العدد 450-451-452 -

السنة الثامنة والثلاثون، رجب – شعبان – رمضان 1445هـ الموافق شباط – آذار – نيسان 2024م

أيها العلماء: لا تكونوا دعاة على أبواب جهنم

إسلام المحمدي

الحمد لله الذى جعل فى كلِّ زمانِ فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى… فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه قد هدوه… فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم… ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة.

 الناس بلا علماء هم جهال تتخطفهم شياطين الإنس والجن من كل حدَب وصوب، وتعصف بهم الضلالات والأهواء من كل جانب؛ من هنا كان العلماء هم من نعم الله تعالى لأهل الأرض، وهم مصابيح الدُّجى وأئمة الهدى وحجة الله في أرضه. بهم  تُمحق الضلالة من الأفكار، وتنقشع غيوم الشك من القلوب والنفوس، فهم غيظ الشيطان وركيزة الإيمان وقوام الأمة، مثَلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء يُهتدى بهم في ظلمات الحياة إذا ما طُمست النجوم وأوشك أن تضل الهُداة.

بمثل هذا الكلام ،نحن نريد إطلاق إنذار وتحذير ندفع به العلماء لأن يأخذوا دورهم الذي يرضي الله، فالأمة بحاجة إليهم، وهم موجودون، فإما أن يكونوا في فسطاط الحق، وإما أن يكونوا في فسطاط النفاق الذي نعيذهم منه. وإننا هنا سنعرض أحاديث نبوية شريفة نريد بها أن نتوجه به إليهم بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ونثير فيهم إيمانهم ونخوفهم من عذاب الله إن وقفوا مع الحكام، فإنهم يتحولون بذلك من دعاة للحق إلى دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، والعياذ بالله.

نعم، إن علماء الخير لا يهابون سلطانًا جائرًا ولا حاكمًا جبَّارًا؛ لأنهم آمنوا بقول رسولهم ونبيهم الكريم الذي رواه السبط الجليل الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه: «من رأى سلطانًا جائرًا، مستحلًّا لحِرَم الله، ناكثًا بعهد الله، مخالفًا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيِّر عليه بقول ولا فعل؛ كان حقًّا على الله أن يُدخله مدخله» رواه الطبري في التاريخ، وابن الاثير في الكامل وغيرهما.

وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وابن حبان.

وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ومن أتى أبواب السلاطين افتتن، وما ازداد عبد من السلطان دنوًا إلا ازداد من الله بعدًا». أخرجه أبو داود والبيهقي.

وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله: «إن في جهنم واديًا تستعيذ منه كل يوم سبعين مرة، أعدَّه الله للقرَّاء المرائين في أعمالهم، وإن أبغض الخلق إلى الله عالم السلطان». أخرجه ابن عدي.

وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيت العالم يخالط السلطان مخالطة كثيرة؛ فاعلم أنه لص». أخرجه الديلمي في مسند الفردوس.

وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أناسًا من أمتي سيتفقهون في الدين، ويقرؤون القرآن، ويقولون نأتي الأمراء، فنصيب من دنياهم، ونعتزلهم بديننا، ولا يكون ذلك، كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا الخطايا». أخرجه ابن ماجة بسند رواته ثقات.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدَّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني، ولست منه، وليس بوارد عليَّ الحوض. ومن لم يدخل عليهم، ولم يعِنْهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم، فهو مني، وأنا منه، وهو وارد عليَّ الحوض». أخرجه الترمذي وصححه، والنسائي، والحاكم وصححه.

وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان، فإذا خالطوا السلطان فقد خانوا الرسل فاحذروهم، واعتزلوهم». أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده، والحاكم في تاريخه، وأبو نعيم، والعقيلي، والديلمي، والرافعي في تاريخه.

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عالم أتى صاحب سلطان طوعًا، إلا كان شريكه في كل لون يعذب به في نار جهنم». أخرجه الحاكم في تاريخه، والديلمي.

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأ الرجل القرآن وتفقَّه في الدين، ثم أتى باب السطان تَمَلُّقًا إليه وطمعًا لما في يده، خاض بقدر خطاه في نار جهنم» أخرجه أبو الشيخ في الثواب.

وعن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وكنفه، ما لم يمارِ قراؤُها أمراءَها». أخرجه أبو عمرو الداني في كتاب الفتن.

وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيكون قوم بعدي من أمتي، يقرؤون القرآن ويتفقهون في الدين، يأتيهم الشيطان فيقول: لو أتيتم السلطان، فأصلح من دنياكم، واعتزلوهم بدينكم! ولا يكون ذلك، كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا الخطايا». أخرجه ابن عساكر.

وعن أنس، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تقرَّب من ذي سلطان ذراعًا، تباعد الله منه باعًا».– أخرجه الديلمي.

وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر الزمان علماء يُرغِّبون الناس في الآخرة ولا يرغَبون، ويُزهِّدون الناس في الدنيا ولا يزهَدون، وينهَون عن غشيان الأمراء ولا ينتهون». أخرجه الديلمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *