العدد 450-451-452 -

السنة الثامنة والثلاثون، رجب – شعبان – رمضان 1445هـ الموافق شباط – آذار – نيسان 2024م

ماذا فقدت الأمة بفقدان الخلافة؟!

د/محمد الرحبي- اليمن

أعظم مصيبة حلَّت بالمسلمين كانت فقدان خلافتهم، وذهاب سلطانهم، وتوقف العمل بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام. فقد كانوا يعيشون حياة إسلامية، وكان نمط حياتهم إسلاميًّا، كانوا يحكمون بشرع الله ويحتكمون إليه في كل مناحي الحياة، وكانوا كما قال الله فيهم (كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ)، كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحملون الإسلام رسالة إلى العالم… فبعد أن هدمت دولة المسلمين انقلبت الموازين رأسًا على عقب قرنًا من الزمان وزيادة، كانت فيها الأمة دون إمام سلطان راعٍ لهم، فقد غاب عنها الإمام الجُنَّة الذي يحميها من كيد الأشرار وتعاون الفجار، فقدت درعها وحصنها فانقضَّت عليها وحوش الرأسمالية لتمزِّق جسدها إلى أوصال عديدة، وأصبحت في حالة مزرية، ونحيت أحكام الإسلام عن الحياة، وحلت محلها أحكام الكفر، وانتقل سعار الرأسمالية إلى مجتمعات المسلمين، وحلت الروابط المنخفضة كالقومية والوطنية والمصلحية محل رابطة العقيدة بين أبناء الأمة الإسلامية… وكانت هذه ضريبة سماحهم لتحييد شرع الله عن واقع الحياة، ونتيجة احتكامهم إلى الطاغوت، واتخاذهم الأنظمة الوضعية شريعة، وتركهم ما أمر الله به، واستكانتهم وقبولهم بالذلة وسكوتهم على الحكم بغير ما أنزل الله خشية الحكام العملاء. والله ربهم يقول: (فَلَا تَخۡشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ وَلَا تَشۡتَرُواْ بِ‍َٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗاۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ).

خسر المسلمون عزتهم ومنعتهم… وخسروا فلسطين والجولان وكشمير والأندلس وتركستان ووو…إلخ… خسروا أبنائهم في حروب عبثية لخدمة نفوذ الغرب المتصارع على خيرات المسلمين… خسروا ثرواتهم الهائلة التي ينهبها الغرب بالتعاون مع الحكام وينمي بها بنيته التحتية وصناعاته… خسروا منابرهم التي كانت تصدع بالحق وتعالج الخلل وتحاسب مرتكبه… خسروا الزراعة والصناعة… خسروا قرارهم… وصادر الغرب وأدواته عبر الحكام قرارهم… فضاعت هيبة أمة المليارين وأصبحوا غثاء كغثاء السيل: هزائم تترى، ومآسٍ تتلاحق، ونكبات تتلوها نكبات، وحكام دويلات الضرار لا يحركون ساكنًا استمرؤوا الذل والهوان، وعشقوا العمالة لأعداء الله ورسوله. والآن أمة الإسلام تتوق إلى النصر، وتتلهف لطعمه، وتشتهي شراب العزة، وتتعطش وتتلهف للانتصار… فهيهات فهيهات أن يستقيم أمر هذه الأمة من غير أن تعيد إقامة دولة الخلافة التي تستأنف الحكم بما أنزل الله ليرضى الله وينزل نصره. فالنصر يؤتى إليه ولا يأتي من تلقاء نفسه(إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ). أيها المسلمون، غذُّوا السير، ولـمُّوا الشمل، وسارعوا إلى خيري الدنيا والآخرة وإلى (نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ)ولقد بشر رسول الله بعودة الخلافة، ووعد الله المؤمنين بالنصر والتمكين والغلبة إن كانوا على طريق إقامتها ماضون، وبوعد الله موقنون، وببشرى رسوله مستبشرون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *