العدد 300 -

العدد 300 – السنة السادسة والعشرون، محرم 1433هـ، الموافق كانون الأول 2011م

رسالة ودعوة إلى خير أمة: الخلافة الراشدة الثانية قائمة قريباً بإذن الله تعالى

رسالة ودعوة إلى خير أمة:

الخلافة الراشدة الثانية قائمة قريباً بإذن الله تعالى

 

أ.ناصر – غزة – البرج

إنه بعد تسعين عاماً من حكم الطواغيت لأمة الإسلام، نرى أن شرع الله معطل في جميع مناحي الحياة في المجتمع وفي السياسة والاقتصاد والتعليم وفي كل شيء، ويحكمنا من خلالها حكام رضوا الذلة والمهانة والتبعية لأميركا وبريطانيا… ونرى أن هذه الأمة أبت إلا أن تستفيق من غفوتها وبدأت تحاول التخلص من واقعها الأليم الذي تعيشه؛ لأن هذا الواقع مخالف لفطرتها كأمة عزيزة، ولأنها تأكدت أن حكامها باعوها إلى الغرب الكافر، فبدأت تثور على هذا الواقع وتطالب بإسقاط الأنظمة الحاكمة ومحاكمة رؤسائها، وقد تمكنت في بعض هذه الدول من إزالة الرئيس من منصبه.

بيد أننا نلاحظ أنه مع هذه الأحداث التي تلف بلاد المسلمين وتعصف بأنظمتهم، يتم الاقتراب أكثر فأكثر من قيام دولة الخلافة الإسلامية الثانية بإذن الله وبزوغ نور الإسلام من جديد في واقع حياة المسلمين، بل العالم أجمع. ومع وضوح التفاف المسلمين حول هذه الفكرة شيئاً فشيئاً، يحاول قلة قليلة من المضبوعين بالثقافة الغربية وبمساعدة الكفار المستعمرين وحكام العرب والمسلمين طمس هذه الفكرة وبيانها تارة بأنها خيال، وتارة أخرى بتخويف المسلمين من قيامها بأن الغرب الكافر سوف لا يسمح بوجود هذه الدولة، وأنه سوف يقضي عليها حين قيامها مباشرة، ومحاولته إشراك بعض (الحركات الإسلامية) في المعترك السياسي محاولة منه لصرف المسلمين عن المعنى الحقيقي للخلافة بإيهام الأمة أن الإسلام قد وجد وطبق بإيجاد أشخاص مسلمين أو حركات إسلامية في الحكم مثلما حصل في تركيا وغيرها من بلاد المسلمين.

إن القول بأن الغرب سوف لا يسمح بوجود هذه الدولة، وأنه سوف يقضي عليها حال قيامها، هذا التخويف يأتي من المثقفين بالثقافة الغربية (العلمانيين) ومن المتأثرين بالثقافة الغربية من الإسلاميين (المعتدلين). ولكن هذا الترويج لهذه الفكرة سوف يلقى طريقه إلى الفشل؛ إذ إن أساس حياة المسلمين يقوم على عقيدتهم وتقوم أهدافهم الكبرى في الحياة على الخطوط العريضة التي رسمها لهم الإيمان بالله والسير في هذه الحياة بحسبه لتحقيق الغاية الأسمى التي خلقوا لها؛ ألا وهي عبادة الله، وتعبيد الناس لله تعالى، ونشدان الجنة بطاعته وطلب رضوانه، واجتناب غضبه بالبعد عن معصيته… إن المسلمين بدؤوا اليوم يعون على دينهم ويعودون إلى الثقة بأحكامه، في الوقت الذي يبدو فيه الغرب فارغاً في عقيدته وفاشلاً في أحكامه. ولعل أبرز رد سيجد قبولاً لدى المسلمين ويعتبر مرتكزاً لسائر الردود يتمثل بـ:

1- وعد الله سبحانه وتعالى: إن الله عز وجل عندما أمر المسلمين بإقامة الخلافة ووعدهم بإعانتهم بالاستخلاف والتمكين فهذا يعني أن العمل لإقامتها حكم شرعي تكليفي ضمن الاستطاعة. ويعني أنها إذا قامت تكون قد قامت بعون الله للمسلمين على إقامتها، ويعني أنه سبحانه سيحميها جزاء قيامهم بهذا الفرض وتوفيرهم للشروط الشرعية المتعلقة بالإيمان والتقيد بالأحكام الشرعية المتعلقة بهم بالتغيير. وقيامهم بكل ذلك على أساس التوكل على الله وحده واستمداد العون منه وحده، يحقق فيهم وعد الله المتمثل بقوله تعالى: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )  فلا مجال للقول مع هذه الآية إن الغرب الكافر لن يسمح بقيام الخلافة وإنه سيهدمها حين قيامها؛ وذلك لأن وعد الله سبحانه وتعالى هو أصدق من كل تهويشات الغرب وتهويلاته.

2- بشرى الرسول ﷺ: فالرسول  ﷺ عندما يبشر بخبر قطعي صادق؛ فلا بد أن يحدث بإذن الله تعالى. وبشرى الرسول ﷺ بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في حديثه الذي رواه أحمد: “تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ” قد تحققت فيه مراحل عمر الدولة الإسلامية كلها مما جعل الحديث الظني بروايته يصبح قطعياً، وينتظر إقامة الخلافة الراشدة تحديداً بعد الحكم الجبري الذي يعيشه المسلمون اليوم. والذي يؤكد هذا الحديث من حيث الواقع أن الأمة بمجموعها تتطلع إلى عودة الإسلام وتتشوق إلى العيش في رحابه، وفيها من أبنائها من يدعو لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وهم مهيئون أنفسهم لهذا الفرض على أفضل مستطاع إن شاء الله تعالى. والذي يؤكد ذلك أيضاً من حيث الواقع أن الغرب نفسه، الذي يحاول أن يزرع فكرة (الدولة المدنية) ويسوّق (للديمقراطية) قد حذر من إقامة دولة الخلافة التي سماها (الخلافة الإسلامية) وسماها (الإمبراطورية الإسلامية) في كثير من تصريحات المسؤولين السياسيين والمفكرين الباحثين فيه. وهذه الدولة ستكون في مراحل تاريخ الدولة الإسلامية هي الخلافة الراشدة الثانية، وستكون على غرار الخلافة الراشدة الأولى زمن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي. وستكون الدولة الأولى في العالم، وسيعم خير دعوتها العالم أجمع إن شاء الله تعالى … لذلك يمكن أن نقول بكل اطمئنان إن بشرى الرسول ﷺ هي أصدق من كل تمويهات الغرب.

3- طلب النبي ﷺ النصرة من القبائل: إن الرسول ﷺ عند طلب النصرة كان يسأل من يطلبها منهم: كيف المنعة فيكم؟ وهذا يفيد بأن دولة الخلافة الراشدة الثانية إن شاء الله تعالى ستكون قوية لأن المتلبسين بهذا الفرض العظيم لاستئناف الحياة الإسلامية عن طريق إقامة الخلافة الثانية يبحثون عن مقومات النصرة في أي بلد ستقوم على أرضه هذه الدولة الوليدة التي ستكون بإذن الله عز وجل الدولة الأولى في العالم، وسيتلمسون القوة لتكون هي الأقوى عالمياً مثلما كانت دولة الخلافة الأولى. فكما لم تقدر الدول الكبرى (فارس والروم) أن تقضي على دولة الإسلام الوليدة، بل كانت من قوة الإيمان ما استطاعت به أن تردم الهوة بينها وبين هاتين الإمبراطوريتين بوقت قصير جداً. بل وبعد فترة قليلة استطاعت هي أن تقضي عليهما، فكذلك سيكون الأمر إن شاء الله تعالى إذا كنا على نفس الإيمان وعلى نفس المنهاج قال تعالى: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) من هنا فإن ارتعاد الغرب خوفاً من عودة دولة الإسلام هو الحقيقة التي يحاول أن يخفيها، ويحاول أن يعكس الرؤية عند المسلمين بتخويفهم من إقامتها؛ لذلك فإن على المسلمين أن يمتلئوا ثقة بوعد الله سبحانه وتعالى بالاستخلاف والتمكين ونشر هذا الدين، وببشرى رسول الله ﷺ وبقوتهم الذاتية متى امتلكوا هذا الإيمان، وأن ينظروا إلى أن العزة لله وحده، وأن القوة لله وحده. وأن قوة عدوهم لن تفريها إلا قوة إيمانهم… وكل هذا يوجد ذاتياً ومن غير مدد وعون خارجي، بل شرطه حتى يوجد أن يكون كذلك.

4- وأخيراً نقول: إن على المشككين من المسلمين أن يتقوا الله وأن يقرؤوا القرآن كما يجب، وأن يدرسوا سنة النبي ﷺ دراسة عملية عميقة، وأن يثقوا بوعد الله تعالى وبشرى نبيه ﷺ. ونقول لعامة المسلمين: أيهما أولى بالاتباع شرع ربنا وسنة نبيه أم هؤلاء المخدوعين المضبوعين بالثقافة الغربية التي ستوردهم المهالك إن لم يتراجعوا ويكونوا صفاً واحداً مع العاملين المخلصين من أبناء هذه الأمة المدركين أن وعد ربهم وبشرى نبيهم حتماً سيتحققا، وأن دولة الخلافة قائمة وباقية لا محالة بإذن الله، وأنها ستكوت الهادية إلى صراط ربها العزيز الحميد قال تعالى: ( وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا  )

فيا أمة الإسلام العظيم رسالتنا إليك وأنت تخوضين معركة التغيير أن تكوني على قدر المسؤولية. رسالتنا إليك وأنت تثورين على الفساد أن تكوني على يقين بأن الله جعلك ( خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ ) فلا تتنازلي عن هذه الخيرية. كذلك فقد كرمك الله عز وجل وجعلك شاهدةً على جميع الأمم أكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان، فتذكري ذلك المجد العظيم الذي كان العالم كله يدين فيه لكِ ويهاب قوتكِ وينصاع لأمركِ ويخاف جيشكِ العظيم ويعمل حساباً لخليفتكِ وينبهر لعدلكِ في معيشتكِ وفي حكمكِ.

إن المسلمين إذا أرادوا العودة إلى عزتهم وكرامتهم وسيادتهم من جديد فالواجب الشرعي عليهم أولاً:

أن ينهضوا وينفضوا عنهم غبار الكسل والخوف والتبعية لهؤلاء الحكام العملاء للغرب، ويحولوا هذه الثورات المباركة العظيمة إلى أعمال تقودهم إلى عزة دينهم وعزتهم في دينهم.

أن يعملوا مع العاملين لعزة هذا الدين العظيم الذين أخذوا على عاتقهم العمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة التي ستكون على منهاج النبوة كما بشر بها ﷺ… ففيهم وبينهم حزب التحرير، وهو يصل ليله بنهاره دون ملل أو خوف من أحد إلا من الله إن هو قصّر، فليعمل المسلمون معه وليؤازروه لكي يكمل مشواره العظيم الذي فيه العزة والكرامة للأمة الإسلامية جمعاء حتى تعود كما كانت وكما يريدها رب العالمين ( خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ ).

إن الخلافة الراشدة التي بشر بها الرسول ﷺ قائمة بإذن الله تعالى وقد آن أوانها، فاعملو مع حزب التحرير حتى تفوزوا في الدارين، وكفى المسلمون تبعية لأولئك المرتزقة العملاء الذين سيتبرؤون منهم ومن جميع الأتباع يوم القيامة، وليتبعوا سبيل نبيهم ﷺ حتى لا يفوتهم الأجر العظيم، وليتذكروا أنهم واقفون أمام الملك الجبار يوم القيامة ومحاسبون على تقصيرهم، فالمسارعة المسارعة إلى الجنة أيها المسلمون يقول تعالى:( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) ويقول أيضاً: ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) فسارعوا أيها المسلمون للعمل لهذا الفرض العظيم مع حزب التحرير لكي يرفع الله عنكم هذا الذل وهذه التبعية للمجرمين الخونة حكام العرب والمسلمين المحكومين أصلاً من الغرب الكافر؛ لكي تعود أمة الإسلام أمة عزيز كريمة يهابها العدو ويحترمها الصديق كما كانت من قبل، واعملوا على أن يكون لكم سهم في عزة الإسلام؛ لأن النصر قادم والتمكين قادم للمسلمين وهذا وعد من الله عز وجل، ندعو الله أن يكون ذلك قريباً وقريباً جداً. قال تعالى: ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *