العدد 226 -

السنة العشرون ذو القعدة 1426هـ – كانون الأول 2005م

رياض الجنة أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدعوة (6)

رياض الجنة

أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدعوة (6)

إسلام حُوَيْطِبْ بن عبد العُزَّى

أخرج الحاكم عن المُنْذِرِ بنِ جَـهْـم قال: قال حويطب بن عبد العُزَّى: لما دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة عام الفتح خفت خوفاً شديداً، فخرجت من بيتي، وفرقت عيالي في مواضع يأمنون فيها، فانتهيت إلى حائط عوف فكنت فيه، فإذا أنا بأبي ذرّ الغفاري، وكانت بيني وبينه خلة -والخلة أبداً مانعة- فلما رأيته هربت منه، فقال: أبا محمد، فقلت: لبيك، قال: مالك؟ قلت: الخوف، قال: لا خوف عليك، أنت آمن بأمان الله عز وجل. فرجعت إليه فسلمت عليه، فقال: إذهب إلى منـزلك، قلت: هل لي سبيل إلى منـزلي؟ واللهِ ما أراني أصل إلى بيتي حياً حتى أُلقى فأُقتل، أو يُدخل علي منـزلي فأُقتل، وإن عيالي لفي مواضع شتى. قال: فاجمع عيالك في موضع، وأنا أبلغ معك إلى منـزلك، فبلغ معي، وجعل ينادي عليّ: إن حويطباً آمن فلا يُهج. ثم انصرف أبو ذر (رضي الله عنه) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره، فقال: أو ليس قد أمن الناس كلهم إلا من أمرت بقتلهم؟ قال حويطب: فاطمأننت ورددتُ عيالي إلى منازلهم، وعاد إلى أبي ذر، فقال لي: يا أبا محمد، حتى متى؟! وإلى متى؟! قد سُبقت في المواطن كلها، وفاتك خير كثير وبقي خير كثير، فأتِ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأسلم تسلم، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبرّ الناس، وأوصل الناس، وأحلم الناس، شرفه شرفك، وعزه عزك. قال: قلت: فأنا أخرج معك فآتيه، فخرجت معه حتى أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالبطحاء، فوقفت على رأسه… فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) «الحمد لله الذي هداك». قال: وسُرَّ رسول الله بإسلامي، واستقرضني مالاً فأقرضته أربعين ألف درهم، وشهدت معه حُنَيْناً والطائف، وأعطاني من غنائم حُنَيْنٍ مائة بعير.

وأخرجه الحاكم أيضاً عن إبراهيم بن جعفر بن محمود بن سلمة الأشهلي عن أبيه -فذكر الحديث- وفيه: ثم قال حويطب: ما كان في قريش أحد من كبرائها الذين بقوا على دين قومهم إلى أن فتحت مكة أكره لما فتحت فيه مني، ولكنّ المقادير!!… فلما كان يوم الحديبية حضرت وشهدت الصلح ومشيت فيه حتى تم، كل ذلك يزيد الإسلام، ويأبى الله عز وجل إلا ما يريد. فلما كتبنا صلح الحديبية كنت آخر شهوده، وقلت: لا ترى قريش من محمد إلا ما يسوءُها، قد رضيت إن دافعته بالرماح. ولما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعمرة القضاء وخرجت قريش من مكة، كنت فيمن تخلّف بمكة أنا وسهيل بن عمرو لأن نُخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا مضى الوقت، فلما انقضت الثلاث، أقبلتُ أنا وسهيل ابن عمرو فقلنا: قد مضى شرطك فاخرج من بلدنا، فصاح: «يا بلال، لا تغِبِ الشمسُ وواحدٌ من المسلمين بمكةَ ممن قدم معنا».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *