العدد 448-449 -

السنة الثامنة والثلاثون، جمادى الأولى – جمادى الثانية 1445هـ، الموافق كانون الأول 2023 – كانون الثاني 2024

ثوابت شرعية في التعامل مع قضية فلسطين

إن التعامل مع قضية فلسطين، وما يجري من حرب (إسرائيل) على غزة وما ترتكبه من إجرام منذ قيامها إلى يوم القضاء عليها يجب أن تكون نظرة المسلمين، من أقصاهم إلى أدناهم، إليه واحدة موحَّدة على دين ربها. والخيرية التي وجدت في الأمة تجاه ما يحدث يجعلنا نؤكد على الثوابت الشرعية لتكون على بصيرة منها؛ فلا يؤثر فيها إرجاف المرجفين ولا تثبيط المثبطين.

ومن هذه الثوابت:

1- إن قضية فلسطين قضية إسلامية وهي أم قضايا المسلمين: لقد ذكر الله سبحانه وتعالى المسجد الأقصى (أولى القبلتين، وأحد البيوت الثلاثة المقدسة التي تُشد الرحال إليها) وبارك ما حوله من أرض، وهي أرض الشام ومنها فلسطين، فقال: (سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ) [الإسراء: 1] وقال سبحانه عن سيدنا إبراهيم عليه السلام:(وَنَجَّيۡنَٰهُ وَلُوطًا إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَا لِلۡعَٰلَمِينَ٧١) [الأنبياء: 71]. قال الحسن: إن الأرض التي بارك الله فيها هي: [الشام] وروي ذلك عن مجاهد، وابن زيد، وابن جريج. وقال الشيخ السعدي (رحمه الله) أي الشام. فهي أرض الدعوة لكثير من الأنبياء، وفيها قبورهم، وهي أرض المحشر والمنشر، واختارها الله سبحانه مهاجرًا لخليله، وجعلها أرض صراع بين المسلمين ويهود إلى يوم القيامة، ولنا فيها ميعاد نصر من الله، وإن الله لا يخلف الميعاد. إذًا فهناك أرض مباركة من الله، محتلة من عدوٍّ عداوته دائمة للمسلمين وهم يهود، بحبلٍ من الغرب النصراني، قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٥١) ولو عدنا إلى السبب الذي جعل بريطانيا تقوم بفعلتها الشنيعة بإقامة دولة ليهود في فلسطين لوجدنا أنها قد انطلقت من حسابات دينية، وهي أن المسلمين ويهود هم أعداء دائميون. وهذا يخدم سياستهم في إشغال المسلمين بيهود، ويهود بالمسلمين، وإضعاف المسلمين ومنع توحدهم؛ وهذا ما جعل القضية تأخذ هذا المنحى من الصراع الدولي… ثم إن هناك آيات وأحاديث تنبئ بأن هناك صراعًا حضاريًّا بين أتباع الأديان الثلاث (الإسلامية-اليهودية-النصرانية) سيحتدم في آخر الزمان في هذه البقعة المباركة من بلاد الشام مع يهود وبني الأصفر من النصارى؛ وهذا ما يجعل هذه القضية مُجمَّع قضايا ويجعلها تتقدم على غيرها، وتأخذ هذا البعد من الصراع الأيدولوجي، وتجعل المسلمين، كل المسلمين، في كل جنبات الأرض ينظرون إلى هذه القضية من منظور واحد، هو منظور دينهم.

2- إن الحل الشرعي لقضية فلسطين هو القضاء على دولة (إسرائيل)، واستئناف الحياة الإسلامية فيها: بما أن قضية فلسطين هي قضية إسلامية فهذا يقتضي أن يكون الحل فيها إسلاميًّا. فحكم أرض فلسطين هي أنها أرض إسلامية، ويجب إعادتها إلى الدولة الإسلامية، واستئناف الحياة الإسلامية فيها، ولما كانت الدولة الإسلامية مغيَّبة عن حياة المسلمين، وفرض عليهم إقامتها، كان إقامة الدولة الإسلامية وإعادة الإسلام إلى الحكم هو القاسم المشترك بين قضية فلسطين وقضايا سائر المسلمين في سائر بلادهم. فالمسلمون كل في بلده الذي يعيش فيها عليه واجب شرعي أن يقيم حكم الله فيها وأن يعمل على ضمه إلى الدولة الإسلامية الواحدة الجامعة. فالمسألة ليست متعلقة فقط باسترجاع الأرض، ومن ثم يضرب صفحًا عن إقامة الإسلام في حياة المسلمين في فلسطين وفي غيرها، وهنا يقع التقاء هذه القضية مع غيرها بالدعوة الجامعة إلى إقامة حكم الله في كل بلاد المسلمين. وهذا ما نراه يجمع الأمة ككل عند كل نكبة ينكبون فيها بدينهم ويقفون موقفًا واحدًا من أقصى بلادهم إلى أدناها، هو المطالبة بإقامة دولة إسلامية تقوم هي بإعادة الإسلام إلى الحكم، وتضم المسلمين وبلادهم إليها، وهذا ما يعي الغرب خطورته فيزداد إجرامًا بحق المسلمين ويؤيد يهود في كل ما ترتكبه من جرائم ضاربًا بعرض الحائط كل دعاواه الهابطة المنادية بالحريات والسلام والحقوق؛ إذ كله كذب بكذب.

3- هناك وعد إلهي بالقضاء على (إسرائيل): أي أنه سيكون في آخر الزمان قتال بين المسلمين ويهود، وأنه سيكون قتال استئصال لهم، وستكون به نهايتهم. فهم في حياة دهرهم انتقلوا من شتات إلى شتات، قال تعالى: (وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبۡعَثَنَّ عَلَيۡهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَن يَسُومُهُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ١٦٧) [الأعراف: 167] وسيكون القضاء عليهم بعدما يتجمعون، قال تعالى: (وَقُلۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ لِبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱسۡكُنُواْ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ جِئۡنَا بِكُمۡ لَفِيفٗا١٠٤) [الإسراء: 104] وأن تجمعهم سوف يكون في هذه الأرض المباركة، ويكون المسجد الأقصى في قلب معركة القضاء عليهم،؛ وذلك كما قال تعالى: (فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُ‍ُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا)[الإسراء: 7]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ، يا عَبْدَ اللهِ، هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ، فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ» رواه مسلم. وإن من يتابع هذا الصراع على أرض الواقع، فإنه لا يصل إلا إلى نتيجة واحدة، وهي أن المسلمين سيقومون بالقضاء على دولة (إسرائيل)، وأن تطوُّر هذا الصراع يسير بهذا الاتجاه وبشكل سريع، وهذا يعني أن الواقع يصدق الشرع وهذا ما يجعل المسلمين على موعد من الله بإيتاء النصر، وهذا النصر متعدد الشُعَب: نصر بإقامة الخلافة الراشدة وذلك ببشارة الرسول صلى الله عليه وسلم: «ثم تكون خلافة علة منهاج النبوة» ونصر على يهود، وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «تقاتلكم يهود فتقتلونهم» ونصر ظهور الدين على غيره بقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله زوى لي الأرض مشرقها ومغربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها». واللهَ نسأل أن نكون من شهوده.

4- قتال يهود يجب أن يكون قتالًا شرعيًّا، وحل القضية حلًّا شرعيًّا: أي جهادًا؛ وذلك أن صراعنا معهم عقائدي وصراعهم معنا كذلك عقائدي، وهم قد احتلوا أرضًا إسلامية وشرَّدوا أهلها ونكَّلوا بهم وأذاقوهم سوء العذاب، وهم ما زالوا رأس حربة التآمر مع أعداء المسلمين من أمريكان وأوروبيين وغيرهم ضد المسلمين… وهذا يوجب علينا أن نجاهد ضد أعداء الله اليهود حتى يكون الدين كله لله وحده في فلسطين كما في غيرها؛ لذلك يجب أن ينظر إلى القتال معهم من هذا المنظور. وكما أن قتال يهود في فلسطين هو قتال شرعي؛ فإن الحل لا يجوز أن يكون إلا حلًّا شرعيًا، فلا يجوز أن يطالب فيه بحل الدولتين أو غيره، بل لا يجوز التفريط بذرة تراب من أرض فلسطين، ولا الاحتكام إلى الأمم المتحدة أو دول الغرب الكافرة ليكون الحل بحسب مصالحها. فهذه القضية هي قضية إسلامية من أولها إلى آخرها، ولا يجوز أن تلعب بها القرارات الدولية، ولا المؤمرات الغربية، ولا يجوز أن يعطى لحكام الجور شرعية تمثيلها، هي حصرًا لله، وهي لن تنتهي ولن تحل إلا بقتال شرعي، أي بجهاد… ولا كلام بعده.

5- إذا وجدت جماعات تقاتل يهود من منطلق شرعي وكانت لها قيادة سياسية تطالب بحل غير شرعي من مثل حل الدولتين، دولة ليهود ودولة للمسلمين من أهل فلسطين،كما يطرح الآن، فإنه يقر العمل العسكري من هذه الجماعات؛ لأنه جهاد ضد يهود، ولأن القائمين عليه هم مجاهدون فعلًا، ويُحتسب الأجر لقتلاهم من الله وحده، وترد على قيادتها السياسية مطالبتها بالحل غير الشرعي، وتُنتقد تصرفاتها وتصريحاتها انتقادًا شرعيًّا قويًّا، وتنصح بأن هذه المطالبة لا تجوز، بل تحرم عليهم حرمة شرعية كبيرة؛ وذلك لأنهم رضوا بأن يكون غير الله حَكَمًا لهم، وهي الأمم المتحدة، ورضوا بحكمها غير الشرعي، وتحذَّر من التفريط بحقوق الشرع والمسلمين أدنى تفريط؛ وعليه يبارَك العمل العسكري ويؤيَّد ويدعى له بالتوفيق، ويرفض العمل السياسي والقبول بأي حل غير شرعي. وهنا نجد مفارقة كبيرة بين الأمرين: فالعمل الجهادي الذي يقومون به يمثل أرقى أنواع الطاعة، بينما العمل السياسي فإن فيه سخط من الله، وهنا على المسلمين عامة والمجاهدين خاصة أن يصوبوا البوصلة. هذا ولا يجوز أن يهاجم العمل الجهادي، ولا أن يوقف إلا في حالة واحدة وهو التأكد من أن العمل العسكري مربوط ربطًا محكمًا بالموقف السياسي بحيث يستخدم فقط لتحقيق أهدافه. وهذا ما يجب أن يتنبه إليه المسلمون ويحذروا منه. 

6- ارتباط حل القضية الفلسطينية بوجود دولة الخلافة الإسلامية من قبل واليوم: ارتبط وجود قضية فلسطين بوجود الخلافة من بدايتها، فقد رفض الخليفة عبد الحميد الثاني (رحمه الله) عليها عرض هرتزل زعيم الحركة الصهيونية بقبول اليهود كمهاجرين في أرض فلسطين مقابل حصول الدولة على ملايين القطع الذهبية قائلًا لهرتزل قولته الشهيرة: «انصحوا هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع، فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض وروّاها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يومًا فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حي، فإن عمل المبضع في بدني لأهون عليَّ من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة العثمانية. من الممكن أن تقطع أجسادنا ميتة، وليس من الممكن أن تشرح ونحن على قيد الحياة». وهذا الذي حدث؛ إذ لم تستطع بريطانيا ولا اليهود أن يوجدوا دولتهم إلا بعد هدم دولة الخلافة الإسلامية. أما عن فكرة  ارتباط القضاء على الكيان اليهودي بالخلافة، فآتٍ من أن قتال يهود والقضاء على دولتهم واسترداد أرض فلسطين إلى المسلمين هو جهاد دفع، وهو بالأصل لا يحتاج حصرًا إلى دولة إسلامية، بل واجب على المسلمين من أهل فلسطين ومن بإزائهم أن يقوموا بذلك، ولو لم تكن للمسلمين دولة إسلامية، ويتوسع هذا الفرض في حال العجز عن تحقيق الهدف حتى يشمل المسلمين كلهم… ولكن، من حيث الواقع، نرى بأن حكام المسلمين، وهم صنائع للغرب، يمنعون من ذلك، وهذا المنع يجب أن يُلجئ المسلمين، وعلى سبيل الوجوب، إلى إزالة هذا المانع بالعمل لإقامة دولة الخلافة الإسلامية لتقوم هي بهذا الفرض. فتحرير فلسطين من حيث الأصل لا يحتاج كحكم شرعي إلى وجود الدولة الإسلامية؛ ولكن من حيث الواقع؛ ولأن هذا الفرض يمنعه الحكام؛ فعليه يكون واجبًا أن يقيم المسلمون دولة الخلافة التي تقوم هي بهذا الفرض؛ بناء على القاعدة الشرعية: «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب» وهذا دليل شرعي إضافي لوجوب العمل على إقامة دولة الخلافة.

7- ارتباط حل القضية بإسقاط الحكام: إن الحكام هم العائق الأكبر أمام تحرير فلسطين، فقد أخذ عليهم الغرب أن يكونوا سياجًا يحمي دولة (إسرائيل) وخاصة ما تسمى بدول الطوق (مصر والأردن وسوريا ولبنان) فهذه الدول، وكل الدول، تمنع الجيوش والمسلمين من أن يحرروا فلسطين، بل تخوض في الأعمال السياسية التي تسعى للتطبيع مع هذا الكيان الغاصب، بالسر أو بالعلن، وأكثر ما يظهر اهتمامهم بالقضية فإنما يظهر بمؤتمرات القمم التي توصف بالانهزام والاستسلام والخيانة وتسليم القضية، ودعوة يهود إلى السلام بحل الدولتين أو بالسير بسياسة التطبيع، أو بأي حل يتبناه أسيادهم الأمريكيون… إن هؤلاء الحكام لا تتعامل معهم (إسرائيل) كأعداء، بل تعتبر أن مشكلتها الحقيقية هي في الشعوب الإسلامية، وقد صرح بذلك علنًا المجرم نتنياهو في كلمته أمام البرلمان (الإسرائيلي) بمناسبة الذكرى الأربعين لزيارة السادات لـ(إسرائيل) قائلًا: «إن العقبة الكبرى أمام توسيع السلام لا تعود إلى قادة الدول حولنا، إنما إلى الرأي العام السائد في الشارع العربي والذي تعرض خلال سنوات طويلة لغسل دماغ تمثل بعرض صورة خاطئة ومنحازة عن دولة إسرائيل»؛ وهكذا نرى أنه لا يمكن تحرير فلسطين مع وجود أمثال هؤلاء الحكام، فلا بد من إسقاطهم وإزالة حكمهم، وإقامة حكم الإسلام مكانهم في دولة جامعة هي دولة الخلافة، ومن ثم استنفار الجيوش والشعوب الإسلامية للقيام بالتحرير.

8- ارتباط حل القضية بتحرك الجيوش: كما نعلم، فإن الغرب الكافر بعد أن هدم دولة الخلافة وقسمها إلى أشباه دول، ونصب عليها حكامًا اصطنعهم لنفسه، وقيادات جيوش تأتمر بأمره، وجعل سياسة البلد تسير وفق مصالحه، وأبعد الشرع الإسلامي كليًا عن واقع الحياة… فإنه فوق كل ذلك غرس في فلسطين غرس يهود الخبيث… وهذا التقسيم وهذا الغرس أراد الغرب الكافر أن يفرضه على المسلمين ويجعله قدرًا مقدورًا… ولكن الأمة لم تقبل هذا التقسيم ولا هذا الغرس، وقاموا يريدون مقاومته ومقاتلته، فاعترضتهم دول الطوق ومنعتهم، فحصر الصراع مع يهود بدول الطوق، ثم حصر أكثر فأصبح مقتصرًا على أهل فلسطين، وحتى أهل فلسطين فقد أنشأ لهم يهود والغرب سلطة وقوى شبه عسكرية أعدها الجنرال الأمريكي دايتون لتكون بالمرصاد لمن يقوم من المخلصين بالمقاومة.

بما أن (إسرائيل) دولة فيجب مواجهتها كدولة، وبما أنها تمتلك جيشًا فيجب مواجهتها بالجيوش. إذًا لا بد من أن يجتاز موضوع القضاء على يهود جدار إزالة الحكام عن عروشهم وإزالة أتباعهم من ضباط الجيوش. وهنا لا بد من القول إن الجيوش في بلاد المسلمين هي من جنس الأمة وليست من جنس الحكام، فقط قادة هذه الجيوش، مع قادة الأجهزة الأمنية، يتم اختيارهم من قبل الغرب والحكام التابعين له للمحافظة على النظام وإبعاد كل خطر عنه ومنع أي تهديد له، وفرض السير في سياسته أما باقي السلك فإنهم مخلصون ضباطًا وأفرادًا.

 وبالنسبة إلى التعامل مع قضية فلسطين، فإن الحكام لا يحركون جيوشهم لمواجهة جيش (إسرائيل) إلا إذا كانت هناك خطط معينة لأهداف معينة ليس لها علاقة بالتحرير ولا بالقضاء على دولة (إسرائيل) كما حدث في حروب الـ67 والـ73. فلتعلم هذه الجيوش، ضباطًا وأفرادًا، أن عليهم واجب نصرة دينهم وإغاثة أمتهم لتنفرج أوضاعهم… ولتعلم هذه الجيوش، ضباطًا وأفرادًا، أن الحكام سيمنعونهم من أي تصرف، وحينها لا بد من أن يعملوا على إزالتهم والعمل مع أهل الدعوة ليقيموا دولة الإسلام، وليقوموا بعدها بدورهم في القضاء على (إسرائيل) بالجهاد.

9- الأمة الإسلامية أمة واحدة يجير أقصاها أدناها، وقضاياها واحدة؛ لذلك نراها تستنفر عند وجود أي اعتداء على المسلمين في أي بلد من بلادهم، فكيف إذا كانت في فلسطين، فإننا سرعان ما سنجد أن الكثير منهم سيتطوع للقتال فيترك أهله وبلده ورزقه ويأتي ليقاتل، وقد حدث ذلك في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي السابق وفيما بعد ضد أمريكا، وحدث في سوريا عندما جاء الكثير من الذين يسمونهم بـ(المهاجرين)، ومن قبل في البوسنة والهرسك؛ لذلك فإن أي تغيير لأي نظام حكم في أي بلد من بلاد المسلمين، فإنه سرعان ما سينتقل إلى تغيير سائر الأنظمة الطاغوتية، وبالتالي إلى حدود (إسرائيل).

لقد أصبحت لدى المسلمين قضية واحدة جامعة هي قضية إقامة دولة إسلامية جامعة، هي دولة الخلافة التي سوف تحل كل قضايا المسلمين وتجمعهم في دولة واحدة تؤمن عيشهم الكريم، وتطبق الإسلام وتحمله إلى العالم، وتقضي على هذا النظام الدولي الجائر الذي لم يترك موبقة إلا نشرها، وتقضي على كيان يهود كما ورد في الأحاديث، قال تعالى: (وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ٦).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *