العدد 238 -

العدد 328 – السنة الواحدة والعشرون، ذو القعدة 1427هـ، الموافق كانون الاول 2006م

في تحذير طغاة الغرب من عودة الخلافة تأكيد على أن النصر قادم (إن شاء الله)

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان:

في تحذير طغاة الغرب من عودة الخلافة

تأكيد على أن النصر قادم (إن شاء الله)

 

أجرت صحيفة الزمان الدولية مقابلة عبر الإنترنت مع رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان، ونشرتها في 18/10/2006م العدد 2529. و«الوعي» تنشر هذه المقابلة على صفحاتها ليطلع عليها قراؤها لما فيها من فائدة.

1- في ظل سعيكم لإحياء دولة الخلافة الإسلامية، كيف تحققون هذا الهدف رغم بطش الحكومات الإسلامية وتنكيلها؟

نحن لا نسمي أياً من الأنظمة التي تتحكم برقاب المسلمين، «حكومة إسلامية»، فمثل هذه الحكومة لابد أن تعلن الالتزام الكامل والمفصّل لشريعة الإسلام في جميع شؤون الحياة، ولابد أن تحرص على عزة الأمة ووحدة كيانها. وقد كنتَ محقاً في نسبة البطش والقهر إلى هذه الأنظمة، إلا أن سِيَر الأنبياء والصحابة والتابعين والأئمة، تنبض بالمواجهة الجريئة، وفي وقفات الحقّ ما يلفت نظر أبناء الأمة إلى القيادات الصادقة الثابتة رغم التنكيل، والتي ينبغي أن تكون في موقع القرار بدل تلاميذ فرعون. كلّما مارست الأنظمة الظلم، انفض الناس عنها، ومالوا إلى من يتلقّى الأذى في سبيل إخراج الأمة ممّا هي فيه. ولنا أن نذكر أننا نرى الطريق الصحيح لبلوغ الخلافة، يمرّ عبر الأمة. وهكذا، ومن حيث لا يريد الحاكم، يسدي إلينا خدمة جليلة، لا نشكره عليها، حين يضطهدنا!

2- في ظل القيود الموضوعة على دعوتكم من جانب الحكومات، هل تتجهون في دعوتكم إلى العمل السري بدل العمل العلني؟

نحن نقتدي بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في طريقة الدعوة، بتفاصيلها الملزمة، وقد كان شديد الوضوح، جاهراً بدعوته، صادعاً بالحق، سافراً، متحدياً لما لدى أعدائه من ضلالات الجاهلية. ولم يُخفِ شيئاً من جزئيات دعوته عن الناس، على ما أصابه من تضييق، ولحق أصحابه من تعذيب. وأما ما يظنه بعضٌ يسيرٌ من المراقبين، سرّيةً في عمل الحزب، فمرده إلى أن هذا النظام أو ذاك، يحظر على وسائل الإعلام أن تتناول أي خبر يتعلّق بهذا الحزب، ويمنع تداول كتبه، ويعتقل شبابه، حتى لا تبقى قناة اتصال مع الأمة، ويسعى النظام بذلك إلى الإيحاء بأن الحزب يتعمّد السرية. وهذا كمن يضع يده على فم آخر ليسكته، ثم يقول له: ما بالك لا تحب الكلام؟!

3- ما مدى حضوركم الآن على الساحة اللبنانية بصفة خاصة، والساحة العربية بصفة عامة؟

نحن قد حققنا إنجازات واسعة، في الحياة السياسية في لبنان، فقامت وفود كثيرة، ومازالت، بزيارة النواب والوزراء وقادة الأحزاب، من الأطياف السياسية المتنوعة، وعلماء الدين، ولا سيما من لهم دور في توجيه الناس، وكانت الوفود تحمل مشروعنا الإسلامي بوضوح إلى هؤلاء، وتتناقل وسائل الإعلام الحدث. وقد كان لنا إصرار على أن نواكب كل الأحداث السياسية، ببيانات، أو تصريحات، أو مؤتمرات صحافية، أو اعتصامات، أو مسيرات، أو مهرجانات، أو ندوات فكرية، أو مذكرات نجول بها على السياسيين، حتى بات لنا حضور في المشهد السياسي اللبناني. لكن تبقى العوائق في مشكلة قائمة، وهي أن منهجنا الجذري في علاج الخلل، يبدو غريباً عند الأطياف السياسية الأخرى، التي ألفت أن تتعاطى عالم السياسة وفاقاً لقاموس الغرب، صاحب النظرة الميكافيلية، التي تحبذ أنصاف الحلول، وتتذبذب حسب المصلحة الآنية، دون التزام ثوابت.

4- ما هو موقفكم من المشاركة في الحياة السياسية اللبنانية والتحالف مع التيارات السياسية الأخرى المتواجدة في تلك الساحة؟

نحن نرغب في قيادة الحياة السياسية، في العالم الإسلامي، لا في أن نكتفي بدور شريك أو منافس، لأن أكثر التيارات الأخرى تتبنى أطروحات مستوردة خارجة عن منظومة القيم الراسخة في أعماق أبناء الأمة، أطروحات تخالف العقيدة الإسلامية، وتنسجم مع الرأسمالية التي دمّرت الأمة فكرياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً. وليس قولنا: «نرغب في قيادة الحياة السياسية»، عائداً إلى شعور بالتميز الذاتي، بل بتميّز ما نحمل من مشروع يرتكز على شرع الله، وهذا لا يقارن بمشاريع ابتدعتها أهواء البشر. أما المشاركة، بمعنى القبول بشرعية الأنظمة القائمة على غير أساس الحاكمية لله عز وجل، والتعايش معها، رغبة في مقعد نيابي، أو منصب وزاري، فهذا لا نرضاه لأنفسنا، ولا نفتأ ننبّه الآخرين من خطره. ولدينا مجموعة كبيرة من الأدلة الشرعية على حرمة المشاركة في النظام الذي لا يحكم بما أنزل الله. ويبقى أمر التحالف: نحن ننظر إلى أبناء الأمة كلهم على أنهم أبناؤنا وإخوتنا، ونزورهم ويزوروننا، لكننا لا نقرّ أحداً منهم على خطأ في فكر ينحرف به عن منهج الإسلام، ولذلك لا ينبغي أن يقوم تحالف بين منهجين لا يقومان على أساس واحد، وإن اختلفت تفاصيل هذا الأساس وفروعه. إذا أدى التحالف إلى الإقرار بما لدى الطرف الآخر من أفكار مناقضة للإسلام، فهذا يدخل في خانة الإعانة على الخطأ.

5- أثارت الحرب اللبنانية، ومن قبلها ما حدث في العراق، التجاذب بين التيار السني والشيعي، فما هو رأيكم في تلك القضية في ظل الاتهامات التي توجه إلى حزب الله بالعمل وفق أجندة خارجية؟

لقد أصدرنا العديد من البيانات، في لبنان والعراق، للتحذير من مغبّات الاصطفاف المذهبي، وأشرنا بأصابع الاتهام إلى الأميركي وحلفائه الغربيين، الذين يصطنعون الفتن لإطالة أمد الاحتلال. ونحن في حزب التحرير، حريصون على أن لا نعطي للحزب أي صفة مذهبية، ولا نشترط أن يكون الحزبي من هذا المذهب أو ذاك، ولا نفرّق بين أبناء الأمة وفاقاً لمذاهبهم. أما حزب الله فلنا لقاءات دائمة مع قياداتهم، وقد زرنا الأمين العام السيد حسن نصر الله، وفي لقاء مطوّل وصريح. وقد تدارسنا مراراً مع ممثلي الأطراف الإسلامية في لبنان، في سبل إخماد النزعة المذهبية، وطرحنا إجراءات عملية كثيرة. غير أننا لم نُخفِ رأينا في النظامين السوري والإيراني، ونصحنا الإخوة في حزب الله أن لا يركنوا إليهما، كما نصحنا آخرين أن لا يركنوا إلى غيرهما، وذلك لأسباب كثيرة لها تأصيل شرعي، وهي أيضاً ناجمة عن فهم واقع النظامين اللذين ألحقا بالأمة أذًى بالغاً، جرّاء سياسات كثيرة متتابعة.

6- ما هو الدعم الذي تقدمونه إلى الحركات الجهادية في لبنان وفلسطين والعراق لمواجهة الهجمة الهمجية من قوى الاستعمار الصهيوني – الأميركي؟!

إن الدعم القادر على إنجاح محاولات استئصال دولة يهود يحتاج إلى دولة قادرة، تحمل عبء الجهاد، وتنهض للتحرير، دون أن تكون مقيدة بأوهام مدريد أو أوسلو، ودون أن تكون خائفة من رفع الرأس فوق سقف القرارات الدولية الظالمة. ولهذا نرى أن الدعم الحقيقي هو في العمل الجاد على إقامة الخلافة الإسلامية، التي تسيّر الجيوش، لتحرير كل فلسطين، وكل أرض إسلامية محتلة. وأثناء عملنا الدؤوب لبلوغ هذا الهدف، لا نبخل على إخوتنا بالنصح والتأييد. لقد حُظر حزب التحرير في ألمانيا عام 2003م نتيجة إصراره على المطالبة بالقضاء على دولة (إسرائيل). ولقد شنت الأجهزة الأمنية في لبنان، في صيف 2004م، حملة اعتقالات ظالمة بحق شبابنا؛ لأننا رفضنا في اعتصام لافت أن يزورَ لبنان إياد علاوي الذي شكل حكومة تحت ظلال الحراب الأميركية في العراق. وثمة أمثلة كثيرة مشابهة. لكن نحن في خاتمة المطاف حزب سياسي، ولسنا دولةً أو تنظيماً عسكرياً، وإمكاناتنا المالية قليلة؛ لأننا لا نرتضي أي دعم خارجي يجعلنا نقع أسرى تبعاته، ويخرجنا عن ثوابتنا. ولذلك تبقى وسائل دعمنا مندرجة في الإطار الذي ارتضيناه لحزب التحرير، الإطار الفكري السياسي.

7- في حالة فشل الطريقة السلمية في الوصول إلى أهدافكم هل يمكن اللجوء إلى الطرق الأخرى؟

نحن في حزب التحرير، ارتضينا أن نعمد إلى المنهج الفكري السياسي في الدعوة، استناداً إلى نصوص شرعية من سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، دلت على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقم بأي عمل مادي [تغيير باليد]، طيلة المرحلة التي سبقت إقامته الدولة في المدينة المنورة. وما قام به بعد ذلك من أعمال مادية، سواء أكانت عسكرية، أم إزالة للمنكر باليد، كان يقوم به بوصفه حاكماً. ولقد مرّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بظروف قاسية ورد سلبي من بعض القبائل التي كان يطلب نصرتها، ومع ذلك لم يحِدْ عن منهجه، وهذا يدل على أن في الأمر وحياً. وينبغي بنا أن نلتزم نهجه دون حيد؛ ولذلك نحن لا نقوم بأعمال مادية أثناء حملنا الدعوة لإقامة الخلافة، وهذا منهج ثابت.

8- في إطار المخطط الأميركي لرسم ما يسمى الشرق الأوسط الجديد القائم على تغيير الهوية والثقافة، ما هي نظرتكم إلى المؤسسات القومية كجامعة الدول العربية إطاراً يجمع العالم العربي؟

كل هذه المؤسسات، أُنشئت تحت عين الغرب، وسمعه، ومباركته، وهي لذر الرماد في العيون، وإعاقة الأمة عن التفكير في الخطوات الجدّية لتوحيد القرار. وهي محكومة بإرادات الحكام، وهم رهائن الإرادة الغربية. إن أقصى ما يمكن أن تحققه هذه المؤسسات، ولو تفلّتت من الوصاية الغربية، أن تقرّب من وجهات النظر العربية. أي أنها تستثني طاقات الأمة الإسلامية، التي ليست عربية، كما أنها لا تتبنى العمل لإذابة هذه الكيانات المتعددة في كيان واحد. إن أي مؤسسة لابد أن تكون كل أسس العمل فيها مستنبطة من الإسلام. قال الإمام الشافعي: لا سياسة إلا ما وافق الشرع.

9- ما هي العقبات التي تقف أمام انتشار دعوتكم؟ وما هي رؤيتكم لطبيعة عملكم في المرحلة القادمة؟

إن الدعوة إلى الإسلام تتقدم على كل صعيد، بحمد الله وعونه، إلا أن بعض الحواجز ما تزال حائلاً دون الوصول إلى ما تصبو إليه الأمة، وما يريده الله لها من العزة والتمكين. من ذلك حملات الاعتقالات التي تقوم بها الأنظمة للحيلولة بين حملة الدعوة المخلصين والأمة. ومن ذلك استفادة هذه الأنظمة من جو تهمة الإرهاب التي تروّج لها أميركا، حتى تخوّف الناس من أي عامل لاستئصال النفوذ الغربي. ومن العقبات القواعد العسكرية الغربية التي يزداد عددها في بلاد المسلمين؛ لأنها تحدث بعض اليأس في نفوس الناس من إمكان تحرر الأمة من ربقة الاستعمار. ومن ذلك الأجواء المذهبية التي تشيعها وتعمل على إذكائها الدول الغربية الاستعمارية، وتستخدم لها بعض أذنابها من دول إقليمية، أو تيارات سياسية وضيعة. إلا أن المبشرات التي نجدها في القرآن الكريم، وفي سنة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) تثلج الصدور وتبدد المخاوف. وإن في تصاريح طغاة الغرب، أمثال كيسنجر وبلير وبوش، في التحذير الصريح من عودة دولة الخلافة، تأكيداً على أن النصر قادم، وإن في تحذيرات كُبْرَيَات معاهد الأبحاث الاستراتيجية في الغرب، من عودة القوة إلى مفاصل هذه الأمة، دلالة على رصد صحيح للواقع. ونحن نعمل على بلورة هذه المؤشرات الواقعية، وتعجيل ساعة الصفر، التي يأذن الله فيها لهذه الأمة، بفجر جديد، لا ليل بعده، إن شاء الله. وهذا يتطلّب المزيد من الانغراس في شرائح الأمة، والمزيد من السهر على بثّ الأمل فيها، لتكون على أهبة الاستعداد، يوم تعود شهيدة على سائر الأمم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *