العدد 203 -

السنة الثامنة عشرة ذو الحجة 1424هـ – شباط 2004م

البيعة على النصرة (9) عدم الالتفات إلى كثرة العدو وما عنده

البيعة على النصرة (9)

عدم الالتفات إلى كثرة العدو وما عنده

– أخرج البيهقي عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: (شهدت مؤتة، فلما دنا منا المشركون رأينا ما لا قبل لأحد به من العدة والسلاح والكُراع (النخيل)، والديباج والحرير والذهب، فبرق بصري، فقال لي ثابت بن قرم، رضي اللَّه عنه: يا أبا هريرة، كأنك ترى جموعاً كثيرة؟! قلت: نعم، قال: إنك لم تشهد بدراً معنا، إنا لم ننصر بالكثرة) ذكره ابن حجر في الإصابة.

– وأخرج الطيالسي عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وأخرج نحوه الطبراني في الأوسط قال: كتب أبو بكر رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص: (سلام عليك، أما بعد، فقد جاءني كتابك تذكر ما جمعت الروم من الجموع، وإن اللَّه لم ينصرنا مع نبيه صلى الله عليه وسلم بكثرة عدد، ولا بكثرة جنود، وقد كنا يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معنا إلا فَرَسان، وإن نحن إلا نتعاقب الإبل، وكنا يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معنا إلا فرس واحد، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركبه، ولقد كان يظهرنا ويعيننا على من خالفنا، واعلم يا عمرو أن اطوع الناس لله أشدهم بغضاً للمعاصي، فأطع الله ومر أصحابك بطاعته).

– وأخرج ابن جرير في تاريخه عن عبادة وخالد، رضي الله عنهما، قالا: قال رجل لخالد: ما أكثر الروم وأقلّ المسلمين؟! فقال خالد: ما أقل الروم وأكثر المسلمين؟! إنما تكثر الجنود بالنصر، وتقل بالخذلان، لا بعدد الرجال، والله لوددت أن الأشقر (فرس خالد) براء من توجّيه (شكوى الفرس من باطن حافره) وأنهم أُضْعِفوا في العدد، وكان فرسه قد حفي في مسيره (من العراق إلى الشام).

– أخرج أحمد بن مروان بن المالكي في المجالسة عن أبي اسحاق، (وكذا في البداية، وابن عساكر عن ابن اسحاق بنحوه)، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يثبت لهم العدو فواق ناقة عند اللقاء، فقال هرقل، وهو على انطاكية، لما قدمت منهزمة الروم: ويلكم!! أخبروني عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم، أليسوا بشراً مثلكم؟! قالوا: بلى، قال: فأنتم أكثر أم هم؟! قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافاً في كل موطن، قال: فما بالكم تنهزمون؟! فقال شيخ من عظمائهم: من أجل أنهم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصفون بينهم. ومن أجل أنا نشرب الخمر، ونزني ونركب الحرام، وننقض العهد، ونغصب، ونظلم، ونأمر بالسخط، وننهى عما يرضي الله، ونفسد في الارض، فقال: أنت صدقتني .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *