العدد 450-451-452 -

السنة الثامنة والثلاثون، رجب – شعبان – رمضان 1445هـ الموافق شباط – آذار – نيسان 2024م

أبو بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفة الراشد الأول

  نصر أبو إبراهيم القلقيلي

إن سيرة أبو بكر الصِّديِّق رضي الله عنه مليئة بالمواقف والبطولات ومفعمة بعبق الايمان، فشخصيته تلفُّها الصفات الحميدة وتزينها مكارم الاخلاق، وكان له السابقة في الإيمان والدعوة إلى الله عز وجل والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والإنفاق في إعزاز الدين، وكان أول من أوذي في الله عزَّ وجلَّ، فهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفيقه في حلِّه وترحاله، وهو أعلم الناس به  وأمينُ سره وأحبُّ الناس اليه من الرجال، وصاحب المواقف الحاسمة في الملمات والنوازل، مؤسس الخلافة الراشدة وناصر الدين والمدافع عن عقيدته وأحكامه، والمجاهد في سبيل الله عز وجل، ومن وفقه الله عز وجل لجمع كتابه.

 كان رضي الله عنه تقيًّا محببَا شجاعًا رحيمًا لينًا حازمًا ذا لبٍّ وبصيرة، ولو أردنا جمع صفاته لقلنا إنه لم تكن فضيلة أو مكرمة إلا وكان له حظٌّ منها، ولا عملٌ صالحٌ إلا حرص على أن يسبق إليه.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن تبع منكم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن عاد منكم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال صلى الله عليه وسلم:ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة» رواه مسلم.

اسمه ولقبه وصفاته:

أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَبدُ اللّٰهِ بنُ أَبي قُحَافةَ عُثْمَان بن عَامِر التَّيمي القُرَشيّ (50 ق.هـ – 13هـ/573م – 634م).

وقد لقب أبو بكر بـ(الصِّديق، الصاحب، العتيق، الأتقى، الأوَّاه) فكل لقب له قصة تبين فضائل أبي بكر؛ ولكن  لقبَ الصِّديق التصق باسمه لما لهذه الصفة من فضل؛ إذ كانت في وقت التكذيب والصد عن سبيل الله عز وجل من المشركين.

وقد اشتهر أبو بكر في الجاهلية بصفات عدة، منها العلم بالأنساب، وأخبار العرب، فقد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أبا بكر أعلمُ قريش بأنسابها» صحيح مسلم.

وقد كان أبو بكر تاجرًا، قال ابن كثير: «وكان رجلًا تاجرًا ذا خُلُق ومعروف، وكان رجالُ قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر: لعلمه وتجارته وحسن مجالسته»، وكان رأس ماله أربعين ألف درهم… ومنهم من وصفه بأن أهل مكة كانوا يحبُّون مجالسته فهو حسن العشرة، ذو عقل وحلم، ليِّن، كريم، وصادق، وذو حياء وعزة ووقار.

وأبو بكر لم يقم بما قام به أهل الجاهلية من السجود للأصنام وشرب الخمر، وقتل الأولاد خوفًا من الفقر، ولم يجتمع في مجالس قومه إلَّا في الأخلاق الحميدة والفضائل.

 إسلامه وسابقته:

عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم دعا صديقه أبا بكر رضي الله، فلم يتردَّد ولم يتشكَّك ولم يتأخَّر في الاستجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أول الرجال الأحرار إيمانًا، وعلي رضي الله عنه من الغلمان، وعندما أسلم أبو بكر سُرَّ النبيُّ عليه الصلاة والسلام سرورًا كبيرًا، عن ابن كثير أخرج الحافظ أبو الحسن الأطرابلسي، فعن السيدة عائشة أنها قالت: «خرج أبو بكر يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له صديقًا في الجاهلية، فلقيه فقال: «يا أبا القاسم فُقدت من مجالس قومك واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني رسول الله أدعوك إلى الله»، فلما فرغ كلامه أسلم أبو بكر، فانطلق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بين الأخشبين أحد أكثر سرورًا منه بإسلام أبي بكر».

وذكر النبي عليه الصلاة والسلام ممتدحًا إيمان أبي بكر فيما رواه ابن اسحاق، فقال: «ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر، إلا أبا بكر ما عكم عنه حين ذكرته، ولا تردد فيه». [عكم بمعنى  تلبث كما ذكره ابن هشام] كما  روي عن النبي عليه الصلاة والسلام  أنه قال: «هل أنتم تاركون لي صاحبي، هل أنتم تاركون لي صاحبي، إني قلت: يا أيها الناس، إني رسول الله إليكم جميعًا، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت». أخرجه البخاري.

فكان إيمانه رضي الله عنه لو وزن بإيمان أهل الأرض لوزنهم، فقد أخرج أحمد «خرج إلينا رسولُ اللهِ ذاتَ يومٍ فقال: «رأيتُ كأني أُعْطيتُ الـمَقاليدَ والموازينَ، فأما المقاليدُ فهى المفاتيحُ فَوُضِعَتْ في كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ أُمتي في كِفَّةٍ فَرَجَحْتُ لهم، ثم جيء بأبي بكرٍ فَرَجَح بهم، ثم جيء بعمرَ فَرَجَح بهم، ثم جيء بعثمانَ، فَرَجَح ثم رُفِعَتْ فقال له رجلٌ: فأين نحن؟ قال: أنتم حيث جَعلتم أنفسَكم». وأخرجه ابن شيبة والطبراني باختلاف يسير.

دعوته للإسلام ومواقفه فيها

وكان أبو بكر رضي الله عنه حاملًا لدعوة الإسلام من طراز فريد، وظهر ذلك في العديد من الأعمال والمواقف.

فقد دعا إلى الله عز وجل فأسلم على يديه العديد من الصحابة: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن مظعون، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، كما دعا أبو بكر أسرته وعائلته، فأسلمت بناته أسماء وعائشة، وابنه عبد الله، وزوجته أم رومان، وخادمه عامر بن فهيرة.

وأبو بكر رضي الله عنه هو الذي ألحَّ على رسول الله بالجهر بالكتلة المؤمنة في تحدٍّ وصدعٍ بالحق في مكة، روى ابن كثير في البداية والنهاية عن عائشة رضي الله عنها قالت:

«فإنه لما اجتمع أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا ثمانية وثلاثين رجلًا، ألحَّ أبو بكر على النبي في الظهور، فقال: «يا أبا بكر إنا قليل»، فلم يزل أبو بكر يلحُّ حتى ظهر الرسول، وتفرق المسلمون في نواحي المسجد، كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيبًا والرسول جالس، فكان أولَ خطيب دعا إلى الإسلام، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، فضربوه في نواحي المسجد ضربًا شديدًا، ووُطئ أبو بكر وضُرب ضربًا شديدًا، ودنا منه عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر، حتى ما يُعرف وجهُه من أنفه، وجاءت بنو تيم يتعادون، فأجْلَت المشركين عن أبي بكر، وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولا يشُكُّون في موته، ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة، فرجعوا إلى أبي بكر، فجعل أبو قحافة (والد أبي بكر) وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب، فتكلم آخر النهار فقال: «ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟»، فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه، وقالوا لأمه أم الخير: «انظري أن تطعميه شيئًا أو تسقيه إياه»، فلما خلت به ألحت عليه، وجعل يقول: «ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟»، فقالت: «والله ما لي علم بصاحبك»، فقال: «اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه»، فخرجت حتى جاءت أم جميل (وكانت تخفي إٍسلامها)، فقالت: «إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله»، فقالت: «ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك؟»، قالت: «نعم»، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعًا دنفًا، فدنت أم جميل، وأعلنت بالصياح وقالت: «والله إن قومًا نالوا منك لأهلُ فسق وكفر، إنني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم»، قال: «فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟» قالت: «هذه أمك تسمع»، قال: «فلا شيء عليك منها»، قالت: «سالمٌ صالحٌ»، قال: «أين هو؟»، قالت: «في دار الأرقم»، قال: «فإن لله علي أن لا أذوق طعامًا ولا أشرب شرابًا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على الرسول محمد، فأكبَّ عليه الرسولُ فقبَّله، وأكبَّ عليه المسلمون، ورقَّ له الرسولُ محمدٌ رقَّةً شديدةً، فقال أبو بكر: «بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله، وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار»، فدعا لها النبي عليه السلام ودعاها إلى الله فأسلمت.

وعندما علم أبو بكر بتعذيب بلال بن رباح وكان عبدًا لأمية بن خلف قصد موقع التعذيب، وفاوض أمية واشتراه منه وأعتقه لوجه الله تعالى، وفعل الشيء نفسه مع العديد من العبيد والإماء الذين أسلموا فاشتراهم وأعتقهم منهم: عامر بن فهيرة، وأم عبيس (أو أم عميس)، وزنيرة، كما أعتق النهدية وبنتها، وابتاع لبينة جارية بني مؤمل وكانت مسلمة فأعتقها أيضًا.

الهجرة وصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم

لقد طمع الصديق بصحبة النبي عليه الصلاة والسلام، وتجهز لذلك، قال ابن إسحاق: «وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلًا ذا مال؛ فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فقال له رسول الله: «لا تعجل لعل الله يجد لك صاحبا»، فقد طمع بأن يكون رسول الله إنما يعني نفسه حين قال له ذلك، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادًا لذلك».

«قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

وعندما أذن الله لنبيه بالهجرة، خرج رسول الله من بيته سالـمًا من بين من اجتمعوا، لقتله وذهب إلى بيت أبي بكر، وتروي لنا السيدة عائشة رضي الله عنها ما حدث: «كان لا يخطئ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة وإما عشية، حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها، فلما رآه أبو بكر قال: «ما جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في هذه الساعة إلا لأمر حدث»، فلما دخل تأخَّر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخرج عني مَن عندك»، قال: «يا رسول الله إنما هما ابنتاي،[صحيح البخاري] وما ذاك فداك أبي وأمي؟»، قال: «إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة»، فقال أبو بكر: «الصحبة يا رسول الله؟»، قال: «الصحبة»، قالت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدًا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي». [البداية والنهاية، ابن كثير]» واحتمل ماله كله وكانت خمسة آلاف أو ستة آلاف كما روت أسماء بنت أبي بكر.

وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غار ثور، واضعًا ماله ونفسه فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان حريصًا أن لايصيبه صلى الله عليه وسلم أذًى أو مكروه.

قال محمد بن سيرين: ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه، فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما قال: فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه، فقال: والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر، فجعل يمشي ساعة بين يديه، وساعة خلفه حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا أبا بكر، ما لك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي؟» فقال: يا رسول الله، أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد، فأمشي بين يديك، فقال: «يا أبا بكر، لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني؟» قال: نعم، والذي بعثك بالحق، ما كانت لتكون من ملمة إلا أن تكون بي دونك، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله، حتى أستبرئ لك الغار، فدخل واستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرئ الحجرة، فقا : مكانك يا رسول الله، حتى أستبرئ الحجرة، فدخل واستبرأ، ثم قال: انزل يا رسول الله، فنزل، فقال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر» حديث صحيح

واقتفى المشركون أثر النبي عليه الصلاة والسلام حتى وصلوا جبل ثور، ووصلوا إلى الغار؛ ولكن لطف الله عز وجل وتأييده لنبيه عليه الصلاة والسلام جعلتهم يرتدون على أدبارهم خائبين،  فعن أبي بكرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنه قال: قلت للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أنَّ أحدهم نظر تحت قدميه؛ لأبصرنا، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما ظنُّك يا أبا بكر! باثنين الله ثالثُهما؟» البخاري .

وأنزل الله عز وجل في ذلك قرآنا يتلى إلى يوم القيامة قال تعالى: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ٤٠) [التوبة: 40]. ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار ثلاث ليال، ثم انطلقا وقد هدأ الطَّلب حتى وصلا المدينة المنورة.

صاحب رسول ووزيره وسهما في كنانته

  كان أبو بكر الصديق لا يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلِّه وترحاله، فكان وزيره صلى الله عليه وسلم ومستشاره وأنيسه وأحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتخلف رضي الله عنه عن غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذل كل ماله في غزوة تبوك ولم يُبقِ لأهله شيئًا من المال فاشترى نفسه ابتغاء مرضاة الله سبحانه، فكان رضي الله عنه يسابق في الخيرات ، حتى أتعب منافسيه وسلموا أنهم لن يسبقوه أبدًا.

وكان رضي الله عنه من أعظم الناس حبًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أكثر الناس معرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم. فعن أبي سَعيدٍ الخُدْريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَلَسَ علَى المِنْبَرِ فقالَ: إنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا ما شاءَ، وبيْنَ ما عِنْدَهُ، فاخْتارَ ما عِنْدَهُ. فَبَكَى أبو بَكْرٍ وقالَ: فَدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا، فَعَجِبْنا له، وقالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إلى هذا الشَّيْخِ؛ يُخْبِرُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا، وبيْنَ ما عِنْدَهُ، وهو يقولُ: فَدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا! فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو المـُخَيَّرَ، وكانَ أبو بَكْرٍ هو أعْلَمَنا به. وقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومالِهِ أبا بَكْرٍ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِن أُمَّتي لاتَّخَذْتُ أبا بَكْرٍ، إلَّا خُلَّةَ الإسلام، لا يَبْقَيَنَّ في المَسْجِدِ خَوْخَةٌ إلَّا خَوْخَةُ أبِي بَكْرٍ) البخاري [الخوخة: باب صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين ينصب عليها باب].

أبو بكر رجل اللحظة والمواقف الصعبة والحاسمة

لقد ظهر ذلك في مناسبات عديدة أهمها موت رسول الله ﷺ، وأيضًا في التصدي للمرتدين ومانعي الزكاة  والإصرار على قتالهم ما أدى إلى حفظ الدولة وحفظ العقيدة وأحكام الإسلام:

موت رسول الله صلى الله عليه وسلم:

كان وقع موت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة رضي الله عنهم عظيمًا، فهم في حالة من الصدمة ومن الذهول، والاضطراب، فمنهم من لم يستطع الكلام، ومنهم من أقعد لا يستطيع القيام، ومنهم من أنكر موته. فعلم أبو بكر رضي الله عنه بخبر موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان غائبًا كما جاء في صحيح البخاري (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَاتَ وأَبُو بَكْرٍ بالسُّنْحِ، -قَالَ إسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بالعَالِيَةِ- فَقَامَ عُمَرُ يقولُ: واللَّهِ ما مَاتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَتْ: وقَالَ عُمَرُ: واللَّهِ ما كانَ يَقَعُ في نَفْسِي إلَّا ذَاكَ، ولَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أيْدِيَ رِجَالٍ وأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أبو بَكْرٍ فَكَشَفَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا ومَيِّتًا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أيُّها الحَالِفُ، علَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أبو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أبو بَكْرٍ وأَثْنَى عليه، وقَالَ: ألا مَن كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فإنَّ مُحَمَّدًا قدْ مَاتَ، ومَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فإنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، وقَالَ: (إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ٣٠) [الزمر: 30]، وقَالَ: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡۚ وَمَن يَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيۡ‍ٔٗاۗ وَسَيَجۡزِي ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ١٤٤)[آل عمران: 144]، قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، …) .

بيعة سقيفة بني ساعدة 

ما إن علم الناس بموت رسول الله صلى الله عليه وسلمحتى اجتمع الأنصار لبيعة سعد بن عبادة خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعلم أبو بكر وعمر بن الخطاب وابو عبيدة بما اجتمع الانصار من اجله  ،فقدموا إلى السقيفة ليوقفوا ما عزم الأنصار عليه، وأثبتوا لهم بالحجة أحقية المهاجرين من قريش، وأحقية أبو بكر بالخلافة، فبايع من كان بالسقيفة أبا بكر رضي الله عنه، وقبل بتولي الخلافة توحيدًا للمسلمين وجمعًا لكلمتهم .

فقد خطب أبو بكر معتذرًا من قبول الخلافة فقال: «والله ما كنت حريصًا على الإمارة يومًا ولا ليلةً قط، ولا كنت فيها راغبًا، ولا سألتها الله عز وجل في سر وعلانية، ولكني أشفقت من الفتنة، وما لي في الإمارة من راحة، ولكن قلدت أمرًا عظيمًا ما لي به من طاقة ولا يد إلا بتقوية الله عز وجل، ولوددت أن أقوى الناس عليها مكاني».[أخرجه الحاكم بإسناد صحيح]

فكانت بيعة أبي بكر رضي الله عنه أرساء للخلافة من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وترسيخًا لطريق نصب الخليفة أنها البيعة وترسيخًا لنظام سياسي للمسلمين (الخلافة الراشدة) من بعد النبي عليه الصلاة والسلام، فقد قاد ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه باقتدار، كأول خليفة للمسلمين. 

أبو بكر خليفة للمسلمين:

 كانت خلافة الصديق سنتين وثلاثة شهور، فمع أنها مدةٌ قصيرةٌ ولكنَّها كانت حافلة بالإنجازات والأعمال الجليلة من ترسيخ دعائم الحكم، والقضاء على الارتداد والتمردـ والعمل على نشر الدعوة الإسلامية في بلاد فارس والروم، وكان ذلك في آن واحد،، فكانت الفتوحات ونشر الدعوة الإسلامية.

خطبة أبي بكر الصديق عند توليه الخلافة:

كانت خطبة أبي بكر الصديق الأولى عند توليه الخلافة ترسم السياسة الداخلية والعلاقة بين الرعية والحاكم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبين موقع الخليفة من الرعية وحقه عليها وحق الرعية على الخليفة، وترسم السياسة الخارجية القائمة على حمل الدعوة عن طريق الجهاد ،فمع قصر الخطبة لكنها رسمت أسس ومنهاج للدولة، فقد قال رضي الله عنه: «أما بعد أيها الناس، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قومٍ إلا عمّهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله»  ذكره ابن الأثير بإسناد صحيح .

إدارة شؤون الدولة

لقد أدار أبو بكر شؤون الدولة باقتدار وبحرفية منقطعة النظير وببصيرة نافذة، فقد حرص على عدم تغيير الولاة الذين عينهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وحافظ على هيكل الحكم كما كان في زمن الرسول ﷺ ورفض عدم إنفاذ بعث أسامة بالرغم من الأخطار التي كانت تعصف بالدولة، وواجه التمرد من مانعي الزكاة والمرتدين في آن واحد معًا. إن الدولة تعاني من قلة الجند في أعمال سياسية فذة صادرة عن رجل دولة من طراز فريد.

بعث جيش أسامة بن زيد وحروب الردة

أصدر أبو بكر أمرًا لجيش أسامة الذي أعدَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرب الروم «ألا يبقى بالمدينة أحد من جند أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجرف» [البداية والنهاية ] وكان قد  اعترض بعض الصحابة على أبي بكر في إنفاذ الجيش، وأن يبقي لمواجهة الردة والتمرُّد فقالوا: «إن هؤلاء جلُّ المسلمين، والعربُ على ما ترى قد انتقضت بك، فليس ينبغي لك أن تفرق عنك جماعة المسلمين» [البداية والنهاية] فقال أبو بكر: «والذي نفس أبي بكر بيده، لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو لم يبقَ في القرى غيري لأنفذته» [تاريخ الطبري].

فأمضى الجيش وأوصاه ، فوصل إلى بلاد الروم وحقق انتصارات عظيمة عززت الهيبة لدولة الإسلام، وكان خروج الجيش في هذا الظرف العصيب أوجد المهابة عند المتمردين والمرتدين في الدولة الإسلامية.

ورفض أبو بكر اعتراض الصحابة رضي الله عنهم ومنهم عمر بن الخطاب على محاربة مانعي الزكاة للدولة وهم معترفين بوجوبها، فكان ثاقب النظر ومتفتح البصيرة، فلم يقبل بذلك واعتبره تمردًا وخروجًا عن الدولة، ونقصان في الدين، وقال قولته المشهورة: «أينقص الدين وأنا حي». وقال أيضًا: «والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها» البخاري. وفي رواية والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب:» فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق» مسلم.

وقاتل أبو بكر المرتدين بنفسه، وخرج على رأس الجيش، فعرض الصحابة عليه أن يبقى في المدينة لإدارة شؤون الدولة ويولي غيره القيادة، فجاء علي بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته، فقال: «إلى أين يا خليفة رسول الله؟ أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك، فوالله لئن أصبنا بك لا يكون للإسلام بعدك نظام أبدًا» فرجع [البداية والنهاية، ابن كثير].

وقد نصر الله المسلمين في حروب الردة، واستشهد عددٌ كبيرٌ من الصحابة فيها، وكان بينهم كُتّاب الوحي الذين يحفظون القرآن الكريم ويكتبون منه عددًا من آياته وسوره، فأمر رضي الله عنه زيد بن ثابت بجمع القرآن الكريم من ما كُتب وما حُفظ، بعد أن شرح الله صدره لهذا الأمر، وتمكّن زيد رضي الله عنه من جمعه في مصحف واحد قبل وفاة أبي بكر؛ ليكون ذلك في ميزان حسناته.

توجيه الجيوش إلى بلاد الشام والعراق

 اغتنم أبو بكر رضي الله عنه فرصة أن الفرس والروم كانوا على خلاف، فقام بإرسال الفاتحين شرقًا وغربًا بنفس الوقت، فأرسل إلى منطقة الفرس خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة، وانتصروا وفتحوا عددًا من المدن العراقية؛ كالأنبار، ودومة الجندل، والفراض، وفتحوا الحيرة، كما أرسل إلى منطقة الروم في بلاد الشام جيوشًا بقيادة يزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، وأرسل دعمًا بقيادة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم جميعا، وكانت البلاد المـُستهدفة هي الأردن وفلسطين ودمشق وحمص، وقد وقعت معركة اليرموك بين الروم والمسلمين وانضم خالد بن الوليد إليهم لدعمهم، وخلال المعركة وصل المسلمين نبأ وفاة خليفة المسلمين الأول، فتولّي عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة من بعده.

استخلاف أبي بكر لعمر بن الخطاب:

لقد استشعر أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخطر على الدولة الإسلامية وهي تخوض حروبًا مع أعظم دولتين في آن واحد، فحتى لا يختلف المسلمون من بعده، وبعد مشورة مع الصحابة سمَّى لهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتتم مبايعته بعد وفاته من المسلمين، وكتب بذلك كتابًا وقرأه على الناس حرصًا منه رضي الله عنه على الدولة في هذه المرحلة الحساسة .

تخوف الصحابة من استخلاف عمر

فقد ذكر ابن الأثير ذلك التخوُّف فقد «دخل طلحة بن عبيد الله على أبي بكر» بعد أن علم بأنه ولَّى عمر من بعده، فقال له: «استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، وكيف به إذا خلا بهم وأنت لاقٍ ربك فسائلك عن رعيتك؟! فانتفض أبو بكر وأمسك بكتفه وهزه وقال: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: أبالله تخوفني؟! (أي هل تظن أنك أكثر ورعًا مني، فتخوفني بالله؟!!) إذا لقيت ربي فسألني قلت: استخلفت على أهلك خير أهلك».

وحرص الصديق ورعًا منه أن يكون قد تكسَّب من منصب الخلافة بدرهم أو متاع، فقال فيما ترويه أم المؤمنين عائشة: «انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت في الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة بعدي»، فنظرنا فإذا عبد نوبي (منطقة النوبة) كان يحمل صبيانه، وإذا ناضح (البعير الذي يُستقى عليه) كان يسقي بستانًا له، فبعثنا بهما إلى عمر، فبكى عمر، وقال: «رحمة الله على أبي بكر، لقد أتعب من بعده تعبًا شديدًا» ذكره ابن الجوزي وذكره غيره بإسناد صحيح.

وفاة أبي بكر الصديق

تروي أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ الصدّيق رضي الله عنه مات متأثّرًا بمرضه بعدما اغتسل في ليلةٍ شديدة البرد، فأصيب على إثرها بالحمّى، ولم يستطع أن يخرج للصلاة خمسة عشر يومًا، وقد أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإمامة الناس لصلاة الجماعة نيابةً عنه إلى أن توفي في ليلة الثلاثاء الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة، الموافق الثالث والعشرين من شهر آب من عام ستمئةٍ وأربعةً وثلاثين ميلادية [الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني] وكانت آخر كلماته قبل وفاته «رب توفَّني مسلمًا، وألحقني بالصالحين» قالها، ولفظ أنفاسه الأخيرة، رحمه الله ورضي عنه.

وضجَّت المدينة لخبر وفاة الصدّيق رضي الله عنه، ولم ترَ المدينة منذ وفاة الرسول يومًا أكثر باكيًا وباكية من ذلك المساء، وحزن الصحابة رضوان الله عليهم حزنًا شديدًا على فراقه، وأقبل علي بن أبي طالب مسرعًا باكيًا مسترجعًا، ووقف على البيت الذي فيه أبو بكر، فقال: «رحمك الله يا أبا بكر، كنت إلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنيسه، ومستراحه وثقته، وموضع سره ومشاورته» إلى أن قال: «والله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله بمثلك أبدًا، كنت للدين عزًا وحرزًا وكهفًا، فألحقك الله عز وجل بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك»، فسكت الناس حتى قضى كلامه، ثم بكوا حتى علت أصواتهم، وقالوا: «صدقت».(التبصرة لابن الجوزي).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *