العدد 202 -

السنة الثامنة عشرة ذو القعدة 1424هـ – كانون الثاني 2004م

البيعة على النصرة (8) الجهاد ليس طريقاً لإقامة الخلافة

رياض الجنة

قالَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذا مَرَرْتُمْ برِياضِ الجَنَّةِ فَارْتَعُوا»

البيعة على النصرة (8)

الجهاد ليس طريقاً لإقامة الخلافة

– أخرج البخاري، في حديث أسامة بن زيد، رضي اللَّه عنهما: «وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب، كما أمرهم اللَّه، ويصبرون على الأذى، قال اللَّه عزّ وجلّ: (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)[آل عمران/186] وقال: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) إلى آخر الآية. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو ما أمره اللَّه به، حتى أذن اللَّه فيهم».

– وأخرج النسائي والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبي بمكة، فقالوا: يا رسول اللَّه، إنا كنا في عزٍّ ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة. فقال: «إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا». يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: (كان المسلمون، في ابتداء الإسلام، وهم بمكة، مأمورين بالصلاة والزكاة، وإن لم تكن ذات النصب، وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء منهم، وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين، والصبر إلى حين، وكانوا يتحرّقون ويودون لو أمروا بالقتال ليشتفوا من أعدائهم. ولم يكن الحال إذ ذاك مناسباً لأسباب كثيرة، منها قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد عدوهم، ومنها كونهم في بلدهم، وهو بلد حرام، فلهذا لم يؤمروا بالجهاد إلا بالمدينة، لما صارت لهم دار منعة وأنصار).

– وقال الشافعي في كتاب أحكام القرآن: (ولما مضت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فترة من هجرته أنعم اللَّه فيها على جماعات باتباعه، حدثت لهم بها، مع عون الله عزّ وجلّ، قوة العدد، لم يكن قبلها، ففرض الله عزّ وجلّ عليهم الجهاد، بعد إذ كان إباحة لا فرضاً، فقال تبارك وتعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ)).

وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد أن اللَّه سبحانه كان يأمر المؤمنين (بالصبر والعفو والصفح، حتى قويت الشوكة، واشتد الجناح، فأذن لهم حينئذٍ بالقتال ولم يفرضه عليهم، فقال تعالى:( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)[الحج]. … ثم فرض عليهم القتال بعد ذلك لمن قاتلهم، دون من لم يقاتلهم، فقال:( وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ)[البقرة/190]. ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة، وكان محرماً، ثم مأذوناً به، ثم مأموراً به لمن بدأهم بالقتال، ثم مأموراً به لجميع المشركين).

– ولابن تيمية مثل هذا الكلام في الجواب الصحيح (1/74).

(الوعي): إن من ينظر إلى تشريع الجهاد وارتباطه بإقامة الدولة الإسلامية، فإنه يرى أن حكم الجهاد لم يشرع إلا بعد إقامتها، وبالتالي لم يكن طريقاً لإقامتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *