العدد 218 -

السنة التاسعة عشرة ربيع الأول 1426هـ – نيسان 2005م

صدق نبوءة «حزب التحرير»

صدق نبوءة «حزب التحرير»

نشرت صحيفة الحياة السودانية، العدد (686) بتاريخ 3/3/2005م، مقالاً تحت عنوان: «حزب التحرير وصدق النبوءة» بقلم أمينة الفضل، تعلق فيه على فاجعة اتفاقيات الانفصال مع المتمرد قرنق، والتي تبعها مطالبات مثيلة في مناطق أخرى. وتُذَكِّر الصحيفة بتحذيرات حزب التحرير في السودان المتوالية للنظام السوداني، من نتائج هذه الاتفاقيات من مآسٍ في الدنيا، فضلاً عن العذاب في الآخرة. و«الوعي» تنشر هذا المقال لإطلاع القراء عليه:

حزب التحرير وصدق النبوءة

 

في منتصف العام 2003م، أصدر حزب التحرير بياناً عنوانه: «تقرير المصير.. حق أم جريمة؟» وقد تناول فيه اتفاق مشاكوس الإطاري، والذي اعتبره سابقة خطيرة، بل من أخطر ما مر على السودان. هذه السابقة هي حق تقرير المصير أو «الانفصال» ودعم حزب التحرير حديثه بأحاديث نبوية، وأوضح خطورة هذا الاتجاه الذي يكرس لتقطيع أوصال البلاد، وفتح الباب لمناطق وجهات أخرى للمطالبة بحق تقرير المصير، دون أن تستطيع الحكومة رفض هذه المطالبات؛ لأنها قد استنت هذه السنة مع الجنوب..

وذهب حزب التحرير لأكثر من ذلك حينما نصح الحكومة بالتنصل من اتفاق مشاكوس كما تنصل منه قرنق، محذراً الحكومة من أن التودد لقرنق وحركته في الفترة الانتقالية لن يثنيه عن الانفصال؛ لأنه رجل ذو طبيعة متمردة، وهو يكذب إن قال إنه وحدوي، محاولاً الاستفادة من كل شيء لجذب عضوية لحركته. كان هذا تحذيراً من حزب التحرير قبل توقيع اتفاقية السلام، والذي أصبح واقعاً لكنه غير معاش لأسباب يعلمها الجميع، أولها استفزازات وتعالي قرنق، وليس آخرها المطالبة بدولة علمانية لا يرتفع الأذان في مدنها..

نحن نعيش الآن تحقيق ما تنبأ به حزب التحرير، ولو أن الحكومة استجابت لنصح العقلاء لما لعق الجميع أصابع الندم بعد التوقيع، إذ أصبح قرنق كفقاعة الصابون لا يستطيع أحد الإمساك به، وبدأ منذ الآن، وقبل أن تنفذ بنود الاتفاق على أرض الواقع، باستغلال هذه الفرصة وكسب الوقت بالدعاية لحركته التي تحولت بقدرة قادر لحزب سياسي جاء من أحراش غابات الجنوب ليجلس على مقاعد القصر الجمهوري، حتى دون أن يكبد نفسه مشقة طلب تسجيل هذا الحزب السياسي العجيب، ولم لا؟. فهذا زمانك يا مهازل فامرحي!!

ولشد ما أثار ضحكي هو انضمام بعض أبناء الشمال، ممن لا يثبتون على مبادئ، لحركة قرنق «مخلِّص» المهمشين الذين يريدون امتطاء صهوة موضة العلمانية اليائسة، أو يجدون لهم موطئ قدم لتحقيق رغباتهم الذاتية، وليس حباً لوطن، أو عملاً لمبدأ، أو احتراماً لقضية… هؤلاء تائهون، ولهم العذر، لكن قرنق سيستخدمهم درجات سلم يصعد بها حيث يريد ثم يركلها غير عابئ، فمن باع وطنيته ودينه بثمن بخس دراهم معدودة حري بنا ألا نذرف عليه الدموع…

وكما وقعت الحكومة مع قرنق اتفاقاً يعطيه حق تقرير المصير، فإن جهات كثيرة الآن تطالب، وستطالب، والطريق طويل… وهذه ثغرة فتحتها الحكومة، وعليها إغلاقها، فلازالت دارفور تحترق، والشرق آت..! .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *