العدد 36 -

السنة الثالثة – رمضان 1410هـ، نيسان 1990م

يوم الأرض

دأبت إسرائيل على مصادرة الأرض وانتزاعها من أصحابها في الأرض المحتلة. وفي يوم 30 آذار 1976 ثار السكان في قرى سخنين وعرابة ودير حنا (وهي من الأرض المحتلة سنة 1948) وتشبثوا بأرضهم. فقتلت السلطات الغاصبة ستة منهم وجرحت عدداً واعتقلت كثيراً. وصار الأهالي يتذكرون هذا اليوم من أجل التشبث بالأرض ومقاومة الغاصب سواء في الأرض المغتصبة عام 48 أو عام 67.

المؤسف أننا نرى الأمور تسير إلى الوراء رغم تحرك الناس وتشبثهم وتضحياتهم، ذلك لأن الناس في نيّة والحكام في نيّة أخرى.

عام 76 لم يكن أحد من العرب يعترف بالدولة المغتصبة. أما الآن فإن أكبر دولة عربية (مصر) تعترف بها وتقيم معها كل العلاقات.

قبل سنوات كانت الدول العربية تقاطع مصر لأنها اعترفت بإسرائيل الغاصبة. أما الآن فقد تراجعوا عن مقاطعتهم وعادوا إلى مصر نادمين.

جامعة الدولة العربية تعود إلى مصر لترفرف أعلام العرب جنباً إلى جنب مع علم الدولة الغاصبة المرتفع في القاهرة على سفارة إسرائيل.

منظمة (التحرير!) الفلسطينية اعترفت بالدولة الغاصبة وأعلنت التنازل عن أرض 48 مقابل أن يجلس حكم بلعاوي مع بيليترو.

منظمة التحرير (أو التسليم) تتهالك للجلوس مع الدولة الغاصبة ولكنها لم تنل هذا الشرف!

يأتي يوم الأرض هذا العام وإسرائيل تستقبل مئات الآلاف من شذاذ الآفاق، وشامير يعلن عن إنشاء إسرائيل الكبرى.

عرفات يعلن من تلفزيون الجزائر في 22/03/90: (إن من المنتظر أن يصل إلى إسرائيل خلال السنة الجارية 300 ألف مهاجر يهودي جديد منهم 230 ألفاً من الاتحاد السوفياتي و40 ألفاً من دول شرقية أخرى و20 ألفاً من أثيوبيا). هؤلاء يصبحون أصحاب الأرض وأسياد البلاد، ورئيس (دولة فلسطين!) يقدم مذكرة إلى بيليترو في 26/03/90 يمتدح فيها موقف أميركا، يقول: (واشنطن تميزت أخيراً بموقف «مستقل وواضح» معارض لإنشاء المستوطنات الإسرائيلية الجديدة في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية)!.

يمر يوم الأرض هذا العام ومنظمة (التحرير!) تفوز بشهادة حسن سلوك من أميركا فقد أعلن بيكر وزير خارجية أميركا في أول آذار أمام الكونغرس: (إن الرئيس عرفات لم يشجع أو يوافق على القيام بأي «أعمال إرهابية») ثم بعث بتقرير إلى الكونغرس في 211/03/90 يقول فيه بأن منظمة التحرير تقيدت بتعهداتها.

عرفات هذا يقول بمناسبة يوم الأرض في بغداد في 29/03/90 (سندخل القدس منتصرين) ويقول لصدام: (ستدخل معي ممتطياً جوادك الأبيض). وهو الذي كان يتوسل قبل أشهر أن يذهب إلى القدس ليفاوض اليهود كما فعل السادات من قبل. وكان سيذهب لولا أن شامير قال له: (إذا جئت سأودعك السجن). وما زال متهالكاً ليرسل من يمثله في مفاوضات في القاهرة مع إسرائيل ولكن إسرائيل ترفض.

إمام إسرائيل يتنازلون ويتخاذلون، وأمام أميركا يلتزمون وينضبطون، وأمام شعوبهم يتبهورون ويدخلون القدس على جواد أبيض.

لقد آن للشعوب أن ترذل هذه المهازل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *