العدد 218 -

السنة التاسعة عشرة ربيع الأول 1426هـ – نيسان 2005م

يا نساءً بعمائم ولحى

يا نساءً بعمائم ولحى

خطب ابن الجوزي، رحمه الله، الناس، أيام الغزو الصليبي لديار المسلمين في الجامع الأموي بدمشق، فقال:

أيّها الناس،

مالكم نسيتم دينكم، وتركتم عزتكم، وقعدتم عن نصر الله، فلم ينصركم؟! حسبتم أن العزة للمشرك، وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. يا ويحكم، أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطر على أرضكم التي سقاها بالدماء آباؤكم، يذلكم ويستعبدكم وأنتم كنتم سادة الدنيا، أما يهز قلوبكم وينمي حماستكم مرأى إخوان لكم قد أحاط بهم العدو، وسامهم ألوان الخسف، أفتأكلون وتشربون وتتنعمون بلذائذ الحياة وإخوانكم هناك يتسربلون اللهب، ويخوضون النار، وينامون على الجمر؟!

يا أيّها الناس

إنها قد دارت رحى الحرب، ونادى منادي الجهاد، وتفتحت أبواب السماء، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب، فافسحوا الطريق للنساء يدرن رحاها، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل يا نساءً بعمائم ولحى. أو لا؟

فإلى الخيول، وهاكم لجمها وقيودها.

يا ناس. أتدرون مما صنعت هذا اللجم والقيود؟

لقد صنعها النساء من شعورهن لأنهن لا يملكن شيئاً غيرها. هذه والله ضفائر المخدرات لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظاً، قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة، الحرب في سبيل الله، ثم في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض.

فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها، فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وضفائر، إنها من شعور النساء، ألم يبق في نفوسكم شعور؟!

وألقى اللجم من فوق المنبر على رؤوس الناس وصرخ.

ميدي يا عمد المسجد، وانقضي يا رجوم، وتحرقي يا قلوب ألماً وكمداً، لقد أضاع الرجال رجولتهم.

رحمك الله، هذا قولك لمن بلغ ملكهم الأندلس وبلاط الشهداء. فماذا ستقول لنا؟ وبمَ ستصفنا لو رأيت حالنا اليوم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *