العدد 295-296-297 -

العدد 295-296-297 – السنة السادسة والعشرون، شعبان ورمضان وشوال 1432هـ

نحن أمة حية نصنع الأحداث ونقطف ثمارها

نحن أمة حية نصنع الأحداث ونقطف ثمارها

 سعيد الأسعد – فلسطين

لقد جعل الله لكل شيء سببا، وجعل التدافع بين الحق والباطل آية، والغلبة دولة، فيرفع الله أقوامًا ويضع آخرين. يؤتي الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء، من استقام على أمره رشد ووصل إلى عز الدنيا وسعادة الآخرة.. وإن من سعى بأسباب القوة والمنعة والملك فقط فإنه لا يغنيه عن نصر الله وتوفيقه ليصنع أعظم حدث يغير مجرى التاريخ ويبدأ بعصر جديد.

إن التاريخ تنسج خيوطه وتظهر حقبه بمنارات ومحطات وهزات ومفترقات وأيام فارقات يرتبط بها ويستند لها ذكر الناس في عيشهم ميلادهم ومماتهم وسيرة حياتهم. لقد استخلف الله آدم في الأرض وبعث النبيين مبشرين ومنذرين في أقوام شتى وعلى علات فكانت بعثاتهم أعظم أحداث وقعت على الأرض. وقد ختم الله عصر النبوات بأشرفها وأعمها وهي رسالة الإسلام ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأمة محمد صلى الله عليه وسلم قد جعل الله لها الشهادة على الناس من أولهم إلى آخرهم، ومن لدن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى قيام الساعة مصداقًا لقوله عز وجل: ]وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا[ لتتتالى الأحداث عبر مشوار الخلافة والحكم بما أنزل الله وترتفع البشرية وتنعم خلال ثلاثة عشر قرنًا علمًا وعيشًا وحضارة ومدنية… وظلت الأحداث نحن نصنعها، تخطط لها دوائر الخلافة وعظماؤها، ويدور العالم في فلك عزتها إلى أن عزم الكفر وحزم أمره وحدد قضيته باستهداف الإسلام عقيدة وشريعة ودستورًا في سلطان ومنهج حياة, وأدرك أن الدائرة لن تدور على المسلمين ولن يصبحوا مسرحًا للأحداث تحاك ضدهم بعد أن كانوا قادة للعالم وصناع مجده إلا باستهداف الإسلام عقيدة وشريعة وفكرًا وسياسة وأنظمة للحياة والدولة والمجتمع…, وبذلت الجهود الجهيدة… إلى أن آل الأمر إلى الغزوات الفكرية والإرساليات التبشيرية حتى تم استهداف الإسلام باعتباره مبدأ ورسالة وطراز عيش لخير أمة. وحدث الحدث الفاجعة والذي به تحوّل المسلمون من صناع للأحداث إلى مسرح للأحداث، فهدمت دولة الخلافة بتآمر من الكافر المستعمر مع مجموعة من خونة العرب والترك..

نعم لقد مرت الأمة بأحداث صنعت لتتمرغ كرامتها بالتراب، ومرت بها أيام عجاف تشيب منها الولدان من تقسيم بلادهم واحتلال لفلسطين وكشمير والشيشان وانتهاك الأعراض في البوسنة والهرسك والعراق والأفغان والتطاول على القرآن ونبي الرحمة وعلى الإسلام وعلى الحجاب رمزًا وحصنًا وعفافًا، وانتشرت المآسي في طول البلاد وعرضها: من أدنى بلاد الإسلام إلى أقصاها ومن أقربها إلى أبعدها… حتى أصبحت تسمع هنا وهناك ويروج هنا وهناك أن الأمة قد تودع منها وأن المسلمين هلكى إلى أن وقعت أحداث تونس العظيمة لتفتح باب الثورات في مصر وليبيا والشام وأختها اليمن والبحرين… لتصفع وجوهًا وآراء عن الحق قد مالت وعن معدن الأمة الأصيل النبيل قد زاغت ….ولتبدأ أمتنا طريقها إلى غايته نحو العزة والنهضة وسعادة الدنيا والآخرة وبأبنائها الساهرين السائرين في طليعتها نحو غد مشرق بنور الإسلام دستورًا ودولة وعقيدة وشريعة وطراز عيش ومنهج حياة ورسالة خير للعالم أجمع.

إن الحدث من الحدثان ويطلق الحدثان على الليل والنهار، وليس الليل كالنهار، وليس الحدث الذي نصنعه فنرفع فيه شأن رسالتنا ونحمي به حياضنا ونذب به عن شرفنا وتراق له الدماء ثمنًا وقربانًا لوجه الله تعالى وإعزازًا لدينه ورفعة ونهضة لأمة الإسلام، ليس كالذي يصنعه الكافر لينال به من ديننا ودمائنا وشرفنا وليدوس به كرامتنا، فشتان شتان بين المنتصر الذي يمتلك قراره وبين المنهزم الذي يصبح مسرحًا للأحداث لا يملك أن يرد يد لامس!!!!

إن أي فرد أو قوم أو شعب أو جماعة أو أمة تنفعل مع الأحداث تصنعها ابتداء أو تؤثر بها هي أمة حية, والأمة التي تتأثر بها فتقع عليها من عدوها فهي التي تشرف على الهلاك، وإن الأمة التي تصنع الأحداث إنما يكون كل ذلك على أساس ما نشأت عليه من مفاهيم ووجهة نظر في الحياة، وإن مسيرة أي أمة أو حضارة إنما تكون بقادة مسيرتها؛ فهم بوصلتها والحائل بينها وبين الانتكاس والورود موارد الهلاك، بل هم عنوان نهضتها وسعادتها، وإن تركتها للأجيال القادمة فستنعم بها رفعة وعزة ونصرًا.

لقد عاشت أمتنا عصر النبوة وعراقتها بعد أن عاشت أجواء الجاهلية وتشتتها وانحطاطها فكان حدث ميلاد النبوة عسيرًا بين غربة الجاهلية ونفور تكذيبها ووحشة جهلها.. إلى أن وصلت عز عراقتها بالوحي، وصنعت على عين الله إلى أن انتقل الرسولصلى الله عليه وسلم  الرفيق الأعلى، وقد كانت وفاته صلى الله عليه وسلم حدثًا فاصلًا وفارقًا ابتدئ بنهايته عصر الخلافة الراشدة، وكانت أحداث ميلادها صعبة من حيث إجراءاتها والنهوض بمهماتها إلى أن استقرت وأخذت عراقتها وجابت ديارًا وأممًا وعصورًا حتى أتت أحداث على الأمة أثرت على طريقة تفكيرها، فأثرت على وجهة نظرها وعلى أفكارها ومشاعرها، وأثرت على طريقتها في العيش وعلى مقياسها ونظرتها للعالم, وكل هذا لم يكن ببساطة بيوم أو ليلة، وإنما كان ضمن جهود جبارة ومكر بالليل والنهار، وضمن شعار قادة الكفر المشهور “دمروا الإسلام أبيدوا أهله” وفي هذا دلالة تاريخية وحقيقية عن واقع أن الحدث المفصلي والتاريخي يسبقه إعداد وتخطيط وانضباط ووحدة رأي وتنسيق وعمل وليس خبط عشواء أو على مائدة عشاء.

إن الأحداث التي وقعت وتقع فأثرت وغيرت وبدلت حالًا بحال وعصرًا بعصر ونشأت بها أمم وانهارت أخرى، ورفعت بأثرها أقوام ووضعت أخرى، تتطلب منا الوقوف على حقيقتها باعتبارنا أمة شاهدة عدل تحمل قيادة فكرية سياسية تصلح لقيادة البشرية جمعاء نحو سعادة الدنيا والآخرة, فهل هذه الأحداث صنعها القضاء أم صنعتها أفعال العباد أم هي مشتركة بين هذا وذاك؟ فكيف تصنع وكيف تؤثر وكيف تنتج وكيف لأمة أشرفت على الهلاك أن تحيا من جديد؟ وما هي الأحداث وما مادتها وخيوطها ومخططاتها والتي من شأنها أن تعيد العزة والرفعة والنهضة والدور الريادي لأمة اشتاقت لماضيها التليد وحنّت لاقتعاد ذرى المجد من جديد؟

إن الحدث من الحدثان فهو يحمل معنى التغيير والتبديل وليس مجرد الإصلاح والترقيع، أو حركة أي حركة تنتهي بالتصريف والتحريف لوجهة تبقي على القديم. وهو من فعل العباد وعاقبته من الله تعالى بإذنه سبحانه بالتغيير. والحدث نوعان الأول صغير في حجمه حقير في غايته ومطالبه، والثاني كبير ثمنه وكثيرة إنجازاته وعظيمة غايته، فالمقصود من الأحداث وما يطمح له المأزوم المهزوم المصاب هو الثاني ولا يكترث بالأول مع أن الواعي لا يغفل عن شيء.

إن عناصر الحدث هي أمور عدة – وأهمها: 1-واقعه 2-ما يؤثر فيه 3 صناعته 4-استثماره 5- الدقة في قراراته 6- مراعاة ثمرته على صعيد الغاية القريبة والغاية البعيدة.

وأما واقعه فهو عين الحدث، وهو مرتبط بغايته وبصانعه من جهة دوافعه وغايته..فمن يقطع الطريق دافعه إما الحاجة وإما التسلط، وأثره الاعتداء والنهب، ووجهة نظره شرعة الغاب أو النفعية النابعة من المبدأ الرأسمالي، ونظيره نهب ثروات الناس من خلال سياسات الإقراض عبر صندوق النقد الدولي وما تمليه من سياسات وخطط تزيد الفقير فقرًا والذليل ذلًا لكي لا يرفع رأسه في الفضاء فينكشف له السارق والناهب على حقيقته…وحدث آخر مغاير وهو دخول صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس منتصرًا فعصم دماء الناس بعد تحقق الغلبة له، فقد عصم الدماء وهو القادر على سفكها، وفي هذا دعوة للتبصر بحقيقة الرسالة التي تحملها جوانحه ويبذل في سبيلها روحه وأغلى ما يملك، فمهما يكن من نصر ونشوة تظل الرسالة هي الحقيقة المتقدمة في كافة الميادين والظروف، رسالة لحياة الإنسانية وهي السعادة للبشر وبقيم روحية وإنسانية وخلقية كلها تكتمل مع القيمة المادية.

لقد قطعت البشرية اليوم عشرات السنين وهي تصطلي بأحداث مؤلمة وتقدم أثمانًا باهظة تحت نير الرأسمالية وما أفرزته من واقع سياسي واجتماعي واقتصادي خاصة في العالم الإسلامي، من تمزيق للبلاد ليس في الأطراف بل في القلب والأحشاء واحتلال وتدنيس للمقدسات، وتتلاحق وتتنوع الأحداث في تمزيق الأسرة الإسلامية من خلال مؤتمرات وجمعيات ومواد دراسية في المدارس والجامعات ودعاوى الاختلاط والمخيمات والنشاطات، وفي هذا السياق يصرح السالف بوش الابن فيقول: “سنحلق لحى رجالهم، وننزع حجاب نسائهم، وسندخل أفلام الجنس إلى غرف نومهم” وألقى الرئيس الأمريكي خطابًا “جورج بوش الابن” أمام الكونجرس عن حال الاتحاد اليهودي المسيحي بتاريخ 29 /1/2002م وقد تضمن تفصيلات خطيرة عن الخطط المستقبلية للسياسة الأمريكية في العالمين العربي والإسلامي. وتتلاحق الأحداث الاقتصادية المريرة من خلال سياسات الإقراض ونهب الثروات العامة من بترول ومعادن نفيسة في أغلب مناطق البلاد الإسلامية، وما الاحتلالات الحاصلة في العراق والخليج إلا إشرافًا على هذه السرقات العلنية لأموال المسلمين من قبل أمريكا وأوروبا، وما الأحداث والهزات الاقتصادية في بيوت وبنوك وبورصات العالم إلا أحداث مفصلية نهبت وأفقرت الملايين وأدت إلى فقدان الأمن وقوت اليوم لمعظم شعوب الأرض….ونخص بالذكر مركز هذه الهزات ومقصدها هو العالم الإسلامي الذي يقتات عليه من يسطون على اقتصاد العالم أمريكا وأوروبا.

إن ما يئن منه العالم من ظلم وفقر وفقدان للأمن والغذاء وتلاعب في الدواء إلى حد الحرمان من الكثير مما يكتشف لإنقاذ البشرية في صراعات يتقدم فيها الجشع المادي الرأسمالي… وما يسببه من شقاء وفوضى عالمي وتفكك أسريّ وخواء روحي، كل هذا تكمن بؤرته في حدث مركزي أساسي وهو تسلط وتحكم المبدأ الرأسمالي في العالم سياسيًا واقتصاديًا وتعليميًا… فالقضية والحالة هذه تنحصر في هزة تقتلع هذه المبدأ من هذه المركز ليحل محله ما يصلح عيش البشر وهو مبدأ الإسلام..وإن هذه الحقيقة لا تحتاج إلى إثبات. وما يترتب على هذا الأمر هو أن تعود الأمة الإسلامية صانعة للأحداث من جديد، وتؤثر فيما لم تصنعه هي وتصرفه إلى وجه هي تولي وجهها شطره لتستقيم الأمور بالقسط، وهذا يقتضي من العليمين الفاعلين في صناعة أمتهم من جديد وممن يصوغون نسيجها لتعود أمة وقوة ودولة عالمية تتصدر صناعة الأحداث أن يحزموا أمرهم بمستوى حركة أمتهم اليوم وهي تنتفض وتثور على الأوضاع القهرية القائمة وتتحرك حركات أغلبها ويغالبها العشوائية نحو الخلاص… ولا خلاص بالعشوائية لتعاظم تلك المسؤولية على أصحاب مشروع التغيير و راسمي مخطوطه الهندسي فيواكبوا أمتهم وهم بينها ومعها، وهم طليعة أعمالها والعيون المبصرة، وهم من رحمها فينشدون بعقولهم وأعمالهم وقلوبهم ونشاطهم ويقظتهم فلا راحة بعد اليوم حتى يعود الحدث المهم المفصلي المركزي من جديد وهو عودة الأمة الإسلامية صاحبة قرار وصانعة للأحداث من جديد.

إن الأصل في الأمة صاحبة المبدأ أن تصنع الأحداث على عينها وببصيرة أميرها خليفتها إلا أن تتراجع فتخسر هذا المجد فيصنع الأحداث فيها عدوها وهذا ما نخشى منه ..وأما هذه الحقيقة فإن القضية والحالة هذه هي أن تعود الأمة لكشف الأحداث ومحاولة التأثير فيها من خلال الثلة الواعية والحزب المبدئي الذي يضطلع بمشروع إعادتها إلى وضعها الأصلي، إن الأحداث اليوم تصنع العالم وتحدد مفاصله وتفاصيل حركته نحو التحرير والانعتاق من الرأسمالية التي يصطلي بنارها.

إن أحداث الثورة التي تعيشها أمتنا اليوم من مغربها إلى مشرقها وتفاعل الأمة معها بإجماعها في كل بقاع الأرض تدل على أننا كأمة واحدة من دون الناس نستطيع أن نصنع الأحداث إذا توحدت إرادتنا وتوحدت أمتنا، وهي شعوب مشتتة استطاعت إحداث حركة قوية عجيبة هزت أركان العالم، يتحدث بها القاصي والداني، ويسعى لقيادتها وحرفها الكافر باعتبارها إعصارًا هادرًا، فكيف بها وهي تصنع الأحداث من منطلق أنها أمة واحدة بوحدة سياسية وعسكرية واقتصادية لها أمير واحد يجمع قواها وطاقاتها، حينئذ فإنها تكون قد تحركت حركة تندفع بها وتزمجر وحينها يحصل التحرير ..

إن حركة الأمة اليوم لابد لها من صياغة وفق معيار الرأي العام المبني على الوعي العام على قضيتها المركزية والتي بها نشأت كأمة مهابة كريمة، وبها كانت تتحرك وتندفع وتزمجر فتخر لها الجبابرة خاضعين، وبغيابها انتكست، وهذه الصياغة هي: صياغة عيش بالإسلام عقيدة وشريعة في دولة خلافة ككيان سياسي يجمعها تابعيةً وجيشًا، وعلى أساس أنها صاحبة رسالة حقها أن تظهر على الدين كله. وبغياب الإسلام عن السلطان والخلافة تمزقت الأمة واستبدت بها أنظمة حكمتها بأنظمة رأسمالية أوردتها الفقر والتسلط والظلم، حكمتها بدساتير وضعية وضيعة تهلك الحرث والنسل ويغيب بها الأمن ويخرب بها العقل. ولا مناص للأمة من هذا الواقع إلا بما صلح به أولها واستقام به عيشها وطال به عزها، وهو قضيتها التي لا بد أن تنادي بها وهي إعادة الاعتبار للإسلام دستورًا وسلطانًا يحكم ويرسم؛ فلا بد والحالة هذه من أن تنضم الجيوش لحركة الأمة وهي حجر الزاوية في استكمال الحدث للوصول إلى النتيجة التي ملأت العقل والعين والفؤاد والتي بها الخلاص.

إن هتاف الأمة للجيوش بأن تنصر دعوة الخلافة باعتبارها رأيًا عامًا تعي عليه الأمة كسبيل للخلاص وللوصول إلى سعادة الدنيا والآخرة لهو ضالتها التي أفنت عمرًا وعقودًا تبحث عنها، فلابد لها من أن تحكم الخطط وتصدح الحناجر بأن الأمة تريد من الجيش نصرة دينها وتحكيمه ليدور السلطان مع الإسلام حيث دار. فعناصر الحدث وقوامه الخلافة والجيوش, السلطان والقرآن دستورًا ومنهج حياة فهما أخوان لابد أن يعودا ولا ينفصلا بعد اليوم أبدًا. وإن هذا هو عين ما يخشاه قادة الكفر، فهل بعد هذا التصريح سؤال عن تلميح أو تصريح… يقول أوباما نقلًا عن الواشنطن بوست: “إن الثورات التي  شهدتها عدة بلدان عربية لم تحركها قوى إسلامية، ولكن هناك إشارات على أن هذه الانتفاضات ستفتح الطريق أمام قوى دينية…” وكان أوباما منذ تسلمه الرئاسة يدعو إلى بداية جديدة مع الإسلام، معتبرًا أن المعتقدات الإسلامية لا تتناقض مع الديمقراطية، ولكنه أثار بهذا التوجه قلق صانعي السياسة الخارجية البرغماتيين وحلفاء مثل (إسرائيل).

تستعد إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لاحتمالات قيام حكومات إسلامية في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ضوء أن الثورات الشعبية التي حدثت ستجلب قوى دينية سياسية إلى السياسة في هذه الدول.

وسبق لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن حذرت دول المنطقة من تنامي قوة “المتطرفين”، وهو ما أكد عليه رئيس هيئة الأركان اليهودي غابي أشكنازي في مؤتمر هرتسيليا قائلاً “المتطرفون في صعود وعلينا الاستعداد لحرب شاملة “.

وكان ديفيد كاميرون قد صرح قائلاً: “أخشى أنه كلما طال هذا الوضع أن يتعزز موقف الذين يريدون إقامة دولة مصرية لا نريدها”.

واعتبر وزير الخارجية اليهودي ليبرمان ما يدور في مصر مشهدًا من مشاهد الصراع الحضاري قائلاً: “إن العالم مقسم اليوم إلى قسمين، معتدلين ومتطرفين. والصدام هو بين حضارتين، حضارة العالم الحر المعتدل وحضارة العالم المتطرف. … فالإسلام السياسي هو الذي يسيطر على الشرق الأوسط ولا توجد قوة إقليمية تصده” إن الغرب وأدواته من الحكام، لا يخشون من قيام نظام كنظام كتركيا، فنظامها سند للنفوذ الأجنبي على اختلافه، ولا يخشون نظامًا كالنظام الإيراني، فهو يمثل دور البطولة في مسلسل غربي الصنع والإنتاج والإخراج، ولا من دولة كالسودان أو السعودية، بل يخشون أن تقوم للمسلمين دولة حقيقية، فتقضي على النفوذ الاستعماري الغربي، وتستأصل شأفة يهود وتقضي على كيانهم، بل تلاحق الغرب في العالم لتخليصه من هيمنة الرأسمالية اللاإنسانية، وتحريره من عبوديتها لينعم في عدل وطمأنينة الإسلام.

من هذه الدولة ومن هذا التغيير الحقيقي والجذري يخشى الغرب وأدواته، فهل تدرك الأمة إلى أين تسير؟، وهل تدرك أن بإمكانها أن تقيم الخلافة في أي قطر من أقطار المسلمين لتكون نقطة ارتكاز تضم إليها بلاد المسلمين والعالم، فتحظى بشرفي الدنيا والآخرة؟، هل يدرك أهل كل قطر أنهم لازالوا أحفاد جند عمرو بن العاص وصلاح الدين والظاهر بيبرس وقطز فيكملون الطريق حتى نهايته ولا ينخدعون بخدع الحكام وأزلامهم والقوى الغربية الإسلامية عدوة الإسلام والمسلمين؟!! وفي هذا السياق يُعَنْوِنُ الكاتب: غسان الريفي “حزب التحرير: منعطف تاريخي لإعلان الخلافة الإسلامية الراشدة!…” فيقول: “حزب التحرير مع الثورات العربية وضد الأنظمة الاستبدادية…“. ويقول: “أمامنا منعطف تاريخي يمهد لإعلان الخلافة الإسلامية الراشدة!”.

نعم هذه هي حقيقة الحدث المفصلي والتاريخي والتي يجب أن نكون بصدده، هذا واقعه وهذه ثمرته وهو ما يخشاه عدو الأمة، وإن هذه الحقيقة يتحمل أمانة إظهارها في الأمة وإحاطتها ورعايتها الثلة الواعية العاملة من أبناء هذه الأمة، وهذا يلقي على كواهلهم الانتباه لخطورة المرحلة بدقائقها وتفاصيلها؛ لذلك كان حريًا وواجبًا على الرجال من هذه الأمة والواعين من أبنائها أن يكون وجودهم وجود النذير العريان في وجه من يريدون إجهاض الثمرة هذه وتحويل مسار الثورات إلى مطالب براقة تصرف الأمة عن نهضتها وعزتها وسعادتها، وليكن الإزار والرداء والمظهر والجوهر والشعار عند الأمة واحدًا باعتبارها أمة واحدة لا تفرقها السدود وإن علت، ولا تمزقها القوميات مهما طال عليها الأمد، ولن يثنيها ثانٍ عن ما ترنو إليه من عز الدنيا وسعادة الآخرة.

قال تبارك وتعالى: ]إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ[ وقال تبارك وتعالى: ]وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَإِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ[

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *