كيف تحبط دولة الخلافةِ محاولات إجهاضها حين نشوئها؟ (1)
2018/11/27م
المقالات
8,861 زيارة
كيف تحبط دولة الخلافةِ محاولات إجهاضها حين نشوئها؟ (1)
ثائر سلامة (أبو مالك)
في أوائل الخمسينات، لم يكن عامة المسلمين يصدقون أن بإمكانهم العودة إلى الخلافة أو إعادة إقامتها، ولم يكونوا يفهمون من عبارة (العودة إلى الإسلام) إلا العودة إلى العبادات والأخلاق.
كان طغيان الأفكار الاشتراكية والقومية والوطنية عارمًا، وكان يُشاع أن الإسلام رجعية، وما لبثت تلك الأفكار أن اندحرت وتخلص العالم الإسلامي من أوحالها.
وبفضل الله وتوفيقه، ثم بفضل العاملين بوضوح وتصميم، وُجدت في الأمة فكرة إقامة الدولة الإسلامية، ثم بشكل محدد أكثر (دولة الخلافة على منهاج النبوة). وتقلبت الظروف وتحولت فكرة إعادة الخلافة إلى قناعة فأمل فعمل فحركة جارفة. وحين رفعت الجزائر شعار الدولة الإسلامية في انتخابات سنة 1991م، التفّ الشعب الجزائري (الذي كانت فرنسا ظنت أنها حولته إلى ثقافتها حين حكمته 130 سنة) عن بكرة أبيه حول هذا الشعار، ومن ذلك موقف الأمة الإسلامية كلها من الثورة التي رفعت شعار التغيير على أساس الإسلام في إيران سنة 1979م، وموقفها من الاستفتاء الذي أجري على الدستور في مصر سنة 1980م، وموقفها من الانتخابات النيابية في كل من الأردن سنة 1989م والجزائر سنة 1990م، وهكذا في كل مرة، وما يكون للمسلمين أن ينتخبوا ويختاروا ما بين “إسلامي” وغيره، في نقابات أو جمعيات أو مؤسسات، أو غيرها إلا فاز “الإسلامي” بدون أدنى عناء، واشرأبت الأعناق نحو صحوة إسلامية، وصارت فرائص الكفار في الغرب ترتعد فَرَقًا من عودة الإسلام إلى حلبة الصراع الدولي، وصاروا يحاربون دُعاةَ الإسلام بأنهم (متطرفون) و(إرهابيون) و(أصوليون).
وبلغ من شدة خوف الأنظمة من فكرة الخلافة، ودعوة الخلافة، وحزب التحرير أن أضحى “جرم” توزيع نشرة من نشرات حزب التحرير كفيلًا بوضعك في السجن لمدة 3 سنوات في الأردن، وأكثر من 10 سنوات في تركيا[1]، وأكثر من 20 سنة في روسيا، ووضعك تحت التراب في أوزبيكستان وقرغيزستان، وكفيلة بإعدامك في ملعب أحد جامعات ليبيا وأمام الطلاب وأهاليهم في زمن المقبور القذافي (هذا فقط توزيع نشرات، فما بالك بأعمال سياسية أُخرى يقوم بها الحزب؟!)[2]، وبلغ من هلع الأنظمة المارقة من هذا الحزب والدعوة التي يمثلها أن تغلق مدن كاملة بمداخلها ومخارجها لمنع تجمعٍ أو ندوةٍ أو محاضرةٍ يقوم بها الحزب، كما شاهدنا مثلًا في ندوات إحياء ذكرى هدم الخلافة في الضفة الغربية، سنة بعد سنة!.
في السابق، كان أبناء المسلمين الذين يذهبون إلى بلاد الغرب يُفتَنون بحضارة الغرب وأنظمة الغرب، أما اليوم فإنهم صاروا يلمِسون خداع الغرب وفساد حضارته وعداوته للإسلام، وهذا جعلهم يتمسكون بإسلامهم وينشطون في العمل من أجل عودة الخلافة الراشدة.
ثم تواترت وتوالت تصريحات القادة والسياسيين الغربيين، ومراكز الفكر الغربية، محذرين من قرب قيام الخلافة، وقاموا باستطلاعات للرأي العام في العالم الإسلامي[3]، وأرعبهم أن نسب المؤمنين بضرورة تطبيق الشريعة وتوحيد العالم الإسلامي بلغت أكثر من ثلاثة أرباع المسلمين! ففي نتائج استطلاع آراء مجموعة من أهل البلاد الإسلامية الذي نفذته منظمة “غالوب” لاستطلاعات الرأي[4]، ضمن مشروعها العالمي في استطلاع آراء العالم – ومنها آراء المسلمين – والمنشورة على موقع مركز “غالوب” لدراسات المسلمين في 25/7/2008م.
الخصال موضع السؤال
|
نسبة الإيرانيين الموافقين أن الشريعة تحقق تلك الخصال
|
نسبة المصريين الموافقين أن الشريعة تحقق تلك الخصال
|
نسبة الأتراك الموافقين أن الشريعة تحقق تلك الخصال
|
تحقيق العدالة للمرأة
|
76%
|
97%
|
69%
|
تحدّ من سلطات الحاكم
|
46
|
49
|
23
|
تحمي الأقليات
|
65
|
85
|
51
|
تحفظ حقوق الإنسان
|
76
|
97
|
62
|
تخفِّض مستوى الجريمة
|
76
|
94
|
68
|
تخفِّض من الفساد
|
77
|
لم يشمل
|
70
|
تجلب العدالة الاقتصادية
|
78
|
94
|
55
|
تجلب قضاء عادلًا
|
80
|
96
|
63
|
تجلب ازدهارًا علميًا
|
59
|
96
|
52
|
تسمح للناس أن يقولوا كلمتهم في حكومتهم
|
61
|
لم يشمل
|
53
|
64% من المصريين المستطلعة آراؤهم رأوا أن تكون الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع، وحين قلبت الأسئلة نجد مثلًا 4% فقط يرون أن الشريعة لو طبقت ستحد من التقدم العلمي.
وفي استطلاع في 10 كانون الأول/ديسمبر 2007[5]، شمل بلدانًا مثل إندونيسيا، وباكستان وتركيا وإيران ومصر، وجدنا النتائج التالية:
الخصال موضع السؤال
|
الأتراك
|
المصريون
|
الإيرانيون
|
إندونيسيا
|
باكستان
|
الشريعة مصدرًا من مصادر التشريعات
|
28
|
25
|
62
|
51
|
25
|
الشريعة المصدر الوحيد للتشريع
|
8
|
64
|
13
|
13
|
52
|
الشريعة ليست من مصادر التشريع
|
41
|
2
|
12
|
8
|
5
|
وفي استطلاع بتاريخ 8 آذار/مارس 2008م[6] نجد النتائج التالية: الغالبية العظمى من المستطلع آراؤهم رفضوا أخذ النموذج الديمقراطي الغربي، وإنما رأَوا نموذجًا “ديمقراطيًا منبثقًا من الإسلام”، لا من القيم الغربية، ثم حين تم الاستطلاع حول الشريعة كمصدر وحيد للتشريع، وجدت النسب التالية: 54% من الرجال و55% من النساء في الأردن، 70% من الرجال و62% من النساء في مصر، في إيران 12% من الرجال و14% من النساء، في إندونيسيا 14% من الرجال و14% من النساء.
من الواضح إذًا، أن سؤالهم حول جعل الإسلام مصدرًا من مصادر التشريع، إذا ما ضممنا إليه سؤالهم حول مصادر القيم الديمقراطية، ورفض غالبية المجيبين أن تكون من القيم الغربية، فإننا متأكدون أنهم أيضًا يرفضون القوانين الفرنسية والرومانية والإنجليزية مصادر للتشريع! فالذي يرفض القيم الغربية أساسًا للديمقراطية ويصر على أن تكون القيم الإسلامية هي التي تصوغ شكلها، يكون أشد رفضًا للقوانين الفرنسية والإنجليزية! خصوصًا في ظل إيمان الغالبية الساحقة من المسلمين أن أنظمة الحكم التي تحكمهم بتلك القوانين الغربية المنشأ، بالغة السوء والفساد وعدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من حقوقهم. إذًا، لنا أن نقول بأننا متأكدون تمامًا أن الغالبية الساحقة من المسلمين تريد الاحتكام إلى الشريعة وحدها، وتريد قيام دولة على أساسها!
عام 2006م، أيَّد – مثلًا – 93 % من الأردنيين أن تكون الشريعة الإسلامية مصدرًا للتشريع، وفي مصر أيَّد 90% من المصريين دور الشريعة بالتشريع، كما أيد ذلك 81% من الباكستانيين، تتشابه هذه النتائج بين البلاد الإسلامية المشمولة في العينة، مثل: بنغلاديش، والمغرب، وإندونيسيا، وإيران، وفي المجمل كان المعدل العام هو 79% للذين يؤيدون أن يكون للشريعة دور في التشريع في الدول العشر التي استَطْلَعت آراءها “غالوب” في ذاك العام.
ولم تختلف هذه النتائج عن استطلاعات الرأي ما بعد الثورات العربية، والتي نفذتها “بيو PEW” في نفس فكرة استطلاعات “غالوب” حيث سألت في ربيع 2011م عن مدى موافقة بعض الشعوب الإسلامية المشمولة بالعيِّنة على العبارات: “القوانين يجب بشدة أن تتبع تعاليم القرآن”، أو “القوانين يجب أن تتبع قيم ومبادئ القرآن، ولكن بدون تشدد”، حيث أيَّدت الغالبية العظمى في أكثر البلدان بأن تتبع القوانين تعاليم القرآن سواء بشكل “متشدد Strictly” أو بدون تشدد، فمثلًا: أيَّد ذلك 98% من الباكستانيين، و95% من الأردنيين، و89% من المصريين، و66% من الفلسطينيين.
وحين تفتَّت الاتحاد السوفياتي السابق، كان حزب التحرير يسابق الزمن ليملأ الفراغ الاستراتيجي الذي خلفه ذلك التفتُّت، ويتلقف هذه الجموع المسلمة التي خرجت من عقود من الاضطهاد الممنهج ضدها من قبل تلك الدولة المجرمة، وهي تتحرَّق لإسلامها، فاشتد عود الدعوة، وانتشرت انتشار النار في الهشيم، وقابلتها حكومات أوزبيكستان وطاجيكستان وقرغيزستان وغيرها بأشد أنواع البطش والإجرام، وامتلأت السجون بحملة الدعوة لإقامة الخلافة، وألجأ نشاط هذه الدعوة رئيس روسيا بوتين مرات ومرات ليحذر الغرب من الخلافة، وأنها في الحديقة الخلفية لروسيا!
ومن ثم توالت أعمال الغرب العدوانية ضد العالم الإسلامي مخافة أن تقوم الدولة فتنتشر، فتتعرض مصالح الغرب للخطر الشديد[7]، فالانقلاب الفكري الشعوري الذي يشهده العالم الإسلامي أحدث تأثيرًا في الساحة الدولية. وقد ظهر هذا التأثير في ناحيتين:
-
إعلان الغرب الكافر على لسان قادته ومفكريه بأن الإسلام قد أصبح هو العدوّ رقم واحد، فالغرب الكافر ينظر للإسلام، كحضارة وكدولة تقوم على أساسه، مصدر خطر حقيقي عليه وعلى حضارته ونظام حياته.
-
على ضوء إدراك الغرب الكافر لحقيقة الواقع الذي أصبحت عليه الأمة والمجتمع في العالم الإسلامي، قام برسم سياسته ووضع خططه وأساليبه لمواجهة هذا المد الإسلامي المتنامي على النحو التالي:
-
الاحتلال العسكري لمنطقة الخليج والمياه المحيطة بالمنطقة، وإقامة القواعد المتقدمة في تلك المنطقة.
-
وضع الخطط الأمنية التي تهدف إلى ما يلي:
-
تقوية وسائل السيطرة والتسلط الغربي على بلاد الإسلام.
-
الحيلولة دون أي تحرك إسلامي في المنطقة.
-
إضعاف المنطقة اقتصاديًا وعسكريًا.
-
التسريع في عقد معاهدات الاستسلام بين الدول العربية وكيان يهود في فلسطين[8].
-
الدخول في الفوضى الخلاَّقة، وإشعال الحروب، والفتن الطائفية، وتدمير المدن الكبرى في العالم الإسلامي، وتدمير البُنى التحتية لإضعاف قدرة العالم الإسلامي على النهوض في وجه الغرب الكافر.
-
تمييع المجتمع من ناحية الإسلام ليسهل عليه إخراج الإسلام منه، ودور الإعلام والترفيه في ذلك.
-
تمييع قضية المسلمين المصيرية عن طريق نماذج الحكم الإسلامي المشوَّه.
-
السيطرة الكاملة على المنطقة ككل في جو من عدم الاستقرار السياسي.
-
إعلان الحرب على الإسلام والمسلمين في كل مكان وبمختلف الوسائل والأساليب.
فهذه دلائل على أن الأمة الإسلامية قد قطعت المراحل الأولى في رحلة العودة إلى الخلافة بشكل جيّد، ولا شك أن طريق النهوض والانعتاق من التبعية سيمر بمراحل من المآسي والمخاضات العسيرة. فالأمة الآن بمختلف أحزابها وحركاتها الإسلامية، وبمختلف مذاهبها، وعلى مدى الساحة في البلاد الإسلامية وحيثُ وجدوا في بلاد العالم بأسره، كلهم في غاية التحرّق لرؤية راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ترفرف فوق ربوع العالم الإسلامي، بل فوق ربوع العالم. وقد وصل الحال في بعض هذه الحركات أنها قررت إقامة الخلافة والحكم بما أنزل الله ولو باستعمال السلاح ضد الحكام الذين يرفضون ذلك، كما وصل الحال بأميركا أن تستبق قيام الخلافة بمحاولات استخباراتية بإقامتها عن طريق تنظيمات مخترقة، أو استغلال انعدام الوعي السياسي، والمشروع الفكري الناهض لدى تلك التنظيمات لتشويه صورة الخلافة في أذهان المسلمين!
إن المدقق في واقع الأمة والمجتمع في العالم الإسلامي اليوم، يدرك أن حملة الدعوة الإسلامية قد نجحوا، بحمد الله تعالى وتوفيقه، في إيجاد الرأي العام المنبثق عن وعي عام عند الأمة على الإسلام، وفكرة الخلافة وتطبيق الشريعة، وتوحيد العالم الإسلامي في دولة واحدة[9]. لا يستطيع أحد أن يماري في تلك الحقيقة، أي أن عملية الانقلاب الفكري والشعوري في المجتمع تحققت مما سيفضي إلى التمكن من تحقيق الانقلاب السياسي بشكل طبيعي وحتمي بإذن الله.
لذلك فإن الرأي العام المنبثق عن وعي عام يسير بخُطًا حثيثة نحو تبني الأمة الإسلامية كلها بوصفها أمة قضية الإسلام المصيرية. “إن الرأي العالم المنبثق عن وعي عام له مدلول لا بد من الوعي عليه؛ لأنها مسألة اختلط على الكثير من الناس أمرها، وتصوره البعض أنه عمل عام وليس رأيًا عامًا، أي انضباط بالإسلام من قبل مجموع الناس. والحقيقة، إن معنى هذا القول أن تلمس الأمة بمجموعها ضرورة الاحتكام إلى الإسلام ضرورة لا تدفعهم إليها عاطفة عاصفة أو رغبة آنية ملحة، وإنما يدفعهم إدراكهم بأن حياتهم وولاءهم يجب أن يكون للإسلام وحده، وهو أمرٌ لا يعني بالضرورة أن يباشر الناس تطبيق الأحكام الشرعية على أنفسهم، وإنما معناه أن يوجد الولاء للإسلام لا لغيره، وهذا لا يظهر أثره ملموسًا في الحياة العملية إلا في التطبيق”[10]
إذن المشكلة الآن ليست غرس فكرة الخلافة في الأمة، فالفكرة قد غُرست ونَبتتْ واستغلظتْ. وليست المشكلة إنشاء حزب أو أحزاب إسلامية أو تقوية هذه الأحزاب، فالغرضُ الأساسي من هذه الأحزاب قد تحقق. المشكلة الآن هي: إذا أقامت الأمةُ الإسلامية الخلافة، هل تسمح لها دول الغرب، وعلى رأسها أميركا، بالاستمرار؟ وهل تملك دولة الخلافة الناشئة القدرة على حماية نفسها من كيد دول الكفر الاستعمارية؟ هذه هي المرحلة التي وصلتها الأمة الآن؛ استغلظ النبت الذي غرسته يد حزب التحرير بحمد الله تعالى، واستوى على سوقه، وأضحى مشروع الأمة وليس مشروع حزب واحد أو حركة واحدة من الأمة، فالأمة لديها الوعي العام عليه، ولديها الرغبة والأمل بقيامه، ولديها الإيمان بأن دينها وشريعة ربها هي الضامن لحل مشكلاتها، أما التفاصيل لقيام ذلك المشروع، فلدى الحزب الوعي التام على تفاصيله.
هذا النجاح الباهر بفضل الله تعالى، تم على الرغم من ممارسة الأنظمة الحاكمة سياسة التعتيم الإعلامي التام على حزب التحرير، مما أدى إلى الحيلولة بينه وبين الوصول إلى شرائح واسعة من المجتمعات التي ينشط فيها، وفي ظلال حملات متواصلة تحاول تشويه فكرة الخلافة والانتقاص من قيمتها من قبل “مفكِّرين” و”مثقَّفين” و”محلِّلين”، والتي تأتي منسجمة تمامًا مع الحملة التي يقودها ساسة الغرب ومراكز الدراسات والبحوث الداعمة لها من أجل تشويه مفهوم الخلافة وجعل مسألة إحيائها أمرًا محظورًا.
وللإجابة عن السؤال الأول نقول: الدول الاستعمارية في العالم وعلى رأسها أميركا لا تسمح بقيام الخلافة، وإن قامت فستعمل جهدها لهدمها من جديد. هذه حقيقة لا يماري فيها إلا مغفَّل.
وللإجابة عن السؤال الثاني نقول بالفم بالملآن وبكامل الثقة: نعم إن الأمة الإسلامية مع دولتها الناشئة تملك القدرة، وتستطيع رد كيد الكفار الطامعين إلى نحورهم، بعون الله وتوفيقه.
[1] في تركيا مثلًا، وعلى مدار عقد ونصف، بلغت الأحكام بالسجن على شباب حزب التحرير ما مجموعه 1621 سنة من السجن (انظر: بيان صحفي العقوبات الثقيلة الصادرة بحق شباب حزب التحرير لن تزيدهم إلاَّ إيمانًا وتسليمًا! الجمعة، 08 آذار/مارس 2013م)
[2] محمود ممتاز
[7] من ذلك مثلا: تحت عنوان “أوروبا ـ الخلافات الجديدة” نشرت صحيفة (Valeurs Actuelles) الفرنسية مقالًا في 19/11/90 تحدثت فيه عن “مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا” ودوره في مواجهة الإسلام: ومما عبر عنه المقال بكل صراحة “مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا هو رسم تمهيدي لوحدة أوروبية ـ أميركية من سان فرنسيسكو (San Francisco) إلى فلديفستك (Vladidvostok). آلة تتوافق مع القرن الحادي والعشرين لمواجهة تصاعد آسيا والإسلام”.
[9] الرأي المنبثق عن وعي لا يعني بالضرورة أن يدفع صاحبه إلى حمله أو حتى إلى التقيد به، ألا ترون بأن كثيرًا من الواعين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف! لذلك لا يسأل هنا أنه ما دام الرأي العام المنبثق عن وعي عام قد تحقق وجوده فعلًا في الأمة والمجتمع فلماذا لا تتحرك الأمة لإسقاط أنظمة الكفر المفروضة عليها وإقامة دولة الخلافة على أنقاضها؟ ولماذا لا تتحرك الأمة وهي تشاهد حكامها يسارعون في عقد معاهدات الاستسلام والتنازل عن فلسطين لأعداء الله اليهود؟
نعم لا يُسأل عن ذلك لأن تلبس الأمة بالقيام بالأعمال التي تؤدي إلى حدوث الانقلاب السياسي في المجتمع إنما يكون عندما تتبنّى الأمة قضية الإسلام المصيرية قضية مصيرية لها. فموضوع «الرأي العام» غير موضوع «تبني قضية الإسلام المصيرية» وغير موضوع «انقياد الأمة لحَمَلَة الدعوة نحو تحقيق قضية الإسلام المصيرية» فالموضوع الأول يتعلق بالرأي، والثاني يتعلق بالتلبُّس بالقيام بالعمل، كما أن أعمال حمل الدعوة التي تؤدي إلى إيجاد الرأي تختلف عن الأعمال التي تؤدي إلى احتضان هذه الرأي وإلى الانقياد لحملة هذا الرأي، [اتجاه الرأي العام في العالم الإسلامي د. ماهر عبد الجواد، الوعي العدد 93 كانون الثاني 1994].
2018-11-27