العدد 157 -

السنة الرابعة عشرة _ صفر 1421هــ _ أيار 2000م

المـوقـف سـلاح

          قالوا إن الشيخ الفلاني حكيم ومحنك ويتمتع بدهاء استطاع بواسطته أن يحقق ما لم يستطع غيره أن يحققه بقوة السلاح وسوء التصرف. فالمسألة ليست صراخاً وضجيجاً وتطرفاً، فهو يتمسكن لكي يتمكن، ويريد أن يأكل عنباً لا أن يضرب الناطور.

          نعم هكذا بكل بساطة يقيسون الأمور وكأنهم يبيعون صنفاً من الأصناف في سوق من الأسواق. وحينما يحتد النقاش يزداد بحث الشيخ عن مسوغات لانهزاميته، فيحاول إقناع نفسه وغيره بأن هذا الطريق هو الأسلم في ظل انتشار القمع السائد في هذا الشرق المنكوب بالقمع.

          إن المدافعين عن مواقف هذا الشيخ يمنّون على الناس بأن شيخهم استطاع بحنكته أن يمكّن الناس من مواصلة التدين والقيام بفرض الصلاة وارتياد المساجد وحضور درس ديني فيها، ونسي هؤلاء المدافعون أن هذا الحق للمسلمين هو حق مكتسب لهم لكونهم مسلمين منذ 1400 عام، ولم يتوقف في يوم من الأيام ولن يتوقف، ولن يتجرأ أي طاغوت على وقفه. لذا فهو ليس منّة من أحد، ولا ينبغي لأي إنسان أن يدعي أنه هو صاحب الفضل في بقائه واستمراره.

ولو أن هذا الشيخ وقف موقفاً شجاعاً بقول كلمة حق عند السلطان الجائر لكان ذلك أكثر أهمية من كل ادعاءاته، ولكان وَقْعُ هذه الكلمة أكثرَ من هول الزلزال على هذه الأنظمة المتداعية، المتهالكة على مصالحة اليهود. فهذه تخشى كلَّ كلمة حق، وكلَّ موقف، وكلَّ جرأة في الحق.

          رحم الله من قال: «الموقف سلاح والمصافحة اعتراف»، ذلك الشهيد الذي رفض مصافحة الحاكم العسكري اليهودي وأطلق هذه الصرخة فاقتدى به عشرات الشباب وتعلموا منه الجرأة في قول الحق، والقوة في الموقف، فالموقف سلاح.

          إن كلمة الحق التي يقولها العالِم أو الشيخ تعادل في وزنها آلاف الكلمات التي تقال من غيرهم، لذلك فإن الأنظمة تخشى صدورَ الكلمة من هؤلاء، فتستدرجهم ليقولوا الكلمة التي تطيل عمر النظام، وتُبقي الناس في تبعية عمياء مخدَّرين بشعارات جوفاء تصدر من علماء السلطة، فينام الناس باطمئنان على مستقبلهم ومستقبل عقيدتهم وإسلامهم، في ظل الوهم المصطنع في قوالب السلطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *