العدد 224 -

السنة العشرون رمضان 1426هـ – تشرين الأول 2005م

كلمة الوعي: خطة أميركا لمنع إقامة الخلافة: إعادة تقسيم بلاد المسلمين إلى دويلات متنافرة ومتناحرة

كلمة الوعي:

خطة أميركا لمنع إقامة الخلافة:

إعادة تقسيم بلاد المسلمين إلى دويلات متنافرة ومتناحرة

في 19/9/2005م وقع في البصرة حادث له دلالة خطيرة تستحق الوقوف عليها، وإلا حق علينا القول. فقد أعلنت الداخلية العراقية، في ذاك اليوم، أن «السلطات العراقية احتجزت جنديين بريطانيين لإطلاقهما النار على الشرطة، وبيّنت أنهما كانا في مهمة سرية، وأنهما كانا يرتديان جلابية تقليدية عراقية بيضاء، ويضعان شعراً مستعاراً، ويقودان سيارة مدنية، حين وقع اشتباك بينهما وبين دورية للشرطة» وأضافت: «إننا نحقق في الحادث، وهناك قاضٍ عراقي يهتم بالقضية ويستجوبهما» ثم إن القاضي هذا ويدعى راغب محمد حسن أصدر مذكرة توقيف بحق الجنديين، وصرح أنه أصدر المذكرة «لاقترافهما جريمة قتل ثلاثة عراقيين في تبادل للنار مع الشرطة» وأوضح أن المتهمين كانت في حوزتهما ست حقائب مليئة بالأسلحة والمواد المتفجرة وأجهزة اتصالات متنوعة». في 20/9 أعلنت القوات البريطانية أنها شنت حملة عسكرية، وحررت الجنديين بالقوة. وصرح وزير الدفاع البريطاني جون ريد لهيئة الإذاعة البريطانية أنه «بحسب القانون، كان يفترض أن يتم تسليمهما إلى القوات البريطانية، هذا هو القانون الذي يرعى وجودنا».

أما ما هو القانون الذي قصده وزير الدفاع هذا… إنه قانون بريمر، الحاكم المدني الأميركي السابق الذي حكم العراق بعد صدام وكان ديكتاتوراً أكثر منه، وهذا القانون خاص بمنح حصانة للقوات المتعددة الجنسية تحمي جنود الاحتلال من أي مساءلة وقد عرف بـ«الأمر رقم 17» أصدره في حزيران 2003م ثم جدده لهم ولأجل غير مسمى في 28/6/2004م قبيل مغادرته للعراق، وذلك ضمن المائة أمر التي ألزمت بها أميركا الحكومة العراقية المؤقتة التي كانت برئاسة علاوي. وهذا القانون هو واحد من مائة قانون تركها بريمر في عهدة الحكومة العراقية لتتقيد بها تحصيناً لكل جندي، ولكل ضابط، ولكل عنصر مخابرات، من جنود الاحتلال، من أن يحاكم أو يساءل عن أي تصرف إجرامي يرتكبه كائناً ما كان.

إن هذا الحادث يكشف وبكل وضوح أن قوات الاحتلال هي التي تقف وراء التفجيرات الطائفية، وهي التي تزرع الفتن المذهبية، وهي التي تستبيح دماء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان من المسلمين، وهي التي تهاجم مراكز الشرطة وتستهدفهم، وهي التي تقتل العلماء، وتدمر المساجد على المصلين… ويكشف كيف أن الحكومة العراقية تنفذ قانون بريمر الذي يجعل المسلمين ضحية أي جريمة يرتكبها الاحتلال بحقهم من غير مساءلة لجنوده… ويكشف كيف أن العراق بات مفتوحاً لكل أجهزة الاستخبارات الدولية المهتمة بالشأن العراقي التي تصب نشاطاتها في خانة إنهاك العراق وإضعافه، وتقسيمه، أو استيعابه وإيجاد نفوذ لهم فيه…

إنه لا يخفى أن الاحتلال قد أوجد في النسيج العراقي فرزاً طائفياً وعرقياً عن طريق أعمال سياسية وعسكرية، وهو يسير بحسب خطة منهجية جهنمية رسم خريطتها بنفسه، وهذه الخطة تقضي بأن يؤسس للطائفية في العراق، ومن ثم يراهن على تورط المسلمين في هذه النعرة، وإذا لم يستجب المسلمون لذلك قام هو بواسطة جيشه السري بما يوحي أن العراقيين هم المتورطون بأنفسهم فيها، ومن أعمال الاحتلال التي أسس فيها للطائفية توزيعه مقاعد مجلس الحكم الانتقالي، والجمعية الوطنية، والحكومة توزيعاً طائفياً يقوم على النسبية، ومن تشجيعه للأطراف المختلفة المطالبة بالفدرالية، وما يظهر من انقسامات طائفية في إقرار مشروع الدستور… ثم إن الأعمال التي يقوم بها بواسطة جيشه السري فهي أكثر من أن تحصى: من تفجير للمساجد، وقتل للمصلين، وتفجير الأماكن الآهلة بالسكان المدنيين والأطفال لإثارة روح النقمة… وإن حكام الأمر الواقع في العراق، هم كذلك من أدواته التي يحقق بهم مشروعه الطائفي الخبيث. فهؤلاء، بحكم قربهم من الاحتلال، وتسليمهم ظاهرياً مقاليد الأمور، مطلعون على كل جرائمه وفضائحه وسرقاته، وهم يعينونه صاغرين في كل ما يطلبه منهم، وقد رأينا كيف يطبقون قوانين بريمر المائة السرية التي لا تحمل إلا التغطية على كل جرائم الاحتلال.

إن هؤلاء الحكام الخونة، سواء أكانوا مسلمين سنة أم شيعة أم أكراداً، لا يمثلون المسلمين في شيء. فهؤلاء ولاؤهم لمن ولاهم، وهؤلاء يجب أن تنفصل الأمة عنهم، وأن لا تنخدع بهم، وتسير في ركابهم، بل عليها أن تلفظهم لفظ النوى، وتعاملهم معاملة المحتل.

إن ما يجدر ذكره هنا، أن خطة تقسيم العراق ليست وليدة المقاومة الشرسة المنظمة التي يواجهها الاحتلال فيه، بل هي جزء ثابت من استراتيجية الغرب لتفتيت بلاد المسلمين جميعها، وليس العراق فحسب، إلى دويلات متنافرة ومتناحرة لأنها بنظرهم الطريقة الوحيدة للقضاء على صحوة المسلمين المتصاعدة ولمنع إقامة الخلافة الإسلامية الراشدة.

أيها المسلمون في العراق

إنكم جزء من أمة الإسلام الواحدة، فلا تجعلوا لله عليكم سبيلاً بأن تدعوا لحكام الأمر الواقع أن يقودوكم لأنهم سيقودونكم بأوامر الغرب، قال تعالى: ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) [الأنبياء 92] وقال سبحانه: ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ) [المؤمنون 52] فعبادة الله وتقواه تفرض عليكم أن يكون انتماؤكم للإسلام أقوى وأعلى من كل انتماء، وأن تنظروا لكل قضاياكم من منظار الإسلام، وعليه فليكن الطرح التوحيدي على أساس الإسلام هو طرحكم لا طرح الاحتلال التقسيمي، وعليكم أن لا تختلفوا على الدستور الذي أعدته أميركا عن طريق اختصاصيين علمانيين تابعين لها وتركت فيه بعض البنود الخلافية لتحقق هدفها في التقسيم والانقسام الداخلي، عليكم أن ترفضوه وتلتقوا على دستور واحد مستمد من الشريعة الإسلامية وحدها.

إننا نهيب بالمسلمين في العراق، أن يجتمعوا على أوامر الله لا أوامر الاحتلال، وأن لا ينطلقوا من منطلق أنهم سنة أو شيعة أو أكراد أو تركمان، فكلكم مسلمون، سماكم الله بهذا الاسم فشرفوا أنفسكم به، ألم يقل الله تعالى: ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) [الحجرات 13] فليكن الأقرب إليكم هو من يلتزم بشرع الله، ويجمع الأمة على صعيد واحد. ومن أراد أن يفرق أمرها فانبذوه كائناً من كان قال تعالى: ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [الأنعام 153].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *