(وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡ‍ُٔولُونَ ) (أيها المسلمون: أدركوا بيوتكم وأعراضكم فإنها مستهدفة)

أم بلال الحرباوي – بيت المقدس

لما علم الغرب الماكر سر قوة الأسرة المسلمة المتمسكة بعقيدتها وأحكام دينها، عمل على تصويب سهام حقده مستهدفًا قيمها وعقيدتها وحضارتها التي لطالما خرّجت القادة العظام والأبطال الفاتحين، وأنتجت شخصيات إسلامية عبرت القارات والحدود والبحار، حاملة على أكتافها هذا الدين العظيم الذي لطالما أرَّقَ الغرب وقضَّ مضجعه وسحب بساط الحكم من ساحته.

فها هو الغرب الكافر اليوم يسخِّر كل طاقاته وأدواته ويغدق من أمواله لمحاربة الأسرة المسلمة في قيمها وأخلاقها الطاهرة النبيلة، التي هي سياج الحماية والأمن والأمان وسر سعادة الإنسان، فضرب الغرب بثقافته الدخيلة المنحطَّة خيوط المودة والسكن والرحمة وهدم عماد الأسرة وسر سعادتها.

لقد سلط الغرب الحاقد وسائل إعلامه وأدواته الاستعمارية للهجوم على أحكام الإسلام الطاهرة المتعلقة بالنظام الاجتماعي وعلاقة الرجل والمرأة. فالغرب الحاقد يؤرقه ويغضبه أن يرى المسلم يحافظ على شرفه وعرضه، ويقاتل دونهما للحفاظ عليهما. كما ويؤرقه الحياء لدى نساء المسلمين، ذاك الحياء الذي تحفظ به المسلمة نفسها وعرضها من شهوات المغرضين. فما فتئ الغرب يعمل على تدمير تلك القيم النبيلة حسدًا من عند أنفسهم، ليصدق قول الله تعالى فيهم: (وَدَّ كَثِيرٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم ).

وإننا اليوم إذ نستعرض خطط الغرب ومكره وقلوبنا تكتوي حرقةً وألـمـًا لما آل إليه حال بيوت المسلمين من خراب ودمار.

إن الغرب الكافر لم يُشبع حقده من دماء المسلمين، بل خرَّب عليهم بيوتهم ودينهم وعقيدتهم، ونشر فكره الأثيم بينهم، فأوجد جمعيات نسوية واتفاقيات دولية هدفها تدمير الأسرة المسلمة وتفكيكها. لقد أوهم الغرب المرأة المسلمة أن قيم الإسلام ظالمة جائرة يجب التحرر منها والثورة عليها، فلا قوامة لزوج أو أب أو أخ، ولا طاعة لمن هم بالأصل السياج الحامي والسند المنيع. كما وأجمعت هيئة الأمم المتحدة على سن قوانين دولية من سيداو وقوانين جندرية تندرج في طياتها مسمَّيات خدَّاعة برَّاقة من حرية المرأة، والمساواة بين الرجل والمرأة، والتمكين الاقتصادي للمرأة، وحقوق الطفل، وحماية الأسرة.

مسمَّيات برَّاقة تحمل السم في طياتها، أرادوا بها: نشر الفساد، والاختلاط، والرذيلة، والانحلال الخلقي، وتمرد الأبناء على الآباء، فمن البرامج اللامنهجية، والتدخل في المناهج المدرسية، وحذف الآيات والأحاديث، إلى نشر ثقافة وحدة وحوار الأديان والتسامح والتطبيع معها؛ كل ذلك لتمييع الهوية الإسلامية، وإضاعة أحكام الإسلام من نفوس المسلمين، والتهوين من حرصهم على عقيدتهم ومن تمسكهم بالإسلام والاعتزازِ به، بل تهوين الخروج من الإسلام، والتحوُّل إلى غيره، أي الردة عن الدين والعياذ بالله… إن كل ذلك المكر الغربي الصهيوني، إنما يتم بالتعاون مع حكام الأمة العملاء وأذنابهم من مشايخ السلاطين.

 إن خطورة مشروعهم الآثم مبعثه ترسيخ الاستعمار، وتمزيق مكوِّنات وروابط الهُويّة الإسلامية، وبالتالي تيسيرُ السيطرةِ والتحكّم بأمة الإسلام وبشعوبها وإبقائها تحت ذل الاحتلال والاستعمار الغربي الحاقد.

وكمثل شاهد على ما نقول، فإن القانون المسموم الذي أقرَّته السلطة لحماية الطفل قبل شهور، كان من أهم بنوده الخطيرة:

حرية الوجدان للطفل، أي اختيار الدين دون تدخل الأهل، وهذا يعني تشجيعه على الرِّدة عن الدين والعياذ بالله!! ومطلوب من المدرسة تشجيعه على ذلك وتسهيل حريته الحصول على المعلومات الجنسية التي تشجع الزنا والعري والشـذوذ والكـفر والفلتان، ومن حقوقه (الجندر) أي تحديد نوعه الجنسي وحريته في الاختيار أي التحول إلى ذكر أو أنثى والعياذ بالله!

ومن كـوارث هذا القانون تشجيع الأطفال على التبليغ عن أهلهم إذا قاموا بتأديبهم ورفضوا كل ما يخلُّ بآداب شريعتهم وأخلاقهم ويخدش حياءهم، فلا يحق للأب أن يسأل ابنته أين تخرجين، وماذا تلبسين، ومع من تتحدثين… أو أن يفرض الوالد على ابنه ديانته، أو يعاقبه لسبب من الأسباب التي تخلُّ بمروءته وحيائه.

وتصل الدرجة إلى أخذ الطفل من أسرته إلى جهة أخرى باسم الأسرة البديلة، وحرمانه من والديه وأسرته التي لن يجد الأمن والأمان والحنان والاستقرار وتعلم الدين والأخلاق إلا بينها، وهذا غيض من فيض.

وفي الختام نقول:

لكل رجل راع لبيته وعياله، ولكل امرأة راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، هذه رسائل لكم من الله ورسوله: قال تعالى: (وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡ‍ُٔولُونَ)، وقال نبيه الكريم B: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».

إن الغرب الكافر وعملاءه من حكام الأمة ومؤسساتهم يمكرون لكم ولبيوتكم مكر الليل والنهار، فما فتئوا عن إخراج مسميات ظاهرها الرحمة وباطنها السم الزعاف، كلها شر أريد بها باطل، وكلها مكر ووبال لبيوتكم وأبنائكم. فأدركوا أبناءكم وأسركم قبل فوات الأوان، وقفوا وِقفة حق تُسألون عنها أمام الله، وأَنكروا على سلطة الدياثة والعار إقرار تلك القوانين المشؤومة.

اللهم قد بلغنا… اللهم فاشهد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *