العدد 151 -

م1999 السنة الثالتة عشرة شعبان 1420هـ – كانون الأول

جريمة التفاوض على القدس 3

                الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه … وبعد أيها الإخوة المؤمنون:

                لا يسعنا في بداية هذه الندوة المباركة إلا أن نستذكر ذكرى عزيزة على قلوبنا مهيبة في نفوسنا، هي ذكرى موقعة حطين العظيمة ، التي وقعت في مثل هذه الأيام وتحديداً في السابع والعشرين من رجب لسنة 583هـ، الموافق للثاني من تشرين الأول عام  1187م، هذه الذكرى الجليلة التي كان لها الأثر الأكبر في تحرير القدس من براثن الصليبيين، وتطهيرها من رجسهم. فالمسلمون بقيادة صلاح الدين ـ رحمه الله ـ قد خاضوا هذه المعركة الفاصلة، وما تلاها من معارك، دفاعاً عن القدس وفلسطين، الأرض المباركة التي تركها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم  وديعة لدى الأمة الإسلامية، لقد هبوا لقتال الصليبيين، ولم يتنازلوا لهم عن أي شبر في فلسطين، التي كانوا قد استولوا عليها في فترة ضعف مرت بها الأمة الإسلامية، واستمر المسلمون في قتال الصليبيين جيلاً بعد جيل حتى استطاعوا استرجاع القدس بعد تسعين سنة من ضياعها، واسترجعوا كذلك جميع البلاد الإسلامية التي استولى عليها الصليبيون، في حروب استمرت مائتي عام، دون أن يقبلوا بأن يتنازلوا لعدوهم القاهر هذا عن أي جزء من الأرض بإرادتهم.

                نعم ـ إخوة الإسلام ـ  لم يقبل المسلمون مطلقاً أن يتركوا الصليبيين يسكنون أو يهدأون أو يستوطنون فلسطين، دون أن يديموا مقاتلتهم ومحاربتهم، وما عقدوه معهم من معاهدات إنما كانت معاهدات هدنة، وإيقاف قتال لمدة محددة، من أجل تجميع القوى، وليس إقراراً لهم استيلاءهم على الأرض التي اغتصبوها، ولم يباركوا لهم وجودهم في أية بقعة من الديار الشامية، لتكون لهم أبد الآبدين ودهر الداهرين، كما هو حاصل اليوم على يد حكامنا وزعمائنا.

                أيها الإخوة الكرام:  لا شك أنكم تعلمون أن المفاوضات من حيث هي تعني المساومات والتنازلات، لذلك كانت مثل هذه المفاوضات عند أصحاب المبادئ وعند الأقوياء ومن عندهم بقية من كرامة، مرفوضة تماماً، لأنها تمس بوجودهم وعقائدهم وأراضيهم وقضاياهم المصيرية، وهذه أمور لا تخضع أبداً للتفاوض. والدول والشعوب التي تحترم نفسها وتتمسك بمبادئها وقيمها، لا تجعل من أراضيها مادة للتفاوض، ولا ترضى أن تجعل أعز ما تملك محلاً للتفاوض.

                فكيف أنتم ـ أيها الإخوة الأعزاء ـ  والتفاوض يتعلق بالعقيدة الإسلامية، وبالبلاد الإسلامية، وبالمقدسات الإسلامية، فإذا كانت أية أرض يستولي عليها العدو الكافر، توجب على المسلمين أن يهبوا لقتال هذا الغاصب قتالاً مستمراً، حتى يسترجعوا منه ما اغتصب، ولو ضحَّوْا بملايين الشهداء، وإذا كانت أية أرض إسلامية تستحق كل هذه التضحيات الجسام، فما بالكم بأرض الإسراء، مسرى نبينا، وقبلتنا الأولى، ووديعة صحابة رسول الله لنا، ما بالكم بالأرض التي نزل فيها قرآن يتلى إلى يوم القيامة:(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) ذلك المسجد الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى».

                لقد قرن الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى بالكعبة وبمسجد الرسول ليُـعَـلِّم المسلمين أن قدسية المسجد الأقصى كقدسية المسجد الحرام والمسجد النبوي، وبما أنها مساجد واجبة التقديس، فالدفاع عنها واحد وهو في الذروة من فروض الجهاد.

                إن فلسطين ـ أيها الإخوة الكرام ـ  ليست مجرد أرض يتنازع عليها، أو يتفاوض حولها، بل هي مربوطة بالعقيدة الإسلامية، والله سبحانه وتعالى باركها وبارك جوارها، فالمباركة شاملة حول المسجد الأقصى وهي جميع أراضي بلاد الشام، وتستوي في المباركة يافا وحيفا وعكا، وعمان مع القدس ونابلس والخليل ودمشق وبيروت، فكل المدن والبلاد الواقعة في بلاد الشام أرض مباركة، وكلها مربوطة بالعقيدة الإسلامية، وكلها يحرم على المسلمين التفريط بأي شبر منها مهما كان صغيراً، أو مهما كان بعيداً عن القدس أو عن المسجد الأقصى، لأن التفريط فيها إنما هو تفريط بعقيدة المسلمين نفسها، وهذا الحكم الشرعي ينسحب على كل أرض إسلامية رفرفت فوقها راية الإسلام.

                إخوة الإسلام …  إن مسخ قضية القدس لتقتصر على المسجد الأقصى أو حتى على مبنى المسجد ـ كما يروج بعض الخطباء والشيوخ ـ إنما هو تفريط في الأرض المباركة، وهو أخذ بعض كلام الله سبحانه، وترك بعضه، لأن المسألة تتعلق بكل شبر اغتصب من فلسطين، سواء أكان ذلك واقعاً في القدس أم في غيرها بلا أدنى فرق.

                تعلمون أيها الإخوة الكرام  أن الدول الأوروبية الكافرة، حينما خاضت آخر حرب مع الدولة الإسلامية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وانتصرت عليها، وضعت مخططات لجعل فلسطين منطقة دولية، وهذا ما نصت عليه معاهدة سايكس ـ بيكو سنة 1916م إذ اعتبرت أن البلاد الواقعة غرب الأردن فيما بين عكا شمالاً وغزة جنوباً منطقة دولية، بمعنى أنهم كانوا يريدونها قاعدة للدول الغربية الكافرة، ورأس جسر للعالم الكافر، يربض على قلوب المسلمين، في أهم بقاع الأرض استراتيجية لدى المسلمين، وكان قصدهم من ذلك أن يتمكنوا من تمزيق الدولة الإسلامية، وأن يضمنوا عدم عودتها ثانية إلى الوجود، لكن بريطانيا التي كانت تحتل فلسطين آنذاك استعاضت عن مشروع التدويل هذا، بمنح اليهود وعد بلفور الذي أقيمت دولة إسرائيل ـ فيما بعد ـ على أساسه لتكون رأس الجسر البديل للغرب، لإبقاء سيطرته ونفوذه على بلاد المسلمين، وللحيلولة دون توحيد هذه البلاد في دولة واحدة، ولتكريس التجزئة والشرذمة وإبقاء المسلمين في حالة الهزال والضعف التي نراهم عليها الآن، وحتى لا تعود دولة الخلافة ثانية، ولا يرجع الإسلام ليتحكم في علاقات المسلمين، وحتى لا يعاود المسلمون الكرة على أوروبا التي ذاقت منهم ما ذاقت وبَلَت منهم ما بلت، إذ ينشغل المسلمون بها وبما نشأ عن وجودها عن مهمتهم الأصلية، ورسالتهم الربّانية.

                فالقضية ـ أيها الإخوة الأعزاء ـ  ليست مسألة ضياع أرض فحسب، ولا هي مجرد إيواء مشردين وعودة لاجئين أو تعويضهم، بل المسألة ببساطة هي إقامة رأس جسر للغرب الكافر في بلاد المسلمين هي دولة إسرائيل، هذا  الكيان السرطاني الخبيث وذلك الشر القاتل والسم الزعاف، وبذلك انتقلت الحدود بين المسلمين والكفار، إلى عقر دار المسلمين.

                إن الغرب، منذ نصف قرن أو يزيد، يتهالك على نزع الاعتراف من المسلمين بإسرائيل، لأنه يدرك أن الصلح الدائم والشامل هو الذي يجعل من إسرائيل تجربة ناجحة لخدمة مصالحه وأغراضه، ولتكون على المسلمين كارثة مستمرة وداءً وبيلاً، وهذا ما يسعى لتحقيقه الآن، فبدأ بحكام مصر، ثم بممثلي الفلسطينيين المزعومين ومن بعدهم بحكام الأردن، وما تزال السبحة تكر، وكان آخر فصولها العلاقات الدبلوماسية بين موريتانيا ودولة يهود.

                لقد تعلم الغرب الكافر من الحروب الصليبية درساً لن ينساه أبداً، فالصليبيون، الذين جاءوا بقضهم وقضيضهم من أوروبا، لم يحالفهم الحظ في إقامة قاعدة لهم هنا، فكانت بلادنا مقبرة لهم، ولم يعد لهم أي وجود في بلادنا وعادوا خائبين، وليس ذلك فقط بل وأعاد المسلمون الكرة عليهم، ولحقوهم إلى عقر دارهم واستولوا على نصف قارتهم الأوروبية لأكثر من أربعمائة عام، لذلك وجد الغرب في إسرائيل ضالته ـ بعد أن تعلم الدرس جيداً ـ ودعمها إلى أبعد الحدود لتكون قاعدة متقدمة له في بلاد الإسلام، وحربة مشرعة في صدور المسلمين.

                لذلك ـ أيها الإخوة الأعزاء ـ  عليكم أن تدركوا أن القادة العرب الذين يتهالكون للقاء اليهود والتصالح معهم بحجج وذرائع واهية، كتغير موازين القوى، وتحت شعارات زائفة كتحقيق السلام الشامل والعادل، عليكم أن تدركوا أن هؤلاء اللاهثين وراء عدو الله وعدو المسلمين، يريدون أن يقلبوا الحقائق ويغيروا المفاهيم، فلقد جعلوا الجريمة فضيلة، والنذالة والاستخذاء تعقلاً وعملاً حضارياً، إنهم شاركوا إسرائيل في المؤامرة التي أطلقوا عليها اسم السلام، وما إطلاقهم للسلام بأنه الخيار الاستراتيجي، إلا نوع من أنواع التنازل لليهود عن فلسطين بأسلوب ملتوٍ، وشكل من أشكال الاستخذاء للكافر المغتصب بوسيلة مخادعة، وعملهم هذا فوق كونه ارتماء على أقدام الأعداء، الذين أشبعونا تقتيلاً وتدميراً وتهجيراً، هو أيضاً مكافأة لهم على ما قاموا به من اغتصاب للأرض وتشتيت للشعب، بتركهم يعيشون ويرتعون في فلسطين، بأمن وطمأنينة دون أن يخشوا من المسلمين كيداً أو تهديداً.

                لقد نصَّب هؤلاء الحكام الأنذال والزعماء الخونة من أنفسهم حراساً لحماية اليهود من غضْبة المسلمين، في اللحظة التي ينظر فيها قادة اليهود إليهم نظرة احتقار وازدراء، فهذا رئيس وزرائهم باراك يستخف بهم ويقول في إحدى البلدان الأوروبية: “أن لا مكان للضعفاء في الشرق الأوسط” ويمعن في ازدراء المفاوضين العرب والفلسطينيين فيقول: “إن السلام الحقيقي يحتاج لأربعة أجيال” أي لأكثر من ثمانين سنة، بينما يقول أكثرهم في حكومة العدو اعتدالاً “بأن القدس تحتاج إلى أكثر من عشر سنوات من المفاوضات لحسم أمرها” وأما غير المعتدل في الحكومة نفسها فيقول: “بأن مسألة القدس تحتاج إلى عشرين سنة لبدء المفاوضات عليها”، وذاك وزير آخر منهم يقرر “بأن مسألة سيادة إسرائيل على الأرض ليست محلاً للتفاوض”. هذا ما تلوكه ألسنتهم وما تخفي صدورهم أكبر. أما مفاوضونا المتواطئون فلم يكتفوا بقبول التفاوض على القدس، وجعلها محلاً لكل المساومات والتنازلات، بل وجعلوها في آخر أولوياتهم التفاوضية، وفي ذيل القائمة الطويلة من موضوعات المفاوضات، فأرجأوا التفاوض عليها إلى المرحلة النهائية التي لا يعلم إلا الله ـ سبحانه ـ كيف ستبدأ ومتى ستنتهي.

                لم يكتفِ مفاوضـونا (الأشـاوس) بأن قدموا فلسطين المحتلة عام 1948م لليهود على طبق من ذهب بل ونصبوا من أنفسهم ممثلين وأوصياء على الناس، يهبون البلاد والعباد لأعداء الإسلام الذين عاثوا في الأرض فساداً. فهذا كبير المفاوضين يخاطب اليهود من أصل روسي قائلاً: “نحن الفلسطينيين قدمنا تنازلاً تاريخياً في المفاوضات حين اكتفينا بـِ 23% من مساحة فلسطين”. إنه يخاطبهم بمنطق التنازلات المفضوحة. لقد مرغوا بالطين كرامات العباد، حتى غدت شعوبنا أضحوكة بين الأمم، بسبب تصرف هؤلاء الزعماء الأشقياء المتربعين على سدة الحكم أو على ما يشبه سدة الحكم.

                أيها الإخوة الأكارم  لا يتردد عاقل ـ أنعم النظر في هذه المفاوضات ـ إلا ويقطع متيقناً بأن هذه المفاوضات إنما هي مؤامرة كبرى، ومهزلة مخجلة، وتفريط مهين بالمبدأ والعقيدة، والبلاد والعباد، وكل ما له مساس بالعزة والكرامة …

                إنها حقاً لمفارقة عجيبة أن يتشبث الغاصبون بثوابتهم ولاءاتهم، ويعلنوا على رؤوس الأشهاد بأن القدس عاصمتهم الأبدية وأنها لن تقسم ثانية، ويحلفوا بأن موقفهم هذا لا مساومة عليه، وأنه أخذ بإجماع الشعب اليهودي، ويتبعوا أقوالهم هذه بالأفعال، فيكثفون بناء المستوطنات في القدس، ويستمرون في مصادرة الأراضي، ويقاومون كل الضغوط الدولية التي تمارس عليهم، ولا يتوقفون عن الاستمرار في الأعمال الاسـتيطـانية فيها، كمناطـق أبي غنيم ورأس العمود وسـلـوان وغيرها من مناطق في قلب القدس وفي محيطها.

                بينما مفاوضونا المسالمون المتساهلون يقبلون بإملاءات اليهود، ويبررون قبولهم هذا بأتفه الأسباب، ويتشدقون بقبولهم لهذا الاستسلام المخزي، باعتباره خياراً استراتيجياً لا عودة عنه.  تلكم ـ أيها الاخوة الكرام ـ هي المفارقة العجيبة … عدو يلتهم القدس وفلسطين، يقول بأن المفاوضات الجادة ستستغرق عشرات السنين، وستحتاج لأجيال يتناوب فيها الآباء والأبناء، يخوضون في مهزلة المفاوضات والاتفاقات التي لا أول لها ولا آخر … بينما صاحب الحق يتغافل عن حقه ويختبئ خلف شعارات مخادعة ومبررات كاذبة ليغطي بها خياناته وجرائمه.

                أيها الإخـوة الأفاضـل  ليكـن الجميـع على علم ـ والمتفاوضون على وجه الخصوص ـ بأن وعد الله بالقضاء على دولة يهود أمر لا ريب فيه، فهو وعد بنص قطعي الثبوت قطعي الدلالة، فمهما تضخمت دولة يهود وانتفخت، ومهما بلغت من القوة والتفوق شأواً بعيداً، ومهما سايرتها دول وحكومات العالم، فقوله سبحانه وتعالى: (وإن عدتم عدنا) قول دائم وقاطع وواقع، ومعناه أنه إن عاد اليهود واستكبروا في الأرض، وعاثوا فيها الفساد فإن الله سبحانه سيعود عليهم بالتقتيل والتدمير والهلاك . فآية(وإن عدتم عدنا)هي قاعدة ربانية لا تتخلف، وبناءً على هذه القاعدة فإن تدمير إسرائيل لا محالة حاصل، وسيكون بالإسلام وعلى يد المسلمين ـ إن شاء الله تعالى ـ، ولن يكون باسم العروبة أو الفلسطينية. ويؤكد ذلك ما ثبت بالحديث الصحيح الذي أورده البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودي تعال فاقتله» فاعتبروا بذلك أيها المؤمنون، فإن هذا هو المصير المؤكد الذي ستؤول إليه دولة يهود، وإنه لن ينفعها ما أعدت من عتاد وسلاح، ولسوف يقضى عليها بأيدي المؤمنين حتماً، وبعون الله ونصره، وسيحصل ذلك باسم الإسلام وتحت راية الجهاد، راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، فمصير يهود سيكون أسودَ قاتماً فظيعاً، ألا وهو التدمير والتخريب والقلع، وهو مماثل لما حصل مع يهود بني النضير ويهود بني قريظة، ولهذا لا داعي للانخراط في مشاريع الصلح والمفاوضات مع اليهود، ولا داعي للمشاركة في تصفية القضية الفلسطينية، لأن حصول ذلك سيجعل من قتالنا العتيد معهم أشد هولاً، وأكثر شراسة، وقد يكلفنا الملايين من الشهداء، وذلك لأن إبرام الصلح مع إسرائيل سيجعل منها دولة شرعية في نظر المجتمع الدولي، فاعترافنا بها وإقرارنا بحقها في الوجود على أرضنا، وتنازلنا لها عن فلسطين بمحض إرادتنا واختيارنا، سيجعل من حربنا معها أصعب لأنها ستكون حرباً مع الدول الكبرى التي اعترفت بها.

                لذلك أيها الإخوة المسلمون  كان لا بد من التذكير لأن الذكرى تنفع المؤمنين، وكان لا بد كذلك من إنكار منكر المفاوضات وبيان كونها من أفظع الجرائم التي ترتكب في حق الأمة والدين والتاريخ، لأن اعترافنا بها سيمنحها الشرعية والدعم الدوليين، وسيكون قتالنا لها بعد ذلك قتالاً للعالم الذي اعترف بها. أما إن أنكرنا حقها في الوجود بقيت إسرائيل مجرد تجربة فاشلة سرعان ما تسقط، ولن يكترث بها المجتمع الدولي ولو استمرت مئات السنين.

                أما القول بأننا ضعفاء وأن موازين القوى قد أصبحت لغير صالحنا، فهذا قول هراء، وهو قول فاسد، وذلك من وجهين: ـ

الأول: ـ  إن الضـعف ليس علة للتنازل ولا لارتكاب الخيانات والمعاصـي والآثام. ولا يوجد أي دليل شـرعي يدل على هذا المعنى.

الثاني: ـ  أننا لسنا بضعفاء البتة، فعندنا من القوة ما يكفي لقبر دولة يهود، لأنه لا ينقصنا المال ولا الرجال ولا العتاد. فالذي ينقصنا فقط هو إيجاد دولة الخلافة التي تملك الإرادة والعزم للقيام بتطبيق الإسلام ومقاتلة الكفار وتحرير القدس وما جاورها من الأرض التي باركها الله وسائر بلاد المسلمين.

                فإلـى الـعـمـل لإقـامـة دولـة الـخـلافـة نـدعـوكـم أيها الناس.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *