العدد 229 -

السنة العشرون صفر 1427هـ – آذار 2006م

المسلمون بين خطرين

المسلمون بين خطرين

الأخطار التي تجتاح العالم الإسلامي كثيرة ومتنوعة ومتجددة، إلا أن ثمة خطرين منها هما الأشد خطورةً، والأكثر تدميراً، والأشرس فتكاً، والألد عداوةً. وهذان الخطران يتمثلان في عدو خارجي تقف على رأسه أميركا وحلفاؤها ودولة يهود، وعدو داخلي يتجلى في الطغم الحاكمة التي تتجسد في طبقة العملاء وأنظمة الحكم المأجورة.

=================================================================

فالمسلمون إذاً يدهمهم خطران: خطر الأعداء وخطر العملاء.

أما الأعداء فخطرهم لا يتمثل فقط في استعمارهم العسكري، واحتلالهم لبلاد المسلمين، وقتلهم وإيذائهم للشعوب الخاضعة لاحتلالهم كما يحصل في العراق وأفغانستان وفلسطين، بل هناك خطر فكري حضاري هو أساس جميع أنواع الأخطار المادية الأخرى، ولقد اتفقت أميركا وبريطانيا على تحديد قيم أساسية للحضارة الغربية تريد أن تفرضها على العالم الإسلامي، وقد تحدث بها وزير الداخلية البريطاني في أميركا ووافقه عليها الأميركيون، حيث جاء في مذكرة صدرت عن المؤتمر الذي عقده الوزير في أميركا أربعة مبادئ معادية للإسلام والمسلمين، وهي أربعة ممنوعات على المسلمين:

1) منع إعادة دولة الخلافة.

2) منع فرض أحكام الشريعة الإسلامية.

3) منع معارضة المساواة (الغربية) بين الجنسين.

4) منع إلغاء حرية التعبير.

هذه الممنوعات الأربعة اعتبرها وزير الداخلية البريطاني مسائل غير قابلة للتفاوض. وصعَّد الغرب، بشقيه الأميركي والأوروبي، حملته المعادية للإسلام والمسلمين، فوضع الرئيس الأميركي ما أسماها استراتيجية النصر ضد الإرهاب، وفي نفس الوقت وضع الاتحاد الأوروبي ما أسماها استراتيجية لمكافحة التطرف.

ثم حذر كيسنجر من سحب القوات الأميركية من العراق بشكل متسرِّع، وخوَّف أوروبا من مغبة عدم دعم أميركا في العراق، قائلاً إن حكومة جهادية قد تقوم في المنطقة وليس في العراق فقط، وسوف تضر بالمصالح الأوروبية قبل إضرارها بالمصالح الأميركية إن حصل انسحاب أميركي متسرع من العراق.

وساهمت أوروبا في دعم سفور المرأة في تركيا، فأصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً يسمح لتركيا بحظر الحجاب على المرأة المسلمة بحجة أنه ضرورة في مجتمع ديمقراطي، واستندت المحكمة في حكمها هذا على المادة التاسعة من الاتفاقية الأوروبية التي تستند على مبدأين متكاملين يعزز كل منهما الآخر وهما: العلمانية والمساواة.

ومن جهة تقوم أميركا في بلدان العالم الإسلامي بتأسيس مراكز استخباراتية ثابتة في محاولة منها لاحتواء الصحوة الإسلامية في تلك البلدان من ناحية أمنية إلى جانب النواحي الأخرى.

وهكذا نجد أن الغرب، بزعامة أميركا وأوروبا، يشكل خطراً حقيقياً على المسلمين، ويتربص بالمسلمين الدوائر، لدرجة أن كونداليزا رايس وصفت البلاد الإسلامية، أو ما أسمتها بمنطقة الشرق الأوسط، بأنها منطقة موبوءة تتغذى تياراتها المتطرفة من مياه آسنة، في إشارة إلى الثقافة الإسلامية المعتمدة على الكتاب والسنة. وقد صدق الله تعالى في وصف هؤلاء الأعداء بقوله: ( إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ) [الممتحنة 2].

هذا بالنسبة للخطر الخارجي، أما بالنسبة للخطر الداخلي، فهو لا يقل خطورة عن الخارجي، بل ربما يفوقه بدرجات. وهذا الخطر يتمثل بالحكام العملاء وبطاناتهم، فهؤلاء متحالفون طبيعياً مع الأعداء الكفار، ويسعون بكل ما أوتوا من جهد لتطبيق الكفر على المسلمين، وتمرير المؤامرات والمخططات التي يرسمها الكفار للمنطقة.

فهذا عبد الله الثاني ملك الأردن يقول صراحةً بأن الإسلام هو المشكلة، ففي مقابلة له مع الفايننشال تايمز قال: «إن مشكلة (الإرهاب) ليست الأردن أو الولايات المتحدة أو السعودية، وإنما المشكلة تكمن بداخل الإسلام».

وهذا حسني مبارك الرئيس المصري ينصح شارون بأن يقتدي برابين الذي كان يحارب (المتطرفين) الفلسطينيين بشدة في الوقت الذي يتمسك بالسلام، ثم يدعم بشكل صريح حزب شارون الجديد (كاديما) في الانتخابات (الإسرائيلية) الداخلية.

وهذا الرئيس الباكستاني برويز مشرف يتفاخر في مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي، الذي عقد بمكة مؤخراً، بأنه جنَّد سبعين ألف جندي باكستاني يشاركون في تعقب من أسماهم بالإرهابيين في الجبال والوديان.

ونقلت الغارديان البريطانية أن كلاً من (السعودية ومصر والأردن حثوا الأسد على بدء محادثات ثنائية مع إسرائيل من جديد) بينما يرد شارون على هذا الاستخذاء العربي بالقول: «إن إسرائيل ليست متعجلة لبدء محادثات سلام مع سوريا، وأكد أن إسرائيل يجب عليها الاحتفاظ بمرتفعات الجولان».

وعندما تغضب أوروبا من تصريحات الرئيس الإيراني نجاد بخصوص (نفي المحرقة) يسارع سعود الفيصل إلى طمأنة الأوروبيين فيقول لهم بأن (المحرقة) حقيقة تاريخية.

وهكذا نجد أن هؤلاء الحكام العملاء يمالئون الكفار في كل شيء، ويواطئونهم على كل أمر، ويحاربون شعوبهم بكل ما أوتوا من قوة؛ لذلك كانوا فعلاً يشكلون خطراً على المسلمين يزيد عن خطر الأميركيين والأوروبيين واليهود أضعافاً مضاعفة، خاصةً وأن الكفار لا يملكون ولا يقدرون أن يبسطوا نفوذهم على بلاد المسلمين بدون استعانةٍ بهولاء العملاء الأذناب.

لذلك كان على المسلمين أن يكفروا بهم، فلا يداهنوهم، ولا يصانعوهم، ولا يلاينوهم، ولا يرضوا بأعمالهم، بل عليهم أن يسرعوا في الإطاحة بهم والتخلص من شرورهم وأخطارهم. قال تعالى: ( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ) [هود 113]

أحمد الخطيب ـ القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *