العدد 223 -

السنة التاسعة عشرة شعبان 1426هـ – أيلول 2005م

الصبر في طاعة الله

الصبر في طاعة الله

وصلتنا هذه الرسالة التي كتبها بعض شباب حزب التحرير من الموجودين في سجن (الجاسليك) في أوزبيكستان. علماً أنه يوجد حوالي ثمانية آلاف (8000) سجين من حزب التحرير في سجون أوزبيكستان، وغالبية أحكامهم بين عشر سنوات وعشرين سنة. ولم يجد الظالمون لهم من جريمة إلا أنهم يدعون إلى الإسلام وإلى إقامة الخلافة. ورغم محاولات الظالمين في الترغيب بالعفو عنهم إن هم تركوا دعوتهم، والترهيب بممارسة أقسى صنوف التعذيب إن هم استمروا في حمل الدعوة، فإن الله يثبّت هؤلاء الشباب ويمدهم بالصبر، ونسأله أن يكافئهم بالنصر والأجر إن شاء الله، وفيما يلي مقاطع من الرسالة:

(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)  [البقرة:250].

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، السلام عليكم أيها المسلمون في جميع العالم ورحمة الله وبركاته.

إننا نتوجه برسالتنا هذه إلى كل مسلم يؤمن حقاً بإسلامه في بلدنا هذا أو في أية بقعة من العالم، كي يعرفوا حقيقة الحال لمسلمي أوزبيكستان الذين اختاروا العمل لإعادة الإسلام إلى الحياة، الذين يعملون لتكون كلمة الله هي العليا وكي يعلموا كيف يتصرف حاكم أوزبيكستان اليهودي الحاقد على الإسلام والمسلمين، كيف يتصرف في قمع المسلمين من شباب حزب التحرير، وكيف سفك دماء الأطفال والنساء والشيوخ في أنديجان؛ لأن أهل أنديجان يتمسكون بالإسلام، ولو لم يكونوا في حزب التحرير.

منذ التفجيرات التي حصلت في طشقند سنة 1999م وحتى الآن تقوم السلطة الحاكمة بالاعتقالات والتعذيب والقتل للمسلمين المخلصين لإسلامهم؛ كي ينحرفوا عن إسلامهم، ويتخلوْا عن الدعوة إلى الإسلام. ولكن هؤلاء الشباب ثابتون على عقيدتهم ودعوتهم بعون الله، وهم يرون أن هذه فترة امتحان لهم: أيسقطون في فتنة الظالمين أم يصبرون ويبقون مع الله؟

مع الله بتوفيق الله ولو كره الكافرون.

ونريد إطلاع الناس على الوضع داخل سجن جاسليك، أحد سجون أوزبيكستان حيث يتعرض إخوتنا لأقسى الممارسات من التعذيب والتحقير؛ لأنهم يقولون: ربنا الله.

أي سجين يأتي لأول مرة إلى هذا السجن يوضع في مكان خاص (محجر)، ويخضعونه للتعذيب الجسدي والضغوط النفسية لكسر إرادته وتحطيم معنوياته. فيجلدونه يومياً بشكل منتظم، ويمنعونه من أداء الصلاة، ولا يخاطبونه إلا بأقذع الكلام. والذي يقوم بذلك هم سجناء آخرون لا يهمهم أمر الإسلام ويتعاونون مع إرادة السجن. ويمارسون ما يسمونه (القواعد الإحدى عشرة) ومنها:

1- إجبار السجين على إنشاد النشيد الأوزبكي بصوت عال.

2- قراءة كلام ينص على الندامة على الجرائم التي ارتكبها، وأنه يرجو العفو من الرئيس ومن الشعب.

3- شكر مدير السجن على المعاملة الحسنة والخدمات الجيدة.

4- الجلوس في زاوية منكساً رأسه بين يديه لمدة طويلة.

5- جمع السجناء في مكان واحد حيث تكون رؤوسهم متلاصقة.

6- جمع السجناء في مكان واحد بحيث تكون ظهورهم متلاصقة.

7و8- جعل السجناء ينامون بحيث تكون رجلا الواحد على رأس الذي يليه.

هذه القواعد يجري تطبيقها بشكل دائم على كل القادمين الجدد طيلة وجودهم في المحجر، وبعد ذلك يجري تطبيقها بين حين وآخر. وأكثر ما يهمهم من هذه القواعد هو منع الصلاة. ويوجد جواسيس بين السجناء هم الذين يخبرون عن الذين يصلون. وتكون التهمة الموجهة للذي يصلي أنه يزعج بقية السجناء، ويعاقبونه بنقله إلى زنزانة فيها سجناء من ذوي الأخلاق الشرسة، يقومون بتعذيب من ينقل إليهم لمدة تتراوح بين 5 و15 يوماً. وتكافئ إدارة السجن هؤلاء الشرسين؛ لأنها تسخرهم في معاقبة الآخرين، تكافئهم بإعطائهم ثلاث وجبات طعام يومياً، أو بإعطائهم السجائر والحلوى. والمطلوب من هؤلاء الشرسين هو منع أداء الصلاة. وإذا كان السجين الذي يصلي قوي الجسد فإن الشرسين يتعاونون عليه ويضربونه وينـزعون ملابسه، وإذا قاومهم فإن إدارة السجن تخرجه وتضربه بشدة وتعيده إلى الزنزانة وتزيد مدة إبقائه في الزنزانة. وبعض هؤلاء الشرسين أسوأ من بعض، فمنهم من يشتم حزب التحرير ويشتم الله سبحانه، ويقول بأن الضابط (ويذكر اسمه) أعطاه إذناً حتى أن يقتل أعضاء حزب التحرير، وهو يتباهى بذلك، حتى إن هذا الشرس كان يقف أمام من يريد الصلاة ويكشف عن عورته. (هنا تذكر الرسالة أسماء 15 شخصاً من هؤلاء الشرسين مع أعمارهم وأسماء بلادهم. وتذكر أيضاً أسماء 7 من شباب حزب التحرير الذين تم نقلهم إلى الزنزانات في الشهر الأخير).

أحد السجناء اسمه أكبر (ليس من حزب التحرير) هداه الله وصار يصلي، وحين علموا بذلك نقلوه إلى الزنزانة لمدة 25 يوماً، وقد حاول الشرسون كسر إرادته. ولما كان مصراً على الصلاة طلبوا منه أن يصلي جالساً. فإذا وافقهم فإنهم سيطلبون منه الصلاة بالإشارةِ فقط، ثم يمنعونه. وكانوا يقولون له: إن الزنزانة غير طاهرة. ولكنه ظل مصراً على الصلاة، فجاء حراس السجن وأخرجوه وضربوه بشدة ونزعوا عنه ملابسه وقيّدوا يديه وأعادوه إلى الزنزانة على هذه الحال. ثم أخذوه إلى نائب مدير السجن (ويذكرون اسمه) وهو يتلذذ بتعذيب السجناء. وقد ذكّره السجين أكبر بمصير أبي لهب، فأجاب بأنه يعرف أبا لهب جيداً ويفتخر به، وأنه سيتفوق في التعذيب على أبي لهب. وأخذ أبو لهب الجديد، ومعه ضابط آخر (يذكرون اسمه) أخذ السجين أكبر إلى طاولة عليها أدوات التعذيب وسأله: هل تقلع عن أعمالك (أي الصلاة)؟ ولم يجب أكبر. فقال له: اختر إحدى هذه الأدوات لنعذبك بها. ولم يجب. ولكنهما استعملا معه جميع أدوات التعذيب الموجودة حتى وقع مغشياً عليه، ورغم ذلك ظلاّ يضربانه وهو في حالة الإغماء. هذا التعذيب ليس مقتصراً على أكبر، بل إن كثيراً من شباب حزب التحرير ذاقوا عذاباً أشد، واستشهد عدد كبير منهم تحت التعذيب بيد هؤلاء الظالمين. وهذا العذاب يكون لذيذاً حين يكون في سبيل الله وحين يتذكر المسلم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله»، ولا يعرف حلاوة الإيمان أحد كالذي يصبر على الأذى وهو يعلم أن صبره هذا يجلب له رضى الله ويرفع منـزلته عند ربه.

إن الله قد وعد عباده المؤمنين بالنصر في الحياة الدنيا والآخرة: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر:51]. وندعوه تعالى أن يجعلنا من عباده المؤمنين، وأن ينجز لنا وعده بالنصر والتمكين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *