

ع.ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *