العدد 218 -

السنة التاسعة عشرة ربيع الأول 1426هـ – نيسان 2005م

إصلاح أم تغيير؟

إصلاح أم تغيير؟

نشرت صحيفة «الوسط» العدد (33) في 15/12/2004م مقالاً بعنوان (هل اليمن بحاجة إلى إصلاح في النظام السياسي؟ وما هي هذه الإصلاحات؟) وقد أرسل الأخ ناصر اللهبي من حزب التحرير – ولاية اليمن – الرد التالي الذي نشرته «الوسط» في عددها 35 بتاريخ 29/12/2004م والوعي تنقله لما فيه من فائدة:

النظام السياسي بحاجة إلى تغيير لا إصلاح

طالعتنا صحيفة «الوسط» الغراء في عددها 33 بتاريخ 15/12/2004م في الصفحة الخامسة بـ(تحقيق) حول الإجابة على سؤال (هل اليمن بحاجة إلى إصلاح في النظام السياسي؟ وما هي هذه الإصلاحات؟).

والحقيقة التي لابد أن ندركها، إن النظام السياسي في اليمن، وفي غيره من بلدان العالم الإسلامي، بحاجة إلى تغيير وليس إلى إصلاح. والتغيير هو تغيير المفاهيم والقناعات والمقاييس، أي تغيير الأفكار والأنظمة التي تحكمنا، وليس تغيير الأشخاص فقط، فالسؤال الذي يطرح: ما هو النظام السياسي؟

فالنظام السياسي هو:

(مجموع القوانين والأنظمة، والأجهزة التي تطبق الأنظمة والقوانين، وعلاقة تلك الأجهزة بالشعب ومصالحه).

وبنظرة ثاقبة إلى تلك الأنظمة والقوانين نجد أنها أساس الفساد في النظام السياسي الحالي، فهي عبارة عن ثغرات للفساد الحالي والإداري، إضافة إلى أنها لا تفي بمتطلبات الشعب، ولا تضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم، أي إن القواعد التي يبنى عليها نظام الحكم ما هي إلا شعارات أخذت صوراً شكلية من الأعمال، وألفاظاً متعددة من الأسماء. وينقص مفاهيم الحكم تلك التبلور والنقاء والصفاء، بل هي أفكار عامة، غامضة أو شبه غامضة.

فالحريات، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحرية الصحافة، ما هي إلا مفاهيم غائمة عائمة، وأسلوب للتسول والتوسل لدى الغرب؛ ولهذا ليس البحث في الإصلاح، بل البحث في التغيير، أي تغيير النظام السياسي وليس إصلاحه.

فمثلاً، الديمقراطية حكم الشعب، هي فكرة خيالية وكذبة كبرى، فالشعب لا يحكم بل الذين يحكمون هم المتنفذون وأهل المال والجاه والسلطة، والشعب لا يحكم أساساً، والحقيقة الساطعة أن أقلية الشعب هم الحكام وليس الأغلبية منه. فمثلاً في الانتخابات النيابية، الذين انتخبوا تقريباً كانوا أربعة ملايين من عشرين مليوناً، فأين هو الشعب؟ وحتى أين ربعه؟ فمقولة إن الشعب هو الذي يحكم كذبة كبرى. وكذلك في الانتخابات الرئاسية والمحلية.

والقول بأن الأغلبية هي التي تحكم أيضاً كذب. فأعضاء مجلس النواب لا يمثلون حتى 25% من الشعب، والقرار يصدر بـ51% من الأعضاء في المجلس، إذاً فالقرار يصدره (25 × 51 = 12.75%) إذاً لا يتجاوز 13% عدد الذين يصدرون القرار أو يصوتون على القانون من الشعب. إذاً هذه كذبة كبرى؛ ولهذا لابد من إيجاد نظام بديل لهذه الديمقراطية الزائفة التي كذبوا علينا بها.

وإذا أضيف إلى ذلك أن النظام السياسي يضع القوانين لحمايته وحماية مصالحه، كقانون الأحزاب، وقانون الصحافة والمطبوعات والنشر، والقوانين الاقتصادية والسياسية، وقانون الانتخابات، وقانون المظاهرات والمسيرات، فهو يضعها ويكيفها لمصلحته؛ ولهذا تجد رؤساء تلك الهيئات أو الوزارات أو المؤسسات يتحدثون وكأنهم فرع للحزب الحاكم، أو فصيل لأجهزة الأمن، فالتغيير أساساً هو تغيير الدستور والقوانين وليس فقط الأشخاص.

وكذلك لابد من الدعوة إلى إزالة هيمنة السلطة على المؤسسات، وإزالة وتغيير السياسات الخاطئة التي تنتهج حتى الآن!

أما القضاء فحدث ولا حرج، فقوانينه تحتاج إلى تغيير، وكذلك إجراءاته الإدارية بحيث تقوم على ثلاثة أمور:

1- البساطة في النظام.

2- الإسراع في إنجاز القضايا والتقاضي.

3- الكفاية والقدرة والتقوى فيمن يتولون تلك الأجهزة حتى يحق الحق ويبطل الباطل.

إن التغييرات يجب أن تكون في الأفكار التي تحكم، وفي العقلية التي تدير هذا النظام السياسي، أي لابد من إيجاد هدف وغاية وقضية مصيرية للنظام السياسي حتى تتجمع كل الجهود والأموال لخدمة الهدف أو الغاية أو القضية المصيرية. ولكننا فاقدون لقضيتنا، سائرون على غير هدى، ننشد الإصلاح من الخارج، ولا نريد أن نلوم أنفسنا، بل بلاؤنا ممن هم من جلدتنا ويتكلمون بلساننا.

فحقوق المواطنة، وتوزيع الثروة على الناس بالحق والعدل، وإيجاد أناس يعملون لمبدأ وليس لمصاح شخصية أنانية، وإيجاد التعليم والتطبيب المجاني بعيداً عن المتاجرة بعقول وأرواح وأموال الشعب، هي من أسس التغيير.

إن الأحزاب والمؤسسات المدنية هي أساس التغيير أو الإصلاح، ولكن إذا خرجت هذه الأحزاب من عباءة النظام السياسي، وأصبحت تُسبح بحمده ليلاً ونهاراً، فلا أمل فيها، ولا في التغيير، ولا في الإصلاح. والأصل في الأحزاب أنها هي المحاسبة والقائمة على فكر المجتمع وحسه، وهي المناضلة والمتبنية لمصالح الناس، وبالتالي سيجد النظام السياسي المعوج طريقة للتغيير أو الإصلاح.

ولذلك فإننا ندعو إلى تغيير الدستور والقوانين، وليس إصلاحها؛ لأن إصلاحها يطيل عمر الفساد ويجمل صورته؛ لأن الإصلاح يعني إطالة عمر الشيء. فإصلاح السيارة لإطالة عمرها. وكذلك إصلاح النظام السياسي هو إطالة لعمره؛ ومن هنا لابد من التغيير المبني على غاية، وهدف، وقضية مصيرية، وأفكار، وطريقة صحيحة لتحقيق الغاية والوصول إليها، وهذا التغيير لا يكون إلا بإيجاد دستور إسلامي منبثق من كتاب الله وسنة رسوله، يعطي الحقوق، ويفرض الواجبات، ويوزع الأموال والثروة على الناس بالحق والعدل، ولا يكون ذلك إلا بإقامة دولة الخلافة الراشدة القادمة قريباً، إن شاء الله تعالى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *